أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد عسيلي - الثورة السورية و اللغة-ا-الحيونة














المزيد.....

الثورة السورية و اللغة-ا-الحيونة


احمد عسيلي

الحوار المتمدن-العدد: 3846 - 2012 / 9 / 10 - 07:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الانسان حيوان ناطق
ارسطوطاليس
من المتفق عليه ان اللغة بحيويتها و اتساعها و قدرتها في التعبير عن الافكار و المشاعر هي التي تميز الانسان عن الحيوان من جهة و هي التي تميز بين البشر في سلم ارتقاؤهم المعرفي و الثقافي و الحضاري من جهة اخرى.......
فاللغة في تطورها و اكتسابنا للمزيد من الابحار بها تسير جنبا لجنب مع الانسان في تطوره من مراحل الطفولة الى البلوغ و النضج.....لترتقي لغته من لغة محسوسة راكدة الى لغة تجريدية تسبح به في عوالم الخيال و الابداع
........................................
كتب الشاعر و المسرحي السوري ممدوح عدوان مؤلفا قيما بعنوان حيونة الانسان و يصف به الحال التي وصل اليها الانسان السوري من انمحاء لشخصيته و تشويه لروحه نتيجة الدكتاتورية و الاستعباد الممارس عليه من قبل سلطة حاكمة لا تعترف بأي قيم انسانية
و قد عدد و شرح بعض تلك المظاهر التي أدت برأيه الى هذه الحيونة لكني أعتقد ان هذه المظاهر واضحة جدا ليس من خلال ممارسات تلك السلطة بل من خلال تجريد الانسان السوري من لغته.....اي من انسانيته.....اي سرقة اللغة منه و تحويله بالتالي الى اشبه ما يكون بالحيوان نتيجة هذا الفقدان..
نعم سرقة لغته و التي تعني كينونته ووجوده
و قد عمد النظام الى سرقة اللغة من خلال اسلوبين اثنين.....و يمكننا من خلال فهم و شرح هذين الاسلوبين ان نسبر اغوار بعض معاني الثورة السورية و ذلك من خلال تسليط الضوء على التغيرات التي احدثتها تلك الثورة في اللغة التي يستخدمها من قام بتلك الثورة
.....................................
الاسلوب الاول من خلال تفريغ كل الكلمات الحيوية و التي تملك طاقة كامنة انفجارية من محتواها......اي بمعنى اخر(تدجين الكلمات)
و حصل هذا التدجين من خلال التكرار المصطنع للكلمات التي يمكن ان تلهب الحماس في صدور الناس....و جعل هذه الكلمات مصدر للسأم و السخرية من قبلهم
و اكثر ما يتضح ذلك من خلال كلمات كالحرية و الثورة
و الشعب
فكلمة الحرية لدى السوريين و بفضل النظام لم تعد سوى شعار سخيف نكرره بكل ملل اثناء الاجتماع الصباحي في المدرسة عبر شعار (وحدة حرية اشتراكية) او نحفظه غيبا في كتب القومية كي تزداد درجاتنا في الامتحان.... و قد وظفت هذه الكلمة بشكل اصبحت مثيرة للسخرية تماما
و هذا ايضا كان مصير كلمة الثورة
فالثورة بالنسبة للسوريين اصبحت عنوان جريدة ركيكة تمجد الحاكم و تدافع عن وجهة نظر النظام بأسلوب غاية في الاسفاف و الاستهانة بعقل القارئ كما اصبحت مقترنة بثورة 8 اذار التي اغلقت الصحف و كبتت الحريات و ادت لاحقا الى هزيمة حزيران
و لكن و رغم كل تلك المحاولات وعبر عشرات السنين من خنق و افراغ لهذه الكلمات من محتواها فان اجهزة النظام هبت و جن جنونها عندما هتفت الجموع في الشارع
(الشعب بدو حرية) اي الشعب يريد الحرية
فاذا تأملنا في هذه الجملة البسيطة نجدها تتكون من فعل و من كلمتين هم (الشعب) و (حرية)
هاتين الكلمتين ربما هما من اكثر الكلمات التي حاربهما النظام السوري و حاول السخرية منهما و تدجينهما لدرجة اصبح لديه اعتقاد راسخ بأنه لن يكون لهما اي تأثير يذكر على روح هذا الانسان السوري.....فاذا بهاتين الكلمتين تعودان بقوة صدمت النظام و العالم كله
اي ان (الثورة) بثت الروح في تلك الكلمات مرة اخرى و اعادت لهما الحياة بعد ان اعتقد الجميع انهما قد ماتتا و اخرجت الثورة تلك الكلمات من دائرة التصنع و التكرار الملل لهما في المدارس و اثناء التدريب الجامعي او العسكري الى الساحات العامة و ازقة الشوارع ليلهج بهما الانسان السوري بكل حماس....
............................................
الاسلوب الثاني في محاربة النظام اللغة جاء من خلال تقليل او اختصار عدد الكلمات التي يسمح للإنسان السوري استخدامها بحيث اصبحت تنوس اللغة في افواه و اقلام السوريين في مجال ضيق لا يكاد يتسع الا لعدد محدد جدا من الكلمات و الجمل
و رغم كل الحقائق التي تكشف لهذا الانسان فان عليه ان يتبنى لغة النظام نفسه و تحليله نفسه لكل الظواهر و الاحداث و المجريات و الويل ثم الويل لمن يخرج عن هذه اللغة الموضوعة له
و اكثر ما تضح ذلك ايضا في الثورة السورية
فلو القينا نظرة على كلمات و جمل النظام و تكرارها من قبل المؤيدين يمكننا رصدها في بعض الاطر التي لن تزد عن الخمسة و هم
1-المؤامرة
2-التفيق
3-الدور الخارجي
4-الدور المأجور
5-الارهاب الاسلامي
يمكن اختصارها بجملة واحدة هي مؤامرة خارجية تقوم بها عصابات ارهابية مأجورة سلفية
فلا يخرج اعلام النظام عن هذه الجملة او الكلمات الخمس في تحليله لأي ظاهرة او جريمة و بأسلوب فصامي احيانا
فعندما حاول التلفزيون السوري الكلام عن الجريمة التي حدثت في قرية البيضا من دعس على اجساد الناس ادعى وقتها ان هذه الصور حدثت في كردستان؟؟؟(التلفيق)
و عندما اراد ان يشرح عن مجزرة داريا ادعى انها جماعات ارهابية(الارهاب الاسلامي)
و اعتقد ان هذه الاطر الخمسة و المختصرة في تلك الجملة تشكل مجمل خطاب النظام و مؤيديه كما انعكس في صحافته و اعلامه و صفحات المؤيدين عبر الفيسبوك
فالأسلوبين اذن هما
1-تدجين الكلمات كي لا يعود لها تأثير على الانسان السوري
2-حصر الكلمات التي يمكن استخدامها هذا الانسان و جعلها تنوس في مجال ضيق جدا.

.............................................
من هنا نرى ان الثورة السورية في احد جوانبها هي ثورة لغوية تهدف الى اعادة الانسانية الى الانسان السوري من خلال اعادة لغته اليه و بث الروح في تلك اللغة......لان اللغة هي اهم ما يميز الانسان
و اعترف انني الى الان مذهول في هذا الشعب الذي استطاع في عدة اسابيع تحويل كلمات من مصدر للملل و السخرية الى مصدر الهام و قوة و مستعد للتضحية بنفسه تحت راية هذه الكلمات
انه لشعب عظيم الذي يستطيع احراز هذه النقلة النوعية



#احمد_عسيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في مفهوم (الاب الاوروبي)
- المثقف و البيك اب
- الثورة السورية و الكاريزمات القزمة
- خطة عنان.........و خيارات النظام السوري
- الوطن ........و اثر الفراشة
- د.اياس حسن و يوتوبيا المثقفين في الساخل السوري.......دراسة م ...
- الدولة السورية و مجهر الثورة
- المجتمع السوري يعود الى حلبة الصراع


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد عسيلي - الثورة السورية و اللغة-ا-الحيونة