أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد تركي - أحوال مدنية!!














المزيد.....

أحوال مدنية!!


سعد تركي

الحوار المتمدن-العدد: 3845 - 2012 / 9 / 9 - 14:39
المحور: المجتمع المدني
    


مذ تعرّفنا على الشكل البدائي لما نسميه جزافاً (الدولة)، ونحن نقضي شطراً كبيراً من أعمارنا ندور بمعاملات رسميّة يبقى بعضُها على عتبة الإنجاز من دون أن تتخطاها.. معاملات يجد الموظفون الحكوميون لذّة كبيرة في إيجاد ما ينقصها من وثائق مهما بالغنا في الحرص على إكمالها.. فإن لم يجدوا، شكّكوا بوثيقة ما وطلبوا التحقّق من صحّة صدورها!!
لإنجاز معاملة رسميّة، يقضي كثيرون نهاراً كاملاً في دوائر حكوميّة لا تهتمُّ بتأمين أبسطِ شرط من شروط الراحة لمراجعين يقضون جلّ الوقت وقوفاً في العراء. ومع أنّ جميع الدوائر الحكومية على هذه الشاكلة، إلاّ أنّها في مدينة الصدر قاسية بدرجة كبيرة جداً، ليس بالإمكان مقارنتها بمثيلاتها لاكتظاظ هذه المدينة وللإهمال الشديد لها.
مديرية أحوال مدينة الصدر، مثلاً، تقبعُ في بناية صغيرة من ثلاثة طوابق، لا يبدو من طراز بنائها أنها صُمّمت لتلائم مسمّاها، فهي لا تستوعب عدد مراجعيها الكبير لضيق مساحتها وقلّة موظفيها. ولكي تفوزَ بهوية الأحوال المدنية ينبغي أن تنتقل من طابور طويل إلى آخر قد يكون أكثر طولاً من سابقه.. طوابير تشبه المتاهة في بعض تفاصيلها.. يمكن أن تهتدي إلى الفتحة الضيّقة للشبّاك التي يفضي إليها طابورٌ ما، لكنك ستضلُّ الطريق إلى نهايته كي تبدأ مشوار وقوفك الطويل!!
ليس في البناية سوى سُلّم وحيد ضيّق بدرجاتٍ مهشمّة، عليك لكي ترتقيه الوقوف في طابور بطيء آخر.. سلّم على المراجعين أن يقطعوه صعوداً ونزولاً بأجساد يلتصق بعضها ببعض بسبب الزحام الشديد.
إذا أكملتَ مشوارك ودفعتَ بمعاملتك المنجزة إلى الموظف المسؤول، تجد نفسك في واحدة من قاعتين متقابلتين تتشابهان في أدقّ تفاصيلهما.. قاعتان لن تعرف في أيّهما ينبغي أن تنتظر الموظف الذي يحمل الهويات المنجزة إلاّ من حركة تنشط فجأة في الحشود.. قاعاتان بائستان لا يؤثثهما سوى بضعة كراسي حديدية أصابها الصدأ وعمّتها فوضى القِدم، ومروحة سقفيّة تدور بشقّ الأنفس، وشمعة فلورسنت يتيمة ونوافذ بلا زجاج.
البناية، عموماً، انموذج للامتهان والإهمال الشديدين اللذين يتعرّض لهما أي مواطن يُحجم عن اللجوء للواسطة أو الرشوة بغية إنجاز معاملة. ضخامة حشود المراجعين وتكدّسهم في أمكنة ضيّقة تغيبُ عنها أبسط الشروط الصحية، فهي ـ البناية ـ تصلحُ أن تكون أحد معتقلات النظام المقبور. دورات المياه غائبة تماماً، برغم أنّ كثيراً من معاملات المراجعين تخصّ أطفالاً وشيوخاً مرضى عليهم أن يصموا آذانهم عن نداء الطبيعة. وفضلاً عن عدم وجود الماء، فإنّ البناية تعتمد على الكهرباء الوطنيّة التي تنقطع لساعات طويلة بما يؤخّر (كبس) الهويات، ويجعل تلمس الطريق صعباً، ويحوّلُ البنايةَ إلى فرنٍ ساخن يشحّ فيه الهواء.
ولي هنا أن أتساءل بلوعةٍ، كيف يمكن لدولة تنشدَ وجود استمرارها في ضمير مواطنيها إن هي أصرّت على إهمالهم بهذه الطريقة الفاضحة؟ سؤال لا أرجو له إجابة.. مكتفيّاً بحسرة أن أزفره فقط!



#سعد_تركي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وصايا لتعيش!!
- نحيب الأرصفة
- للموت عشاقه ايضاً!!
- مقابر عمّاتنا
- الهدر.. ثقافتنا!!
- ديمقراطية العم سام!!
- كهرباؤنا الغيورة!!
- شوربة عدس!!
- حوسمة القبور!!
- بؤس...
- ماركة!!
- اقرأ.. تنجُ
- أبو العلوم!!
- أميّون بشهادات جامعية!!
- بخيخ!!
- نداء البنفسج
- يُتم الكتب!
- المستبد العاجز
- الخابط والمخلوط وما بينهما!!
- أزمة ثقة!


المزيد.....




- مجلس أوروبا: ألمانيا لا تفعل ما يكفي من أجل حقوق الإنسان
- واشنطن بوست: المجاعة تضرب غزة والكارثة أكبر إن لم تتوقف الحر ...
- غرق مئات خيام النازحين نتيجة الأمطار والرياح الشديدة في غزة ...
- برنامج الأغذية العالمي يحذر من أن المجاعة في شمال غزة “وشيكة ...
- غرق مئات خيام النازحين نتيجة الأمطار والرياح الشديدة في غزة ...
- نتنياهو يستبعد غانتس من مفاوضات الهدنة وتبادل الأسرى
- عهد جديد للعلاقات بين مصر وأوروبا.. كيف ينعكس على حقوق الإنس ...
- -إسرائيل اليوم-: نتنياهو يستبعد غانتس من مفاوضات الهدنة وتبا ...
- ماسك يوضح استغلال بايدن للمهاجرين غير الشرعيين في الانتخابات ...
- سفير فرنسا في الأمم المتحدة يدعو لإنهاء فوري للحرب على غزة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد تركي - أحوال مدنية!!