أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - ممتلكاتي















المزيد.....

ممتلكاتي


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3849 - 2012 / 9 / 13 - 09:34
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ما يملكه أغلبية الناس قد يذهب بلا عودة مع الريح أو مع البذخ في سبيل الرفاهية أو يأكله الصدى إن كان حديدا أو تأكله الرطوبة إن كان مصنوعا من الإسمنت والحجارة,أو يذهب في لحظة تهو,وكل ما يملكه الناس قابلٌ كل يوم وكل لحظة للنقصان ولكن ما أملكه أنا من أفكار اشعر في كل يوم أنه قابل للزيادة وليس للنقصان فكل يوم تخطر على بالي فكرة جديدة لمقالة جديدة, ومن الممكن أن تجد في بيتي كل شيء من مأكل وملبسٍ ومشرب على قدر إمكانياتي المتواضعة جدا رغم أن إحساسي يقول لي بأنني أفضل بكثير من بعض الناس وهنالك أشياء لا تلزمني بل تلزم باقي أفراد الأسرة والذي يلزمني هو عبارة عن بعض الصور والذكريات القديمة, من الممكن بحق أن تجدوا في بيتي كل شيء ما عدى مطبعة خاصة لطباعة النقود الورقية أو مصنعا خاصا لسكب النقود المعدنية, وبماذا سيحتاجها رجل مثلي يعيش ليومه ولا يفكر في أكثر من ذلك ؟ولماذا سأحتاج مطبعة النقود طالما أنني أنام وبطني ممتلئة كبعض العصافير الصغيرة؟ فأنا رجل تدفئني خيوط الشمس الذهبية ويظلني سقف بيتي من حرارتها حين تشتدُ عليّ في فصل الصيف,ومشاعري في فصل الشتاء تدفئني جيدا كلما كانت دافئة وأنامُ وضميري مرتاح جدا من غير أن أكون سببا في تعاسة أحدٍ من الناس وهذا جميل جدا أن ينام الإنسان في هذا الزمن وهو يشعر بأن ضميره سيحاسبه إذا أخطأ بحق الناس في الوقت الذي ينام فيه أغلب الناس دون أن يشعروا بوخز الضمير وكأن ضمائرهم عبارة عن ألواح خشبية رديئة التوصيل الكهربائي,وهذا بحد ذاته إنجاز كبير جدا في الوقت الذي يعيش به اليوم غالبية الناس على جراح الآخرين وآلامهم فأنا أعيش من جراحي وأتعلم منها.

وللناس رؤوس أموال من ذهب ودنانير وعقارات وأنا رأس مالي كله عبارات عن كلمات وأوراق وأفكار تراودني بين الفينة والفينة ولا أملك سوى التعبير عن تلك الأفكار بشتى الوسائل والطرق واللعب بالكلمات وبالألفاظ على الأوتار الحساسة جدا,وبعض الناس تتوفر في خزائنهم وجيوبهم العُملةُ النقدية وكأنهم يملكون مطبعة خاصة لطباعة النقود الورقية والمعدنية غير أنهم غالبا ما يحسدونني على عيشتي كوني دائما مرتاح البال ولا يشغل ذهني وفكري غير الكتابة والنوم في العسل على أوراق الكتب والأغنيات الجميلة وأنا رجلٌ صنعت نفسي بأفكاري وبما أملك من مخزون ثقافي وليس بما أملكه من أموال وكل الناس تنظر إلى أفكاري وآرائي ولا أحد ينظر إلى جيبي إلا من كانت أنفسهم مريضة وبحاجة إلى علاج نفسي فالذين يعرفونني حق المعرفة لا ينظرون في جيبي بل في داخل قلبي وفي جوف عقلي,ولا أفكر أبدا بالاستيلاء على ممتلكات الغير فممتلكاتي الفكرية التي في حوزتي تكفيني لعشرات السنين,ولا أفكرُ فيما سأأكله غدا أو من أين سيأتي رزقي في الغد لأنني مؤمن بأن الذي خلقني سيرزقني وسيعطينني مثلما أعطاكم وأكثر تماما كما يعطي كل المخلوقات البرية والبحرية والجوية ذات الأجنحة المطوية والمنكسرة والكبيرة الحجم منها والصغيرة فالرب يعطي الجميع ولا يبخل على أحد ,الأبيض والأشقر والأسود والطويل والقصير والكبير والصغير والسمين والضعيف..أنا فطرتي السليمة مثل فطرة الحيوانات والحشرات التي لا تدخر في البنوك ومع كل هذا تأكل وتشرب ولا تنام وبطونها فارغة أو وأعصابها متوترة ولا يمكن أن تموت إلا بعد أن تأخذ نصيبها من الدنيا في كل شيء ومن كل شيء وأنا مؤمن بأنني سآخذ نصيبي من كل شيء ولن أموت وعمري ناقص ولن أموت وبطني فارغ فلن أموت إلا بعد أن آخذ آخر شربة ماء وآخر لقمة خبز وآخر ذرة أكسجين, ورغم أنني مفلس على الآخر إلا أنني أأكل وأشرب وأنام مثل بعض الناس إن لم أكن أفضل منهم حالا ووجبة واحدة خفيفة تكفيني طوال النهار وشربة ماء باردة في الصيف أو في الشتاء تكفيني طوال النهار,وعندي سلة أجمع فيها النفايات تحت أرضية المجلى الذي تجلي عليه زوجتي أطباق الطعام والملاعق التي نأكل بها أنا وهي وأمي وثلاث بناتٍ وولد واحد وبذلك أنا سعيد جدا بسلة النفايات التي في بيتي وكلما أحملها في الصباح إلى حاوية النفايات أقول: الحمدُ لك يا رب أن عندي سلة نفايات ممتلئة مثلي مثل الملوك والأمراء والوزراء الذين يملكون سلالا للنفايات وهذه نعمة كبيرة أحمد الرب عليها وعلى توفرها تحت سقف مجلى الطعام ولولاها لشعرت بأنني إنسان ناقص أو بأن بيتي ينقصه الشيء الكثير, وكثيرون هم الذين يملكون مثل ما أملكه أنا,ولكن من النادر جدا أن أجد شخصا يأكل وهو مرتاح البال كما أأكل أنا فأنا أأخذ حاجتي من الطعام ولا أدخرُ في كرشي لليوم التالي ففي اليوم التالي سيأتي رزقه معه, وعندي خمس أشجار زيتون مصطفات خلف منزلي من الناحية الجنوبية وكثيرون هم الذين يملكون مثل ما أملكه بل والأغلبية يملكون المئات المئات من تلك الأشجار ولكن من النادر جدا أن تجد أناسا يأكلون مثل الزيت الذي أأكله حتى أنني أشعر بأن العروق الخضراء التي تظهر في يدي لولا الزيت الأخضر ما كانت خضراء أبدا, وعندي قلم رصاص وقلم حبر آخر جاف ومسطرة ومجموعة أوراق قديمة عزيزة على نفسي ومكتبة فخمة بعدد ما بها من كتب وأوراق ومسرحيات وروايات وقصص قصيرة وطويلة ودواوين من الشعر التي تلزمني ولا تلزمني, وهنالك أناس يملكون مكتبة أعظم من مكتبتي ولكن من النادر جدا أن تجدهم يفتحون الكتب التي أفتحها بيدي وأفهمها بعقلي إنهم كما يقول نزار قباني:يريدون فتح العالم ولم يفتحوا في حياتهم أو طوال حياتهم كتابا واحدا, وفي مكتبتي قرآن وإنجيل وتوراة أفهمهما فهما جيدا وصحيحا ومن النادر أن تجد إنسانا يهتم بفهم الكتب الدينية كما يهتم بحفظ تلك الكتب غيبا دون أن يفهم منهما صفحة واحدة, وعندي بيت كبير وغرفة نوم كبيرة,وعندي ثلاثة بناطيل اثنان مصنوعان من القماش وواحد مصنوع من الجينز ولا أفكر باستبدالهما أبدا ولا أفكر بالزواج عليهما مرة أخرى وقد اعتاد الناس أن يرونهن على جسمي وإذا قمت بالزواج عليهما ببنطلون آخر أخشى أن يختلف شكلي على الناس حين يختلف شكل البنطلون ولونه فلا يعرفني أحد منهم إلا بعد إبراز بطاقتي الشخصية الصادرة عن الأحوال المدنية,وعندي وسادة أنام عليها مصنوعة من خيالاتي ووسواسي وفرشة مصنوعة من الإسفنج المُقوى والأحلام القديمة ورأيت عليها أفضل أحلام الشباب, وكثيرٌ هم الناس الذين يملكون مثل ما أملكه ولكن من النادر جدا أن يأكل كل الناس بالشهية التي أأكل بها طعامي ومن النادر جدا أن ينام على مثل فراشي إلا من كان ضميره مرتاح وقلبه مرتاح وكل ما به من عواطف وأحاسيس ومشاعر تشتغل بكفاءة جيدة.

وعندي أفكار رائعة تصلح لرواية بوليسية تأتي فيها الشرطة للقبض على المجرم في نهاية القصة بعد أن ينهي المجرم كل جرائمه بتلذذ كبير ويكون مع بطل القصة مسدس لا يمكن أن تنفذ منه الرصاصات,والمشاهد يستمتع بمثل هذه الأكاذيب,وأفكار أخرى تصلح لفيلم رومانسي يأتي فيها العاشق على حصان أبيض ويخطف خلفه ابنة أمير المدينة ويهرب فيها إلى الغابة السعيدة , وعندي أفكار أخرى مجنونة بعض الشيء ولا يصدقها إلا أمثالي من المجانين الذين فتنت عقولهم الكُتب والروايات والمسرحيات والأساطير القديمة عن عالم آخر أدركته بسحر وقوة إحساسي ومشاعري وعندي أفكار أخرى متلألئة تصلح لتصوير مشهد من مشاهد يوم القيامة وعندي خيال واسع جدا عن الحب والحرية أعيش به سعيدا حين أتخيل نفسي بكل الوضعيات فلا يفوتني أن أركب حصانا أو سيارة أنيقة وغالية الثمن صُنعت من أجل راحتي الشخصية أو حتى مركبة فضائية فخيالي يسعدني جدا بكثرة تصويره وإغرائي بالحياة وكلما مللتُ من الدنيا كلما أتجه فورا إلى تشغيل خيالي العلمي والطفولي في أغلب الأحيان ولا يمكن أن أشعر بالسعادة إلا إذا تصورت وتخيلت أمامي مشاهد لا تخطر إلا على بال الأطفال فالفكر الطفولي يجعلني مرتاح جدا وأنا أركض خلف القطط وخلف الحيوانات الأليفة كما كنت أفعل ذلك وأنا طفل صغير أركض خلف الكُرة المصنوعة من (الجرابات) والشرائط والأقمشة حين كانت أمي تلفها لي لفا لأستعملها كما يستعمل بعض الناس كرة القدم الحقيقية لأن أمي لم تكن وأنا صغير تمتلك القدرة على شراء كرة قدم لي لذلك كانت تستبدلها لي بالأقمشة الملفوفة وهذا معناه أنني لعبت لفترة طويلة بكرة قدم مزورة لا يحاسب القانون على تزويرها.

ورغم أنني أدفع من قلبي ثمنا لأي شيء أحصل عليه فإنني على الأغلب أكون مبسوطا جدا أنني أدفع من قلبي ودمي وزيت شبابي وهذا أفضل عندي من أن أدفع ثمن ما أحصل عليه من عرق الناس ودمائهم وشقائهم فأنا أعيش على حساب دمي وقلبي وعرقي ودموعي وكفاحي ولا أعيش على حساب تعاسة الآخرين كما يعيش البعض على حساب تعاستي,وأنا أفضل ممن يعيشون على حساب كد العامل وعرقه ودموعه ورغم أن لقمة الخبز التي آكلها مغمسة بدمي إلا أنني أأكلها بكل شهية وهي أفضل عند الرب من لقمة الخبز الممزوجة والمعجونة بدماء المساكين والبسطاء أمثالي من الناس.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلام يهدد مستقبل الحريات
- الدين الأعوج
- زيد بن ثابت رجل المهمات الصعبة
- زوجات الصحابة
- يحملونني مسئولية أخطائهم
- عملية حسابية صعبة
- رسالة مني إلى شخصي
- حرق القرآن
- جرح الكتابة
- جعفر الطيار
- الإنجيل غير حياتي
- بيتي هو قصري
- أنا أكثر ثقافة من الأنبياء والرسل
- ليش الدنيا خربانه!
- يجب تعليم العلمانية قبل قراءة سورة الفاتحة
- جهلاء قتلوا علماء
- جهاد الطائش
- شخصية محمد اليتيم
- القانون المدني أفضل من الدين
- أسباب الطلاق في الإسلام ليست منطقية


المزيد.....




- إماراتي يرصد أحد أشهر المعالم السياحية بدبي من زاوية ساحرة
- قيمتها 95 مليار دولار.. كم بلغت حزمة المساعدات لإسرائيل وأوك ...
- سريلانكا تخطط للانضمام إلى مجموعة -بريكس+-
- الولايات المتحدة توقف الهجوم الإسرائيلي على إيران لتبدأ تصعي ...
- الاتحاد الأوروبي يقرر منح مواطني دول الخليج تأشيرة شينغن متع ...
- شاهد: كاميرات المراقبة ترصد لحظة إنهيار المباني جراء زلازل ه ...
- بعد تأخير لشهور -الشيوخ الأمريكي- يقر المساعدة العسكرية لإسر ...
- -حريت-: أنقرة لم تتلق معلومات حول إلغاء محادثات أردوغان مع ب ...
- زاخاروفا تتهم اليونسكو بالتقاعس المتعمد بعد مقتل المراسل الع ...
- مجلس الاتحاد الروسي يتوجه للجنة التحقيق بشأن الأطفال الأوكرا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - ممتلكاتي