أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - ابراهيم الحصني - بمناسبة الذكرى الأولى لمعتصم الحرية و الكرامة بفم الحصن وجهة نظر حول الحركة الجماهيرية















المزيد.....



بمناسبة الذكرى الأولى لمعتصم الحرية و الكرامة بفم الحصن وجهة نظر حول الحركة الجماهيرية


ابراهيم الحصني

الحوار المتمدن-العدد: 3838 - 2012 / 9 / 2 - 21:44
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


بمناسبة الذكرى الأولى لمعتصم الحرية و الكرامة بفم الحصن
وجهة نظر حول الحركة الجماهيرية

سنة كاملة مرت على معتصم الحرية و الكرامة الذي شيدته الجماهير الشعبية بفم الحصن من أجل مطالبها العادلة و المشروعة، الذي يأتي في سياق النضالات التي يخوضها الشعب المغربي منذ 20 فبراير 2011، ضد كافة السياسات الطبقية المملاة من طرف الإمبريالية و التي يطبقها عملاؤها المحلين بانصياع تام، مستهدفين النزر القليل مما تبقى من مكتسبات هذا الشعب في جميع المستويات، و من أجل بناء مغرب الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية.
و في منطقتنا فم الحصن، لم تشكل الجماهير الشعبية استثناءا بل التحقت بركب المقهورين في هذا الوطن، عبر انخراطها القوي و الواعي في الدينامية النضالية التي خلقتها حركة 20 فبراير كإفراز موضوعي للصراع الطبقي الدائر بين الأقلية المهيمنة و المسيطرة التي تملك كل شيء و بين الأغلبية الساحقة من الجماهير التي لا تملك شيئا. إذ ستعلن الجماهير الكادحة بهذه المنطقة المنكوبة مساندتها لهذه الحركة، و عبرت عن سخطها على النظام اللاوطني، اللاديمقراطي و اللاشعبي القائم بالمغرب، المسبب الرئيسي في التفقير و التهميش و الإقصاء الذي يعاني منه أبناء هذه المنطقة منذ عقود، هكذا سيلبي الآلاف من الكادحين و في طليعتهم الشبيبة و النساء نداء الحركة في جل المحطات النضالية المسطرة من طرفها منذ انبثاقها، عاقدين العزم على مواصلة درب النضال و الصمود حتى تحطيم كافة قيود الاستغلال و الاستبداد.
و بمناسبة مرور عام على هذه المعركة المجيدة، سنحاول تقييمها و تسليط الأضواء على مكتسباتها و أخطائها، و ما صاحبها أيضا من نقاشات و سجالات كطرف فاعل من داخلها. و نحن إذ نستحضر هذه المعركة، نستحضر تلك الخطوة الجبارة التي راكمت من الخبرة و الدروس ما جعلها بحق تصطف في مصاف أعظم محطات نضال الجماهير الشعبية في الآونة الأخيرة، ليس في فم الحصن فقط، و إنما في بلادنا كافة، فعلى قاعدتها تعلم العديد من المناضلين و اغتنت تجربتهم، كما حققت مكتسبات عدة على الصعيد السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي.
إننا في تقييمنا لهذه المعركة لن ننجر أبدا إلى الوسائل الخسيسة التي ينهجها العديد من الانتهازيين في صفوف الحركة التي تفرغ المعركة و الحركة ككل من محتواها الفكري و السياسي. و نؤكد مرة أخرى على حق الجميع في انتقاد الحركة و المعارك النضالية التي خاضتها و في انتقاد المناضلين كذلك، على أساس النقد البناء الذي يخدم الحركة، و ليس النقد الهدام الذي لا يخدم سوى أعداء الحركة.
و سيلاحظ القارئ أننا ركزنا أيضا على عمل الأحزاب بقطبيها المعروفين، لأن المنطقة كباقي مناطق الجنوب المغربي القروية و الشبه القروية تشكل فيها الأحزاب التعبيرات السياسية للأعيان و للسماسرة الشبه الإقطاعيين بمختلف أصنافهم؛ إذ ترتبط مصالح هؤلاء بمصالح التحالف الطبقي المسيطر. و تشكل هذه الطبقة حليفا استراتيجيا للنظام و ركيزته الأساسية للسيطرة على المنطقة وهذا ليس وليد اليوم، كما أن ممارساتها تؤثر بشكل كبير على وعي غالبية الفلاحين الفقراء و الكادحين وذلك بافتعال مختلف النزعات الإنتخابوية و القبلية و العرقية و العنصرية في وسط الطبقات الشعبية لهدف واحد هو التحكم في مصير المنطقة.
و نظرا لموقع الحركة الجماهيرية حاليا ضمن معادلة الصراع تكن لها هذه القوى عداءا سافرا. فهذه الأحزاب مقارنة مع مناطق أخرى من المغرب نجد تأثيرها نسبيا على الجماهير (خاصة في المدن)، أما فيما يخص بلدتنا فتأثيرها يفوق ما يتصور، فهي الآن تشكل للحركة الجماهيرية تناقضا رئيسيا ، لأنها أيادي النظام المباشرة دون اللجوء إلى آليات أخرى للحافظ على مصالحه. وهذا الأمر يكمن في عرقلتها لأية خطوة تعتزم عليها الجماهير كيفما كانت ( ذكرى تخليد معركة أبريل هذا العام. و نضالات قرية أم العلق بأقا حاليا أكبر نموذج. ) بل تجاوزت ممارستها هذا الحد إلى التدخل السافر حتى في مصير جل العائلات و الأسر و تشتيتها، خدمة لمآربهم و أهدافهم التي تلتقي مع الأهداف المباشرة للنظام. أما الطبقة الشبه إقطاعية فتتكون من كبار سماسرة الأراضي و الذي يكمن مصدر عيشهم في تفويتها لصالح كبار الملاكين العقاريين النافذين في جهاز الدولة. وهذا ما ولد تناقضات جديدة، فهذه الأحزاب و سماسرة الأراضي يشكلون اليوم معسكر أعداء الجماهير بفم الحصن. وممارستهم منذ تشييد معتصم أبريل إلى الآن كفيلة بمعرفة هذا الموقع الذي يشغلونه حاليا.
فاستحضارنا لهذه المعركة البطولية في هذه الظرفية الدقيقة التي تجتازها حركتنا، ليس من أجل الاستئناس و تذكر الأطلال، بل من أجل استلهام الدروس و التمعن في واقعنا الحالي لتحديد سبل تجاوزه على قاعدة و أرضية صلبة و متينة. لذا فإن أهم القضايا التي تواجه المناضلين و الجماهير، تكمن في معرفة و استيعاب واقعهم و تحديد مسارات و اتجاهات نضالهم الآني، هذا الأمر المهم الذي مافتئ العديد من الانتهازيين الضيقي الأفق و محترفي الانتخابات و العديد من الاتجاهات المافيوزية تغييبه عن مركز اهتماماتنا و تحريف مساره نحو مستنقعات الخنوع و الانبطاح بوسائل و أساليب مختلفة. لكن الملاحظ الآن : أن حجم الاستعداد الذي أبداه العديد من المناضلين و مقاومتهم و تصديهم للعديد من الأفكار الخاطئة داخل الحركة و محاربتهم للعديد من الافتراءات و الأضاليل التي تستهدف الحركة و مناضليها الشرفاء. يفرض علينا المزيد من اليقظة و الحذر و المزيد من الجرأة و النضال ضد كافة الاتجاهات الانتهازية و التخريبية داخل الحركة، من أجل تصليب عودها و تحقيق كافة مطالبها العادلة و المشروعة.

1 – حــــول معتصـــم الحــــرية و الكـــرامة.

إن معتصم الحرية و الكرامة؛ الذي شيده الحصنيون ناجح بكل المقاييس. إن هذا الأمر يعترف به أعداء الحركة قبل أصدقاؤها، و قد تم تفجير هذه المعركة مباشرة بعد مرور حوالي شهر على المعركة المفتوحة التي خاضتها الجماهير الشعبية على مدى أسبوع ابتدأ في 20 فبراير استجابة لنداء الشباب المغربي في التظاهر و الاحتجاج. من أجل إسقاط الاستبداد و الديكتاتورية على غرار الانتفاضات التي شهدتها تونس و مصر و باقي الأقطار المغاربية و العربية في إطار ما سيعرف فيما بعد بالربيع الديمقراطي، الذي تصنع فيه الشعوب تاريخ الحرية. و يعتبر هذا المعصم امتدادا لهذه المعركة التي عرفت التفافا و انخراطا جماهيريا واسعا.
إذن فما موقع معتصم الحرية و الكرامة سياسيا؟ و ما هي المطالب التي تحققت؟ و ما هي مساهمته في النقاش حول قضايا التحرر؟ إن بطرحنا لهذا النقاش في هذه المرحلة ،و في هذه الظرفية الصعبة من نضال حركتنا، و الذي نأمل أن يخوضه معنا كل المخلصين لقضايا الجماهير. لهو مشعل سينير الطريق أمامنا نحو تحقيق أهدافنا وملفنا المطلبي العادل و المشروع.الذي قدم من أجله كادحو فم الحصن تضحيات جسام التي لا يمكن أن تذهب إلى النفق المظلم. كما أن نقاش المعركة في هذا المستوى، سيضع أمامنا مجموعة من الأساليب و الأشكال النضالية التي تتوافق مع حجم معركتنا النضالية المستمرة.

المكاسب السياسية للمعتصم.

لقد ساهمت معركة الجماهير الشعبية بفم الحصن في تحقيق مكتسبات سياسية هامة جدا. فحجم الدعاية السياسية التي عممتها خطوة المعتصم التي لا يمكن أن لا يلمسها إلا فاقد البصيرة، و هذا ما يتبين في العديد من الشعارات السياسية التي ترددها الجماهير طيلة المعتصم كإسقاط النظام و الاستبداد و محاسبة ناهبي المال العام و مقاطعة مهازل الانتخابات و محاسبة المتورطين في الترامي على أراضي الجموع و محاكمتهم،و إسقاط كافة المتابعات و المحاكمات الصورية التي تطال المناضلين من مختلف الفئات العمرية بفم الحصن. إن انتشار الدعاية السياسية بين أوساط الجماهير بهذه السرعة الفائقة جدا هو انجاز عظيم يعزى بأكمله لحركة 20 فبراير و للمناضلين الثوريين المؤمنين بمبدأ خط الجماهير.
و قد أثبت الحركة الجماهيرية بفم الحصن مرة أخرى للنظام القائم بأنها جزأ لا يتجزأ من نضالات الشعب المغربي ككل، و من موقع المساهمة في مجريات الصراع الطبقي الذي تخوضه الجماهير الشعبية المغربية ضد عدوها الطبقي و أمام شدة الهجوم الذي تشنه الرجعية على الكادحين في مختلف القرى و المدن بالمغرب و التطبيل المفضوح للقوى الإصلاحية و الانتهازية التحريفية لمخططاتها ( خطاب 09 مارس، الإصلاحات السياسية و الدستورية، الانتخابات ...).وقفت الجماهير الحصنية أمام كل هذه المؤامرات التي تحبك ضد الشعب المغربي لتكون معركتها و انتفاضتها المجيدة. إعلانا مباشرا لنهوض حركة جماهيرية رافضة لمسلسل السلم الاجتماعي و التعاون الطبقي، و نهجها لخيار الصراع ضد أعدائها الطبقيين، و بذلك سجلت المنطقة بتضحيات نسائها و شبابها أولى الملاحم النضالية التي شهدتها بلادنا في ضل الحراك النضالي الذي خلقته حركة 20 فبراير بالمغرب.
و من هذا المنطلق، فقد أثبت معتصم الحرية و الكرامة مرة أخرى علاقة النظام القائم بالمغرب كتحالف طبقي مسيطر و تحالف الجماهير الكادحة و المقهورة، بما هي علاقة تناقض مصلحتين و ايديولوجيتين:
فالتحالف الأول : يسعى دائما إلى ابتكار و تطوير إيديولوجيته عبر مخططات و سياسات تصفوية، و عبر القمع و الاعتقال و الاغتيال أثناء فترات النهوض الجماهيري من أجل الحفاظ على الثروة و تأبيد استغلاله للكادحين.
أما التحالف الثاني : يسعى إلى الانعتاق و التحرر من كافة القيود المفروضة من طرف التحالف الأول، و لا يمكن أن يتأتى له ذلك إلا عبر امتلاكه لإيديولوجية طبقية وهي النظرية المادية الدياليكتيكية / النظرية العلمية الوحيدة في الصراع الطبقي، لأن هذا الصراع تحكمه آليات مادية أي لا مجال للتخمينات أو ما شابه ذلك من الأساليب. فهذه المعركة أكدت بالملموس الطريقة البشعة التي يتعاط بها النظام و سفراءه المحليين و أذياله من أحزاب و سماسرة إقطاعيين بالمنطقة مع أبسط مطالب الجماهير، أما من جهة ثانية فقد أرغمت النظام و وكلائه المحليين على التراجع و على مراجعة أوراقهم السياسية، و نهجها لأساليب أخرى أكثر خسة تجاه الحركة و المناضلين و الجماهير( القبلية، التفرقة، الإشاعات، الافتراءات ...) من أجل ضرب الحركة و وقف زحفها، و من جهة ثالثة أكدت أن الصراع حول الملف المطلبي هو صراع سياسي يخضع لمتغيرات سياسية، فالصراع ضد إيديولوجية النظام و حلفائه من أحزاب رجعية و إصلاحية؛ يجب أن تؤطره نظرية سياسية نابعة من هموم و تطلعات الجماهير الشعبية في التحرر و الإنعتاق .
إن استمرار الحركة في خطواتها السياسية، يعكس مستوى الوعي السياسي في صفوف الشباب بالمنطقة، وهذا ما يتبين بشكل جلي في العديد من الأشكال التي دعت إليها الحركة بعد معتصم الحرية و الكرامة، خاصة حملة مقاطعة مهزلة الاستفتاء على الدستور التي عرفت نقاشات واسعة بين الجماهير و استجابت لها مختلف الفئات المشكلة للمجتمع الحصني، هذه الخطوة السياسية الغير المسبوقة في تاريخ المنطقة مهدت الطريق أكثر للمزيد من تعميق الوعي السياسي في صفوف الجماهير، بعد سنوات من التخدير و التدجين من طرف النظام و أجهزته الإيديولوجية و السياسية، هذه الدعاية المكثفة استطاع الشباب المناضل تجسيدها في مختلف الدواوير و البوادي المحيطة بالمنطقة في كل من إشت و تمانارت ، لتكون بعد ذلك محطة الانتخابات التي عرفتها بلادنا يوم 25 نونبر 2011 مناسبة أخرى لإبراز مواقفنا بشكل مباشر و مع الجماهير حول هذه المهزلة التي يريد النظام من خلالها التنفيس عن أزمته، هذا الموعد لم تتخلف عنه الحركة بفم الحصن بل جسدت مواقفها التحررية بأشكال دعائية و تحريضية أكثر رقيا و احتلالها لجل المواقع الدعائية بالمنطقة طيلة الحملةالإنتخابية التي كانت الأحزاب تستغلها في السابق من أجل تخدير و تزييف وعي الجماهير، فحجم المقاطعة في صفوف الشباب و النساء أكدت للكل أن الجماهير الشعبية بالمنطقة فاقدة للثقة في صفوف الأحزاب الرجعية و أنها لا مناص من تخليص نفسها من كافة القيود المكبلة لأيديها من أجل مواصلة دربها النضالي حتى تحقيق مجتمع الديمقراطية و الحرية و العدالة الاجتماعية.
كما فتحت خطوة المعتصم كشكل أرقى في المجابهة المباشرة مع النظام. الطريق أمام الكادحين بالمنطقة لترسيخ ثقافة النضال و الاحتجاج على أبسط مطالبهم المشروعة، بعد أن كان في السابق من بين المحرمات، فاعتصام أولياء تلاميذ مدشر "تنزيضا" في بداية الموسم الدراسي الحالي أمام مجموعة مدارس إمي أوكادير من أجل حق أبنائهم في التعليم دليل ساطع على هذا القول.
و يشكل الحراك السياسي الذي خلقه معتصم أبريل من العام الماضي خلال هذه المرحلة بفم الحصن، مكسبا مهما بين في العمق عدم جدوى كافة الطروحات الاستسلامية و الانتهازية، التي طالما كبلت أيادي الجماهير الحصنية منذ عقود، فهذه المكاسب يجب العمل على المزيد من تعميقها و تطويرها.

المكاسب الاجتماعية للمعتصم.

إن معتصم أبريل هذا الشكل النضالي الغير المسبوق في تاريخ المنطقة، قد حقق مكاسب اجتماعية هامة جدا. و هنا أريد أن أفتح قوسا أن نجاح مثل هذه المعارك الجماهيرية؛ يجب أن يكون موازيا بتحقيق المطالب الجزئية ( الاقتصادية و الاجتماعية ) فالنضال الاقتصادي لا يمكن أن نستهين بأهميته، يجب أن نستحضره دائما ضمن اهتماماتنا، من خلال العمل على تحسين وضعية الجماهير الاقتصادية و الاجتماعية و ربطه بالهدف الأسمى و هو التحرر من كل السياسات الاقتصادية و الاجتماعية التصفوية التي ينهجها النظام التبعي القائم بالمغرب، فالأسباب الحقيقية لتدهور المصالح الاقتصادية و الاجتماعية لأبناء هذه المنطقة عكس ما تروجه أجهزة النظام و وكلاءه المحليين و الموالين لهم، من كونه نتيجة لطبيعة المنطقة القاحلة التي لا تتوفر على مختلف الوحدات الإنتاجية، وارتفاع أسعار البترول و المواد الأولية فهو راجع لأسباب عدة، تتمظهر محليا من خلال:
- تخلي الدولة عن دعم أثمان مواد الاستهلاك الأساسية و تركها مجالا للمنافسة و الاحتكار مما انعكس سلبا على الأوضاع المعيشية للأغلبية الساحقة من ساكنة هذه المناطق.
- إغلاق واد درعة في وجه الفلاحين الذي يشكل مصدرا لعيش أغلبية الساكنة، منذ اندلاع الحرب في الصحراء الغربية نظرا لارتباط هذه المنطقة بإستراتيجية النظام العسكرية في منطقة الجنوب، دون تعويضهم عن الخسائر و الأضرار التي لحقت بهم.
- تهميش الفلاحة المعيشة، و عدم تمكين الفلاحين و الكسابة من الدعم من طرف مؤسسات الدولة المعنية بهذا القطاع.
- استمرار الترامي على أراضي الجموع و تفويتها بأبخس الأثمان و تركها عرضة للسماسرة الإقطاعيين و المضاربين العقاريين المحليين و الأجانب.
- النهب اليومي لجيوب الفلاحين، و المهمشين و صغار الموظفين. من طرف مؤسسة الأمانة للقروض الصغرى نتيجة ارتفاع الطلب على الاستدانة مما انعكس سلبا على الأوضاع المعيشية لغالبية الساكنة.
- الإقصاءات المتتالية و الممنهجة لمعطلي المنطقة من كافة عمليات التوظيف المباشر الخاصة بالأقاليم الصحراوية.
- تدمير قطاعات اجتماعية عديدة التعليم، الصحة ،السكن ...
- سن سياسة المحسوبية و الزبونية في توزيع بطائق الإنعاش المخصصة للساكنة.
- نهب الميزانيات العمومية خاصة ميزانيات الأوراش العمومية، المؤسسات التعليمية و الجماعة المحلية.
هذه بعض الأسباب لا الحصر التي أدت إلى تدهور الأوضاع الاجتماعية للجماهير الكادحة بالمنطقة، إنها سياسات لا وطنية،لا ديمقراطية و لا شعبية ينهجها النظام في مختلف ربوع المغرب، لذا فالجماهير الحصنية من خلال معركتها ناضلت باستماتة من أجل تحسين أوضاعها و تحصين مكتسباتها و انتزاع مكتسبات جديدة في كافة الميادين ( التشغيل، التعليم، الصحة ... ). بل نجحت إلى حد ما في التصدي للعديد من المؤامرات التي تستهدف الإقبار الكلي لهذه المكتسبات. و ما لا يمكن أن نتجاهله أن حركتنا لا زالت في موقع الدفاع عن المكتسبات التاريخية التي حققها الشعب المغربي في محطات خالدة، كما أن هذه المطالب و غيرها لن تتحقق إلا بعد الهجوم على الرجعية و دك أركانها، و هذا الأمر لن يتحقق إلا بالنضال المستميت و المنظم و الواعي للجماهير الشعبية بأساليب تنطلق منها و تعود إليها، و بأساليب تعتمد الديمقراطية مبدءا و ممارسة و تشكل الحركة الجماهيرية محليا في صيغتها الحالية البعيدة عن تأثير مختلف القوى الرجعية إحدى أدواتها.
و الآن ننتقل إلى مستوى آخر من نقاشنا، و الذي يتعلق برصد أهم الخلافات التي ميزت معتصم الحرية و الكرامة كما يحلو لبعض المناضلين تسميتها، هذه الاختلافات و الصراعات في الرؤى و المواقف سنحاول رصدها و تسليط النقد عليها و ذلك من أجل تطوير المسائل الايجابية و إزاحة المسائل السلبية منها، فلا حركة بدون صراع هذه حقيقة موضوعية سواء أعجبتنا أم لا.

2 – حول الخلافات داخل معتصم الحرية و الكرامة.

هنا نريد أن نفتح باب النقاش على مصراعيه حول أهم الخلافات و النقاشات، التي ميزت معتصم الحرية و الكرامة بفم الحصن منذ انطلاقه، و ما خلفه من ردود الأفعال التي تجاوزت المعركة بكثير في العديد من المستويات. إن هذا الواقع أي حجم الصراعات الفكرية والسياسية داخل هذه المعركة لا يمكن لأحد أن ينكرها، و لا يمكن لنا أن نفسرها لا بالصدفة و لا بأخطاء بعض الأشخاص ولا حتى بتأثير الخصائص و أعراف المنطقة ... فلا بد أن تكون ثمة أسباب جوهرية هي المتحكمة في مثل هذه الأمور، و من بين الأسباب التي تولد خلافات دورية داخل الحركة هي نمو الحركة بالذات، لكن هنا لابد لنا من التمييز بين نوعيين من هذه الاختلافات.
فهناك اختلافات مبدئية وهي التي تهم تطوير الحركة، ومن هذا الجانب لابد لأي حركة مناضلة من انتقاد أخطائها و ممارستها، و التي تنبني على النقد و النقد الذاتي و الممارسة السياسية المبدئية التي تصب في هموم و تطلعات الجماهير و الصراع المبدئي المسؤول حول القضايا الحيوية للجماهير، هذا الصراع الذي لا غنى عنه لأية حركة جماهيرية شعبية تسعى إلى التغيير بوجه عام.
أما الخلافات غير المبدئية فهي شيء آخر، فهي الخلافات المبنية على الخبث و المكر و الخداع، و هذه الممارسات من شيم الانتهازيين، باعتماد أساليب بذيئة في الصراع الفكري و السياسي هذه الممارسات لا تسعى إلا لهدم الحركة و تقوية موقع أعدائها في صفوف الجماهير، و طريقة تعامل الثوريين مع هذه الممارسات واضحة وهي الفضح و التشهير و عزلها أمام الجماهير بكافة الطرق و الوسائل المشروعة.

* رؤيتان لمعركة 20 فبراير و آفاقها.

إذا رجعنا إلى مجمل النقاشات و الأفكار بعيد نهاية المعركة الأولى التي ابتدأت في 20 فبراير و قبيل بداية معركة المعتصم؛ سنجد صراعا ضاريا حول المعركة و آفاقها فجل المناضلين يتذكرون هذا جيدا، و إذا قمنا بمراجعة أوراقنا و تذكرنا جيدا السؤال المطروح على جدول أعمال الحركة وهو نقطة آفاق المعركة. و هل ستتواصل أم سيتم تعليقها؟ في اجتماع 02 مارس 2011 بخصوص التقييم الجزئي لهذه المعركة سنجد موقفيين و رؤيتين مختلفتين داخل الحركة.
- الموقف الأول : انتهازي، و الانتهازية هنا لا نقصد بها أشخاص بعينهم حتى لا يسيء فهمنا، إنما الانتهازية في مفهومها السياسي الذي يعني تغليب مصالح الأقلية على مصالح الأغلبية الساحقة من الجماهير، و أكثر تحديدا تغليب مصالح الاتجاه السياسي على مصالح الحركة.إن هذا الاتجاه يقف أمام إرادة الجماهير في مواصلة المعركة و الكل يتذكر هذا جيدا!. إن أصحاب هذا الموقف الذي يؤكد على ضرورة تعليق المعركة النضالية بمبررات واهية كعدم التصعيد مخافة تدخل قوى القمع، لأن القمع في نظرهم سيجتث الحركة!!. هذا الموقف لا يمكن تفسيره إلا بالخوف من مبادرة الجماهير، و من أجل تلجيم الحركة يصرخون و يهللون بالمكاسب المحققة، أي فتات بطائق الإنعاش!!!.لكن سرعان ما ستكتشف الجماهير بمعية المناضلين المبدئيين المغزى و الهدف من هذه المؤامرة، فهذه البطائق لم تعد بطائق الإنعاش و إنما تندرج في إطار ما يسمى في تلك الفترة ب"البرنامج الوطني لمحاربة الأكياس البلاستيكية"!!!!. لكن الغريب في الأمر أن لجنة الحوار مع العامل لم تصرح بهذا الأمر، بل تعمدت مراوغة الجماهير باعتبارها لاستفادة النساء في تلك الفترة من هذا البرنامج بمثابة مكسب 20 بطاقة إنعاش.!!! رغم أن العامل نفسه صرح للجنة بأن المستفيدات من هذه العملية لم تتعلق استفادتهن منها بأوراش العمل في إطار الإنعاش الوطني، و إنما بالبرنامج المذكور. لكن الهدف من كل هذه الأكاذيب هو القول بأن المعركة حققت مكتسبات مادية للجماهير من أجل تعليق المعركة لا أقل و لا أكثر.
ليتم بالفعل تعليق المعركة بعد أسبوع من 20 فبراير، لكن ستبقى أبرز الإشكالات التي طرحتها تلك المعركة عالقة، سواء في ما يتعلق بالإشكالات الذاتية للحركة و بإشكالات الجماهير، لتكون هذه المعركة مناسبة لتعميق النقاش الجماهيري حول مجمل الإشكالات الذاتية و الموضوعية التي تتخبط فيها الحركة من أجل إخراجها من النفق المسدود الذي وصلت إليه بعد معركة 20 فبراير.
- الموقف الثاني : موقف كفاحي جسده مجموعة من المناضلين التقدميين الطلبة، حيث اعتبروا أن المطالب الأساسية للجماهير لم تتحق بعد، و أن العمل الدعائي و التحريضي في صفوف الجماهير لا يجب أن يقتصر فقط على المطالب المادية رغم أهميتها، و إنما العمل على ربط هذه المعركة بالمعركة السياسية التي دخل في الشعب المغربي منذ انطلاق ملحمة 20 فبراير، منتقدين رأي أصحابنا عن تقديسهم للمطالب الاقتصادية و لبطائق الإنعاش في صفوف الحركة. إذ لا يعقل أن لا يتضمن الملف المطلبي لمعركة بحجم معركة 20 فبراير نقطة واحدة تتعلق بالمطالب الديمقراطية التي تم تغييبها بشكل كلي فأبسط تلك المطالب لم يتم إدراجها في الملف المطلبي لتلك المعركة كمطلب إسقاط المحاكمات و المتابعات الصورية التي يتعرض لها أبناء المنطقة و التي مصدرها الرئيسي الباشا السابق(!!). مؤكدين أن التركيز على هذه المطالب(الإقتصادية) فقط دون غيرها من المطالب السياسية سيجر الحركة إلى السقوط في مستنقع الأحزاب الرجعية و مافيا العقار المحلية، التي تحاول جاهدة إيجاد موطأ قدم و منفذ وسط الحركة، التي ما فتئت تظهر طيلة المعركة بمظهر المدافع عن المصالح الاقتصادية و الاجتماعية للجماهير الشعبية خدمة لمآربهم الشخصية و تقديم خدمات جليلة للنظام عبر احتواء الحركة و وقفها.
إن موقف مواصلة المعركة الذي عبرنا عنه، لم يكن نابعا من مواصلة المعركة من أجل المعركة كما يتهموننا، و إنما نابع من قناعة راسخة لا يمكن لأي ثوري أن يجادل في صحتها و هي ضرورة تنظيم الجماهير الشعبية و رص صفوفها لمواجهة أعدائها الطبقيين من نظام و وكلائه المحليين، و أحزاب رجعية بأقطابها المعروفة محليا ( الإتحاد الاشتراكي، حزب الاستقلال، العدالة و التنمية). و مافيا العقار التي تنهب ليل نهار في الأراضي السلالية و أراضي الفلاحين الفقراء.
أما في ما يخص المسألة التنظيمية، فكان لموقف الاتجاه الأول أفكارا خاطئة في هذه المسألة، و التي تصب كلها في تقديس واقع العفوية الذي تعاني منها الحركة الجماهيرية الحصنية منذ عقود. فمازالت هذه المسألة لحدود اليوم تشكل إحدى الإشكالات الرئيسية التي تعاني منها الحركة و هي محط صراع بين مختلف الاتجاهات داخلها.
فموقف السادة ذو توجه فوضوي في المسألة التنظيمية رغم تبجحهم بالتنظيم و بالأشكال الديمقراطية في التقرير و التسيير، أما في بعض الأحيان خصوصا عند فترات تقدم الحركة بخطوات جبارة إلى الأمام يتراجعون عن هذا الرأي، و لم يعودوا يعترفون بأي تنظيم، و يرددون بان الجموعات العامة و بحضور الساكنة هي التي تقرر و تحسم كل شيء متجاهلين دور المناضلين و لجانهم. هذا هو حال هؤلاء التذبذب و عدم التبات في المواقف و الأطروحات.
إن التنظيم في رأينا ليس فقط مسألة جموعات عامة أو اجتماعات اللجان. التي لا يجادل أحد في أنها احدى أشكال ممارسة الديمقراطية الشعبية، و التنظيم ليس مسألة تقنية و ميكانيكية.
إن التنظيم في اعتقادنا يعتبر شكل التوسط بين النظرية و الممارسة، و يعكس المضمون الفكري و السياسي للحركة ككل. إذ لا يمكن للحركة تنزيل أفكارها إلى أرض الواقع إلا بواسطة التنظيم و إشراك الجماهير لتتحمل مسؤوليتها في الدفاع عن توجهات الحركة و الدفاع أيضا عن مصالحها الطبقية التي تجسدها الحركة على أرضية الممارسة العملية بواسطة التنظيم المحكم و ببرنامج يكثف مهامها. لكن السؤال المطروح هنا هو أي تنظيم نريد للحركة الجماهيرية بفم الحصن؟؟ و هذا ما سنجيب عنه لاحقا.

* نظرتان حول المعتصم.

و لنعد الآن إلى تحليل أبرز المواقف التي عبر عنها " أصدقاؤنا " قبل بداية معركة المعتصم و خلال المعركة ذاتها، و ذلك من أجل كشف ممارستهم الانتهازية داخل الحركة.
لقد لاحظ مناضلو حركة 20 فبراير منذ الاجتماعات الأولى و الجموعات العامة الترتيبية لهذه المعركة ارتباك و تردد هؤلاء، انسجاما مع موقفهم منذ المعركة الأولى نصب الخيام أكبر دليل على ذلك !!. و الحقيقة الموضوعية التي لا يستطيع أحد إنكارها، أن سادتنا "الثوريون" كانوا قبل بداية المعتصم يعارضون فكرة نصب الخيام جملة و تفصيلا ( فالمرجو من أراد الإطلاع أكثر أن ينظر إلى تقارير تلك الجموعات العامة ) اللهم إذا استثنينا بعض المقترحات الملتبسة و التي تنصب كلها في اتجاه موقفهم الرافض للفكرة أصلا.
إن معارضتهم و وقوفهم أمام رأي تشييد المعتصم و أمام المبادرة الجماهيرية التي تنادي بتفعيل هذه الخطوة، لا ينبني على أية أسس موضوعية و إنما تم بنفس التبريرات التي عبروا عنها سابقا في الجمع العام التقريري في أفق المعركة الأولى التي سبقت معتصم الحرية و الكرامة. إن شعارهم في جل الجموعات العامة و الاجتماعات التقريرية التي عقدتها الحركة خلال أسابيع قبل انطلاق المخيم في 14 ابريل 2011 هو شعار: لا للخيام (!!) لا للمعتصم (!!). فقط سنكتفي بمسيرات الكاسرونة و الكاميلة! و مسيرات الشموع! و مسيرات الإنذار و الطرد!. و ما يجب أن يعلمه كافة المناضلين و الرفاق تمام العلم. أننا لا ننتقص من قيمة هذه الأشكال، هذا ما عبرنا عنه أمام الجماهير و هو ما أكدت التجربة على صحته، لكن ذاك الظرف و تلك المرحلة من نضال حركتنا قد تجاوز مثل هذه الأشكال، التي ليست في آخر المطاف سوى و سائل لبلوغ غاية معينة و هي تحقيق الملف المطلبي و الضغط على سفراء النظام محليا. يجب علينا إبداع أشكال جديدة في الاحتجاج، مثل نصب الخيام و الدخول في معتصم مفتوح. تلك هي إجابتنا و طرحنا فيما يخص الشكل التصعيدي، الذي تجاوبت معه الجماهير دون تردد و نفذته ببسالة و بين صحة موقفنا و طرحنا.
إن رأي أصدقاؤنا الذي تجاوزته الجماهير، يكشف بكل وضوح ممارستهم الدنيئة وسط الحركة. و يبين بالملموس الأهداف الخسيسة التي يرمي إليها هؤلاء طيلة المعركة. كما بينت هذه الخطوة نذالة و وضاعة الأساليب التي يعتمدها الانتهازيين المتسترة بالجمل الثورية الرنانة و الفارغة. ضد الحركة وضد الجماهير و ضد المناضلين الثوريين الحقيقيين. فخوفهم من المعتصم (بالخيام) نعرف جيدا خلفياته خاصة بعد صدور قرار منع التظاهر و الإعتصام بالخيام من طرف وزارة الداخلية بعد أحداث مخيم أكديم إزيك بالعيون. هذا الخوف و التردد يبررونه بالعديد من الترهات و الأساليب البائدة، و إذا تذكرنا مداخلاتهم سنجدها مفعمة بالغباء و لا يمكن أن تقنع أحدا، إلا ذوي النفوس المريضة. إن فكرة المعتصم بالخيام تثير حفيظة النساء اللائي يشكلن العمود الفقري للحركة الجماهيرية بفم الحصن!!!. هذا الصراخ يعكس مضمون الممارسة الانتهازية الملازمة لهم في مجالات عدة. إن هذا التبرير البئيس الذي قدموه لرفض المعتصم، مجانب للصواب و يثير الشفقة. إن هذا الشكل في البداية لم تستحسنه الجماهير خاصة النساء، و لكن إذا تناولنا المسألة من زاوية المستقبل، سنجد تفاهة موقفهم و تقديسهم الأعمى لعفوية الجماهير إلى أقصى حد. صحيح أن شكل المخيم شكل غير مألوف لدى الجماهير الحصنية، ليس عند النساء و الشباب فحسب، بل حتى عند المناضلين كذاك.
لكن ما هو دورنا كمناضلين واعيين؟؟ لا أعتقد أن أي مناضل يقول عن نفسه ثوري سيجادل في هذه الحقيقة، أن دور المناضلين في الدفع و في تأطير مثل هذه الخطوات ضروري، لأن الحركة ستجني منه العديد من المسائل الإيجابية، و لا يمكن أن يستنتج هذا إلا المناضل الواعي بمستقبل الحركة الجماهيرية بالمنطقة. و أهم هذه المسائل هي كسر الخوف، و تعليم الجماهير أساليب راقية في خوض الصراع ضد أعدائها الطبقيين، و تربيتها على الصمود في أحلك الظروف. لأن الجماهير كما يقول لينين: تتعلم في أوقات الصراع و الحرب أكثر مما تتعلمه في أوقات السلم. إن تجربة الجماهير ستزداد غنى في خوضها للأشكال التصعيدية و من بينها تشييد المخيم، خصوصا في هذه المرحلة المتقدمة من النضال الجماهيري في المنطقة و المرتبط أساسا بالنهوض الجماهيري العارم الذي تعرفه جل مناطق المغرب بعد 20 فبراير.
نحن لا نقدس شكل المعتصم كما يزعمون ضدنا، و إنما نراه مناسبا لتلك المرحلة كوسيلة و ليس غاية في الصراع ضد سفراء النظام و الأحزاب الرجعية و الإقطاع بالمنطقة. إن غايتنا و غاية العديد من المناضلين المكافحين ليس نصب الخيام و كفى. بل تعليم الجماهير الحصنية وسائل أكثر كفاحية في خوض الصراع السياسي مع ممثلي النظام و الأحزاب الرجعية و ضد الإقطاعيين الأشرار المحليين، لأن الوقفات و المسيرات في تلك المرحلة من نضالنا قد تجاوزتها حركة الجماهير.
و مباشرة بعد نصب الخيام لمدة يومين إنذارين 14 و 15 أبريل كتكيتك حفاظا على وحدة الحركة، لا نأمل منه سوى محاربة كافة الأفكار الخاطئة حول هذا الشكل في صفوف الجماهير خصوصا و أن هذه الخطوة لقيت معارضة شرسة من طرف أصدقائنا !!. تم بعد ذلك ستقرر الجماهير تمديده ليومين إضافيين، و مباشرة بعد تدخل القمع في 17 ابريل ستقرر الحركة جعله مخيما مفتوحا إلى حين قدوم الوالي من أجل الحوار على أرضية الملف المطلبي العادل و المشروع.
إن هذا العمل الجبار الذي قامت به الجماهير بمعية مناضلي الحركة، و محاربة كافة الأفكار الخاطئة و الصبيانية في صفوفها، حعلها تصمد في أحلك الظروف التي مر منها المعتصم و مقاومتها وتصديها المشروع للقمع بعد تدخله الوحشي و الهمجي في حق المعتصمين العزل في جنح الظلام يوم 17 أبريل من العام الماضي. حيث استمرت المواجهة زهاء 05 ساعات سيلقن فيها الشباب الحصني لفيالق النظام القائم درسا عسكريا لن ينساه و سيظل يتذكره دائما.
كما شهد المعتصم بعد ذلك تنوعا في الأشكال النضالية من مسيرات، استقبال القوافل التضامنية من كافة المناطق المجاورة طاطا، بوزكارن، آسا إيفني، أقا إضافة إلى قطع الطريق و غيرها من الأشكال النضالية. و بعد نقاش طويل في مستويات عدة سيتم الدخول لأول مرة على مستوى الجهة في حوار مع والي جهة كلميم السمارة بمدينة كلميم يوم 27/04/2011 في جمع عام تقريري حضره أغلب المناضلون يوم 25/04/2011 مباشرة بعد ذلك سيتم تعليق المعركة في 29/04/2011 لتتشكل لجنة متابعة ردود الحوار مع الولاية يوم 30/04/2011.
هنا سيلاحظ القارئ، أننا تعمدنا سرد أحداث مخيم الحرية و الكرامة بشكل موجز و بهذه الشاكلة حتى نهيء أنفسنا لمرحلة مهمة و هي تحليل و كشف العديد من الحقائق التي كانت مبهمة بالنسبة للعديد من المناضلين و التي يعتبرون الصراع حولها مجرد ترف فكري و صراع فصائلي إلخ. وهنا نشير إلى مسألة مهمة وهي أن المناضلين و الثوريين بشكل عام لا يدخلون لأي صراع من أجل الصراع فقط كما يبدوا للبعض.
إن الصراع حول موقف أو مجموعة من المواقف و الأفكار و الرؤى ليس رغبة ذاتية عند هذا المناضل أو ذاك، و إنما له شروطه الموضوعية التي تفرزه، إن كل صراع فكري و سياسي هو صراع طبقي يعبر عن المصالح الطبقية المتناقضة. و هنا أتذكر طرح أحد المناضلين المبدئيين بحسن النية عندما أبدى بملاحظة حول ما يجري داخل الحركة فقال و له الحق في ذلك : " أن الصراع الدائر حاليا وسط الحركة ليس بصراع بين البرجوازية و نقيضها" بل ذهب أبعد من ذلك فواصل قوله: " لا يوجد أي برجوازي و لا لأي مالك لضيعة زراعية بين هؤلاء الرفاق المتصارعون كلهم من أبناء الفقراء و الكادحين"!!. هذا صحيح تماما. أما البعض ممن يفهمون في السياسة يصفون هذا الوضع بالصراع الفصائلي داخل الجامعة !!. وهناك من يريد أن يستغل هذا الوضع خصوصا محترفي الانتخابات و سماسرة أراضي الجموع من أجل زرع سمومهم وسط الحركة و الجماهير و تدجينهم بالعديد من الترهات و الأضاليل التي تخدم مصالحهم و مآربهم المافيوزية.
لكن علينا أيها الرفاق التمييز جيدا بين مختلف الأفكار و المواقف المطروحة، و التمييز جيدا بين من يتعاط بمبدئية مع القضايا والإشكالات الحقيقية للجماهير و بين من يتعاط بخبث و لا مبدئية مع القضايا الحيوية للجماهير. وعلينا كذلك أن نميز جيدا بين الموقع الطبقي الذي ننتمي إليه جميعا ( كلنا أبناء الكادحين) و بين الموقف الطبقي الذي نتبناه و نجسده على أرضية الممارسة العملية، فليس كل كادح يعبر بالضرورة عن مصالح الكادحين داخل أي حركة كيفما كانت، و داخل حركتنا هناك كادحين يعبرون فعلا عن مصالح و تطلعات الطبقة الكادحة، و هناك من الكادحين من يعبر عن مصالح البرجوازية الصغرى، و هناك من يعبر داخل حركتنا اليوم عن إيديولوجية الأحزاب الرجعية، و هناك من يعبر عن مصالح سماسرة الأراضي الإقطاعيين الذين ينهبون الأراضي السلالية، هذا واقع لا يمكننا أن ننكره. فبتأثير من الأفكار البرجوازية و البرجوازية الصغرى و الإقطاعية السائدة وسط المجتمع هناك من سيعبر بوعي زائف عن هذه الإيديولوجية أو تلك و يوهم نفسه بأنه يعبر عن مصالح الساكنة الحصنية.
ما يجب أن يستوعبه الرفاق و جميع المناضلين أن تضاد الأفكار المختلفة و الصراع فيما بينها ينشأ على الدوام ليس في حركتنا فقط، و إنما في كافة الحركات الجماهيرية و غير الجماهيرية ، و أن هذا الصراع يعكس التناقضات بين مختلف الطبقات في المجتمع، و يعكس كذلك الصراع بين القديم البالي و الجديد النامي. و المسألة التي ليس فيها أدنى شك إلا لذوي العقول المتفسخة أن حياة الحركة ستتوقف إذا خلت من هذه التناقضات و الصراعات. لكن يجب علينا كمناضلين أن نستوعب طبيعة هذه التناقضات و كيفية حلها حلا سليما، هذا الموضوع سنتناوله في مقال خاص.
و الآن ننتقل إلى جانب آخر في نقاشنا لهذه المعركة البطولية التي تعد انجازا عظيما لحركتنا و لأبناء منطقتنا الذين أتبثوا جدارتهم و صمودهم في وجه الطغيان و تسلط النظام اللاوطني، اللاديمقراطي، و اللاشعبي القائم إذ بينت معركتنا حجم الطاقات النضالية التي تختزنها هذه البلدة ( نساء، تلاميذ، طلبة، معطلون ...) التي يجب العمل على استثمارها وتنظيمها و تسليحها برؤية للمستقبل، فما هي دروس هذه المعركة ومضمونها؟.

3 – دروس معتصم الحرية و الكرامة و مضمونها.

تعد معركة معتصم الحرية و الكرامة من أعظم انجازات الجماهير الشعبية بفم الحصن، فعلى ضوء هذه المعركة استطاعت أن تثبت مرة أخرى أنها مستعدة للنضال ضد كافة أعدائها الطبقيين و الدفاع عن مصالحها الآنية و الإستراتيجية.
و لفهم دروس هذه المعركة لابد لنا من استيعاب أهم المراحل الأساسية التي مر منها المعتصم الذي شهد بدوره مجموعة من الانعطافات الهامة التي ساهمت بشكل أو بآخر في تطوره و نجاحه.
من هذا المنطلق، يمكن لنا أن نميز بين ثلاثة مراحل أساسية، إذ تتميز كل مرحلة بمميزاتها الخاصة، تجعلنا نستنتج أهم الدروس و استيعاب مكامن الضعف و القوة داخل حركتنا، و تبين كذلك مهامنا في ضل الوضع الحالي الذي تعرفه الحركة الجماهيرية بالمنطقة.

المرحــــــــلة الأولـــــــــــى:

تمتد ما بين 14 أبريل إلى حدود يوم المواجهة البطولية مع فيالق القمع في 17 أبريل 2011. و تتميز هذه المرحلة بتثبيت مجموعة من الأفكار لدى الجماهير، و هي استمرار للأشكال التعبوية التي سبقت إعلان المعتصم. فالعمل النضالي في هذه المرحلة ركز أساسا على:
- التعريف بحركة 20 فبراير و مطالبها الأساسية. و التعريف كذلك بالانتفاضات التي شهدتها العديد من الأقطار المغاربية و العربية ضد الديكتاتورية و الرجعية بشتى صنوفها.
- فضح السياسات التي ينهجها النظام القائم بالمغرب التي تزج بالغالبية العظمى من أبناء هذا الوطن في براثن البؤس و الاستغلال.
- فضح و تعرية كافة مظاهر خنق الحريات النقابية و السياسية التي تتجلى في قمع أبسط التحركات النضالية للجماهير الشعبة بكل فئاتها عبر كل المدن و القرى بالمغرب.
- التعريف بشهداء حركة 20 فبراير و معتقليها السياسيين، و معتقلي باقي الحركات التقدمية و الديمقراطية عبر ربوع هذا الوطن.
وفي سياق الدينامكية النضالية التي انخرطت فيها المنطقة، و إضافة إلى المطالب المرفوعة من طرف الحركة على المستوى الوطني، سيتم التركيز كذلك على المطالب الاجتماعية لأبناء المنطقة، و فضح تردي و تدهور الخدمات الاجتماعية العمومية لأبنائها من تطبيب، تعليم، شغل، سكن ... لذا ستطرح الجماهير الشعبية بفم الحصن لأول مرة ملفها المطلبي المحلي في صيغة المطالب الديمقراطية و المطالب المادية، و هذا ينم عن وعي الحركة بدورها في الصراع الدائر بين التحالف الطبقي المسيطر و التحالف الشعبي.
و قد شكل التلاميذ و الطلبة و المعطلون و النساء، القوة الأساسية و العمود الفقري للحركة. حيث أبان الشباب عن كفاحهم و دورهم الحقيقي كشبيبة ثورية داخل الحركة، مما يطرح علينا مهام جسام تكمن في العمل على بناء حركة تلاميذية تقدمية صامدة و مناضلة، و بناء حركة نسائية شعبية راسخة جماهيريا، و توحيد كافة معطلي المنطقة داخل إطارهم التاريخي الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، هذه القطاعات هي التي تشكل تاريخيا الروافد الأساسية للنضال الجماهيري بالمنطقة. فبدون تنظيمها و تقويتها لا يمكن للحركة الجماهيرية بمنطقتنا أن تضطلع بمهامها.

المرحـــــــــلة الثانيـــــــــــــة:

تمتد هذه المرحلة من يوم المواجهة إلى حدود الحوار مع الوالي يوم 27 أبريل 2011، و تتميز بدخول المعتصم في منعطف جديد و تتجلى أبرز معالمه في:
صمود الجماهير الشعبية و ارتفاع معنوياتها بعد هزيمة فيالق القمع، مما دفع ساكنة المنطقة بالمزيد من التشبث بمطالبها، كما أخدت الجماهير و معها حركة 20 فبراير محليا موقعا متقدما في الصراع على المستوى الوطني، كما توسعت قاعدة الحركة و وحدتها على أرضية مطالبها الديمقراطية و المادية المسطرة في الملف المطلبي، و قد جاء هذا في الظرفية التي طرح فيها النظام مهزلة التعديلات الدستورية و تشكيل ما يسمى ب"اللجنة الملكية المكلفة بتعديل الدستور" بزعامة المنوني، و في ضل تردد القوى الإصلاحية داخل الحركة على المستوى الوطني.
كما أخد شعار الأرض في هذه المرحلة موقع الصدارة ضد جشع الإقطاعيين و السماسرة المحليين و الأجانب عبر المطالبة بمحاسبة كافة المتورطين في الترامي على أراضي المنطقة، و وقف كافة محاولات تحفيظها، نتيجة اشتداد حملة النهب التي تتعرض لها أراضي الجموع و أراضي الفلاحين الفقراء و باقي الكادحين من طرف مافيا العقار المعروفة بالمنطقة.
في هذه الفترة خطت الحركة الجماهيرية الحصنية خطوات جبارة إلى الأمام و يعني فيها كل يوم أكثر مما يعنيه في الفترات السابقة، و كنتيجة حتمية لنمو الحركة ستتعرض للعديد من الهجومات من طرف الأحزاب و أذيالهم من الإقطاعيين و السماسرة، بل أكثر من ذلك سيبذل هؤلاء المخربون كافة جهودهم من أجل تصفية الحركة و وقف زحفها المتواصل و احتوائها بجميع الوسائل تماشيا مع طبيعتهم العدائية لكل ما هو نضالي بالمنطقة. و هذا ما يؤكد مرة أخرى أنهم حاليا أعداء حقيقيون للحركة الجماهيرية.
و لكي لا يكون هذا الكلام مجانيا سندرج هنا العديد من الحقائق: ففي يوم 19/04/2011 سيصدر بيان موقع من طرف الإطارات المحلية. و الغرض من هذا البيان هو التنفيس عن أزمة هذه الإطارات الغارقة في الرجعية و الانتهازية و العمل التنموي من رأسها إلى أخمص قدميها، فقد أكدت هذه المعركة إفلاس طروحات هاته الأحزاب و إفلاس سياسة المشاريع التنموية لبعض الجمعيات التي تهدف إلى تخبيل وعي الجماهير و تزييفه. وقد استغلت هذه المعركة للظهور بمظهر المدافع عن مصالح الجماهير الشعبية، لكن في الحقيقة لا تدافع إلا عن مآربها الخسيسة و مصالحها الانتهازية الضيقة.
أما بعض النقابات الإقليمية و هنا نستثني طبعا بعض النقابيين المخلصين من رجال التعليم، رائحة الانتهازية داخل هذه النقابات تزكم الأنوف. فشأنها شأن باقي الإطارات فلم تستطع هذه النقابات تنظيم صفوفها و الدفاع عن مصالح منخرطيها. فما بالك بالدفاع عن مصالح و مطالب الجماهير الحصنية التي دخلت في معتصم الحرية و الكرامة كشكل أرقى في خوض الصراع ضد جميع الأعداء بالمنطقة، فالكل يعرف الوضع البيروقراطي لهذه النقابات الماضية في نهج سياسة السلم الاجتماعي و المشاركة في تدبير أزمة التعليم بإقليم طاطا، ناهيك عن أعمال لا تمت بصلة للعمل النقابي.
حزب الإتحاد الاشتراكي سجل هو الآخر تضامنه المزيف، إن هذا الحزب معروف في أوساط الجماهير بممارسته الرجعية، إنه الحزب الذي يكرس العنصرية و الزبونية و التفرقة في صفوف الجماهير، همه الوحيد في تلك اللحظة من خلال توقيعه على ذلك البيان ليس إلا احتواء الحركة و وقفها.
و في عشية نفس اليوم سيتقاطر علينا بيان مشترك بين حزبي الاستقلال و العدالة و التنمية، إن حالة هذين الحزبين لا تقل سوءا عن الحزب الأول، إضافة إلى نفس الممارسات المشتركة فيما بينهم، فإن حزب الاستقلال له دور خاص و هو العمالة المباشرة لأجهزة المخابرات، همه الوحيد في تلك اللحظة هو تصفية حساباته مع المكتب المسير للبلدية التي يقودها الحزب العنصري الرجعي الإتحاد الاشتراكي.أما الصراع بينهما لا يمكن وصفه بالصراع السياسي بل بصراع اللصوص.
أما حزب العدالة و التنمية، ذلك الحزب الظلامي الذي قتل خيرة مناضلي الشعب المغربي، فليس له مكان وسط الجماهير في المنطقة، إنه معزول تماما فرأى في تلك الفرصة أنها سانحة له للظهور كما تظهر الأشباح!!!. بنفس مظاهر و مساحيق الأحزاب الأخرى. و ينصب نفسه مدافعا عن المطالب العادلة و المشروعة للساكنة حسب لغة "البيان المشؤوم" لأغراض انتخابية لا أكثر.
لذا فتحصين الحركة الجماهيرية من تأثير هذه القوى الرجعية مسؤولية كافة التقدميين بالمنطقة، فقد عانت الجماهير الشعبية منذ عقود من سياسة التفرقة التي تنهجها هذه الأحزاب التي تقدم خدمات جليلة للنظام، و هذا ما يتبن في الآونة الأخيرة فقد أصبح أدنى تحرك للحركة محط هجوم مباشر لهذه القوى، بل وصلت بها الوقاحة حد التهجمات و الاعتداءات المباشرة على المناضلين الشرفاء مستخدمين ميليشيات منظمة لكسر أدنى تحرك نضالي بالمنطقة، و بهذه الممارسات قلنا مرارا أن هذه القوى حاليا تشكل تناقضا رئيسيا للحركة في هده المرحلة، إنهم بطبيعة الحال يشغلون حاليا موقع أعداء الجماهير، فتقدم الحركة الجماهيرية بالمنطقة اليوم رهين بشن نضال حازم ضد هذه الأحزاب وضد كافة الإتجاهات الرجعية و المافيوزية بالمنطقة. و العمل على عزلهم، و تحصين الحركة من تأثيرهم، و تضييق الخناق عليهم و ليكن شعارنا في ذلك: جميعا من أجل تجسيد الخط الديمقراطي و التقدمي للحركة الجماهيرية بفم الحصن.

المرحــــــــلة الثالثــــــــة:

تتميز هذه المرحلة بتعليق المعركة يوم 29 أبريل و تشكيل لجنة متابعة ردود الحوار مع والي جهة كلميم السمارة، ثم الهجوم على المعركة من طرف أعداء الحركة.
مباشرة بعد تعليق و رفع المعتصم بدأت حملة من الهجومات الرجعية على الحركة و المناضلين، إذ سرعان ما ستكشف هذه الإطارات و الأحزاب عن أقنعتها ، هذا ما ستوضحه الأحداث اللاحقة أكثر و تعلن بذلك عدائها المباشر للجماهير. فبعد أن فضح مناضلو الحركة أوجه الفساد و التسلط الذي يمارسه أحد الموظفين الفاسدين بمصلحة الحالة المدنية بالبلدية، و المحسوب على حلف الاتحاد الاشتراكي، سيصدر الفرع المحلي للجامعة الوطنية لموظفي و عمال الجماعات المحلية التابع ل (إ م ش) بيانا يوم 29/04/2011 أكدت فيه هذه النقابة تواطئها مع هذا الشخص بل أكثر من ذلك ستتهجم بشكل مباشر على المعركة و وصف المحتجين بمجرد معطلين.إن هذه الحملة المغرضة التي انخرطت فيها هذه النقابة لا يمكن وصفها إلا بعمل أجهزة المخابرات الهادفة إلى زرع البلبلة في صفوف الجماهير بعد نجاح المعتصم.
و في نفس الاتجاه، ستكشف عناصر حزب الاستقلال عن وجهها الحقيقي البشع كعناصر و عملاء للنظام، و كجماعة مافيوزية معادية للجماهير، هذا ما سيتبين للكل في بيانهم الصادر في فاتح مايو 2011 أي بأيام قليلة عن إعلان تعليق المعركة. حيث سيعلن من خلاله بدأ حملته المسعورة و بداية حرب ضروس وهجمة شرسة على المناضلين الشرفاء، و لضرب الحركة حاول هذا الحزب تأليب الرأي العام على المناضلين و ادعى في هذا البيان المشؤوم أن "محضر ردود الحوار الذي تلاه مقرر اللجنة هو حملة لرئيس المجلس البلدي". و هنا نوضح أنه ليس بمقرر اللجنة هو الذي تلا محضر ردود الحوار في المهرجان الخطابي، و لكن نعرف ماذا تقصده هذه الحثالة و من تستهدف. أما ذكر رئيس المجلس البلدي نقول: نحن جلسنا مع رئيس المجلس البلدي و معه الوالي و العامل و مختلف ضباط الأجهزة القمعية و رؤساء المصالح الخارجية للولاية في طاولة واحدة من أجل الحوار على أرضية ملفنا المطلبي العادل و المشروع.
لكن مؤامرة هذه العناصر ليست إلا جريمة تنضاف إلى سلسلة جرائمهم و جرائم باقي الأحزاب الأخرى في حق الجماهير الشعبية بالمنطقة.
و في هذه المرحلة خصوصا بعد إثبات لجنة المتابعة جدارتها في متابعة ردود الحوار مع "المسؤولين". و عقدها للعديد من اللقاءات مع جماهير النساء و الساكنة حول مستجدات ملفها المطلبي و التسيير الديمقراطي و النزيه لبطائق الإنعاش المخصصة للنساء من طرف اللجنة، سيكثف النظام حملته الترهيبية على المناضلين (استنطاق المناضلين من طرف مركز الشرطة القضائية بطاطا) و الملاحقات و المراقبة اليومية لتحركاتهم، و بعد فشله في ثني عزيمتنا مضى النظام في أشكال و تكتيكات أخرى، هذه المرة اتجه نحو خلق بلطجية مدعومة من طرف حزب الاستقلال و مافيا العقار، و اتهام المناضلين بشكل مجاني بأبشع الأوصاف و النعوت ،إضافة إلى زرع فتيل النزعات العرقية بين الأحياء. (هذه المسألة نعرف و يعرف العديد من المناضلين الشرفاء مصدرها التي لها جذورها منذ المعتصم و نستوعب خلفياتها جيدا ...). ورغم خدوش هذه الممارسات على جسد الحركة، نقول لهم: هيهات ثم هيهات أن تنالوا من عزيمتنا و قناعتنا. و نرد على لسانهم و نقول لهم: لكم طريقتكم في القتال و لنا طريقتنا.
و كل هذا يتم في ضل الصمت و الحياد التام لأصدقائنا "الثوريين" و هذا ليس غريبا عنهم. إن الصراع الذي خاضته الحركة و المناضلون ضد هذه الأحزاب و باقي الإطارات الصفراء، وضد كافة المخربين بالمنطقة. يهدف أساسا إلى كنس كافة عملاء النظام من سماسرة و مخربين و انتهازيين وسط الحركة و كشف مساومتهم و تعريتهم أمام الجماهير، لكن هذا الأمر لا يكفي بل علينا بذل المزيد من الجهد على المستوى الثقافي من خلال العمل على خلق عمل جمعوي ثقافي تقدمي بالمنطقة، ضد الهجوم الإيديولوجي الرجعي على الجماهير الكادحة الذي يستهدف ضرب مناعتها الفكرية من أجل المزيد من استلابها و استغلالها.

4 – عن أهم القضايا المطروحة

لقد طرحت معركة أبريل المجيدة العديد من القضايا الحيوية على جدول أعمال الحركة، وبينت بالفعل من يتعاط بمبدئية مع قضايا الجماهير و من يتعاط بلا مبدئية، و شكلت الحد الفاصل بين المناضلين و الانتهازيين و التخريبيين بمختلف أشكالهم، و عوض التفاعل مع هذه الإشكالات لم يجد البعض سوى الثرثرة طوال المعركة. و لحدود الساعة لا نفهم ماذا يريدون، إنهم يهللول وسط الحركة بأنهم "ثوريون" و يدافعون عن مصالح الجماهير، لكن ما يمكن قوله أنهم ليس لهم في يوم من الأيام و طيلة المعركة أي موقف محدد و جدي في مجمل المسائل و القضايا المطروحة وسط الحركة. فما موقفهم من مجمل هذا الصراع؟؟.

- الموقف من الأحزاب

إنهم ضد الأحزاب الرجعية و الإصلاحية قولا لكن في الممارسة شيء آخر، إنهم يهللون طوال المعركة و الكل بات يعرف هذا بأن الصراع ضد الأحزاب بالمنطقة سيجلب الضرر للحركة !!. فلن نجدي منه نفعا!!. لا يجب علينا أن ندخل في الصراع ضد الأحزاب لأن المنطقة حسب تعبيرهم لها خصوصياتها و أن لهذه الأحزاب نفوذ واسع وسط الساكنة(!!). فإذا قمنا بانتقاد حزب الإتحاد الاشتراكي فإنه سيحث مناصريه بعدم النزول إلى الشارع و إلى المعارك. نفس الشيء بالنسبة لحزب الاستقلال لا يجوز انتقاده، حذار ثم حذار من انتقاد هذا الحزب و فضحه. (هذا كلامهم.) فبقدرة قادر و بأعمال الشعوذة سيوقف هذا الحزب زحف الجماهير الشعبية (!!). أما أنتم أيها الاندفاعيون المغامرون فلن تجلبوا للحركة إلا السوء بانتقادكم لهذه الأحزاب، إن هذا الأمر سيشتت الحركة و الجماهير، فما يجب علينا أن نفعله لكسب الساكنة حسب تعبيرهم، من أجل النضال في صفوف الحركة ومن أجل النزول إلى الشارع. هو ترك شأن الأحزاب بعيدا عنا حتى يساهم مناصروها من كلا الطرفين خصوصا النساء في إنجاح المعارك النضالية!!. ياله من تحليل ثوري.
هذه هي طروحاتهم فيما يخص الأحزاب بدون تحامل و لا افتراء، فمناضلو الحركة شاهدون على ذلك، لقد قلنا في مرات عديدة أن تقدم النضال الجماهيري بفم الحصن يستحيل بدون النضال بلا هوادة ضد كافة الرجعيين بما فيهم الأحزاب بقطبيها التي هي في آخر المطاف أحزاب النظام بالمنطقة، إن ممارسة هذه الأحزاب متعفنة فقد استفضنا في هذه المسألة لما فيه الكفاية. إن بناء حركة جماهيرية صامدة و مناضلة رهين بشن نضال حازم ضد هذه الأحزاب التي تشكل حاليا بالنسبة للحركة تناقضا رئيسيا فوقائع هذا العام تؤكد هذا الطرح.
لقد دافعنا بشراسة و طوال المعركة و في دعايتنا و تحريضنا في صفوف الجماهير عن هذا الموقف، كما ركز عملنا في هذا الاتجاه الذي نراه اليوم قضيتنا الحيوية، و ما ناله رفاقنا دون غيرهم من المناضلين من السب و الشتم و الافتراءات و الإدعاءات المغرضة لخير دليل على ما نقول. إننا لا نخشى الصراع مع الأحزاب الذين يشغلون حاليا موقع أعداء الحركة و الجماهير، يجب أن نناضل ضد الأحزاب و فضحها و تعريتها، إنه طرحنا فالواقع الحالي للحركة يؤكد سدادة هذا الموقف.

- الموقف من الانتخابات

إنهم ضد الانتخابات، نعم يجب على الحركة العمل من أجل مقاطعة هذه المهزلة، ما أحلى هذا الكلام هذا الأمر سيجده القارئ في خطبهم. فعلى الإنسان ألا يصدق ما يقوله الآخرون عن أنفسهم، فالأقوال لا يصدقها إلا الحمقى.
ما لم يفهمه هؤلاء، أن الحركة الجماهيرية بفم الحصن قد خطت خطوات هائلة إلى الأمام منذ بروز حركة 20 فبراير ، فلن يفهم و يلتقط هذه اللحظة إلا المناضل الواعي بمهامه في صفوف الجماهير. إنها لحظة حاسمة مع خط الأحزاب و العمل الانتخابي و البرلماني، إنها اللحظة المناسبة للهجوم على الأحزاب و ممارستها التصفوية، إنها لحظة الدعاية المكثفة من أجل المقاطعة و ذلك بهدف المزيد من تأزيم النظام و تعميق عزلته.
هذا الطرح دافعنا عنه و ناضلنا من أجله و جسدناه عمليا، و جسده باقي المناضلين المخلصين في كافة الأشكال التي خاضتها الحركة منذ بداية المعتصم، أما أصدقاؤنا فموقفهم ملتبس جدا و غير واضح في هذه المسألة، بل أحيانا يتهربون من طرحها و يتذرعون بالعديد من الترهات خوفا من اصطدامهم مع الأحزاب. و انسجاما مع مواقفهم و تصورهم الذي يتميز بعدم الوضوح، لا يتوانون بوصف أي داع للمقاطعة وسط المعتصم بأنه مجرد اندفاعي مغامراتي... الخ. ودلك خدمة لأهدافهم الخسيسة التي نفهمها جيدا ألا وهي ضرب المناضلين و مواجهتهم بالأشخاص الذين ترسخت في أذهانهم الممارسة الانتخابية المعروفون بعدائهم التام لكل ما هو نضالي بالمنطقة، و الظهور أمام الجماهير بمظهر المحنكين، إن هذه الأساليب في الصراع هي من شيم الانتهازيين و ليست من شيم المناضلين الماركسيين.

الموقف من قضية أراضي الجموع

هذه النقطة بالضبط هي التي فضحت ممارساتهم و ممارسة العديد من الانتهازيين وسط المعركة، فبعد الاستيلاء الواضح و المفضوح لمجموعة من الإقطاعيين المحليين و الأجانب على هكتارات شاسعة من أراضي الجموع و أراضي الفلاحين الفقراء بالمنطقة، و المحاولات المتكررة للمندوبية الإقليمية للمياه و الغابات الاستيلاء كذلك على مساحات واسعة من الأراضي، كل هذه العمليات تتم بطرق مشبوهة كالنصب و الاحتيال و تزوير الوثائق بشهود زور و استعمالها في انجاز عقود البيع، و تمديد المساحات المحددة في العقود الأصلية إلى مساحات تتجاوز آلاف الهكتارات بدون أي سند، بتواطؤ مكشوف من طرف باشوية فم الحصن و عناصر نافذة داخل عمالة طاطا، المحكمة الابتدائية بطاطا و محكمة الاستئناف بأكادير و المندوبية الاقليمية للمياه والغابات بطاطا، إضافة إلى منتخبين و سماسرة تابعين للأحزاب المعروفة بالمنطقة. إنها شبكة مافيوزية همها الوحيد هو الاستيلاء على الأراضي ليس في المنطقة فحسب بل في إقليم طاطا عامة فهذا الأمر يشكل مخططا أعده النظام من أجل تفويت هذه المناطق لكبار الملاكين العقاريين على المستوى الوطني.

الجدول التالي يبين المساحات المراد الإستلاء عليها في ظرف سنتين و موقعها في المنطقة.

موقعها بالمنطقة الأراضي المراد الاستيلاء عليها و تحفيظها

منطقة أمستيل 19000 هكتار
تمسوقت 1200 هكتار
جنوب دوار إمي أوكادير، الجهة المحادية لطريق آسا 1000 هكتار
بووماي منطقة تابعة للجماعة السلالية إمي أوتو 2300 هكتار
منطقة تيرشت 660 هكتار
تابعة للجماعة السلالية إمي أوكادير 600 هكتار
تابعة للجماعة السلالية إمي أوتو، المنطقة المحادية لمركز المدينة في اتجاه طاطا. 400 هكتار
جنوب دوار إمي أوكادير، الجهة المحادية لطريق آسا 280 هكتار
جنوب دوار إمي أوكادير، الجهة المحادية لطريق آسا 80 هكتار
25510 هكتـــــــــــار المجمــــــــوع

هذه الطريقة التي نهجها النظام من أجل السطو على أراضي الجموع، هي نفس الطريقة التي اتبعها سابقا في العديد من المناطق خاصة في سوس حيث استطاع بهذه الأساليب تفويت هكتارات شاسعة لصالح كبار الملاكين العقاريين بالمغرب.
وعلى هذا الأساس تدفق ضحايا مافيا العقار لنصب مخيم في أكتوبر 2009 من أجل التنديد بهذه السياسات، أسفرت عن اعتقال 07 مناضلين أغلبهم شيوخ، كل هذه الشروط ساهمت في إفراز حركة الفلاحين الفقراء انخرطت فيها فئات واسعة من الجماهير الشعبية في مواجهة الاقطاع و الكومبرادور و الملاكين العقاريين الكبار، وكان المطلب الذي رفعته الحركة خلال معتصم الحرية و الكرامة: محاسبة المتورطين في الترامي على أراضي المنطقة و وقف كافة محاولات تحفيظها. تتويجا لهذا المسار، و لقي صدى واسعا في صفوف الساكنة، و استطاع هذا المطلب لف جميع الفئات المشكلة للمجتمع الحصني حول قضية أراضي الجموع. هذه النقطة أثير حولها العديد من النقاشات وسط الحركة كما أثارت هذه النقطة كذلك زوبعة وسط الإقطاعيين وجعل تعبيراتهم السياسية تدخل على الخط.حيث عملوا بجميع الوسائل بما فيها العنف اللفظي ضد المناضلين و الوشاية المباشرة لأجهزة النظام، من أجل السيطرة على المعركة و إزالة المطلب المتعلق بهذه القضية من الملف المطلبي.
هذا الأمر سيتضح أكثر في الاجتماع الموسع الذي عقدته اللجنة التنظيمية و بحضور مجموعة من المناضلين ليلة 26/04/2011 من أجل الحسم في لجنة الحوار، فمن خلال النقاش حول اللجنة والملف المطلبي، الذي سيقدم للحوار مع الوالي تبين بالملموس حجم اللغم و الفخ الذي نصبه الإقطاعيين و حزب الاستقلال للمناضلين و للجنة الحوار، هذا الخطأ الذي و قعنا فيه راجع في اعتقادنا لأسلوب العمل الذي تم من خلاله تحديد لجنة الحوار فمن غير الصحيح و المنافي للصواب أن يتم فتح أبواب اللجنة لكل من هب و دب بذريعة الجماهيرية. إن محاولات هؤلاء من أجل تلغيم اللجنة و تمييعها و افراغها من محتواها تبين منذ يوم 25/04/2011 فالسماسرة بجميع تلاوينهم يهرولون، ويقومون بخلق نقاشات تصفوية قصد تدمير المعركة و إزالة المطاب المتعلق بالأراضي منها، كل هذا العمل يتم وراء تسترهم بتقديم بعض الخدمات "الإنسانية" كما يسمونها للمعتصمين، فماذا وقع ليلة 26/04/2011؟؟؟.
تم عقد اجتماع الحسم في لجنة الحوار و الصياغة النهائية للملف المطلبي في جو مائع يثير السخرية!!! إذ تقدم أحد الأشخاص المحسوبين آنذاك على حزب الاستقلال و المعروف بالسمسرة في الأراضي بترشيح نفسه للعضوية داخل اللجنة و أول مسألة طالب بها هي إزالة شق الأراضي من داخل الملف المطلبي؟؟؟.
هذه المسالة و هذا الأسلوب يشكل خطرا على الحركة و على المعتصم، قام الرفاق و العديد من المناضلين بانتقاده، و بينا أن ذاك الشخص يمثل أجندة المافيا داخل المعتصم و التصدي له واجب مشروع، لأن مطلب حماية أراضي الجموع يشكل قضية الجماهير الحيوية، وهو مطلب ديمقراطي، يجب على كل ديمقراطي أن يدافع عنه بدون تردد، وهذا ما تم بالضبط حيث تم طرحها بشجاعة من طرفنا في الحوار مع الوالي رغما عن أنفه و أنف سادته الذين مدوا له يد العون من أجل اختراق اللجنة.
لكن الخطير في الأمر اصطدمنا و اصطدمت الحركة بموقف من يقول عن نفسه بأكثر من ديمقراطي و الجميع يتذكر هذا، فقد لزموا الصمت طوال النقاش حول هذه المسألة بمبرر أن هذه القضية ستحدث انشقاق في صفوف العائلات التي تشكل عصب المعتصم، ويقولون في خواطرهم لا يجوز أن نتحدث عنها (!!!) فلنلتزم الحياد حتى تتضح الأمور أكثر(!!!).
إنهم يتفادون هذه الوقائع، وهذه الحقائق طيلة المعركة، و طبيعي أن الوقوف و القول ب"أن هذه المسألة ستحدث انشقاقا في صفوف العائلات" أمر يسير جدا، كما أن من غير الصعب أيضا إضافة كلمة أخرى أكثر ديماغوجية و أشد طنينا و هي " أن هذه المسألة ستحدث انشقاقا في صفوف المعتصم". ولكن أليست هذه أسلحة رخيصة جدا مأخوذة من أرشيف الخبث و الخسة لهدف واحد هو ضربنا و عزلنا؟؟. لكن في الواقع لم يقوموا إلا بضرب أنفسهم، و تحت ستار العبارات الرنانة، الفارغة و الغامضة، يضللون الجماهير و يدافعون عن الاقطاعيين بسكوتهم عن مسألة الأراضي التي تشكل احدى القضايا الحيوية للجماهير.
إن صمتهم في تلك اللحظة الحاسمة من الصراع المرير مع الاقطاعيين، لا يمكن تفسيره إلا بشيء واحد و هي الانتهازية المقيتة المفعمة بروح الغباء، و ترك الحركة ذيلية للأحزاب و الاتجاهات المافيوزية.
أما صراعنا نحن ضد هؤلاء ليس صراعا ظرفيا مقتصرا على المخيم فقط، إنه صراع عدائي لا يمكننا أن نتهاون في خوضه، لأن هؤلاء يشكلون في المرحلة الراهنة أخطر الاتجاهات المعادية للجماهير. فالمواقف التي عبرنا عنها حول قضية أراضي الجموع أكدت التجربة النضالية في المنطقة بما لا يدع مجالا للشك على صحتها و سدادتها، فهذه المسألة ليس فيها حياد و لا انتظار توفر الشروط لخوض الصراع مع ناهبي الأراضي إنه عمل يومي مع الجماهير من أجل بناء حركة جماهيرية معادية لمافيا الاقطاع بالمنطقة، إنه دور كافة التقدميين في الدفاع عنها في كافة ملفاتنا المطلبية، فعلينا بالمزيد من تعميق النقاش حولها و جعلها شأنا جماهيريا بامتياز.

- الموقف من التقسيم الجهوي الجديد

"رفضنا التام لمشروع التقسيم الاداري الجديد الذي ألحق المنطقة بجهة سوس ماسة" هذا المطلب يشكل النقطة الرابعة في الشق الديمقراطي من الملف المطلبي لمعركتنا، فماهو موقف أصدقاؤنا من هذا المطلب؟؟.
هذا السؤال سنجيب عنه بعد تحليلنا لمجموعة من الأحداث التي سبقت معتصم الحرية و الكرامة. وهنا لا بد لنا من الوقوف على مختلف مواقف القوى المعادية للحركة، و كذا تحليل بعض مواقف القوى المتذبذبة من هذه المسألة.فإذا رجعنا إلى التقرير حول أشغال الندوة التي نظمتها جمعية تكاديرت حول موضوع "موقع إقليم طاطا في إطار التقسيم الترابي الجديد" يوم 26 مارس 2011 سنجد مواقفهم واضحة و بارزة.

حزب الاستقلال : و بالمناسبة فجل عناصره هاجرت حاليا إلى حزب الحركة الشعبية و انطلاقا من هذا التقرير الذي نشرته هذه الجمعية، فقد تركزت مداخلته على ما يزعمه مؤهلات طبيعية و فلاحية و سياحية التي تزخر بها جهة سوس ماسة، و مقارنتها مع نفس المؤهلات بجهة كلميم، و فيما يخص موقع إقليم طاطا و خاصة جماعة فم الحصن، فإن هذا الحزب المتسخ يؤيد التقرير النهائي الذي خرجت به اللجنة المكلفة بالجهوية المتقدمة!!. و للمزيد من المراوغة وخلق اللبس تذرع المتدخل باسم هذا الحزب أن المكتب المحلي لم يتخذ بعد قرار الحسم في هذا التقسيم!! فكيف لشخص مازال تنظيمه السياسي لم يحسم في هذه المسألة أن يقدم مقترحات تؤيد مشروع هذا القرار؟؟.
إننا نفهم جيدا المغزى من هذا، إن مصالح هذا الحزب المافيوزي مرتبطة ارتباطا شديدا بجهة سوس ماسة، لأن هذه الجهة بالنسبة له في آخر التحليل هي مرتع لمعظم السماسرة و الوكلاء و المضاربين العقاريين الذين يتعاملون معهم في مثل هذه الملفات و لصالحهم تأييد مقترح الانضمام إلى هذه الجهة.

حزب الاتحاد الاشتراكي : موقف هذا الحزب المسير للمجلس البلدي كان واضحا، إنه غاية في الديماغوجية، فمن خلال مداخلته في هذه الندوة، يؤيد إبقاء المنطقة داخل جهة كلميم و اعتبر مبرر القرب أهم مبرر، بل ذهب أكثر من ذلك ، من خلال اقتراحه إحداث عمالة بالمنطقة. إن هذا الحزب المعروف في أوساط الجماهير خاصة لدى المعطلين، لا تحكمه أية مبدئية في هذا الطرح، كان هدفه الأساسي في تلك المرحلة هي التمهيد لحملة انتخابية من خلال محاولات استمالة الأصوات لصالحه في كل من فم الحصن و أقا و نواحيها و تمنارت.

الحزب الإشتراكي الموحد : ينطاق هذا الحزب من مواقفه الإصلاحية المنسجمة مع مصالح البرجوازية و البرجوازية الصغيرة التي يعبر عنها، إذ ربط مسألة التقسيم الجهوي الحالي بالأوضاع الراهنة التي يعيشها المغرب.
و انسجاما مع مواقفه الإصلاحية ربط هذه المسألة بالإصلاحات السياسية و الدستورية التي يتبناها كخيار استراتيجي، فالمتدخل باسم هذا الحزب يؤيد بقاء المنطقة في جهة كلميم مع عرض المشروع على البرلمان!! و مايسميه بالمجالس المنتخبة!!. إن هكذا موقف ليس غريبا عن هذا الحزب الذي يستحضر "الجهوية" كمخطط لتصفية قضية الشعب الصحراوي في إطار ما يسمى بالإجماع الوطني حول هذه القضية و تشكل مواقفه هاته امتداد لمواقف الانتهازية التحريفية حول قضية الصحراء الغربية بشكل عام.

فإذا كانت هذه أبرز المواقف التي عبرت عنها هذه القوى المعروفة، فما هي مواقف رفاقنا " الثوريون" من هذه المسألة؟؟.
هذا ما سنبرزه من خلال تحليلنا لجل المواقف التي عبرت عنها "جمعية مركز التثقيف الشعبي" التي ينشط فيها رفاقنا، فالمتدخل باسم هذه الجمعية في معرض حديثه ركز على أهمية الإصلاحات الجذرية في كل ميادين الحياة السياسية و الاقتصادية و ذلك مرهون ب:
- تغير الدستور و التقسيم العادل للثروات.
- إصلاح قانون الانتخابات و محاربة الفساد الإداري.
كما أكد على أن مشروع الجهوية المتقدمة لم يقدم أي جديد للاصلاح و تحسين الوضاع المزرية للطبقة الشعبية، و ظهور حركة 20 فبراير كحركة اجتماعية تطالب بتحسين الأوضاع على جميع الأصعدة دليل على أنه آن الأوان لإعادة النظر في المؤسسات التي تمثل الشعب و كذلك القوانين المنظمة لتسيير الشأن المحلي، فلا جهوية بدون إصلاح الدستور و استجابة لمطالب الحركة الاجتماعية لحركة 20 فبراير. ( تقرير الندوة حول: "موقع إقليم طاطا في إطار التقسيم الترابي الجديد" ج تكاديرت التسطير لنا.) و تجدر الإشارة أن المتدخل لم يقدم أي موقف محدد حول أهم الأسئلة المطروحة في الندوة، البقاء في جهة كلميم مع أم ضد؟.
مواقف غريبة هي التي صدرت من لدن رفاقنا في هذه الندوة، لقد ناقش المتدخل هذا الموضوع من زاوية لا تمث بصلة للماركسية، معظم الطروحات التي تقدموا بها، لا يمكن تمييزها عن مواقف القوى الاصلاحية سواء الموقف من حركة 20 فبراير أو من مسألة التقسيم الجهوي لم يذكر الرفيق أن هذا التقسيم يرتبط ارتباطا وثيقا بخيارات و استراتيجيات النظام القائم في الصحراء الغربية، فقد تجاهل هذا النقاش و لم يعطه أية أهمية، وحتى رفاقه الحاضرون لزموا الصمت حول هذه المسألة كأنها لا تعني الثوريين في شيء.
أما أبرز التساؤلات التي طرحها المتدخلون و هي الموقف من هذا التقسيم الحالي و موقع فم الحصن خاصة ضمنه؟؟ فلم يقدموا أية إجابة بخصوصه، انسجاما مع جل أطروحاتهم حول جل القضايا الحيوية للجماهير الشعبية بفم الحصن.
إن موقفهم هو إرضاء لخواطر الأحزاب و القوى الملتفة حولهم، هم ليسوا ضد و لا مع هذا التقسيم، و اكتفوا فقط بترديد معزوفتهم الشهيرة "أن الثورة الاشتراكية هي التي ستحقق جهوية عادلة". فلننتظر بصمت حسب موقف رفاقنا قدوم الثورة الاشتراكية التي ستحل هذه القضية!!.
إن موقف الرفاق حول هذه المسألة متذبذب بين اليمينية و تارة يميل إلى اليسراوية، نتيجة عدم وضوح خطهم الفكري و السياسي.
إن مطلب الرفض التام لمخطط التقسيم الإداري الذي ألحق المنطقة بجهة سوس ماسة. فهذا المطلب الذي رفعته الحركة الجماهيرية و دافعت عنه بجدارة لم يأت صدفة، بل كان ثمرة لنقاشات مكثفة بين المناضلين المخلصين لقضايا الجماهير.
إننا نرفض إلحاق المنطقة بجهة سوس ماسة، هذا الموقف نابع من قناعة راسخة، أن هذا التقسيم لم يراع الخصوصيات الصحراوية و الثقافية و الاجتماعية و التاريخية للمنطقة، وهذا لا يعني بأننا نؤيد التقسيم الحالي الذي لا يختلف البتة عن مشروع التقسيم الجهوي الجديد، الذي تحكمه المقاربة القمعية للنظام السياسي القائم بالمغرب من خلال تحكمه في التكتلات البشرية و الإثنية في مختلف مناطق المغرب تماشيا مع سياسة "فرق تسد". لكن مصالح المنطقة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية الآنية و الإستراتيجية تكمن في انضمامه لجهة الصحراء كيف ذلك؟؟.
لا يمكن أن يختلف اثنان حول هذا المخطط الذي يعتزم النظام القائم تطبيقه، بكونه لا يختلف عن باقي مخططاته التصفوية المستهدفة للحريات و للعديد من القطاعات التي تزج بالغالبية العظمى من أبناء هذا الشعب في براثن البؤس و الاستغلال، لكن هذا المخطط له شروطه الخاصة، إنه يرتبط بالسياسات التحكمية التي دخل النظام في نهجها في الآونة الأخيرة، التي تتمثل في إعادة ترتيب بيته الداخلي و إعادة تجميع قواه، كما يرتبط بملف مهم وهو التطور الحاصل مؤخرا في قضية الصحراء الغربية التي يهدف النظام إلى تصفيتها و إقبارها. أما إستراتيجيته في مناطق الجنوب المغربي تتمثل في تشتيت هذه المناطق و عزل بعضها عن بعض كبؤر للتوتر في الجنوب ( إيفني، كلميم، أسا الزاك و فم الحصن).
و ذلك بهدف توسيع الهامش، من أجل الانقضاض عليها و احتوائها و خلق و إشعال فتيل النزعات القبلية و الشوفينية ما بين هذه المناطق. إن هذا المخطط جاء من أجل سد مجموعة من الثغرات التي يعرفها التقسيم الاداري الحالي و بسط سيطرته على مناطق الريف و الأطلس و سوس و الصحراء الغربية.
صحيح أن لا جهوية ديمقراطية بدون دولة ديمقراطية حقيقية. و هي في نظرنا الدولة الوطنية الديمقراطية الشعبية، التي تعترف بحق الأمم و القوميات في تقرير مصيرها. إن هذه المسألة من بين القضايا المباشرة لحركتنا، فمناهضتنا لمشروع هذا التقسيم لا ينطلق من وجهة نظر التعصب للمنطقة بل من وجهة نظر طبقية من وجهة نظر الكادحين، هذا المخطط في صالح النظام و مناهضته تنصب في المزيد من تأزيمه و كشف مناوراته.
أما البقاء في جهة كلميم مرتبط بخصوصيات المنطقة التي ذكرناها آنفا، أما إلحاقها بجهة سوس لا يعني سوى المزيد من الحكم على المنطقة بالإفلاس في جميع المستويات.
لكن ما فجاءنا هو موقف رفاقنا "المحايد" أو إن صح التعبير "موقف اللا موقف" طيلة النقاش و طيلة فترة الصراع حول هذه المسألة، و بعد تبني الحركة لهذا المطلب صاروا في ذيل الحركة دون رؤية سابقة و دون موقف محدد.
إن الحركة و الجماهير بفم الحصن و قفوا ضد هذا التقسيم، من منطلق المصالح الآنية و الإستراتيجية للمنطقة، إن هذه المسألة رغم طرحها في هذه الظرفية من طرف الحركة الجماهيرية بفم الحصن لا زالت تحتاج إلى المزيد من التدقيق و التوضيح، وما المطلب المرفوع الذي يقضي برفض هذا التقسيم ليس إلا خطوة في هذا الاتجاه.

5 – حول المسألة التنظيمية

لقد قلنا سابقا، أن مسألة التنظيم داخل الحركة الجماهيرية بفم الحصن مازالت تشكل أبرز النقاط المطروحة بحدة في جدول أعمالنا. فلا يمكن لأية حركة كيفما كانت أن تتقدم بدون التنظيم. ورغم الانتصارات و المكاسب التي حققتها حركة الجماهير بمنطقتنا في مستويات عدة، فقد بينت معركة أبريل حجم ضعفنا التنظيمي، بل يمكن الحديث هذا العام عن تراجع خطير و على معطيات مغايرة في هذا الجانب. فقد آن الأوان لطرحها و نقاشها وسط الحركة بكل مبدئية.
يعد التنظيم في نظرنا شكل التوسط بين النظرية و الممارسة، إذ لا يمكن لحركة جماهيرية و حتى غير الجماهيرية أن تترجم أفكارها و مواقفها إلى الواقع المباشر بدون التنظيم. إنه تأليف ديناميكي وخلاق بين النظرية وحركة الواقع المراد تغييره في جدليتها المتواصلة. و من هذا المنطلق فإن حركة الجماهير اليوم بفم الحصن في حاجة إلى تنظيم قوي و صلب يقطع مع الأشكال البدائية السائدة في السابق، فالحاجة إلى تنظيم قوي أكثر من أي وقت مضى نابع من حجم الميوعة التنظيمية السائدة حاليا، و الناتجة بالأساس عن الميوعة النظرية و الفوضوية التي مازالت سائدة، و لازالت تحكم ممارستنا داخل الحركة إلى حدود اليوم.
إننا لن نختلف عن صيغة الجموعات العامة و مختلف اللجان و الأدوات التنظيمية التي كنا نشتغل بها إلى حدود الآن، لكن يجب علينا إعادة النظر في مختلف أساليب العمل من أجل تصليب عود الحركة و بناءها بناءا صلبا، نعم علينا بإعادة النظر في أساليب عملنا، فنحن لا ننكر البتة بأن الجموعات العامة و مختلف اللجان بأنها تشكل إحدى وسائل تجسيد جماهيرية الحركة و ديمقراطية قرارتها و توجهاتها. لكن الواقع الحالي يفرض علينا ذلك. فبعد الهجوم المكثف لمختلف الأعداء من أجل ضرب التراكمات التي خلقتها الحركة الجماهيرية لأزيد من عقد من الزمن، يفرض علينا المزيد من ضبط جميع المسائل المتعلقة بالتنظيم الذي يعد مظهرا من مظاهر الأزمة الذاتية التي تتخبط فيها حركتنا اليوم.
لن يختلف مناضلان إثنان عن كون الحركة بفم الحصن اليوم، باتت مرتعا للعديد من العناصر التصفوية و التخريبية الموالية للأحزاب الرجعية المعروفة و لمافيا العقار. و للعديد من العناصر "ذووا النية السيئة" الذين شنوا هجوما واسع النطاق على تجربة مخيم الحرية و الكرامة، كما بذلوا كل ما في وسعهم للافتراء على المناضلين و على المعركة؛ لذا فإن طرح هذه المسألة تعد مهمة عاجلة و فائقة الشأن.
ما لم يفهمه العديد من المناضلين المخلصين و النزهاء، أن حركة الجماهير بالمنطقة منذ تجربة المخيم قد فتحت العديد من النوافذ و الأبواب التي كانت مغلقة أمامنا في السابق، و تمكنا بفضل هذا العمل من استنشاق كميات هائلة من الأكسجين، لكن تسللت أيضا في هذه النوافذ و الأبواب بعض الحشرات الملوثة لأجواء حركتنا، ومن أجل الحفاظ على الجو النقي و الصحي و من أجل بيئة سليمة تضمن لحركتنا الاستمرار على قيد الحياة لا بد لنا من كنس هذه الحشرات و تنظيف تربتنا. - فعلى كل مناضل أن يقر بهذه الحقيقة- لقد أصبحت الجموعات العامة وكذا الأشكال النضالية التي خاضتها الحركة في الآونة الأخيرة. "و سنعيد القول بأنها مرتعا لكل من هب و دب". وهذا ما ساهم بشكل كبير في تمييع الحركة و نفور الجماهير منها، وهذا ما يشكل تناقضا داخليا محددا لمستوى التراجع الحالي الذي شهدته حركة الجماهير في العديد من المستويات بعد انتعاشتها القوية في العام الماضي. إن غالبية الأشكال التنظيمية لحركتنا في الفترة الأخيرة ضلت تستوعب هذه العناصر التي لا يتوفر فيها الشرط الضروري و الأساسي لأي عمل نضالي سواء كان دعائيا أو تحريضيا، هذه العناصر المشبوهة و المعروفة عند الجميع ممارستها لا تشرف الحركة نظرا للعديد من الاعتبارات المعروفة عند سائر المناضلين، هؤلاء الأشخاص لا أمل في إصلاحهم رغم الأيادي الممدودة للبعض تجاههم. هؤلاء تحولوا بين عشية و ضحاها إلى "بلطجية" منظمة تقف في طريق الحركة. إننا لسنا بأغبياء، إننا قد استوعبنا جيدا الشروط التي أفرزت هذا النوع من المخربين. و الشرط الأساسي الذي جعل هذه الزمرة تظهر إلى الوجود هو نمو الحركة بالذات إن هذا الأمر لم يفاجئنا كمناضلين ثوريين، إن مثل هذه الزمرة و الأشد منها قادم لا محالة مادمت الشروط المفرزة لهذا النوع من الحثالة قائمة، لكن الإيجابي في هذا الأمر أنها ظهرت في هذه المرحلة و استوعب الشباب الحصني خلفياتها جيدا وطرق اشتغالها. إن هذا النوع من العمل في صيغة واحدة : يدل على الوسائل اللامبدئية في الصراع، فعوض التعاطي المبدئي مع الإشكالات المطروحة غالبا ما تلجأ الانتهازية إلى هذه الوسائل من أجل تمييع الحركة و إفراغها بالتالي من أي محتوى.
يجب على كل المناضلين استحضار المسؤولية ومستقبل الحركة في التعامل مع هؤلاء المخربين و كل أعداء الحركة، لكن إذا غاب هذا الشرط فهذا شيء آخر، فأساليب التعامل مع هذا الواقع هي أساليب المناضلين من فضح و تشهير ... فممارسة هذه العناصر التخريبية لم تكن حاضرة داخل الحركة في السابق لكن جذورها تمتد إلى المعتصم و ساهمت الممارسة الإنتهازية في تطوير مثل هذا النوع حتى أصبحت هذه الزمرة عصا في أيادي مختلف أعداء الجماهير بالمنطقة، نظرا للعديد من الأخطاء التي لا ننكر أننا ساهمنا فيها نحن كذلك.
إن هذا الوضع الذي تجتازه حركة الجماهير اليوم بمنطقتنا يستدعي منا الوقوف على أخطائنا و تقييمها و تجسيد ذلك التقييم على أرضية الممارسة العملية. إننا نرى أن التنظيم الصلب للحركة هو الكفيل وحده من أجل القطع مع هذه الممارسات التخريبية فكيف سيتم ذلك؟؟.
إن أحداث الذكرى الأولى للمعتصم التي خلدناها بشكل كاريكاتوري منذ أسابيع قليلة كفيلة بالإجابة عن هذا السؤال. أظن أننا لنختلف في: أن تنظيم حركة الجماهير يجب أن يكون تنظيما جماهيريا، نظرا لمطالب الفئات المشكلة لهذه الحركة هذا صحيح. لكن ليس من مصلحة الجماهير أيضا على الإطلاق أن تفتح أبوابها للمندسين و المخربين و العملاء و للعناصر الموالية لمافيا العقار تحت ذريعة الجماهيرية!!. إن هذا الأمر في المرحلة الحالية و في المستقبل سيسفر عن المزيد من تقلص جماهيرية الحركة و تأثيرها في صفوف النساء، الطلبة، التلاميذ و المعطلين وكافة المقهورين. ليس من مصلحة الحركة رفض كل شخص يدرك ضرورة النضال ضد السياسhت الطبقية التي ينهجحها النظام القائم و الهادفة إلى المزيد من الحكم على الجماهير الشعبية بالبؤس و التشرد في هذه البقاع النائية من هذا الوطن، وليس من مصلحة الحركة رفض كل من لديه الرغبة في ذلك. فغاية الحركة لا يمكن أن تصل إليها إن لم تضم جميع الكادحين و المقهورين الذين يشكلون الأغلبية الساحقة في المنطقة، إن لم تكن الحركة واسعة و منظمة و واعية و تعتمد على الديمقراطية في قراراتها و توجهاتها و أشكالها. لكن من غير الصحيح كذلك أن تضم في صفوفها عناصر التخريب و عناصر مختلف الاتجاهات المعادية لمصالح الجماهير فبالأحرى أن يتحملوا مسؤوليات داخلها!!.
يجب أن نعترف و نقول: أن حركة الجماهير الشعبية بالمنطقة اليوم تعج بالمخربين من شاكلة و نوع هذه حقيقة موضوعية سواء أعجبتنا أم لا. إن ما نراه اليوم يعد تراجعا عن مستوى مختلف الأشكال التنظيمية التي راكمتها الحركة في السنوات السابقة،و من جهة ثانية فإن هذه الأشكال و الأساليب التي نجسدها حاليا في التنظيم لم تستجب للتحولات الكمية و الكيفية التي عرفتها الحركة منذ تشيد معتصم الحرية و الكرامة الشيء الذي أثر على التطور التنظيمي اللاحق لعمل الحركة في مختلف المستويات.
لم يعد مقبولا في هذه المرحلة التي تعرف هجوما مكثفا على الحركة و تطويقا شاملا من قبل الأعداء العمل بتلك الصيغ القديمة التي لا تنم عن أي وعي داخل الحركة، و لم يعد مقبولا فتح جميع القنوات التنظيمية في وجه هذه العناصر التي لا يتوفر فيها شرط النزاهة و الإستقامة و النضج و المسؤولية، و لم يعد مقبولا كذلك اللعب بمصير الجماهير، يجب أن نكنس هذه العناصر التي تشكل اليوم خطرا على الحركة و على الجماهير، يجب أن نقف جميعا ضد كافة الممارسات اللامسؤولة التي لا يتحمل فاتورتها غير الحركة و المناضلين، يجب أن نقف وقفة واحدة من أجل الضرب على أيادي كافة المخربين ، يجب علينا أن نتخلص منهم في صفوفنا بجميع الوسائل المشروعة.
إن الشروط الحالية تفرض علينا المزيد من تنظيم أنفسنا و العمل على خلق أشكال تنظيمية شبه جماهيرية لا تسهل على هذه القوى اختراقنا و لا تسهل عليها الاصطياد في الماء العكر و التأثير على مسار الحركة بشكل سلبي. إن المرحلة الراهنة تلزم علينا تقليص أشكالنا التنظيمية من أجل ضبط عملنا و التحكم فيه و توجيهه إلى مساره الصحيح و السليم؛ مسار مجابهة مخططات النظام الطبقية المستهدفة لما تبقى من المكتسبات في حقول عدة، لقد حان الوقت لكي نلعب دورنا كاملا كمناضلين واعيين تجاه الحركة و الجماهير، هذه المهمة لا يمكن لأحد أن يؤديها كاملا نيابة عنا. يجب علينا توحيد و رص الصفوف بين مختلف الحركات المناضلة و العمل على تقويتها (معطلين، طلبة تلاميذ، نساء...). يجب علينا أن نقطع الطريق أماما كافة أعدائنا. هذا الأمر لن يتأتى إلا عبر التجسيد الفعلي للخط الديمقراطي و التقدمي للحركة الجماهيرية. الذي ضحى في سبيله العديد من المناضلين بمنطقتنا. وهذا رهين بمدى تشبث مناضلي الحركة بمواقفها و درجة تنظيمها و توسعها لتشمل جبهات أخرى.
إن التراجع الحالي هو صفعة لنا من أجل الإستقاظ من سباتنا العميق، فإذا كنا نسعى حقا إلى بناء حركة جماهيرية صامدة و مناضلة فلا بد لنا من تنظيم حركتنا و فق رؤية سياسية نابعة من هموم الجماهير و تطلعاتها في التغير المنشود، فبدون التنظيم لن نصل إلى أهدافنا مطلقا.

خاتمــــة

إن مرور عام على معتصم الحرية و الكرامة الذي شكل نقلة نوعية في تاريخ الحركة الاحتجاجية الجماهيرية بالمنطقة، قد طرح العديد من الإشكالات التي تستلزم على كافة المناضلين التقدميين طرحها و حلها حلا سليما. كما كشف على العديد من نقاط ضعفها وكذلك عن أبرز التناقضات الطبقية داخل مجتمعنا. وهذا الحراك السياسي الذي خلقه المعتصم كشف عن طبيعة هذه التناقضات التي تسعى الحركة إلى حلها.
وعلى ضوء النضالات الأخيرة يتضح أن التناقض الأساسي في المنطقة هو التناقض مابين الوكلاء المحليين للنظام القائم و كبار السماسرة الشبه إقطاعيين و فئة الأعيان من جهة و الجماهير الشعبية من جهة أخرى، أما فئة البرجوازية الصغرى المتكونة أساسا من الموظفين و رجال التعليم فيحتلون موقعا وسطيا، يؤهلهم حسب الشروط الملموسة للصراع إما إلى التحالف مع الأحزاب بوصفها تعبيرات سياسية عن مصالح مافيا العقار و الأعيان الذين تربوا في أحضان النظام، وإما إلى الانضمام إلى معسكر الكادحين. إن الحل الوحيد لهذا التناقض في المرحلة الراهنة و في هذه الظرفية من نضال الجماهير الشعبية هو المزيد من تأزيم أوضاع التحالف الأول و تفكيكه و عزله، وهذا لن يتأتى إلا عبر النضال المرير و المستميت للحركة الجماهيرية عبر تقوية روافدها و تنظيماتها(معطلون، طلبة، تلاميذ).
كما أن حضور المرأة المكثف في جل المعارك و المحطات النضالية شكل العصب الرئيسي للحركة، وهذا ما يطرح علينا مهام جسام تكمن في تنظيم حركة النساء الكادحات و بث الوعي في صفوفهن لكي تلعب نضالات المرأة المهمشة دورا رئيسيا في قلب موازين القوى الحالية المختلة لصالح أعداء الحركة، واستحضار قضية المرأة باعتبارها قضية طبقية في كافة أطروحاتنا و تحركاتنا و كذا في ملفاتنا المطلبية. أن المنطقة اليوم في حاجة ماسة إلى عمل نسائي تقدمي يساهم فيه كل المخلصين من أجل القضاء على كافة الأفكار الرجعية السائدة وسطهن، إذ لا حركة جماهيرية مكافحة في المنطقة بدون تحرر المرأة من براثن البؤس و الخرافة السائدة وسطهن، وبدون حضورها النضالي في معمعان المعارك، فحقوق المرأة لا يمكن لأحد انتزاعها غيرها.
و إذا كان مشكل الأرض هو المشكل الرئيسي بالنسبة للفلاحين الفقراء و المعدمين بالمنطقة، فهذا المشكل لن يحل سوى عن طريق النضال الطويل الأمد و المنظم لجماهير الفلاحين و كافة المتضررين من عمليات نزع الأراضي من طرف السماسرة ومافيا العقار، و انخراطهم في معمعان النضال الجماهيري بالمنطقة. إن ما تعانيه هذه الفئة من قهر على يد السلطات المحلية و من مشاكل يومية تشكل الأرضية الخصبة للعمل الجماهيري وسطهم، فإذا كان من السابق لأوانه الحديث في الظرف الراهن عن تنظيم لهذه الفئة الذي سيؤطر نضالهم الشمولي، فإنه من الممكن القيام بعمل جماهيري في نضالات ملموسة تهدف إلى انتزاع مكاسب محددة مما سيشجعهم على المقاومة و يساهم بصفة عامة في رفع مستواهم النضالي و مستوى وعيهم بطبيعة الأحزاب المكبلة لأيديهم و بطبيعة العلاقات السائدة، التي سيصلون تدريجيا إلى الوعي بضرورة تحطيمها، أما الأشكال النضالية التي يمكن القيام بها في هذا المجال فتاريخ حركة الفلاحين غني في هذا المجال.
إن واقع التراجع الحالي الذي تعرفه الحركة الاحتجاجية الجماهيرية بفم الحصن لم ينزل من السماء، و إنما كان نتيجة للعديد من الأسباب منها أسباب خارجية مرتبطة بالوضع العام الذي تعرفه حركة الجماهير على المستوى الوطني، ومنها أسباب داخلية مرتبطة بتناقضات الحركة ذاتها، فاستحضار هذه الإشكالات ضمن اهتماماتنا المباشرة سيشكل خطوة في الاتجاه الصحيح، فلا حديث عن الحركة بدون التنظيم الذي يشكل أزمة ذاتية للحركة في الفترة الأخيرة، ومن أجل استرجاع بريق الحركة لا بد لنا من الحسم مع المخربين و التصفوين بشكل نهائي داخل الحركة، وهذا لن يتأتى إلا باستحضار المناضلين لمهامهم التاريخية، واستحضار النضج و المسؤولية في الممارسة السياسية و في الصراع السياسي.
لا شك أن الدينامية النضالية المقبلة ملقاة على عاتق الشبيبة التي يجب أن تلعب دورها كاملا كفئة مثقفة من أجل استنهاض الجماهير وشحذ هممها، حتى نتقدم بخطى تابثة لحمل مشعل النضال و التحرر من كل قيود الاستغلال و الاستبداد، و انجاز المهام النضالية المطروحة في المرحلة الراهنة، ومن أجل هذا النضال المقبل نعد العدة بإرادة و عزيمة لا تقهر.



#ابراهيم_الحصني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بمناسبة الذكرى الأولى لمعتصم الحرية و الكرامة بفم الحصن وجهة ...


المزيد.....




- نيويورك.. الناجون من حصار لينينغراد يدينون توجه واشنطن لإحيا ...
- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - ابراهيم الحصني - بمناسبة الذكرى الأولى لمعتصم الحرية و الكرامة بفم الحصن وجهة نظر حول الحركة الجماهيرية