أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله خليفة - افتراق قطبي المسلمين














المزيد.....

افتراق قطبي المسلمين


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3840 - 2012 / 9 / 4 - 08:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تكشفُ قمةُ عدم الانحياز التباينَ بين قطبي المنطقة العربية الإسلامية مصر وإيران، ومن حيث المظهر المرئي الراهن فإن مصر تسلمُ إيران قيادةَ الحركةِ الميتة، تسلمها جثةً لم تعدْ تصلحُ للتاريخ، وإيران تتسلمُ الجثةَ لكي تدخلَها التاريخَ مرةً أخرى.

هذا التباينُ بين القيادتين الدينيتين المحافظتين ليس حاسماً ومطلقاً، إنه شكلٌ مرحلي لسيرورةِ البلدين، لاختلافِ حركتيهما التاريخيتين، فإيران أوغلتْ في بناءِ رأسماليةِ الدولةِ الطائفية العسكرية غير قادرةٍ على الفكاكِ من النظام الشمولي الذي شكلتهُ خلالَ العقودِ الماضية، وهو يعاني أزمةٍ غيرِ مرئيةٍ سياسياً وغير بارزة على سطح الأحداث، حيث العمق الشعبي مدفون تحت رمال الدكتاتورية، ولهذا فإن مسئولي النظام يقبلون بإحياءِ الحركةِ الجثة وليس ثمة من أصواتٍ صاخبة شعبية في بلدهم، وهو ما قد يدل على استقرار أو على هيمنةِ الخوف والجوع والبطش. إن الإمبراطوريةَ الفارسية الجديدةَ تحاولُ أن تمتدَ في فضاءِ العالم، لقد خلقتْ لها بؤراً في الدول والحركات في ما جاورها، لكن مسرحَ المنطقة لم يعد كما كان، فالإمبراطوريةُ مهددة، والمسرحُ العربي الواسع تحرك تحركات هائلة، لكن هذه الحركة الهائلة فُسرتْ بأنها شكلٌ عربي للثورة الإيرانية، فالقيادةُ الإيرانية تصور ذاتها كقوة مركزية في العالم وربما في الكون، والحركة الجثة تتسلمها إيران رسمياً، مثلما تسلمتْ جثثاً كثيرة في تاريخ الدولة الراهنة؛ الشكل السياسي القروسطي، والهيمنة المطلقة لرجال الدين، ومشروع الإمبراطورية.

فيما مصر في لحظةٍ مختلفة، والحركةُ الدينيةُ المحافظة التي تسلمتْ السلطةَ فوق أكتاف الشباب العامل العالم، هي التي أسستْ نموذجَ الدولةِ القروسطية الدينية في عالم المسلمين المعاصر وتأثرتْ به الحركة الدينية الإيرانية قبل عقود ومشتْ على خطواته وقامتْ بتنفيذهِ في السبعينيات من القرن الماضي، فالثورتان المسروقتان في إيران ومصر من كفاح الكادحين وتضحياتهم تشتركان في سماتٍ معينة، حيث سيطرتْ في كلا البلدين على الثورتين فئاتٌ دينيةٌ عليا محافظةٌ تعبرُ عن إشكاليةِ تطور الإسلام السياسي الاجتماعي في ظل هيمنة الإقطاع، وقادت تلك الفئاتُ الثورتينِ لمشروعاتِها، لكن المشروعَ الإيراني متأزمٌ، والمشروعُ المصري في فتوتهِ إن لم يكن في مرحلته الضبابية.

إن العيشَ على الأشباح التي تعيشُهُ القيادةُ الإيرانية تبدى لها بإمكانيةِ إحياءِ الرموزِ الميتة من العصور الوسطى ولهذا غدت حركةُ عدمِ الانتماءِ للحداثة والدولة الأسطورية والثورةُ العائدة للقبور وإزالةُ سمات العصر الراهن مشروعاً ممكن التحقيق.

ولهذا فإن خطابات المسئولين في كلٍ من البلدين كانت مختلفةً معبرة عن أجندةٍ خاصة لثورة مغدورة من جهة البلد الذي يستلمُ الرئاسةَ، ولثورةٍ لاتزال فتيةً عند البلد الذي يسلمُ الرئاسة.

الشكلُ الديني المحافظُ مشتركٌ بينهما فالقوى الدينية معبرةٌ عن رأسماليةٍ دينية شمولية ذات جذور إقطاعية، وقد تم تكسير جوانبها الليبرالية والديمقراطية في إيران فيما لاتزال هذه السمات حيةً في مصر بفضل حركة الشعب الذي لم تتم السيطرة عليه حتى الآن، ولهذا فإن الرئيسَ المصري يريدُ انطلاقةً لهذه القوة كي يجذرَ سيطرتَها وتغلغلها في الشعب عبر توسع علاقاتها بالأسواق المختلفة، ولكي يغيرَ الوضع المتدهور ويوقفَ الأزمةَ الاقتصادية.

إن المجال الحيوي للبرجوازية المصرية بدأ في العالم الثالث، لكنه لم يعد هو الأساس، فتشكيل رأسمالية ذات تطور واسع غدا يريد الانفتاح على كافة الأسواق وخاصة الغربية والشرقية من النمط (الاشتراكي) الناجح.

فلابد هنا من الاصطدام كذلك مع الرأسمالية المتخلفة الإيرانية التي لم تستطع الخروج من النمط الإقطاعي العتيق، وقادها ذلك لدولةٍ عسكريةٍ توسعية، مُحاصرة، مضطربة، تهدرُ فوائضَها المالية التي كانت كبيرة على السلاح ومساعدات القوى المغامرة والفوضوية، وتهاجم بقوة ثورة الشعب السوري الذي يريدُ الخروجَ من هذه السيطرة ومن هذا السجن. فيما مصر تريدُ سوريا حرة مختلفة، وسوقاً مشتركة ووطناً عربياً مزدهراً. لقد تجاوزت المشروعَ الحربي ودولة الثكنات وتصدير (الثورة) في شعاراتها الراهنة وخطاب رئيسها الواعد لكن النظام الاقتصادي الاجتماعي الحر ينتظر الاختمار، فقد تصيرُ مصر طبعةً أخرى من إيران، وقد تتجاوزها، وهذا مرهون بصراع القوى الاجتماعية ورؤاها وأنشطتها.

بعثُ جثةِ حركة عدم الانحياز يُقصدُ بها من قبل المسئولين الإيرانيين وقف تدفق الشعوب على نموذج الحريات والديمقراطية والعلمانية، الذي يجسده الغربُ وغدا ناجحاً منتشراً في العالم كله، ويهددُ سيطرة رجال الدين والعسكر في إيران، هذه السيطرة التي تحولت عنفاً في سوريا ولبنان والعراق وغيرها من البلدان، وليس شعار عدم الانحياز سوى شعار حق قديم أُريد به باطلٌ جديد، مثل جميع الشعارات التي تستخدمها الماكينةُ الحكوميةُ الإيرانية، وتريدُ من خلالها تحريك هذه الدول في مواجهة جديدة مع الغرب وعبر الارتكاز على انتقادات جزئية صحيحة عن العولمة ونظام الأمم المتحدة لكن لكي تحرك هذه الدول في مواجهات ضد العالم الديمقراطي الحديث كله ولكي تدافع بها عن وجود نظامها الديني الاستبدادي المغاير لنظام الحضارة الغربية.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوطنيون والطائفيون
- الفردُ والشموليةُ الساحقة
- الوعي الوطني ومخاطرُ اللاعقلانية
- أزمةُ مثقفٍ (٢ - ٢)
- أزمةُ مثقف
- رأسماليةُ الدولةِ بدأتْ في الغرب
- المنبريون والجمهور
- إصلاحُ رأسمالية الدولة
- الطوائفُ اللبنانيةُ والحراكُ السياسي
- كسرُ عظمٍ على أسسٍ متخلفة
- النقدُ الذاتي وليس المراوغة
- خارجَ الطائفةِ داخلَ الطبقة
- بُنيتا الحداثةِ الاجتماعية
- المفكرُ والتحولات
- جورج لوكاش(٢-٢)
- جورج لوكاش (١-٢)
- المحافظون والديمقراطية الاجتماعية
- تدهور الثقافة في البحرين
- عالمُ المماحكاتِ
- تقاسمُ المستعمراتِ الإسلامية


المزيد.....




- باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع لتعجيل ظهور المسي ...
- وفاة قيادي بارز في الحركة الإسلامية بالمغرب.. من هو؟!
- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله خليفة - افتراق قطبي المسلمين