أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين لمقدم - قصة قصيرة: التيه














المزيد.....

قصة قصيرة: التيه


ياسين لمقدم

الحوار المتمدن-العدد: 3841 - 2012 / 9 / 5 - 07:21
المحور: الادب والفن
    


أرضنا تصلبت، آبارنا صار غورا ماؤها، أشجارنا، أي أشجار ! مجرد جذوع وفروع جوفها العطش ونخرها السوس، جبالنا التي كانت ترفل في ثياب الخضرة ويعممها الغمام أضحت قاتمة مسننة الصخور. سهوب الحلفاء تجردت من عباءتها الصوفية التي أكسبتها إياها الحملان المرعية. هذه السهوب التي تشهد على تهاطل القطع الذهبية من السماء بعد أن هدأت المعركة التي تطاحن فيها المرينيون مع أبناء عمومتهم من الوطاسيين تحولت إلى أرض خراب ، يسمع فيها العابرون ليلا صوت أشباح الرعاة الذين مروا من هناك يتنادون و يتناهرون حتى لا تضيع الغنم ، ويلمحون نار قدورهم تلتمع وإن دنوا منها لم يجدوا لها جذوة ولا مرجل . المنازل التي كانت عامرة والحظائر التي طالما تناطح فيها الغنم والأبقار باتت مهجورة وتهاوت أحجارها وثقبت زوابع الغبار سقوفها الخشبية. واصلنا السير بين الوديان المردومة والهضاب المتسامقة بحثنا عنكم في كل الفجاج . نتقدم بخطوات يتعبها اليأس ويشحذها الرجاء، سألنا عنكم من صادفناهم فكانوا أشد تيها منا. ومنهم من أشار علينا بوجودكم وراء الجبال الشامخات في أقصى جنوب المدينة. تجدد الأمل في لقائكم و استعجلنا المسير إليكم وقطعنا إلى ذلك أشواطا ومراحل قضينا خلالها ليالينا نائمين من تعبنا في العراء، ونهاراتنا نحث فيها الخطو لعلنا نأتيكم قبل أن تغيروا مضاربكم . مررنا بقلاع قديمة مهجورة تشي مقابرها الكبيرة بالماضي الدامي للتاريخ ، والآن تصفر الريح بين صياصيها المتلاشية ، وأضرحة أوليائها سواها الزمن بالأرض . أرهقنا المسير ولم نعثر لكم على رسم لا في الأعالي ولا في القيعان. نصحنا بعض الهائمين في أرض الله أن نتابع المسير تجاه الجنوب ، مدمأة أقدامنا ووافقناهم الرأي في ذلك عسانا نجدكم في دروب رملية غاضبة تنخ لها النوق من ظمأ . في السبل الصحراوية كنا وحدنا وإن لمحنا في أفقنا شيئا تأكدنا بعد حين أنه السراب. جنون القفر يحذونا و زيغ البصر من غبار عن الطريق يميل بنا ، والأمل إليكم يلهمنا. لمحنا الشرور في مقل من صادفناهم من المترصدين بالضالين في الفلاة ، وجوههم متعبة وسمجة ، يلحظون العابرين ويتحسسون أنصالا تلتمع تحت سرابيلهم ، تجاوزناهم بكثير من الوهم والرهبة ، فقط في سبيل لقياكم كل الصعاب تهون . مرت السنون تلو السنين. ولقد طال البحث وطال الرحيل، ولا نجد لكم أثرا ولا إليكم من سبيل. ولا إلى ديارنا نطيق العودة ونحن نحمل إليها خيباتنا وانهزاماتنا والأسئلة الموجعة على كل الشفاه المنتظرة لعودتنا منذ عقد من الزمن . نكسنا الرؤوس ودخلنا إلى بلدتنا في ليلة ليلاء ، تشتتنا بين الدروب والحواري نتحسس الجدران خلسة نبحث بين صخورها عن ثغرات نلج منها إلى منازلنا التي ستداري إحباطاتنا حتى نور الصباح . ومع أول آذان للفجر تناهت إلينا جلبة القوافل المستعدة إلى الرحيل . كلمات تصدح لشحذ الهمم وحسن التدبير والتلاحم، تسلل بعضنا ليسأل من لا يعرفنا عن ذلك فأكدوا أن القوم مرتحلون باحثين عن الضائعين وعن... آه ، عنّا!.



#ياسين_لمقدم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة عيساوة


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين لمقدم - قصة قصيرة: التيه