أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سهير المصادفة - إلى الكاتب المصرى














المزيد.....

إلى الكاتب المصرى


سهير المصادفة

الحوار المتمدن-العدد: 3842 - 2012 / 9 / 6 - 23:08
المحور: الادب والفن
    


كنت أرددُ لنفسى وأنا أشيع جثمانه: سأحاولُ يا سيدى.. سأحاولُ.
لم ألتقه مرةً واحدةً طوال حياتى، ولم أسع لذلكَ أبداً على الرغم من فتح جلساته للجميع ودعوة بعض الأصدقاء لى أكثر من مرةٍ، ربما.. لكى أدع الأساطير في جلالِ بريقها وهيبتها وغموضها.
أتركُ الجميع خلف جنازته المهيبة، وأهرب إلى مِصرَ القديمةِ، أدور بدونِ هدفٍ في الحوارى التى رسمها بمحبةٍ فرسمتْ له طريقاً نحو النور، أبتسمُ وأنا أتطلعُ في وجوه شخوصه التى منحها الخلود فرفعته إلى مرتبة "الكاتب المصرى"، الكثير منها لا يعرف مَنْ هو "نوبل"؟ وما هى جائزته؟ ولكن الجميع هنا يعرفون مَنْ هو "نجيب محفوظ" وأين يقع زقاق مدقه وبين القصرين والسكرية وأيّاً من آبائهم كان سى "السيد عبد الجواد" ومَنْ مِن أمهاتهم تشبه كثيراً "أمينة".. يتحدثون دونما انقطاع عن روحه التى تتجول الآن حرةً في الأماكن التى عشقها، أصلُ إلى مقهى الفيشاوى وأجلسُ في ركنٍ منزوٍ وأتساءل: هل حقاً كان يجلس هنا؟ ويستنشقُ هواءَ يومٍ حارٍ كهذا؟!
إذاً لماذا لا ألمحه الآنَ لنتعارفَ؟ أنا التى انتظرتُ كثيراً أن ألتقى به في ظروفٍ بعيدةٍ عن التهافت على النجوم، ورفضتُ أن أحطَّ على الإطار الذى ظلّ يحاولُ الهروبَ منه منذ حصوله على جائزة نوبل.
لا شىء يشبه ذلك اليوم، فالناس الذين توَّجوه كاتباً لهم يصيحون في وجوه بعضهم البعض بفخرٍ:
ــ أنا رأيته هنا منذ عدة أشهر.
ــ تقصد منذ عدّة سنين، قبل أن يُطعنَ في رقبته.
لا شىء يعلو في الكلام على اسمه، يختلفون على بداياتِ رواياته ونهاياتها ويتحدثون عن أبطال أفلامه وعن أصدقائه ومريديه ثم يضحكون ويصرخون ويتنابذون بالألقاب ويلقون ياى الشيشة بعنفٍ وفجأةً ينهضون وهم يبحثون بعيونٍ زائغةٍ عَمَّنْ سيكتبهم بعده.
لا شىء يشبه ذلك الهواء الثقيل الفرح الخانق المنتصر والمكلل بشجنِ وداع شعبٍ لكاتبٍ استطاع أن يحفرَ لنفسه مكانةً ومكاناً في قلوبٍ تخفقُ بمحبةِ الفن والإبداع على الرغم من ظروفها التعليمية والدينية والاقتصادية المتردية.
ذات مساءٍ أخبرنى أحدُ أصدقائه أنه حكى للأستاذ عن رواية "لهو الأبالسة"، ثم قال للحضور: وعلى الرغم من أن الأستاذ لم يعد يسمع جيداً ولم يعد يستطيع القراءة كسابق عهده إلا أنه حريصٌ على متابعة المشهد الإبداعى أولاً بأول من خلال مطالعات أصدقائه، كدت أموتُ خجلاً لأننا كنا في أمس الحاجة ليستكملَ لنا سِفر "أحلامه"، ولكننى في الوقت نفسه فرحت فلربما في مكانٍ ما وزمانٍ ما غارقٍ في لونٍ أبيض سرمدى سيدور حوار ما بيننا حول أسئلتى وحول الرواية.
أترك مقهى الفيشاوى وأصل إلى النيل، أستند إلى سوره تماماً بالقرب من بيت عميد الرواية العربية.. هنا تحديداً ستكون نهاية رحلة وداعى الخاص له.. هنا أمام النهر الذى أحبَه كلَّ هذا الحب سأتركه يمضى في سلامٍ كما طائر أسطورى حطَّ ما يقاربُ قرناً من الزمان على أرضٍ قديمةٍ وطيبةٍ ثم قرر التحليق مخلفاً وراءه كل آثاره الأدبية الخالدة.
مدينةٌ لكَ أنا يا سيدى، والسرد العربى مدينٌ لكَ، وأظن أن كلَّ الكُتّابِ مدينون لكَ حتى مَنْ تطاولوا عليكَ أيها المتواضع فوق قمته.. الطيب في مملكته.. المطمئن لحظّه في الأرضِ وفى السماء.
أقفُ طويلاً أمام النهر الخاشع وأكادُ أسمع صوتاً محملاً بأصداءٍ منذ آلاف السنين:
ـــ أنا لم ألوثْ ماءَ النيل.. لم ألوثْ مداد قلمى.. لم أظلم أحداً.. لم أهملْ عملاً.. لم أدعِ امتلاك اليقين وحدى.. وأنا خفيفٌ كما الأولياء والقديسين حللتُ، وخفيفٌ عبرتُ، وها أنا خفيفٌ أطير.



#سهير_المصادفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طيب يا حلمى
- اليونانُ.. هنا تعيشُ الآلهة
- تاء التأنيث
- إلى محمد عفيفى مطر
- مانهاتن .. مدينة المرايا
- ميس إيجيبت الفصل الثاني عشر والأخير
- ميس إيجيبت الفصل الحادي عشر
- ميس إيجيبت الفصل العاشر
- ميس إيجيبت الفصل التاسع
- ميس إيجيبت الفصل الثامن
- ميس إيجيبت الفصل السابع
- ميس إيجيبت الفصل السادس
- ميس إيجيبت الفصل الخامس
- ميس إيجيبت الفصل الرابع
- ميس إيجيبت الفصل الثالث
- ميس إيجبت - الفصل الثاني
- ميس إيجيبت


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سهير المصادفة - إلى الكاتب المصرى