أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - الحب والعاصفة 20















المزيد.....

الحب والعاصفة 20


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 3850 - 2012 / 9 / 14 - 01:35
المحور: الادب والفن
    


لبست أجمل ملابسي، رتّبت شعري ووضعت الماكياج على وجهي لاستقباله هو وعائلته، تماما كما طلب مني وليد.
جلس بجانبي، ببذلته السوداء الداكنة كلون وجهه، وأرسل لي ابتسامة أحسست معها بالتقزّز يسري في عروقي.
"كيف حالك؟" سألني بصوته الخشن.
نظرت اليه بشيء من الفتور، وأجبته: "بخير." وفي داخلي أحتقره على سؤاله عن شيء يوصف بأي شيء... إلا أنه بخير!
خيّم علينا الصمت. لم يسألني أحد عن دراستي كما كانت العادة، وكأنهم كانوا على علم بكل شيء ولا داعي للسؤال والإحراج.
قالت زوجة عمي بلهجتها الصارخة: "لدي مفاجأة لك."
"لي أنا؟" تعجّبت.
رأيتها تمسك بيدها كيسا أخرجت من داخله علبة صغيرة وفتحتها.
"أنظري!" قالت والإبتسامة الواسعة تتمدّد على وجهها الأسمر المليء بالتجاعيد. نظرت الى ما بداخل العلبة فوجدت خاتمين جميلين يلتمعان منها.
توجّهت الى ابنها وقالت له: "رامز، ضع لها الخاتم."
فأخذ منها الخاتم الذي أمسكته بأصابعها السمينة وتوجّه اليّ.
جلست في مكاني متجمّدة، تشتّت عليّ فكري وانقطعت أنفاسي.
"مدي يدك، يا هنادي." قال لي وليد الذي جلس بجانبي الآخر، يكاد يلاصقني، كأنه خائف أن أفلت من بين أيديهم.
تردّدت قليلا، ثم فعلت كما طلب، فوضع الخاتم في إصبعي. ثم ناولني رامز الخاتم الآخر لأضعه في إصبعه. وهتف الجميع وهم يصفّقون بفرحة: "مبروك!" وأخذوا يهنّئوننا راجين لنا حياة سعيدة.
دخلت فادية بالشربات ووزعتها علينا فجلسنا نأكل ونشرب ونتبادل الإبتسامات الباهتة، والضحكات السخيفة طوال دقائق. ثم اقترحت زوجة عمي على ابنه أن يصطحبني الى الحديقة.
خرجنا معا الى الحديقة واقترح رامز نجلس في الأرجوحة.
كان الطقس باردا، ريح باردة هبّت بيننا، أصابتني بالدوار، وعبرت القشعريرة وتمدّدت في مساماتي.
جلست جنبه بصمت. ولكن رامز ظل يحدّثني عن عمله وأرباحه وعن البيت الذي يجهّزه، وكاد أن ينتهي من تجهيزه، عن ضخامته وجمال منظره. ثم أمسك يدي وأخذ يتحسّسها ويحدّق في عينيّ. قال: "لا تتصوّري سعادتي وأنا معك الآن، بعد طول الإنتظار. أنا أحبك يا هنادي. وتأكّدي أنني سأفعل كل ما بوسعي من أجل سعادتك."
لم أقل شيئا. أطرقت رأسي وأحسست ببغضي نحوه يتزايد ويتفاقم مع كل كلمة من كلماته تسمّم روحي، كل نظرة من نظراته تقتحم أنوثتي، وكل لمسة من لمساته تثير اشمئزازي.
ثم سألني: "ألا تودّين رؤية بيتنا؟"
رفعت رأسي اليه ورددت باستغراب: "بيتنا؟!"
"نعم، بيتنا. سيصبح بيتنا عن قريب إن شاء الله."
وفجأة، عاودتني كلمات وليد: "لن تخرجي من هنا الا مع زوجك."
هذه فرصتي كي أخرج من هنا، فكّرت في نفسي. لا بدّ أن يوافق وليد على خروجي من البيت بصحبة رامز كي نرى "بيتنا".
أجبته برقة: "أنا متشوّقة لرؤيته."
فابتسم لي برضا.

* * *

عدت الى غرفتي وجلست على سريري. مددت يدي وتأمّلت الخاتم الذي يلتمع على بنصري. داهمتني الأفكار. ماذا بعد؟
ها أنا الآن ألبس المحبس في يدي وسأذهب لرؤية البيت الذي يجهّز لي في الغد بصحبته. إنني أسير نحو زواج يُفرض عليّ قسرا دون أن أحرّك ساكنا. فماذا أفعل؟ أحسست بأنه لم تعُد بي قوة ولا حيلة كي أتحرّر من سلاسل قيودي. وها هو سامر لم يعُد يبالي بي.
هل أبقى على صمتي واستكانتي فأقبل بما يريده الجميع مني؟ هل أقبل بزواج لا أرغبه؟ بزوج لا أكنّ له أي احترام وأية عاطفة؟ زوج أبغضه؟ هل أقبل به لمجرد أن الجميع يريد ذلك؟!
وماذا عني؟ ماذا سيكون مصيري بهذا الزواج؟ كيف أجد السعادة في حياتي بزواج كهذا؟ أهو قدري؟ أحسّ أنني أسير الى تعاستي برجليّ... بصمت. يا الهي، ماذا أفعل؟
كل ما فعلته الى الآن لم يجدِ نفعا. فماذا بقيَ لي؟ هل أسلّم بالأمر الواقع وأرضى؟ أرضى بتعاستي؟ وفجأة... خطر لي: لم يعُد لي خيار آخر سوى... الهرب.
نعم، عليّ أن أهرب من هذا البيت الذي لم يعُد يشعرني بالأمان ولا السعادة. لم يعُد يشعرني بالإنتماء. عليّ أن أهرب من هذه الحياة التعيسة التي تنتظرني بهذا الزواج. ولكن... لو هربت... ماذا سينتظرني؟ ربما أجد تعاسة أخرى بانتظاري. هل سيكون بإمكاني بناء حياة جديدة لنفسي بنفسي؟
وبعد تفكير طويل ومتواصل أيقنت في قرارة نفسي أن المخاطرة في الهرب أفضل من انتظار التعاسة المحتومة. فالهرب ربما يفتح لي بابا من الأمل، ولو كان صغيرا، في بناء حياة أختارها بنفسي وأمارس فيها حرّيتي كإنسانة لها رغبات ومشاعر.
ولكن... الى أين أهرب؟ وكيف؟
وفجأة... هببت من أفكاري على صوت رنة جوالي. أخذته من المنضدة القريبة ونظرت الى رقم المتّصل. إنه سامر!
"آلو؟" هتفت وقلبي يكاد يتفجّر فرحا.
"هنادي؟" سمعت صوته وقد استعاد هدوءه ورقته المعهودة. "أنا آسف جدا عما حصل، يا عزيزتي. سامحيني."
قلت: "سامر..."
وقبل أن أكمل قاطعني: "لقد كان تصرّفي في قمة الغباء. تركتك دون أن أفهم منك الأمر."
قلت: "لا عليك يا سامر. لا تتصوّر مدى سعادتي الآن لسماع صوتك! لقد نسيت كل شيء."
"هنادي، حبيبتي!"
"سامر، وقعت في ورطة كبيرة ولا أدري كيف التخلّص منها."
"ماذا جرى؟"
حاولت ضبط نفسي وأنا أشرح له: "لقد تمّت خطبتي على رامز رغما عني. عدت الى البيت ذات مساء وفوجئت بوليد يبارك لي ويعلمني أنه وافق على خطبتي لرامز وقد قرأ الفاتحة مع عمي. بعد ذلك علم بلقائنا من جديد فحبسني في البيت منذ ذلك الوقت."
"ماذا؟! هل أنت جادة؟"
"هذا ما حصل، وقد لبّسوني المحبس هذا المساء ويخطّطون لمراسم العرس منذ الآن."
لم أسمع له ردا. فاستطردت باكية: "أنا أتألم كثيرا يا سامر. لا أريد الزواج من رامز. أنا لا أحبه ولا أريده. ولكن لا أحد يأبَه برأيي. سيزوّجونني رغما عني!"
"هدّئي من روعك، يا هنادي. لا أحد يمكنه أن يرغمك على الزواج."
"اذن فأنت لا تعرف أخي. يبدو أنني لم أكن أعرفه أنا أيضا. إنه مصرّ على هذا الأمر إصرارا غريبا ولن يهزّه شيء."
"وماذا ستفعلين؟ هل ستتزوّجين رامز؟"
"لن أتزّوجه مهما حصل."
"وما الحل اذن؟"
"منذ ساعتين وأنا أفكّر في الأمر. وتوصّلت الى نتيجة أنه لا خيار أمامي سوى... الهرب."
"الهرب؟!"
"نعم. عليّ أن أكون شجاعة وأهرب من هذا الجنون الذي حولي قبل أن يقضي علي ويحطّمني!"
"تريّثي قليلا يا عزيزتي. لا تتهوّري. فكّري جيدا في الأمر."
"لم يعُد هناك وقت للتفكير. أتوق الى ترك هذا البيت بأسرع وقت... الى الأبد."
"وكيف ستفعلين ذلك؟"
"لدي فكرة كيف أتصرّف. ولكن... أود أن أسألك شيئا."
"ما هو؟"
"هل ستساعدني؟"
"بالطبع، يا هنادي! أنا مستعدّ لفعل أي شيء من أجلك."


يتبع...



#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عائدون الى الروضة
- الحياة حسب ايفا ايلوز- سيد قشوع
- الحب والعاصفة 19
- أنا والفئران جيران
- الحب والعاصفة 18
- ذكرى
- غش وفوضى وخلوها بيناتنا
- الحب والعاصفة 17
- الحب والعاصفة 16
- الحب والعاصفة 15
- الحب والعاصفة 14
- الحب والعاصفة 13
- الحب والعاصفة 12
- الحب والعاصفة 11
- وردة تستجدي الحياة
- الحب والعاصفة 10
- الحب والعاصفة 9
- الحب والعاصفة 8
- لماذا لا نقرأ مثلهم؟
- الحب والعاصفة 7


المزيد.....




- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - الحب والعاصفة 20