أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - وليد يوسف عطو - نحو قراءة جديدة للرواية الاسلامية















المزيد.....

نحو قراءة جديدة للرواية الاسلامية


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 3847 - 2012 / 9 / 11 - 16:54
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


يشير الباحث د . سليمان بشير في مقدمة كتابه : ( مقدمة في التاريخ الاخر – نحو قراءة جديدة للرواية الاسلامية )الى انه لايوجد دليل تاريخي او اثري ملموس على وجود الاسلام قبل فترة عبد الملك بن مروان .فاقدم المساجد والنقوش والاثار النقدية والاشارات المتفرقة في اوراق البردي تعود الى تلك الفترة . وحتى القران لايشذ عن هذه القاعدة . واول دليل ثابت على وجوده يعود الى الربع الاخير من القرن الهجري الاول , اواخر القرن السابع الميلادي . كما اننا لانتحقق من وجود الرواية الشفوية التي تنسب القران الى اطاره التاريخي المعروف الا مع نهاية الدولة الاموية , منتصف القرن الميلادي الثامن .
لقد تركت الرواية الاسلامية لفترة عبدالملك بن مروان صك النقود الاسلامية الاولى وتعريب الدواوين والتطور الذي طرا على اللغة كان باشراف الحجاج بن يوسف ... وبنفس الوقت ربطت تلك الرواية كل هذه الانجازات بشخص عمر بن الخطاب , او باحاديث رويت عنه . كما ان موضوع تعريب الاسلام يشمل التحولات الدينية العميقة التي تمثلت في بروز اهمية وموقع مكة وبروز الاسلام كدين ابراهيم الحنيف وربطه بالحج الى الكعبة قبلة العرب في المنطقة .وهناك اصداء متقاطعة لهذه التحولات في فترة عمر بن الخطاب وفترة كل من عبد الملك وابن الزبير .وبالنسبة لعمر وعبد الملك يلاحظ انها ارتبطت باندلاع الصراع مع البيزنطيين .
اما فيما يخص عمر وابن الزبير فانها ترتبط فيما يذكر من اعادة بناء الكعبة القديم واحياء بعض اعراف ومناسك الجاهلية .
ان تبني صك النقود الاسلامية وتعريب الدواوين والمكاييل والموازين الاموية , قد عكس تبني الامويين الاسلام كدين للعرب وبداية التخلص من الرموز والعناصر المسيحية التي شكلت في الواقع رموز وعناصر التبعية للبيزنطيين .وارتباط كل ذلك تاريخيا بالصراع ضد البيزنطيين والاحباش,حلفاء ابن الزبير ,وبالتحالف مع عدوه في الحجاز , محمد بن الحنفية , يوفر الاطار التاريخي الصحيح لنشؤ الاسلام . اذ ان تبني الامويين للاسلام كدين قومي للعرب هو الذي يفسر نظرة الكنيسة البيزنطية لهم كمنحرفين ( حنفاء – وثنيين ). كما يفسر ذلك التناقضات في القران والموقف من النصارى والمسيحيين بين الايات المكية والايات المدنية .وتصبح ايات التكفير المدنية مفهومة بظرفها التاريخي وهو خروج الامويون على سلطة الكنيسة والدولة البيزنطية ,وتبنيهم لاسلام محمد بن عبدالله وبالتالي استفحال العداء بين الامويين والبيزنطيين .وقد عكس القران في الايات المدنية صدى هذه الخلافات .
هذه القراءة الجديدة للاسلام تساعدنا على توضيح بعض الفقرات التي بقيت غامضة حتى الان في تاريخ صدر الاسلام .من ذلك امكانية ان الفتوحات وحركة الهجرة والمد القبلي العربي كانت عمليات منفصلة قبل تبلور الاسلام كدين وكدولة , وسابقة له بعقود من الزمان ,او على الاقل ان ظهور الاسلام قد استغرق تدريجيا مثل تلك الفترة ,تخللته فترة اضطرابات وصراعات والتي شكلت الهجرات القبلية احد جوانبها .
ان الانطباع الذي تتركه الرواية الاسلامية السائدة من ان لغة البلدان المفتوحة قد اصبحت عربية ودينها قد اصبح الاسلام بين عشية وضحاها امر غير معقول. وفي الوقت نفسه تركت لنا تلك الرواية اصداء غامضة عن ان الفتوحات بدات قبل الاسلام وذلك على شكل غارات على العراق وبلاد الشام ومصر .
لذلك فانه اذا افترضنا ان الاسلام قد تحول الى دين الدولة الاموية في عهد عبدالملك بن مروان وابنائه فقط ,فان الفترة التي سبقت تلك تكون واقعة في حكم الجاهلية .
وعلى المستوى الديني نجد تاثيرات دينية يهودية في المدينة وجنوب العراق , ومسيحية نسطورية في العراق واليمامة ,ومسيحية ارثوذكسية (يعقوبية ) في بلاد الشام . وخلافا للرواية السائدة والمتاخرة حتما والتي تقول ان الرسول قد اخرج اليهود من المدينة وعمر اخرجهم من الحجاز والجزيرة ككل . فقد روي ان اهل الشام كانوا في معركة الحرة 63 هجرية (يقاتلون اهل المدينة ويقولون يا يهود ) . الامر الذي يضع اخراج اليهود من المدينة تاريخيا بعد هذا الوقت , ربما حين اتخذ محمد ابن الحنفية من المدينة مقرا له في بدايات السبعينات بعد ان تحالف مع الامويين . كما تبادل معاوية وقيس بن سعد بن عبادة الانصاري والي علي على مصر اتهامات غاية في الاثارة . من ذلك ماروي عن ان معاوية كتب له يقول : ( انما انت يهودي ابن يهودي ).اما رد سعد فكان : ( انت وثني ابن وثني )وتعني معنى العبارة انت منحرف او هرطوقي او زنديق او انت من الاحناف ( وثني ) . (في معنى كلمة الاحناف وجذورها اللغوية راجع مقالتنا المعنونة( الحنيفية والاسلام – في 2 – 6 – 2012 ). ولعل هذه النقطة تلقي ضوءا على ما لاحظه كل من غولد تزيهر وفلهاوزن بان الصراع بين عرب الشمال وعرب الجنوب والنعرات القبلية ككل لم تظهر الا في الاسلام .
وقد لاحظ فلهاوزن انه خلافا للامصار الاخرى فان المسلمين في بلاد الشام لم يسكنوا في معسكرات خاصة بهم كما كانت عليه الحال في مصر والعراق ,بل عاشوا بين ابناء البلاد . ومن الممكن ان يكونوا قد شكلوا بانفسهم ابناء البلاد في المدن القديمة كدمشق وحمص وقنسرين وغيرها .
وفي مرحلة الانتقال الى الاسلام في عهد عبد الملك وابنه الوليد نسمع عن ان المسلمين يقاسمون المسيحيين بيوت عبادتهم اي كنائسهم ,عن طريق تحويلها الى مساجد .وقد نصب معاوية نفسه خليفة في القدس وانه صعد بعد ذلك الى جيتسماني وصلى على جبل الجلجلة وكذلك عند قبر السيدة مريم سيدة نساء العالمين .
ان احتمال انتقال كثير من العناصر والرموز المسيحية قد دخل الاسلام مع الامويين وعن طريقهم . ولذلك يكون الامويين قد اسسوا للاسلام العربي ذي العناصر المسيحية بعد ربطه بدين محمد بن عبدالله في الجزيرة العربية والذي يمثل عناصر مستمدة من الدين اليهودي مع تحالفات قبلية , اسلام ارسل للعالم كافة ليس فيه صبغة قومية . والاسلام كما يؤكد الدكتور سليمان بشير كلمة ظهرت متاخرة .
من هذه الخلفية يمكن تفسير ما سمي لاحقا ب (الناسخ والمنسوخ ). ان الارتباك في الرواية الاسلامية يمكن ان يزول وذلك بتصحيح القالب التاريخي العام وذلك عن طريق الافتراض بان اصلاحات عبد الملك النقدية جاءت نتيجة تبنيه الاسلام دينا رسميا للدولة .الامر الذي جاء بدوره كجزء من تغييرات اخرى بعيدة المدى عرفت عن تلك الفترة كجمع القران في صيغة موحدة لذلك الدين والقيام بمشاريع ضخمة من بناء المساجد وتعريب الدواوين وتنقيط حروف اللغة العربية .ويبدو ان هذه الخطوات شكلت قفزة نوعية في الحياة الحضارية والسياسية العربية في المنطقة , خلع الامويون نتيجة لها ربقة التبعية والخضوع للبيزنطيين . على المستوى الديموغرافي يبدو ان قفزة الاستقلال هذه سبقلها حركة هجرة وفتوحات واستيطان عربية الطابع استمرت بضعة عقود وادت الى طبع اجزاء واسعة من الهلال الخصيب بالطابع الاجتماعي والحضاري العربي ( والكلام للدكتور سليمان بشير بالطبع ) . فقد خلفت لنا هذه الفترة هبة جديدة من النزاعات والصراعات القبلية شبيهة بتلك التي عرفت بايام العرب في الجاهلية . ومن المحتمل الا يكون مانعرفه عن تلك الايام سوى رسم معكوس لواقع هذه الفترة التي تكونت او اعيد فيها تشكيل اضخم التحالفات القبلية التي عرفناها .الامر الذي شكل خلفية خصبة لانتعاش الرواية والشعر القبليين بشكل لم يسبق له مثيل .
لاحاجة الى التنبيه الى خطورة وجدية احتمال ان يكون كل مانعرفه عن ايام وانساب العرب في الجاهلية لايشكل سوى اصداء معكوسة لاجواء تلك الفترة التي نضجت فيها الحياة الاجتماعية والثقافية العربية وشهدت جمع القران وروائع الشعر ورواية الايام والانساب نفسها .
ان الفترة التي نحن بصددها شهدت اعادة بناء النظام القبلي العربي في قواعده الجديدة التي عرفت بمدن – معسكرات الفتح الاسلامي باتجاه فقدان الوحدات القبلية الصغيرة اهميتها وانخراطها في التجمعات الكبرى .
يبدو مما استعرضنا في هذا المقال , ان العرب المسلمين لم يخرجوا فاتحين مباشرة بجيوشهم من جزيرة العرب كما ترويه لنا الرواية الاسلامية السائدة . وانما كان لهم قواعد ديموغرافية ولوجستية في الامصار المجاورة مثل العراق والشام ومصر سهلت للمسلمين امر الفتوحات باعتبار هذه المدن تعتبر قواعد ثابتة للجيش العربي الاسلامي . وهكذا نخلص الى اكذوبة من ادعى من الكتاب من ان الفتوحات في العراق والشام ومصر والاندلس قد تمت عن طريق التجارة وليس عن طريق السيف .
ان ما استعرضناه في هذا المقال يوضح ان حركة هجرة وفتوحات واستيطان عربية قد استمرت بضعة عقود قبل تبني الامويين للاسلام كدين رسمي والقيام بعدها بالفتوحات المعروفة ...
على المودة نلتقيكم ...
المصدر
( مقدمة في التاريخ الاخر – نحو قراءة جديدة للرواية الاسلامية )للباحث الدكتور سليمان بشير – ط1 – 2012 م – دار الجمل – بيروت – لبنان .



#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهوم الخروج في اليهودية والمسيحية والاسلام
- الصدفة في صنع الحضارة
- تفتيت المسيحية من الداخل , المورمون انموذجا
- شتراوس والاعراق والتاريخ
- هل هناك علاقة بين تنوع الثقافات والاعراق؟
- المشتركات بين ( الشلة ) وبين السياسي العراقي المعولم
- البغاء واسبابه
- موقف اباء وفلاسفة المسيحية من المراة
- المراة والملكية الخاصة والرجل
- تخلف الديانات من تخلف مجتمعاتها
- الاختلافات في الثقافات
- تصحيح الخلل في النفسية العراقية
- الامة العراقية والامة الكردستانية
- الكتلة التاريخية التي ستنقذ العراق- ج 2
- التعليم والمكتبات في سومر وبابل واكد
- الكتلة التاريخية التي ستنقذ العراق
- اغتيال ماركس على يد فؤاد النمري
- شريعة حمورابي ..ج 2
- شريعة حمورابي
- العبيد في المجتمع البابلي


المزيد.....




- هل تتعاطي هي أيضا؟ زاخاروفا تسخر من -زهوة- نائبة رئيس الوزرا ...
- مصريان يخدعان المواطنين ببيعهم لحوم الخيل
- رئيس مجلس الشورى الإيراني يستقبل هنية في طهران (صور)
- الحكومة الفرنسية تقاضي تلميذة بسبب الحجاب
- -على إسرائيل أن تنصاع لأمريكا.. الآن- - صحيفة هآرتس
- شاهد: تحت وقع الصدمة.. شهادات فرق طبية دولية زارت مستشفى شهد ...
- ساكنو مبنى دمرته غارة روسية في أوديسا يجتمعون لتأبين الضحايا ...
- مصر تجدد تحذيرها لإسرائيل
- مقتل 30 شخصا بقصف إسرائيلي لشرق غزة
- تمهيدا للانتخابات الرئاسية الأمريكية...بايدن في حفل تبرع وتر ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - وليد يوسف عطو - نحو قراءة جديدة للرواية الاسلامية