أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - ثقافةُ التحليلِ وثقافةُ التحلل














المزيد.....

ثقافةُ التحليلِ وثقافةُ التحلل


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3844 - 2012 / 9 / 8 - 10:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



إشكاليةُ الثقافةِ التقليدية وثقافة العربية التحويلية هي إشكاليةٌ هائلة متعددة الأشكال والصور، تمتدُ من الماضي وتنغرز بحدة وقوة في الحاضر.

الفئاتُ الصغيرة التي ظهرتْ في عصر الحضارة العربية القديمة حللتْ وانتقدت وجمعتْ الموادَ اللغوية والأدبية والتاريخية من القبائل وكتبت القصائدَ والحكايات وأسستْ الثقافة العربية، جمعاً ونقداً بسيطاً ثم تاهت عن قواعدها الاجتماعية وعن أدواتِ التحليل النقدية، فصنعتْ فيما بعد ثقافةَ التسلية وجمود الفقه وثقافة المدح والهجاء المتناقضة وإعادة تكرار ما أُنتج سابقاً وصنع الملخصات والجمود العقلي.

ما حدث في الماضي يتكرر، ففي البدايات العصرية تؤسسُ بعضُ الكتاباتِ الإنتاجَ النقدي المضيء للأمة حين تكون فقيرة قريبة للناس، ثم تصعدُ وتنقطعُ علاقاتها بهم وبأدوات التحليل والنقد المستقلة فتصفرُ شجرةُ المعرفة.

على مدى الدول العربية والإسلامية تتباين الحالاتُ والمواقف ومستويات التطور وتاريخيته، لكن الصراع بين الإقطاع والبرجوازية وتذبذب البرجوازيات الصغيرة بينهما هو من المظاهر الأساسية للشلل الاجتماعي التاريخي العربي بحقبتيه القديمة والمعاصرة. فلا يمكن حل التطور الراهن نحو الحداثة بسهولة من دون تراكمات اقتصادية واجتماعية وثقافية كبرى لم تَحدث سابقاً ونعمل على حدوثها في هذا العصر.

رأسُ مال الدولة كجهاز اقتصادي متذبذب بين الطبقات إما أن يتجه للرأسمالية الحرة وتداول السلطة وإما أن يبورَ عبر الاختلالات الاقتصادية والفساد، ورأس المال العام لأي دولة مرتبط بالخريطة الجغرافية والسكان وتماسك العلاقات الاجتماعية بأشكالها الأولية، فإذا انهار سحب معه الخريطة الوطنية كلها. ودور الثقافة السياسية والإبداعية هو تحسس وكشف عمليات التصدع في رأس المال الوطني وقراءة نتائجه في كل ظاهرات الواقع، وخلق التطورات الإيجابية للخروج من المراوحة ثم من الشلل فالأزمة.

الصراع الاجتماعي هنا ليس بشكل الصراع في الغرب، بل هو صراع ملتو، معقد، مركب، لأن الإقطاعَ مؤسساتٌ حكومية وعلاقاتٌ دينية اجتماعية مترابطة متداخلة، متصارعة، ومتفقة، حسب الظروف والأدوار وحالات التطور.

لكن الفئات البرجوازية الصغيرة في زمنيةِ تذبذب وخللِ رأسماليات الدول كررتْ نفس ثيمات الثقافة العربية المذهبية المحافظة في العصر العباسي المتدهور لا أن تستثمر أعقل ما فيه وتربطهُ بثمار العقلانية الإنسانية الراهنة.

أبرز السمات هي جفافُ الأنواع السياسية والثقافية وعدم قدرتها على التحليل العميق، فتلجأ للتسطيح والتكرار وطرح الموضوعات الهامشية والانتقادات الصغيرة والهجوم على الأنظمة بشراسة، أو على العكس الدفاع عنها بشراسة، وتغيبُ التحليلاتُ الموضوعية المعمقة، وتنتشر الموضوعاتُ السطحية المكررةُ الجوفاء، والكتابات التقنية غير المؤدلجة شكلاً وغير المتخذة أي مواقف جدية، ويتم تجاهل طبيعة العلاقات الاقتصادية المؤسّسة للأنظمة وحراكها ومشكلاتها وعلاقاتها بعلاقات الإنتاج السائدة وقوى الإنتاج الفقيرة المهملة، ولا يتم تتبعَ الفوائضَ الاقتصادية واتجاهاتها ودورها في إيجاد أو إزالة الأزمات ولإعادة مسار رأسماليات الدول للديمقراطية والشعوب.

والبذل السخي لمثل هذا النفاق الدعائي من مختلف الجهات هو الذي يحيلُ الفكرَ إلى تخثرٍ كتابي ونفاق ويزيل العلماءَ والباحثين المخلصين.

والانقسام الخطير يعبر العالم العربي الإسلامي وخاصة أن الخلفية مليئة برجال العصابات وقوى الإرهاب التي تستغل كل هذا العراك، والتي تسعى لهدم كل شيء.

يتجه الوعي للمزيد من الاختزال والذاتية وتغدو الأجسام الصغيرة من الكتابة والإبداع أشكالاً من الهروب ويتم الاعتماد على المواد الخام الكثيرة في السوق الغربية الواسعة الانتشار لتحويلها لنقدٍ عربي زائف.

تتوسع البرجوازية الصغيرة في القطب الاجتماعي الاقتصادي ذي الغنائم سواء في الحكومات أو في المعارضات، وتتوجه الصراعاتُ في العالم العربي الإسلامي لقطبين، وكلُ فئةٍ تقتربُ من قطب لتجني المكاسب، والقطبية تتوسع بشكل حاد انفجاري في دول وتخف في دول أخرى.

انهمار البرجوازيات الصغيرة في القطبية يعيدُ إنتاجَ مشكلات النظام الإقطاعي الطائفي الكلاسيكي القديم، فهي تتحركُ حسب مصالحها وتعمق العداءات الطائفية، وهنا تتضرر الأنواعُ والأشكالُ الفكرية والسياسية والإبداعية والجماعات السياسية والثقافية والفنية المنخرطة في القطبية.

هذا يؤدي لتحويل الجامعات كذلك إلى مؤسسات تابعة للقطبية وللعلموية الزائفة والتكنوقراطية التي تخدم كلَ من يدفع، والتي تبدل انتماءاتها وأبحاثها حسب الطلب. وغالباً ما تكون الأبحاثُ بذات التكنوقراطية المحنطة التي فيها أسس البحوث شكلياً لكن المضامين لا تعتني بالقراءات الواسعة التحليلية للعلاقات الاقتصادية الاجتماعية.

تُكونُ الدولُ رغم الثراء أو حتى مع تصاعد الأزمات فقراً فكرياً، ومؤسسات سياسية واجتماعية مفرّغة من إدارة الرأسماليات الحكومية بصور وطنية ديمقراطية، ولهذا يجري تكوين الرساميل الخاصة من بواطنها، وانتشار العقليات المسطحة الانتهازية، والكثيرون لا يعملون لإزالة الأخطاء بل للاستفادة منها.

كثرة البرجوازيات الصغيرة الفاسدة يعبر عن امتلاء شرايين هذه الدول بما يسد القلوب عن توزيع الدماء على الأجسام ومناطق النشاط والحاجة، ويوقف العمليات العقلية المراقبة وإحداث التغيير المطلوب.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التناقض الخلاق والتناقض المدمر
- تحقيبٌ اجتماعي لفلسفةِ ألمانيا
- الطائفيون وخرابُ البلدان
- افتراق قطبي المسلمين
- الوطنيون والطائفيون
- الفردُ والشموليةُ الساحقة
- الوعي الوطني ومخاطرُ اللاعقلانية
- أزمةُ مثقفٍ (٢ - ٢)
- أزمةُ مثقف
- رأسماليةُ الدولةِ بدأتْ في الغرب
- المنبريون والجمهور
- إصلاحُ رأسمالية الدولة
- الطوائفُ اللبنانيةُ والحراكُ السياسي
- كسرُ عظمٍ على أسسٍ متخلفة
- النقدُ الذاتي وليس المراوغة
- خارجَ الطائفةِ داخلَ الطبقة
- بُنيتا الحداثةِ الاجتماعية
- المفكرُ والتحولات
- جورج لوكاش(٢-٢)
- جورج لوكاش (١-٢)


المزيد.....




- فيديو يُظهر ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت ...
- شاهد كيف علق وزير خارجية أمريكا على الهجوم الإسرائيلي داخل إ ...
- شرطة باريس: رجل يحمل قنبلة يدوية أو سترة ناسفة يدخل القنصلية ...
- وزراء خارجية G7 يزعمون بعدم تورط أوكرانيا في هجوم كروكوس الإ ...
- بركان إندونيسيا يتسبب بحمم ملتهبة وصواعق برد وإجلاء السكان
- تاركًا خلفه القصور الملكية .. الأمير هاري أصبح الآن رسميًا م ...
- دراسة حديثة: لون العينين يكشف خفايا من شخصية الإنسان!
- مجموعة السبع تعارض-عملية عسكرية واسعة النطاق- في رفح
- روسيا.. ابتكار طلاء مقاوم للكائنات البحرية على جسم السفينة
- الولايات المتحدة.. استنساخ حيوانين مهددين بالانقراض باستخدام ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - ثقافةُ التحليلِ وثقافةُ التحلل