أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - التناقض الخلاق والتناقض المدمر














المزيد.....

التناقض الخلاق والتناقض المدمر


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3843 - 2012 / 9 / 7 - 07:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




التناقض هو مشعل التحولات في الوجود، وفي الحياة الاجتماعية تكثر التناقضات بين الأمم والطبقات، ولكل أسلوب إنتاج تناقضه المحرك، ولم يعرف الغربيون منذ بدء الحداثة ما هو التناقض الاجتماعي الخلاق؟ لأن التناقضات مرفوضة في وعيهم وقتذاك حيث ان التناقضات محطمة لوحدة الشعوب والأمم، وكلما كان الشعب بلا تناقض، والأمة منسجمة موحدة مثل الصوان، كانا مزدهرين خلاقين، وهو وعي قبلي قديم يرفض الاختلاف في جسم القبيلة ثم تكرس كذلك عبر الأديان التي أسست الوحدة لتطورات جديدة لكنها لم تعرف جدلية الصراع الديمقراطي بين الطبقات. اليونانيون سجلوا تجربة فريدة بهذا الخصوص.

لكن أسلوب الانتاج الحديث ينمو عبر تناقضه الموضوعي بين المالكين والعاملين، وثقافةُ التاريخِ بين العبيد وملاكِ العبيد حية، وكللا طبقةٍ تحاولُ انتزاع ما أمكنها من الطبقات المنتجة، والانفجارات تعم، والشعوب تتضرر.

وعي العيش والصراع السلمي الخلاق المنتج بين البرجوازية والعمال والقبول به مؤسِّسا للحضارة الحديثة تراكم طويلا ووصل إلى ذروته في القرن التاسع عشر الأوروبي، لكنه لم يُقر في كل البلدان، والصراعاتُ القومية الدينية كانت الأقوى، ولم تعترف دولٌ وشعوبٌ عديدة بهذا الصراع كمؤسس للحضارة الجديدة، كانت تهيمن عليها أفكارُ القومية الموحدة، والأفكار الأسطورية عن الشعب الخلاق، والاشتراكية الوطنية التي توحد النبلاء والشغيلة والتي ترفض سيرورة الشعوب الأخرى القابلة بذلك الصراع الخلاق، فهي في اعترها شعوب ضعيفة، سلمية، ليست فيها إرادة القوة وحب الحرب.

بين روسيا السوفيتية وألمانيا الهتلرية شبه، الأولى رفضتْ الصراعَ الخلاق بين البرجوازية والعمال، والقومية الروسية ناورتْ بأشكالٍ ملتفة معقدة لكي تحتفظ بوحدتها ولا تمشي في دروب الديمقراطية السياسية الاجتماعية، حافظت على أشكالها الدكتاتورية السياسية الاجتماعية، وسيطرت على شعوبٍ عدة وفرضتْ عليها نموذجَ الصراع القومي لا الصراع الطبقي.

حولتْ التناقضَ بين البرجوازية والعمال إلى تناقضٍ بين الأمةِ الروسية والغرب، خسرتْ الكثيرَ من البشر والثروات والسنوات في سبيل الوهم الايديولوجي، لكن التناقضَ غيرَ المعترف به في أسلوبِ الإنتاج يظهرُ غير عابئ بالأدلجةِ والأوهام الطبقية، والبرجوازية تظهر في الدولة وأغلبية الشعب تصير عمالا في الدرك الأسفل، لكن الصراع بينهما لم يتخذ أشكالا حضارية ديمقراطية، فمازال يشكل ألغاما رهيبة لتطور الدولة والمجتمع.

الوهم القومي تشكل هنا عبر الاشتراكية القومية من خلال الخليط الاجتماعي غير المحدد والسائر في عسكرة التحول الباطش، وهو ما عبرت عنه ألمانيا القومية الرافضة الاختلاف، وحولت الوهم القومي إلى ايديولوجيا حربية سببت لها الكثير من الخسائر، حتى عادت لما رفضته بعد زوال جدار برلين.

لكن دول الشموليات الكبرى القومية الدينية غدت مصادر للتوتر والحروب، وهي لديها ترسانة نووية هائلة أو تسعى اليها، وهذه الشموليات الكبرى هي العوائق الأخيرة أمام التطور السياسي الديمقراطي السلمي.

دولُ غرب أوروبا حققت تحولات كبيرة عبر هذا الشكل، ومع توسع الديمقراطيات في أوروبا كلها حتى أمريكا اللاتينية والهند وبعض دول شرق وجنوب آسيا صار الشكلُ عالميا، وتبادلية اليمين واليسار في الحكم غدت لا تدعو الى الحرب الأهلية، بل تجديدا للمجتمعات، وأصبحت الرؤى السياسية المختلفة تتبادل التغيير من زوايا مختلفة، ولهذا فإن ثقافة بشرية مختلفة تنمو: النسبية وإلغاء المطلقات في العلوم الاجتماعية، ومعالجات القضايا الاقتصادية والاجتماعية الممكنة الحلول من جانب وجهات نظر مختلفة.

العالم العربي الذي يدخل حقبةً جديدة لم يعرف مثل هذا الوعي الصراعي الديمقراطي، بل ثمة بلدان لا توجد فيها تكوينات مؤثرة للقوى الحديثة، ولاتزال وحدانية القبيلة والمذهب قوتين معرقلتين للتنوع السياسي الديمقراطي في الحكم والمعارضة، وهما تدخلان في تكوين الدول والأحزاب وتؤديان الى اصطفافات غير متطورة معرقلة للنمو. كما أن ذلك يعكس ضعف البُنى الاجتماعية ومحافظتها وسيطرة الرجال والقوى البيروقراطية، وهذه التكوينات لم يتبلور فيها لا يمين تحديثي ولا يسار ديمقراطي. والآن تتطلع الشعوب العربية من أجل هذه التعددية السياسية ذات الرؤى التحويلية السلمية لكي يركز السياسيون في تطوير الانتاج واقامة مشروعات وتغيير الأوضاع المعيشية والاقتصادية والثقافية للجمهور، لكن ذلك لايزال غير واضح وأمامه عقبات كثيرة.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحقيبٌ اجتماعي لفلسفةِ ألمانيا
- الطائفيون وخرابُ البلدان
- افتراق قطبي المسلمين
- الوطنيون والطائفيون
- الفردُ والشموليةُ الساحقة
- الوعي الوطني ومخاطرُ اللاعقلانية
- أزمةُ مثقفٍ (٢ - ٢)
- أزمةُ مثقف
- رأسماليةُ الدولةِ بدأتْ في الغرب
- المنبريون والجمهور
- إصلاحُ رأسمالية الدولة
- الطوائفُ اللبنانيةُ والحراكُ السياسي
- كسرُ عظمٍ على أسسٍ متخلفة
- النقدُ الذاتي وليس المراوغة
- خارجَ الطائفةِ داخلَ الطبقة
- بُنيتا الحداثةِ الاجتماعية
- المفكرُ والتحولات
- جورج لوكاش(٢-٢)
- جورج لوكاش (١-٢)
- المحافظون والديمقراطية الاجتماعية


المزيد.....




- روسيا تعلن احتجاز نائب وزير الدفاع تيمور ايفانوف وتكشف السبب ...
- مظهر أبو عبيدة وما قاله عن ضربة إيران لإسرائيل بآخر فيديو يث ...
- -نوفوستي-: عميلة الأمن الأوكراني زارت بريطانيا قبيل تفجير سي ...
- إصابة 9 أوكرانيين بينهم 4 أطفال في قصف روسي على مدينة أوديسا ...
- ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟
- هدية أردنية -رفيعة- لأمير الكويت
- واشنطن تفرض عقوبات جديدة على أفراد وكيانات مرتبطة بالحرس الث ...
- شقيقة الزعيم الكوري الشمالي تنتقد التدريبات المشتركة بين كور ...
- الصين تدعو الولايات المتحدة إلى وقف تسليح تايوان
- هل يؤثر الفيتو الأميركي على مساعي إسبانيا للاعتراف بفلسطين؟ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - التناقض الخلاق والتناقض المدمر