أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد هالي - ابهامات لفقرات متقطعة (9)















المزيد.....

ابهامات لفقرات متقطعة (9)


محمد هالي

الحوار المتمدن-العدد: 3839 - 2012 / 9 / 3 - 22:00
المحور: كتابات ساخرة
    


- 1 -
قلنا للرعب أن يغور، و انتشرنا، قلنا للماضي بأن يرتدي حلة الخرافات ـ و ينتشر، ليضاف القدماء على الجدد و تتضخم الكارثة، قلنا و ما صدقنا العلامة أثناء تحرك الأزقة في عالم الشوارع، قلنا و طورنا الأقنعة، حتى تنسجم الكراسي مع الأطوار، فمن طور التشرد، إلى طور الغموض، خرجنا من دهاليز الفناء بلا نور، سعادتهم أن ننحني لكل إدارة، بلا تردد، و أن خنا العادة المعهودة، يطول الحصار و التشدد، و رحنا كالثعابين، نصطاد البيض المحروس من أعشاش الدجاج، إنه الخبث الأبدي، ساعة الخبث المتتالي في مغارة النسيان، إنه الهروب من قوارب الموت، و ما إن نجا الأبله، حتى سقط الشحاذون، عويلا للمعونة المنتظرة، لأن الفلاحين خرجوا من الجفاف بالثمار، و أن العطالة لا مبرر لها أمام تطور الآلة، هكذا صدقنا الأسطورة من أولها، لأن العقل مجرد آلة متعلق بالبشر، زمن تضخم الآلات، ما للفضيحة مكان، و ما للحقيقة رؤيا، و ما لنا سوى أن نستمر كما استمر التفاؤل وسط الحروب، أيام المجاعة/ و حرمان الأطفال الرضاعة.
فمن قال أن الراعي يرعى أغناما، دون حشيش، بعدما أصبح الكلأ حشيشنا، و حين تذوقنا اللحم تذوقنا مرارة الحشيش، يا له من منظر مرسوم بلا صور، حين نكتب عن المتخيلات: ليلة الحكم على معوق و هو يتشبث بالحياة ساعة إياه كنا نحكم على مجرم بالبراءة، و هو يرمي الدنيا في عالم الفوضى من أجل الرفض، نقول كما قلنا: من لا مسكن له، لا وطن له، و من لا وطن له، لا عمل له، و من لا عمل له، لا علاج له ... !
! سلام عليك وطننا ! لقد كنت وطننا، يوم كنت وطننا، أما الآن فأنت وطنهم، من الشرق إلى الغرب وطنهم، و الغرب مع الشرق اشتروك، و نحن البضاعة بلا ثمن ... !

- 2 -
كتبنا لك القصص كلها، كان النثر عبر الصحف حبرا يتدلى بلا أنامل، وصفناك بآلاف الأقلام و رموز بتوظيف الاستعارات و الكنايات، داعبناك لتكوني صدرا مفتوحا بلا حواجز، و حين دخلنا، ارتأينا أن نشكو، و هل تنفع الشكوى في تواريخ الحواجز؟ لن تكوني امرأة هذا القرن، لأنك أنثى بلا زمان، قد يكون التاريخ بدل التأريخ، يشرق من الأرقام، ليصفي اللون الذي نشتاق، أو يكون التاريخ يحلم بالقلوب التي تنبض ليدلنا على جرحك المتدفق، رواية تبدأ من السيطرة في أفق التحرر، قد تكون الحبكة مغنية ارتأت أن ترقص على صهوة حصان، أو تكون الصورة مرآة تسرق الشمس لإضاءة الكواكب، أو تكوني نقطة في هذا العالم تصنعين الحبكة و الصورة معا، أتعلمين فلازلنا نصطاد الصورة بلا حدود، و لا ندري هل وقفت بكل الأوصاف و الألوان، لكن لازال الحلم يصطاد الخيال ليغني في الأفق؟ فاذبحي الشرايين لينقطع الدم عن القلب، و ننتهي.

- 3 -
أيها الوطن المتشائم في دنيا التفاؤل، أقرأ في الصحف مأوى المداد، الذي ينشج الكلمات، اقرأ كل الأوصاف بلا تردد، كنت في خيال الشعراء، و حكاية من خرافة الأجداد، و مناظر في لوحات الرسامين، كنت و لازلت محط أنظار السائحين، كنت و لازلت محط أطماع العالم، لأنك الفلك وسط الأفلاك، الكل يطمح في الاكتشاف، فاكتشفوك فوسفاطا و أشياء أخرى في طور الاكتشاف، لهذا احتضن أشواقنا في الحضيض، مادام الحضيض مشتاق لصفعة الوطن، و لا ينسى.
أيها الوطن المزلزل في قرعة المضاربات، كن الحصن المتوخى من معاناة الفلاحين، كن ما شئت في عالم تصافحت فيه الأيادي القديمة لتصافح الأيادي الجديدة، و تحيى بطرق جديدة: القتل، المناورة، الخداع، ...عفوا لا ينفع كل هذا، لا نحاول أن نسأل من أنت؟ لأن الأصل لا يتجاوب مع الفصل، و نحن الاستمرار في مأدبة غذاء على كل حال.
أيها الوطن قدنا السفينة بلا مقود، و تهنا في وادي الحماية، فاحتاط الإستراد من التصدير، و أطعمنا العالم لنجوع، و من اختار الصناعة زودناه التجارة، على كل حال.
أيها الوطن سر كما أرادوا لنا أن نسير، لازلت في مصطاف تستحق السباحة، و مازلنا نهوى الاستحمام في برك الضفادع، مادامت الضفادع تغني في زمن غياب الرقص، كن أيها الوطن، وطنا على كل حال.

- 4 -
العلو يرتدي الأسفل، لتكون جنتنا، هكذا تتلاقح الطبيعة بعضها البعض: هناك الأطلس يرقص على صهوة سهول، ترفع أشجار اللوز، و بعض الأعشاب تطعم و تعالج التائه و السائح المتزحلقين في ثلوجها، و هناك يلتوي الريف كأفعى محنطة تسكب الدموع للعطشى: قد تكون حبيبات ثلج، أو قطرات ماء، إنها فرجة الهضاب لازالت تحتفظ بمجازر الحماية(1) زمن الحماية،إنها المدن الزاخرة بالفقر تتصادم بأحياء الأغنياء، لتستمر المعركة من أجل الوجود ضد اللاوجود، إنها القرى التي لا تتوازن بين محصول البور، و محصول السقي، فيبدو التفاوت فوق التوازن، و تتسع الصورة لتنشر الكآبة في أسواق التجمهر، إنها التعبئة في التيه و الدوران، إنها البوادي تركع للمدن في حرب تتصالح فيها الحروب أثناء تواجد الفرائس.
يا أيتها الجبال لا تبحثين عن الانحدار بعد أن جفت السواقي، ارفعي تاجك فوق العالم ليحتاط العالم من جحر الفئران، المنغمسة في أغوارك، و يا أيتها السهول ارمي سنابلك لطيورك التي اشتاقت الرحيل في أفق العودة، و يا أيتها الهضاب دعينا نمتطي الجياد من أجل صيد السهول التي ترفع الجبال.

- 5 -
ماذا يقول الوطن للتاريخ عندما يبحث التاريخ عن اسم الزمن في بنفسجية الطبيعة؟
إنها ميم المغرب من حمو(2) الساخر من حصن الذات اتجاه الآخر، هكذا صار الزرقطوني(3) ينحت صنمه في جبل رفض الغزاة، لمعانقة الهبة(4) المحامي ضد الحماية، زمن المستنجدين لإبادة الحماة، قد ينمحي الدفء ليطلع الصامد من أبناء تناسلوا من سلالة الخطابي(5) بدون أوصاف، قد تكون الصدى يتردد بأسماء، ابن تومرت(6)، ابن باجة(7)ـ ابن طفيل(8) ابن رشد(9) ... ينحدرون من صنع العقل من متاهات النقل، أو تكون العبرة من خونة تشمهم الرائحة بلا إغلاق: الكندافي(10)، المتوكي(11)، الكلاوي(12) ...و تدور العجلة، و يبقى الوطن بتينه يطعم الفلاحين صيفا، و يتعجل في صنع الحضارة، إن الوطن بهذا المعنى وطن الشهداء بلا تردد: ينفى الثائر، يقتل المقاوم، يتشرد المتمرد ... ليبقى الأطلس أسدا ينحت الحقب، أو ليبقى الريف قوسا يحمي الخلف من التلوث، أو ليبقى البحر حدودا يتمرد على الإنفتاح، و يتسع ... !

- 6 -
" كنا وشما في كف الوطن
وكنا حبة رمل بين أهدابه
قبل أن يأتي الصباح بالتشتت توحدنا
..............
فما تقول به يا شيخنا ؟
- لا تخجل، إنكما مصابان بحب الوطن "(13)
قد تكون صادقا أو لا تكون، لأن الحب هواجس داخلية، و الكراهية حمى الموت و التمرد، و ما دمنا نحب، فنحن نرتعش من علاقات النقائض في قصائد الطوفان، احترنا بين الحب و الكراهية، فوصفتنا بالحب، فما على القلوب إلا أن تتدفق دماءها في صهريج، لتستقبل داء الوطن، و ما على الذاكرة، إلا أن تتأكد من هفوات الماضي و تتساءل: لماذا الخبيث و المخلص يتعايشان على سقف الوطن؟ قد تقول بأن الخبيث مصاب بحب الوطن، و كره المواطنين أم أن المواطنين منقسمين: سطر الزمن الغابر المتلاحق، من أجل استنزاف الطبيعة، و سطر الولادة يصارع الفناء لصيد الحياة بكل أساليب التحول و التغير " عراء و غطوك بالبلاغة – جوع و أطعموك بالنشرات – مرضى و لقحوك بالقانون ..."(14)
و أنت الوطن الدواء فوق كل وصف، قد تشفينا من الحب و الكره، و ما وجدنا إلا لنتسم بحبك، و دائما نبحث فيك عن صلوات أخرى، و عن سراديب تمتطي تجاعيدنا و تنتشر، لأنك الوطن إن انشقت قشورك تمزقت الحدود، و بات القادم كالراحل، و إن غاب السامع صدقنا أسطورة المحنطين في واد الطوابير، و الدفء اللعين.
" ينهض القتلى
يتسللون في الليل/ يتسلقون الجدران
متكاملين كموجة الشتاء
فتتظاهر الأنهار/ أجراسا
و يغلف الأرض صدى التراتيل "(15)
يقتحمون زغاريد النسوة، فتقتلع الحيطان، لينتهي زمن الدفء من جدرانك يا وطن، هكذا يغلب التفاوت على التوازن، في عمق المساواة، و نتصارع مع ضآلة الوجود، و كلما تواجدنا شممنا روائحك وسط البواخر، كذرات تنتشر جارفة كل الروائح عبر المياه، و ما صدقنا البحر بأنه فارس هذا القطب أو ذاك، و ما صدقنا أنه يلتقي مع الجو لتصدير كل الخامات، حتى بدأنا نشكو من الطاعون الجارف لبهجة الأطفال.
قد تقول أيها الوطن بأنها الردة في تعبد الطريق، و الردة في عمق المسار، و نحن نعلم كما تعلم بأن الضباب يجوب الأفق. و أننا لازلنا نشكو لوطن هارب منا.
" فماذا تقول إذا هزمت تلك "الشاوية" انهزامك
و هي حبلى بالجنون و الافتتان بالشغب "(16)
قد يجرفك الأقصى، و أنت الأقسى في الأقصى، و قد تجرفك الرياح و أنت الوطن صانع الرياح، و قد تولد من جديد، في سماء الجديد، و من راح يبحث عن ضلوعه، ينتظر دفنها في الأطلس.
فما جفت الطقوس ليلة ولادتها،من بيض السلف، ليتفجر حمقا في متاهات الجنون، جننا أيها الوطن في أرض الوطن، و انتقلنا عبر كل الجسور لتصل استعارة المعنى من السؤال، و بلهجة المغني إذا غنى استنجدت الطيور في أوكارها، و إن تعالى الصوت فوق الأوراق، تساقطت.
و إن متنا، سنحيى جثثا بقافية الرفض:
" لا تلاعب جسدك،
لا تؤجره لمن جلده
لن تكون في المنبر غير سلحفاة
لن تكون طائرا أو فراشة:
ستكون ورقة الخريف
قبل الكنس على الرصيف "(17)



































الهوامش:

(1) بموجبها تم استعمار المغرب
(2) موحى حمو الزياني أحد المقاومين ضد الاستعمار الفرنسي
(3) منفذ عملية فدائية ضد بن عرفة
(4) أحمد الهبة أحد المقاومين ضد الاستعمار الفرنسي
(5) عبد الكريم الخطابي من أشهر المقاومين ضد الاستعمار ومخطط لمعركة أنوال
(6) مؤسس للدولة الموحدية
(7) (8) (9) فلاسفة المغرب ومتزعمي العقلانية
(10) (11) (12) عملاء الاستعمار الفرنسي
(13) موقف الجسد (قصيدة) فيضان الثلج /أحمد لمسيح / دار قرطبة للطباعة و النشر
(14) لا تصوت في غابة الجزر (قصيدة) / أحمد لمسيح / دار قرطبة للطباعة و النشر
(15) العودة من القيامة (قصيدة) / أحمد لمسيح / دار قرطبة للطباعة و النشر
(16) لا تصوت في غابة الجزر (قصيدة) / أحمد لمسيح / دار قرطبة للطباعة و النشر



#محمد_هالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوح امرأة (2)
- إبهامات لفقرات متقطعة (8)
- بوح امرأة (1)
- إبهامات لفقرات متقطعة (7)
- إبهامات لفقرات متقطعة (6)
- إبهامات لفقرات متقطعة (5)
- إبهامات لفقرات متقطعة (4)
- إبهامات لفقرات متقطعة (3)
- ابهامات لفقرات متقطعة (2)
- إبهامات لفقرات متقطعة (1)
- صور من واقع مضى ! الصورة : 10
- اشتراكية العالم العربي أم ليبراليته؟
- صور من واقع مضى ! الصورة : 9
- صور من واقع مضى ! الصورة : 8
- صور لواقع مضى ! الصورة: 7
- صور من واقع مضى ! الصورة: 6
- صور من واقع مضى ! الصورة: 5
- صور من واقع مضى ! الصورة: 4
- صور من واقع مضى ! الصورة:3
- صور من واقع مضى ! الصورة:2


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد هالي - ابهامات لفقرات متقطعة (9)