أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ابراهيم الخياط - بغداد والشعراء والنوادي















المزيد.....

بغداد والشعراء والنوادي


ابراهيم الخياط

الحوار المتمدن-العدد: 3845 - 2012 / 9 / 9 - 01:20
المحور: المجتمع المدني
    


مساء الثلاثاء 4 أيلول الحالي، نامت بغداد مبكرا، على انتشار واسع كثيف لقوات الشرطة الاتحادية وهي مكلفة بواجب من طراز جديد، إذ قامت بغلق الحانات والمخازن والنوادي والقاعات والحدائق، ووضعت على كل باب توصده سيارة همر متأهبة، وكان رواد هذه المنتديات يسرعون في الخروج زرافات ووحدانا، وسط تجمعات عفوية من المارة والعابرين وقفت للفرجة، وتناقلت أجهزة الموبايل ـ ساعتها ـ صورا متضاربة لتصرفات متباينة، ففي مكان كان الغلق عاديا، وفي سواه كان صولة، وفي آخر كان دهما، وفي غيره كان ملتبسا، ولم يبلغ ميل الساعة شارة العاشرة مساءً حتى كأن لم يكن بين (السعدون والأندلس و"أبو نؤاس" والكرادة والعرصات والمسبح) أنيس، ولم يسمر ببغداد سامر.
دخلت القوة المسلحة رواق النادي الاجتماعي لاتحاد أدباء العراق، وقال آمرها كلمتين: "اغلقوا (المحل)، وإلا فسنأتي بعد قليل ونكسره على رؤوس الموجودين"، قالها الضابط دون أن يتذكر مشهدا حكاه شط العرب قبل تسع سنوات حين هرولت الناس وكسرت كل تماثيل الضباط المنصوبة صفا طويلا على شاطئه ولكن الجموع الغاضبة الناقمة لم تقترب من تمثال (السياب)، فالناس حتى في لحظات الهياج لا يختلط لديها الأسود بالأبيض.
إن الاتحاد العريق ومنذ عام 1959 ليس لديه مخزن أو خمارة أو ملهى ليلي بل فيه ناد اجتماعي شهد ولادة أرقى النصوص والعلاقات والبيانات والتجمعات، وهو محطة لقاء ثقافي لرموز الإبداع العراقي، وهو مع نوادي (العلوية) و(الهندية) و(الصيد) و(الصيادلة) و(المشرق) و(الإعلام) و(التعارف) يمثل الوجه المدني الناصع لبغداد ألف ليلة وليلة، وما هذه الأماكن إلا (الصور) التي صارت لازمة (بغداد والشعراء) مذ صدحت بها السيدة الرائعة فيروز.
ولا أقصد هنا التعالي على أو التقليل من أماكن الترفيه الأخرى، ولكن لأنوه أن ناديا اجتماعيا قد أستبيح ويفترض أن يكون محصنا بعراقته ونوعه ورمزيته وبأنه في حومة مؤسسة مهنية ثقافية معروفة في بلد يستعد لتكون بغداده بعد شهور ثلاثة عاصمة للثقافة العربية،، فكيف بغيره؟ وكيف نأمن؟ وماذا نعمل؟ حتى لو أتى ضابط كبير في اليوم التالي ليقول أن نادي الأدباء غير مشمول بإجراءات قرض الحريات.
من البديهي ان الذي جرى أواخر الأسبوع الماضي لا يستحق الشجب والإدانة فحسب بل يفرضهما لأننا في طور تشكيل دولة جديدة وعلينا رسم ملامحها، ويفرض ما جرى ـ كذلك ـ عدم السكوت بل الرفض الايجابي والاحتجاج السلمي والتأكيد على الالتزام بالدستور، والتذكير والمطالبة بتطبيق بنوده التي تدعو لاحترام ثوابت الديمقراطية والحريات العامة والشخصية والحقوق المدنية وقيم المواطنة، وعدم التساهل مع الاقتحامات والمداهمات بأنواعها دون إبراز أوامر قضائية، فقرار الإغلاق غير قانوني، ويتعارض مع الدستور، ويأتي بتأثير من جهات تسعى لتقييد الحريات ودفع الوضع في اتجاه متشدد، وهو يتعارض ـ من جهة أخرى ـ مع القوانين النافذة فما من جهة تملك صلاحية ردّ القوانين النافذة سوى الجهة التشريعية الوحيدة وهي مجلس النواب.
كما إن هذا القرار ـ من زاوية ثانية ـ يعدّ طريقا سهلا ممهدا لنشر المخدرات، وكذلك لانتعاش السوق السوداء والمتاجرة السرية بالمشروبات الروحية، ولممارسة الفساد الإداري والابتزاز باسم الدوائر الرسمية والأمنية.
والقرار ـ أيضا ـ استهداف غير مباشر لأرزاق ومعيشة وحياة الكثير من أبناء شعبنا من المسيحيين والايزيديين الذين هم بحاجة قصوى لطمأنتهم بعد أن قصدهم واستهدفهم الإرهاب بما يفوق عددهم وتحملهم، فدكّ البيوت والكنائس والمعابد عليهم، وأصابهم بمقتلة عظمى، وصار جلّهم لاجئين تاركين العراق الذي هم بيضته وعقله وحضارته وأهله الأولون.
أما كان بالإمكان عقد ندوات مسبقة يحضرها المسؤولون الحكوميون والبلديون والامنيون والإعلاميون والباحثون وأهل الكار وأصحاب الشأن لوضع خارطة بغداد السياحية بما يبعد عنها شبهات "الاسلمة" و"العسكرة" وكذلك الفوضى.
أما كان بالإمكان بث إعلان عبر وسائل الإعلام يحدد موعدا لإصدار الإجازات أو تجديدها، مع توجيه التعليمات لوزارة السياحة كي تنظر بجدية في الطلبات المقدمة لإصدار التراخيص المتوقفة منذ عام 2003 وأن لا تغض النظر عنها، مع تحديد شروط واضحة واجبة التنفيذ وشديدة العقاب عند المخالفة بما يمنع المرافق المذكورة من تجاوز حدودها، كعدم إيذائها للمشاعر بما يخرج منها من أصوات، وما يعرض في واجهاتها من صور، وعدم السماح بفتحها قرب دور السكن والعلم والعبادة، وعدم السماح لارتيادها دون سن معينة، وحتى تحديد أحجامها ومراقبة أسعارها وخدماتها ونوعيتها وجودتها، مع ملاحظة حمل أصحابها والعاملين للشهادات الدراسية والسياحية والصحية.
ثم أما كان بالإمكان عدم زج مكتب القائد العام للقوات المسلحة في هذا الشأن، فالأمر لا يستدعي أكثر من متابعة تفتيشية من مكاتب الشرطة السياحية.
وببساطة، ما كان اعتياديا طوال عقود منصرمة، يمكن أن يكون اعتياديا إذا ما تم الابتعاد عن المزايدات، وإذا ما عرفنا أن لنا دستورا ضامنا لبناء دولة ديمقراطية تزدهر فيها الحريات، فهذه الحريات هي الثور الأبيض.
ففي يوم كانت في إحدى الغابات ثيران أربعة ترعى، والأسد مليكها كان يرمقها بنظرة شرسة، فجأة مال هامسا في أذن الثور الأسود قائلا: أو ليس لون صديقنا الثور الأبيض لافتا للنظر بسطوعه وانعكاسه وخصوصا للصيادين فلعل احدهم يأتي ويقضي عليه وعلينا جميعا، فأجابه الثور الأسود: بلى، بلى يا سيدي انه لافت للنظر، مرني يا سيدي، أأطرده من غابتنا. قال الأسد: لا، لا أريد أن يقال عني بأني ظالم أطرد قومي دون سبب، ومع أني لست جائعا ولكن للضرورة أحكام كما تعلم... فـ (سأكله) ولنقل أنه ضاع.
فلما وافقه الثور الأسود وثب الأسد المتلهف على الثور الأبيض فالتهمه والثور الأسود ينظر لأن الضرورات تبيح المحظورات.
وفي يوم قابل لمع وبر الثور الأحمر، فتأفف الأسد بتقزز مبديا امتعاضه أن لو رآه أسد غيره فسوف يكون طعاما سائغا له، فوافقه الثور الأسود ـ أيضا ـ ليتقوى ويحميهم في كنفه الحصين.
مرت الأيام وخارت قوى الأسد المتين، فاقترح على الثور الأسود أن يأكل الثور الأصفر المزواج ليوكل إليه مهمة الزواج، فصاح: مزهوا بنفسه (الله، الله) يا سيدي على رصانة فكرك وسداد حكمك.. كله.. كله يا سيدي، فقفز الأسد متعثرا ليفترس الثور الأصفر.
وفي يوم آخر وبينما كان الأسد المظفر بين أشباله مرّ به الثور الأسود، فقال له الأسد: أنا وأولادي ـ الآن ـ أشد جوعا مما مضى، وانك لشهي أيها الوزير! فوثب عليه ليأكله، فصاح الثور الأسود: والله ما أكلتني إلا يوم سكتُ عن أكل أخي الثور الأبيض،،، فهيهات وآآآه من هيهات.



#ابراهيم_الخياط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على رأي الحكومة: لسنا باكستان
- الاصلاح باطل
- ضد الاسلام والديمقراطية والدستور والقضاء
- .. ودمع لا يكفكف يادمشق
- ليلنا ورد وغول
- ملتقى قصيدة النثر في البصرة
- قبر الجواهري لا يقل إدانة عن المقابر الجماعية لنظام صدام
- علمني الحزب الشيوعي أن أقدم رغيفي الشعري ساخنا
- العراق والعرب في ساحة الادب
- .. وهذي الشهادةُ على أنّك -كاملُ-
- بعد ألفين !!
- التنقيط عند الفنان الراحل عزيز حسك البعقوبي.. كومونة البنفسج
- العلاقات العامة عند الجواهري
- آثمون.. من قصائد مهرجان المربد الخامس البصرة 9 11 أيار 200 ...
- بعقوبة والشيوعيون وموسم الهجرة إلى الأفراح
- وقفة عند محاججة الأرباب
- فبأيّ أعين بعضكما تنظران
- بئس هذه الحرية ، نِعم هذا الزعاف!
- على حائط حنا السكران
- أفلاطونيا


المزيد.....




- العفو الدولية: الحق في الاحتجاج هام للتحدث بحرية عما يحدث بغ ...
- جامعات أميركية تواصل التظاهرات دعماً لفلسطين: اعتقالات وتحري ...
- العفو الدولية تدين قمع احتجاجات داعمة لفلسطين في جامعات أمري ...
- اعتقالات بالجامعات الأميركية ونعمت شفيق تعترف بتأجيجها المشك ...
- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ابراهيم الخياط - بغداد والشعراء والنوادي