أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - صادق الازرقي - -أكلونا- الفايروسات!*














المزيد.....

-أكلونا- الفايروسات!*


صادق الازرقي

الحوار المتمدن-العدد: 3848 - 2012 / 9 / 12 - 14:53
المحور: كتابات ساخرة
    


لم يقتصر الخراب العراقي على ما مر بنا في السنوات العجاف الماضية، ولا يلوح في الافق، اي بصيص امل، فبعد ان اذاقنا سياسيو الغفلة مر العذاب، وجعلوا من العراق في طليعة الدول الفاشلة، وتفاقمت في ظل اداراتهم السيئة اعداد القتلى والجرحى، وتزايدت معدلات الفقر الى مديات غير مسبوقة، برغم ثروات البلد الهائلة، ناهيك عن المخاطر الاخرى التي نحن لسنا بصدد ذكرها الان ، هاهي الكائنات المجهرية تتحرك لتتجه صوب ما تبقى من آمال العراقيين لتفترس اجسادهم ولتكمل ما بدأته دورات الافتراس السياسي.

فلقد ورد في الاخبار، يوم الاثنين الماضي، ان وزارة العلوم والتكنولوجيا "اقرت بتلوث المياه الصالحة للشرب والتي تتسبب باصابة المواطنين بامراض فايروسية خطيرة في العاصمة بغداد", مؤكدة "وجود معدلات تلوث كبيرة في المياه المعبأة ومياه الاسالة والخطوط الانتاجية"، وذكر تقرير لمركز بحوث تلوث الغذاء في وزارة العلوم والتكنولوجيا "ان معظم مياه الشرب والمياه الصالحة من خطوط الاسالة ملوثة، كذلك تلوث المياه السطحية ومياه الاسالة في العاصمة بغداد بعد فحص نماذج عشوائية من مدينة بغداد في مختبرات الوزارة"، كما ذكر التقرير ان المياه المعبأة سعة 20 لترا شملها الغزو الفيروسي، واشار التقرير الى "وجود عاثيات الكولي فاج وهي فايروسات تصيب البكتريا المسببة للامراض المعوية في الانسان"، مؤكدا انها "تسبب الكثير من الامراض مثل التهاب المعدة والتهاب الامعاء والتهاب الكليتين والكثير من الامراض المعوية الوبائية التي تصيب الانسان"، بحسب وزارة العلوم والتكنولوجيا.

وهكذا يقودنا التخلف الى حتفنا، ويبدو ان الوضع العراقي غير مرشح للاستقرار الى مدى بعيد، ولربما نشهد في القادم من الايام، عذابا اقسى من هذا العذاب، وخرابا اكثر هولا مما مر بنا، ومما نعيش في ظله الآن، في خضم هذه الغرائبية في السياسة التي شهدت في العراق اسوأ ايامها، ما نجم عنه ابشع تدميرا للروح العراقية، التي كنا نأمل ان يتحقق بهاؤها بعد زوال الدكتاتورية، ولم يتحقق لنا ذلك، فليس اكثر غرابة من ان تعجز الحكومات المتعاقبة منذ نيسان 2003 عن التخلص من السيطرات الثابتة التي تنتشر في الشوارع، وتتسبب في زحمة السير، واثارة قرف وتوتر الناس وتحطيم اعصابهم، او ان تديم بقاء كتل الكونكريت، التي تضيف كآبة الى كآبة واحزان الناس، التي يديمها السياسيون الفاشلون.

وبالعودة الى ذكر الفايروسات، التي تحركت باتجاه العراقيين، لتفترس ما تبقى منهم، اتذكر جملة كنا نتداولها في دراستنا على سبيل المزحة، ولعلها الجملة الوحيدة التي تمتلك خصالها الخاصة بها، ونعني بها "اكلوني البراغيث" وكنا نطيل الجدل في عدد "فاعلي" تلك الجملة، التي ربما عدها اللغويون، من الجمل النادرة والثقيلة في العربية و قالوا ان قسما من العرب يجمع او يثني الفعل على الفاعل، اما الآن فتكاثرت لدينا مثل تلك الجمل، بعد ان تكاثر لدينا "الثقلاء" و تعرضنا للأكل والافتراس من القاصي والداني، ولعل سيبويه واللغويين لو كانوا احياء لوجدوا لنا تخريجا لتلك الجمل، فلم يعد مستغربا ان نقول "فجروني المفخخون" او "سرقوني السياسيون" فـ "فاعلوهم" كثيرون وكل منهم يعضنا ويفترسنا، ولن يمضي وقت طويل يصرخ فيه حتى شبابنا "اكلتنا الفايروسات"، بعد ان تفترسهم الامراض مؤقتها و مزمنها، ولن نعدم ان نجد صبيا يعاني من امراض الضغط او السكر، ناهيك عن الالتهابات المعوية والتهابات الكلى التي تتهيأ الفايرسات للتحرك لإيقاع الجميع في شراكها، التي يحذرنا منها تقرير وزارة العلوم والتكنولوجيا، فأي مأساة وصلنا اليها؟

اذ كانت الحكومة لم تزل تتذرع بالوضع الامني حتى بعد مرور هذه المدة الطويلة منذ التغيير، فالأولى بها ان تقر بالفشل، وان تسارع الى التواري عن لعبة السياسية التي تتطلب لاعبين ماهرين، اذ ان النظام الانتخابي المتخلف المعمول به في العراق، والذي ينتج عنه سرقة اصوات ملايين الناس، لحساب اشخاص لم ينتخبهم سوى جزء ضيل من الشعب العراقي، لا يمنح شرعية لأي كان، كما ان البناء السياسي القائم على المحاصصة الطائفية والقومية والسياسية والشراكة، يدفع المسؤولين الى التفكير فقط بحيازة الاموال والاستئثار بالخزينة، املا في انقضاء السنوات الاربع بتحقيق المكاسب الشخصية في ظل مناصبهم التي لن يزحزحهم عنها احد حتى ان تسبب بقاؤهم فيها في قتل ملايين الناس وابقاء البلد بعيدا عن عوامل التقدم والتحضر ومسبباتهما، اما بعد انصرام تلك السنوات الاربع فسيكون لكل حادث حديث وستكون الاموال التي حازوها من دون وجه حق كفيلة بإدامة حياتهم المرفهة في بلدانهم التي يعود اغلبهم اليها ملتحقين باسرهم التي كانوا تركوها هناك قبل ان يشدوا الرحال الى العراق لكسب المغانم الحرام، وليبقى الآخرون يرسفون في الفقر والخراب.

من ابجديات الحياة في الانظمة الديمقراطية ما يعرف بـ "ثقافة الاستقالة"؛ اي ان يلجأ المسؤول في حالة فشله في تلبية مطالب الناس او في تنفيذ برنامج حزبه الانتخابي او في حالة حدوث امر خطير، يهدد الحياة البشرية، حتى الحيوانية، الى تحمل نتيجة ذلك، والنأي بنفسه عن ادارة الشؤون المسؤول عنها، وافساح المجال لآخرين اكفأ منه كي يصححوا الخطأ، ويسيروا بالامور على وفق نهجها الصحيح خدمة لمواطنيه، اما ان يترك كل شيء في العراق، برغم تلك الاخطاء الفاضحة والمميتة وبرغم ارواح الناس التي تذهب يوميا في ظل هذا الاخفاق السياسي الكبير، فتلك من الامور التي لا يمكن السكوت عنها والتهاون بازائها، وصحيح ان المواطن العراقي لا يعي الآن مصلحته جيدا، ولا يفكر بالمخاطر التي تحيق به والتي ستتسبب في حال دوامها في اهلاك مجاميع بشرية بكاملها، لاسيما ان المخاطر تتفاقم في ظل صمت مطبق من المعنيين بالامر اي المواطنين انفسهم، فان ذلك الوضع برأيي لن يتواصل الى ما لا نهاية.. فهل يدرك الشعب تلك المخاطر ويطالب بحقه في الحياة السليمة النظيفة قبل فوات الاوان؟!

* التركيب اللغوي "اكلتنا الفايروسات"



#صادق_الازرقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فتاوى مدججة بالسلاح .. أوهام احتكار الفضيلة!
- مواشي الصومال و تمر البصرة
- موقف الحكومة العراقية من اللاجئين السوريين خطأ غير محسوب الن ...
- كي لا تتكرس الكراهية نمطا لحياة العراقيين
- وتبخرت آمال الحالمين بمئة راتب!
- فتاوى إلغاء الآخرين !
- الجولة الثانية من نزال الاستيلاء على شواطئ دجلة
- ملايين الناس بلا مأوى، و قصور الخضراء تستوطنها الكلاب!
- مأزق العملية السياسية المستديم
- الضرائب على الاستيراد، نهب لما تبقى في جيوب الفقراء
- يوم تاريخي أضاعوا بريقه في لجّة الفشل السياسي
- من عجائب العراق الجديد: أعطني أمنا ً واستقرارا ً، أعطيك فقرا ...
- هل تجري مطاردة الفساد فعلا؟
- ما الذي (يقبضه) العراقيون من القمة العربية؟
- شعب اعزل ونواب -مصفحون-
- الصراع النفطي الكهربائي ينبئ صيفا ً مميتا ً
- جهود الحكومة (لعدم) إصلاح الكهرباء!
- سياسة المتاجرة بالطوائف
- الاغتيال الجماعي للعراقيين
- مسؤولون يسعون للاستيلاء على قصور صدام وتسجيلها بأسمائهم


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - صادق الازرقي - -أكلونا- الفايروسات!*