أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد جمعة - ضياع الحلم الفلسطيني














المزيد.....

ضياع الحلم الفلسطيني


خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 3846 - 2012 / 9 / 10 - 02:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مثلَ الأم التي رفضت أن يقسم الملك سليمان إبنها فأعطته لجارتها، رفض الفلسطينيون قرار التقسيم عام 1947، هكذا قال أحد الكتاب الإسرائيليين، أما نحنُ، فلم نعد نشعر بذلك، وليتهمني من شاء بما شاء، فهذه أصبحت العادة الفلسطينية المحببة، أن ندير وجوهنا في اتجاهٍ خاطئ ونقول: لا توجد شمس هنا، أنتم تبالغون.

أين ذهب الحلم الفلسطيني الذي يريد تحرير فلسطين من النهر إلى البحر؟ وأين ذهب شعار القدس هي مدينة الله التي لا يمكن أن نتنازل عنها تحت أي ظرف، وأين ذهبت حتى لغة الخطاب التي تعتز بكون فلسطين هي القضية الأولى لـ"العرب والمسلمين"؟ أين ذهب الفلسطينيون؟ أولئك الذين ملأوا الأرض سمعاً وبصراً في خمسة عقود منذ النكبة؟

الناتج الأخير على الأرض، يقول إننا لم نعد نصلح لشيء، لم يعد لنا ميزة الشعب حتى، تفرقنا في المنافي بأسباب قسرية قديماً، وكنا نفهم هذا ضمن رحلة التشتت التي سببها الاحتلال، ولكن ما لم أفهمه ويبدو أنني لن أفهمه، هو تفرقنا في فلسطين ذاتها، هذا السجن الذي زوقه الاحتلال، وتقاتلنا على حراسة بابه فقسمناه كي نحرسه بمزيد من الألق والألفة مع قضبانه.

ثم انخفض سقف الحلم إلى أراضي 1967، نريد دولة على أراضي "النكسة"، وللعلم فقط، لعلم السياسيين لا لعلم الناس العاديين، أن أوراق الأمم المتحدة جميعها لا تحتوي على أي مفهوم يسمى أراضي 1967، بل هو قرار التقسيم فقط، ولكننا نطالب بما لا سند قانوني له، فحدود 1967 لم تكن إلا خط وقفت عنده القوات التي اتفقت على وقف إطلاق النار بعد معاهدة رودس 1949، ولا معنى من الناحية القانونية لهذه الحدود، ناهيك عن أنها عمليا تفصل الضفة عن القطاع، وهذا أمر مضحك لدولة نظرية أشد إيغالاً في الكوميديا.

المهم، أننا بعد أن خفضنا سقف الحلم إلى 1967، أصبحنا اليوم نتعامل مع قضايا يومية من قبيل ارتفاع الأسعار واختفاء البنزين أو بعض السلع، وحكومات لا يصيبها الخجل من أي نوع، ورام الله تتهم غزة وغزة تتهم رام الله، وكأن فرنسا تتهم ألمانيا مثلاً، ونسينا الوضع الأساس الذي سبب كل هذا، ورويداً رويداً بدأنا في تصديق أنفسنا، ولكن بالضبط، ما هو الذي صدقنا أنفسنا فيه؟ لا أعرف، ولا أريد من أحد أن يقول لي كي أعرف.

المعضلة أن سقف الحلم ما زال ينخفض إلى أن وصل إلى ما تحت الصفر، وصل إلى مرتبات لا تصرف في موعدها، وشبان يحرقون أنفسهم لأسباب لم تعد تخفى على أحد، ونسينا تماماً ما يسمى فلسطين، فلسطين القضية التي تشعر بالبرد في الشرق الأوسط، ولوقاحتنا نطلب أحياناً من العالم أن يقف معنا.

في عام 1987، حين استشهد عطايا أبو سمهدانة، أول شهيد سقط في رفح في الانتفاضة الأولى، مشى في جنازته خمس وثلاثون ألف شخص، ملأوا شوارع مخيم الشابورة، وبالأمس سقط ستة شهداء في غزة، ولم يشعر أحد بهم، انخفض سقف الشعور بالشهداء، وحتى أثناء الحرب المدمرة على غزة، وقف الكثيرون من العرب وحتى الفلسطينيين، يتفرجون تحت ذرائع مختلفة، فيما يسقط القتلى بالمئات، والبيوت بالعشرات، حتى العصافير والحمامات سقطت في حرب غزة، لكن سقف الإحساس كما سقف الحلم، يمكن له أيضاً أن ينخفض.

مشاريع وشركات اتصال وشركات عملاقة وسوق أوراق مالية وبورصة فلسطينية، بينما فلسطين ذاتها غائبة، والهم الثقافي آخر ما يفكر فيه السياسيون الذين يبحثون عن المكاسب الآنية سواء في عالم المال أو السياسة، ولا يعرفون أن الاستناد إلى العامل الثقافي هو ما يحفظ القضايا الكبيرة من الموت، ولعلهم يعرفون ويتجاهلون، لا يهم ما دامت النتيجة أن الأجيال التي تخرج في فضاء الوضع الفلسطيني، تخرج فقط، دون أي دعم نفسي أو ثقافي أو ثوري، يجعلهم يفهمون على الأقل أساس القضية التي ينتمون إليها، ويا لمهزلة الإجابات التي أتلقاها حين أجلس مع مجموعة من الفتيان وأسألهم عن معلومات أساسية عن فلسطين، بصدق، هذه الإجابات أوصلتني إلى حد البكاء في إحدى المرات، البكاء قهراً على الجيل، وليس من السعادة، فهو جيل ببساطة: لا يعرف شيئاً لا عن نفسه ولا عن قضيته.

ظل سقف الحلم ينخفض بسبب حديثنا كفلسطينيين عن القضية في المحافل كلها بمعناها المجرد، لا عن تفاصيلها، نريد فلسطين، وما هي فلسطين، هل هي أرض أم شعب أم تراث أم حضارة، أم حياة يومية يلزمها أن نساعد الناس في قطف زيتونهم قبل أن يحرقه المستوطنون، أم هي قضية نرفعها في المحاكم الدولية كي نحصل على ترخيص الإذاعة الفلسطينية التي تبث إسرائيل برامجها على ترددها، أم للحصول على ترخيص صحيفة الجيروزاليم بوست التي تمتلكها إسرائيل وهي مرخصة من قبل فلسطينيين؟ فما هي فلسطين بالضبط؟

لقد حولنا فلسطين إلى شيء نظري تماماً بالطريقة التي كنا نطرحها بها كقضية، ناهيك عن لغة الطرح التي لم يستوعبها العالم لأنها لا تناسب عقله، فساهم الإعلام الفلسطيني بغبائه المقصود والموجه، أو الساذج وغير العارف بمجريات الأمور على حقيقتها، ساهم في تشويه المعالم الحقيقية للقضية الفلسطينية وحولها من قضية مركزية إلى مجرد إحدى القضايا في العالم.

أين يقع سقف الحلم الفلسطيني الآن؟ إنه بفتحة دائرية تدخل منها رؤوسنا، وبذلك فهو يقع على أكتافنا، ولا مكان سوى الفراغ لننظر إليه، ذهبت حكايات المجد الفلسطيني المزعوم، وفقدنا تفوقنا الأخلاقي [إن كنا نمتلكه يوماً]، وأصبحنا كما نحن الآن، حيث يستحق من يهمل قضيته أن يكون، فلا توجد قضية في العالم تقاتل وحدها، فلا الأرض تقاتل وحدها ولا التاريخ يقاتل وحده ولا الأقصى يقاتل وحده، إن كل ذلك بحاجة إلى رجال يؤمنون به، كي يروا كل شيء بعين الفلسطيني الذي مات في الحروب وهو مطمئن إلى أن الأجيال التي ستليه ستقوم بما يتوجب عليها لحماية هذا الإرث الهائل من الحضارة الإنسانية في فلسطين.

فآه يا جنين ورفح والخليل وخانيونس وقلقيلية والمغازي ونابلس وغزة وسلفيت وبيت حانون وطولكرم وبيت لحم وبيت لاهيا...
وآه خجولة يا حيفا ويافا والناصرة والقدس...



#خالد_جمعة (هاشتاغ)       Khaled_Juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معرض أزمات الشرق الأوسط
- مُتْ، فنحن لا نجيد التعامل مع الأحياء
- الفن والمحاكمة الأخلاقية
- علِّموا أبناءَكُم
- حاوِل أن تصادقَ جندياً إسرائيلياً
- ليلةُ انتحارِ الفرسِ البيضاءْ قصة قصيرة
- يُعيدُ الشّارعَ إلى وَعْيِهِ
- السُّقُوْطُ كقِطْعَةِ لَيْلْ
- امرأةُ اللاشيء، امرأةُ كلِّ شيء
- يوماً، ستعودُ المدينةُ إلى وردِها
- ما قالَهُ ابنُ عمروٍ* لحِصانِهِ جوارَ النَّهرِ
- وبي حزنٌ قديمْ
- وَرَأَيْتُهَا
- مقام سيدي يوسف البتّيري قصة قصيرة
- ما لا يعرفه أطفال غزة
- توقفوا عن إلصاق تهمة البطولة بهذه المدينة
- يوقظُني حلمُكِ من نومي
- إعتذار شخصي لهناء شلبي
- كانت المرأة سيدة العالم، لذا وجبت إزاحتها
- من ذا يمكنه أن يعدَّ الحنين؟


المزيد.....




- الإمارات تشهد هطول -أكبر كميات أمطار في تاريخها الحديث-.. وم ...
- مكتب أممي يدعو القوات الإسرائيلية إلى وقف هجمات المستوطنين ع ...
- الطاقة.. ملف ساخن على طاولة السوداني وبايدن
- -النيران اشتعلت فيها-.. حزب الله يعرض مشاهد من استهدافه منصة ...
- قطر تستنكر تهديد نائب أمريكي بإعادة تقييم علاقات واشنطن مع ا ...
- أوكرانيا تدرج النائب الأول السابق لأمين مجلس الأمن القومي وا ...
- فرنسا تستدعي سفيرتها لدى أذربيجان -للتشاور- في ظل توتر بين ا ...
- كندا تخطط لتقديم أسلحة لأوكرانيا بقيمة تزيد عن مليار دولار
- مسؤول أمريكي: أوكرانيا لن تحصل على أموال الأصول الروسية كامل ...
- الولايات المتحدة: ترامب يشكو منعه مواصلة حملته الانتخابية بخ ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد جمعة - ضياع الحلم الفلسطيني