أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - راشيل جريمة كاملة دون شهود














المزيد.....

راشيل جريمة كاملة دون شهود


مروان صباح

الحوار المتمدن-العدد: 3841 - 2012 / 9 / 5 - 20:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تكن بالتأكيد الضحية الأجنبية الوحيدة التى سقطت دفعاً عن حق تأخر كثيراً من احقاقه ، لكن امتيازها عن زملاءها يأتي للكاريزما التى تحلت بها راشيل كوري رغم صغر سنها وتجربتها إلا أنها آبت منذ الصغر أن تكون مجرد امرأة عادية فبادرت في اثقال نفسها من خلال القراءة التى دفعتها لاحقاً للبحث عن الحقيقة دون الارتكاز إلى المادة الإعلامية العرجاء ذو البعد الواحد حيث ارتهن لها العالم دون أن يكلفوا أنفسهم مشقة النظر بأن للقضية وجه أخر مأتمي ليس زفافي كما هو في الوجه الأول .
فكان لها أن ترحل عن الدنيا من أرض الأنبياء كسائر الأحرار الذين اخترقت أسماءهم التضاريس والحدود ، فبات أسمها عنوان للإنسانية كما أن شاهد قبرها مغروز على امتداد مقابر الدنيا ، حيث كان لها كما كان لشهدائنا العظام أن تشارك صورهم المعلقة على جدران الشوارع فأصبحت عنوان من عناوين فلسطين .
هو موكباً سماوياً أخر حلق عالياً عندما نُقلت من فلسطين إلى مسقط رأسها كأن حضورها بالطائرة حولتها إلى تابوت أصابّ من يرافقها بالموت المؤقت ليتساقط من خلاله قطرات دمها حيث تلقتها قلوب غافلة عن ما يحصل في مكان اصبحت الجريمة فيه مكتملة ومات كل الشهود فيها ، فأرادت حتى في موتها أن تذكر العالم أجمع قبل أن تتوارى في محطتها الأخيرة بأن هناك جريمة ترتكب كل لحظة على أرض المحبة والتسامح بحق أهلها العزل ، فكان لها عند أحرار العالم أن ترتفع صورتها في كل مظاهرة تناهض الفقر وتنادي بالحرية والعدالة ، كما كان لها أن تكتب على شاهد قبرها بالخط العريض هنا ترقد امرأة قالت ( لا ) لأطول احتلال ، لقد تعاملت إسرائيل ببالغ التلكؤ والتململ ودفع السنوات كي يُنجز التقادم ، تُراهن من خلاله أن يتناسى العالم للجريمة البشعة في حق زهرة لم تتجاوز العشرين من عمرها عندما قررت أن تتصدى لجرافة القهر بعد ما عاشت ايام تراقب الانتهاكات اليومية للآلة العسكرية الإسرائيلية ، فتقدمت بكل ثقة واعتزاز لما تحمل بداخلها من إنسانية وشجاعة قابلت من في الجهة الآخرى المتعطش للقتل ، وفي لعبة محكمة بين القناص والضحية التى سبقها بضعة ايام من الخذ والهات وتكرار المحاولات لهدم البيت التى تسكن به عائلة فلسطينية تمكن القاتل عديم الإنسانية أن يلقي حقده المتجذر نحوها ليكشف عن همجية لا تنتمي للعقل البشري بل تفتضح الوحشية المعمول بها اتجاه أي شيء يُذكر تلميذ الجلاد بالضحية .
كل من يفكر في مناهضة الحركة الصهيونية التى تتوارى خلف الدولة المدنية يُنّزع من هويته تماماً كما حصل مع راشيل ويتحول إلى مواطن ناقص أشبه بالملايين الفلسطينيين ، فقد تجرأت المحكمة بقُضَاتِها التأكيد على ما اقترفته اليد الإسرائيلية بعد ما توهموا بأن المجتمع الدولي قد استئصال قضية راشيل من الذاكرة ولم يتبقى منّ يزرف الدموع فوق قبرها باستثناء والديها ، فقد قلدت المحكمة بتجرئها سائق الجرافة عدو الإنسانية ليتوحد النهج من رأس الهرم إلى أدناه ، فمن يبرر للقاتل جريمته فهو بالتأكيد قاتل مثله ، حيث لم تحتاج القضية لكل هذه السنوات من تقديم الادلة وإنكارها ما دام الشهود والصورة المنقولة عبر الشريط يوضح عملية القتل المتعمد بدم بارد ، لكنها بقدرة قادر تمكنت المحكمة أن تنزع هوية المقتولة وتحويلها لفرد فلسطيني مجردة من الحماية والمطالبة بحقوقها ، كما استطاعت تحيد سفارة بلادها من أي تأثير فاعل واستطاعت أيضاً أن تجعل قضيتها في الإعلام الامريكي خبر عابر أشبه بحالة الطقس حيث افرغته من محتواه ، الملفت للانتباه عملية تجريد الضحية من حقوقها كزائرة امريكية لديها حقوق تأشيرة الدخول التى نالتها من الحكومة الإسرائيلية وما يترتب عليه من الحماية والرعاية ما دامت داخل سيطرتها لكن كونها غمست خارج الصحن الإسرائيلي جعلها أن تفقد كل امتيازاتها المعمول بها في الدولة العبرية وتحويلها كائن فلسطيني بلا حول ولا قوة في مربع مستباح ومعرض كل ما فيه للاختطاف .
حين اصدرت المحكمة قرار تبرئة المجرم ومن يقف خلفه تحولت الدنيا اشبه بالغروبية غابت فيها الشمس ولم يظهر القمر كأن الحياة توقفت لدقائق ثم عادت الحياة تعمل حين تذكروا بأن الفاعل استطاع بحبل من الناس أن يخرج نفسه من المنظومة القانونية بل يجلس فوقها ويرمي بساقيه ولا يأبى ابداً بقراراتها العوراء ، فهي تنتقي كلماتها بين الخجولة والمترددة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل حتى لو كانت الواقعة من نوع ثقيل خوفاً من أن تصيب المزاج الإسرائيلي بالعكننة ، فالمجتمع الدولي حريص كل الحرص أن يتغاضى عن جرائم الدولة العبرية ويذوب احتراقاً كي يجد مخرجاً لأفعالها حتى لو كان المتضرر من ابناء جلدتهم واستيقظ ضميره في لحظ سبات دولي وتجرأ بالقول ما لا يروق لساسة في تل أبيب .
لقد تقدمتِ راشيل في زمن يوصف بالتراجع ووقفتِ ترددي كلمات الحق في وقت حذفت من قاموس الأكثرية كلمة ( لا ) واستُبدلت بطأطأة الرؤوس والسير جانب الحائط وتقبيل فم الكلب ، وإذا كان هناك من مصلحة متعسرة لا مانع من لعق لعابه ، متحديتاً سلسلة جبال من الأفكار مضادة لما يحمله عقلكِ من فكر تجاوز المسافات فأدركت بأن لم يتبقى من احتلال على هذه الأرض إلا في بقعة واحده لا سواه .
لقد استطعتِ أن تعيدين ترميم الضمير الذي شكل على مدار الوقت فشلاً ذريعاً في رعايته لأهم قضية عالقة في العالم ، إلا أنك سبقتِ من حولك بخطوة إلى الأمام بعد ما ايقنتِ تفاصيل ما يدور على خشبة المسرح من تلفيق وأكاذيب حيث تمردتِ على جميع الروايات العرجاء بإستثناء روايتك التى كُتبت بدمائك .
راشيل سننساكِ لأننا بشر كما نسينى الكثير ممن رحلوا عنا واقفين ، لكننا سنتذكركِ دائماً كلما شاهدنا مجند ومجندة اسرائيلية ، سنتذكركِ لكما رأينا جرافة تقتلع شجرة من قلوب زارعيها ، سنتذكركِ كلما سمعنا احراس الكنائس .
والسلام



#مروان_صباح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من مرحلة الخوف إلى التربص
- من جاء إلى الحكم على ظهر دبابة لن يرحل إلا تحتها
- أقنعة نهاريةُ وأخرى ليلية
- حفيد أم وريثا
- تسكع من نوع آخر
- اجراس تكفي لأن تثقب طبلة الأذن
- تحالف المشوهين
- بين قسوة العربي على توأمه والعدو
- فحم يتحول إلى ماس يتلألأ
- أهي البداية أم قراءة الفاتحة
- التحرر من عُقد النقص والتورط بالتقليد
- صفحات بلا فصول
- ظل وظلال
- الشعب يريد نصرك يا الله
- باحثون عن حفرة ينامون بها إلى الأبد
- يحتاج المرء إلى ثلاثة اضعاف عمره كي ينجز بعض احلامه
- المعرفة المجزوءة
- اتباع الطاغية لا دولة بنوا ولا حرية سمحوا
- عجلات لن ترحم
- أجمل ما في الحياة أن يدافع المرء عن نفسه


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - راشيل جريمة كاملة دون شهود