أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود يوسف بكير - الإسلام والربيع العربي














المزيد.....

الإسلام والربيع العربي


محمود يوسف بكير

الحوار المتمدن-العدد: 3842 - 2012 / 9 / 6 - 20:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كيف يمكن تصور حال المجتمعات الأوربية اليوم لو حقق رجال الكنيسة عندهم ما حققه رجال الدين عندنا من إعاقة لحرية التفكير والاعتقاد وتأثيم الدعوة لفصل الدين عن السياسة واعتبار المرآة مواطن درجة ثانية والتقليل من شأن العلوم الإنسانية والطبيعة الحديثة حتى وصل الأمر إلى الادعاء بأن كلمة العلماء في القرآن الكريم تعني علماء الدين فقط ،بالإضافة إلى تأييدهم المستتر للاستبداد وغض الطرف عن فساد الحكام كما كان الحال في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا وغيرها؟

واليكم بعض الأمثلة من تاريخنا القديم والحديث حيث يرى شيخ الإسلام بن تيمية بأن ستين عاماً مع حاكم مسلم ظالم أفضل من ليلة واحدة مع حاكم ضعيف ،وتبريره أن الأخير لن يتمكن من تطبيق الشريعة الإسلامية بشكل حاسم وقوي أما الأول"المسلم الظالم " فإن بقدوره هذا ومن ثم فإن علينا أن نصبر على بلاء ظلمه وندعو له عسى أن يهديه الله ويكف عنه.

وقد نسي شيخ الإسلام أن الحاكم الظالم يجعل حياة الملايين جحيماً وأنه ليس هناك ما هو آمر من الظلم. وابن تيميه بهذا يوحي بأن الإسلام يمكن أن يتعايش في سلام مع الظلم والاستبداد ، وهذا نوع من الاستنطاع بالطبع لأنه لا يوجد دين عبر تاريخ الإنسان يبرر للظلم بأي حال .

أما آراء الإمام الغزالي في العلم فهي صادمة بحق حيث كان يرى أن لا حاجة للمسلمين للبحث والعلم لأن كل شيء يحدث بإرادة الله وليس وفقاً لتفسيرات النظريات العلمية . وهذا رأي غريب لان البحث العلمي لا ينبغي أن ينظر له على أنه ضد إرادة الله او منافس له.

ومن العصر الحديث قال الشيخ الشعراوي ما معناه أن المسلمين ليسوا بحاجة لإضاعة وقتهم وجهدهم في العلوم والاختراعات لأن الله سخر لنا علماء الغرب لاختراع كل شيء لنا!
وعلى سبيل المزاح فإن قول الشعراوي هذا يفكرني دائماً بموقف مضحك حدث معي منذ سنوات عديدة في منزلي بالقاهرة الذي يتعرض لمشاكل عديدة دائماً بسبب عدم إقامتنا به حيث سألت السباك الذي يشرفنا في كل زيارة لنا للقاهرة لمعالجة نفس المشكلة في الحمام، سألته عما إذا كان هناك شيء ما لمعالجة المشكلة بشكل دائم فأجابني بتلقائية وبساطة شديدة بأننا في انتظار أن يقوم الخواجة (يقصد السباك الغربي ) باختراع هذا الشيء لنا! والمعنى أننا أصبحنا مفلسين فكريا بانتظار الخواجة دائما.

وعودة إلى موضوعنا حيث مازال السواد الأعظم من فقهائنا يشغلون الناس بأمور بسيطة لا تقدم ولا تؤخر وكل يوم تقريباً نسمع عن فتاوى عجيبة ومتضاربة ،وهم يدعون دائماً أنهم أعلم البشر بمقاصد الله، والمسائل الدينية مناطق محظور الاقتراب منها ولا يصح لأي مسلم أن يجتهد في أي مسألة دينية أو أن يعمل عقله بل عليه أن يلجأ إلى العلماء في كل شيء بدءاً من كيفية غسل فرجه حتى كيفية أداء الصلاة إلى الله .

قبل عصر التنوير في أوربا كانت الكنيسة تلعب نفس الدور الظلامي والمسيطر والمراقب والمتدخل في كل صغيرة وكبيرة في حياة العباد وكان لديهم أيضاً نسخة أوروبية من بن تيمية والغزالي والأشعري والشعراوي .

ولكن بعد صراع طويل وتضحيات انتصر الفكر المنطقي والتنويري وانتقلت أوربا من عقالها إلى الأمام ونحن مازلنا نعاني من ويلات الاستبداد والفساد في ظل وجود رجال دين ينشدون السلامة والنفوذ ولذلك تجدهم دائماَ في مربع الحاكم يمنحونه الشرعية ضد إرادة الشعوب الممتهنة والمظلومة والمطالبة دائماً بالصبر على البلاء والدعاء إلى الله .

ولأن الشعوب العربية متدينة بطبيعتها فإنها تجنح إلى العاطفة الجامحة لإن العقل لا يوافقها ومنطقه لا يفهمه إلا النخبة ولذلك نجد أن مآل ثورات الربيع العربي التي نجحت حتى الآن في الإطاحة برؤوس الاستبداد في بلادها تتجه طواعية إلى نوع من التسلط الديني آملة أن تحقق الحركات الدينية أحلامها في حياة أفضل بعد أن عانت كثيراً من ويلات الفقر والظلم وانعدام العدالة الاجتماعية .

ونحن نعتقد أن هذه الحركات الدينية مثل حزب النهضة والأخوان المسلمين والسلفيون صادقون في نواياهم في تحسين أحوال شعوبهم ولكن المشكلة أن مشروعهم الفكري ونموذجهم التنموي يقوم على آليات لا تؤدي إلا إلى الاستبداد، فهم لا يؤمنون بالديمقراطية ويعتقدون أن مبدأ الشورى غير الملزمة أفضل منها بكثير وهم لا يؤمنون بالمساواة بين الرجل والمرآة ولا بمبدأ المواطنة كأساس للحقوق والواجبات ولا يقرون بحرية الفكر والاعتقاد.
والتاريخ شاهد على فشل نموذج الدولة الدينية كما حدث في افغانستان والسودان والباكستان وإيران والصومال وغيرها وشعوب هذه الدول عانت ولازالت من ويلات هذه التجارب التي فشلت لا لشئ إلا لإصرارها على تبني أفكار ما قبل عصر الحداثة.

إنه العقل الديني المتجمد الذي يقود دائماً إلى الانغلاق على الذات والتعصب وعدم قبول الآخر.
وبكلمات أخرى، فإن المشكلة ليست في الدين ذاته ولكن في العقل الذي يتعاطاه ويؤوله وينطقه بما شاء.

إن نموذج الدولة الدينية في أوروبا وفي الخلافة الإسلامية كان مسئولاً دائماً عن إعانة الحاكمً على الاستبداد أو الفساد أو كلاهما معاً ولم يسع اينما حل إلى تنوير الشعوب وإعانتها على المطالبة بحقوقها المسلوبة ولذلك فإن هناك حالة من الخوف والتوجس لدى البعض من التوجهات الحالية لبعض الأنظمة العربية التي هبت عليها نسمات الربيع العربي .

ولكن هناك بارقة أمل أن تتعلم الحركات الدينية الحديثة في عالمنا العربي من التاريخ وأن تتعظ من التجارب السابقة بحيث يبتعد الدين عن السياسة ويصبح سلطة أخلاقية مراقبة للدولة بشكل فاعل بما من شأنه منع الحاكم من التسلط على العباد باسم الدين وفق ما قال به الإمام محمد عبده في مصر منذ أكثر من قرن .

محمود يوسف بكير
مستشار اقتصادي مصري



#محمود_يوسف_بكير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تحكم مصر الآن
- عندما تتحول الثورة إلى مهزلة - الجزء الثاني
- عندما تتحول الثورة إلى مهزلة- الجزء الأول
- عادل إمام مبدع الزمن الرديء
- تأملات فلسفية في أحوالنا العربية
- إلى مؤيدي الأسد: انتبهوا إنه يقودكم إلى خراب مؤكد
- فضيحة في ساحة القضاء المصري
- أصل الحكاية عسكر وحرامية
- الإخوان ومستقبل الثورة في مصر
- أرخص إنسان على وجه الأرض
- الثورة المصرية والرقص على السلم
- مصر ما بين فقدان الذاكرة وعدم الوعي
- العسكري يقود مصر إلى الخراب
- أردوغان يفجع الأحزاب الإسلامية في العالم العربي
- من مفارقات الرؤساء العرب
- ثورات الشعوب تكشف عورة النظام العربي
- رسالة قصيرة إلى الأغبياء الثلاثة
- مبروك يا أسد
- ماذا يريد المجلس الأعلى للجيش المصري؟
- من أخطر ما يهدد الثورة


المزيد.....




- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود يوسف بكير - الإسلام والربيع العربي