أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كامل الدلفي - الازمة السورية..افتقار الموقف الرسمي العراقي لقراءة المتغيرات















المزيد.....

الازمة السورية..افتقار الموقف الرسمي العراقي لقراءة المتغيرات


كامل الدلفي

الحوار المتمدن-العدد: 3838 - 2012 / 9 / 2 - 17:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تحافظ دول المحيط السوري قدر ما تشاء على وحدة القرار الداخلي تجاه مسار الاحداث في الازمة السورية وتحرص جاهدة على صناعة حائط صد يمنع انتقال العوامل التأثيرية من ساحة الاحداث السورية الى داخلها، اي انها تعمل على توفير عوامل الوقاية من المد السياسي والفكري والهوياتي من ناحية و من ناحية اخرى فانها تشتغل على انتاج خطاب اعلامي مناصر ومؤيد للمعارضة السورية و لمطاليبها المرفوعة في الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان وتعرية النظام السوري وتهويل الاحداث والممارسات قدر المستطاع ووصف هذا النظام بالإجرام والطائفية والمروق والاختلاف مما يعمل على امتصاص مشاعر واحلام شعوبها بالحرية وتوجيه حماسها باتجاه قضية الشعب السوري كنقطة خارجية لتفريغ التوتر مما يرفع كثيرا من درجات الامان ويخفف من احتمالات وصول موجة الربيع العربي الى هذه البلدان. ذلك ما يحدث في المملكة العربية السعودية والاردن ولبنان، اما في العراق فان الامر يختلف تماما في طريقة التعاطي الرسمي والشعبي مع المسألة السورية ،اذ اشتغلت الدولة العراقية بطريقة المجازفة التامة اي بجميع اوراق اللعب مرة واحدة ، دون ان تأخذ بنظر الاعتبار عملية استخدام تحوطات الامان في العمل السياسي ، مما جعل انتقال التأثيرات السورية الى الوسط العراقي دون حواجز بل سهل وسريع سياسيا واجتماعيا وثقافيا واعلاميا، الامر الذي ضاعف من اختناق المناخ السياسي مرات على ما كان فيه من ازمات ومشاكل واختلافات. الامثال حكمة الشعوب البديهية التي لم تنطقها جزافا فالمثل المعروف "مصائب قوم عند قوم فوائد" قد اشتغل في مصيبة السوريين ولو ان العراق قد استثمر الازمة السورية بعقل سياسي ناضج لاستطاع ان يتخطى ازمته الداخلية باقتدار، ولأصبح من دون منافس محطة الحل النهائي للازمة السورية ولسحب البساط من تحت اقدام المشروع القطري –السعودي- التركي الرامي الى تغيير سوريا وفق حسابات واجندات خاصة والى فرض المزيد من العزلة على العراق. ان وقوف العراق بحيادية وحرص من اطراف النزاع السوري كان سيمنحه ثقة الطرفين المتنازعين و ترشيحه كحكم عدل في البت بينهما ،لأنه كان لائقا لهذا الدور التاريخي بوصفه رئيسا لدورة الجامعة العربية الحالية واكثر البلدان العربية ارتباطا بسوريا دولة وشعبا ، كاد العراق يجني ثمار منزلته التاريخية لولا ضيق الافق السياسي المحتدم لدى الطبقة السياسية المهيمنة في الميدان السياسي.. كان حجر يأتي بعصفورين اولهما فك العزلة عربيا عن العراق وثانيهما كسب الوحدة الداخلية...لكن..!
من نافل القول ان الازمة السورية ليست ازمة ذات دوافع سياسية صرفة انما هي في الاغلب عبارة عن نزال هوياتي دفعت به الى الاشتعال ثقافة النظام العالمي الجديد بقيادة الولايات المتحدة الاميركية التي عملت على صياغة مواقع القوى في العالم بشكل مغاير لما كانت عليه خريطة القوى في القرن العشرين املا منها في الخروج بخرائط جديدة للعالم خاصة لمنطقة الشرق الاوسط وبطريقة ملائمة لطموح اميركا في بسط نفوذها وسيطرتها المطلقين على المعمورة في امد لا يتجاوز بداية الربع الثاني من القرن الحادي والعشرين.
فما الذي جعل العراق على موقف رسمي متجزأ من هذا الموضوع ويختلف عن بقية الدول صاحبة المواقف الموحدة سياسيا واجتماعيا من الازمة السورية ؟.
تجدر الاشارة الى ان هذه الدول (تركيا-السعودية-الاردن) ومن ثم ايران وقطر وروسيا دول تمتاز بقوة سلطتها المركزية وبجبروتها الامني وغياب التعددية السياسية فيها وان مقرراتها ومواقفها السياسية تنحصر بسلطة رمزية عليا ضاغطة ومؤثرة في اوساط رأيها العام الى درجة تعميم قناعة تفيد بان مخالفة اي امر من اوامرها يعد خيانة عظمى.. بينما العراق فقد هذه الخاصية وآلت مركزيته الى ذكرى سياسية سيئة دون ان يحل محلها بديل سياسي ديمقراطي او غيره يمتاز بالقوة والتوازن تقف معه الجماهير ويقف معها بمسافة واحدة وتراه ممثلا اراديا لهويتها الجمعية.. ذلك ان فعالية البرامج الخارجية في التشتيت والتذويت اخذت من العراق مأخذا ليس سهلا ونالت الهوية العراقية حظا وافرا من الانكسار والتجزئة وتمزقت بعض الاماكن في اطارها الجامع المانع الذي عمل لمدة طويلة كقشرة صلدة محيطة بالسايكلوجيا الجمعية تقيها من الصدمات الهوياتية وهجوم التمزيقات الفرعية التي اورثت الشخصية ذاتا مهشمة تنطوي على خراب داخلي مؤطر بالانفعال والاستفزاز والاستنفار.. العراقيون الجدد باتوا يختلفون في الالوان والالحان وطريقة قراءة القرآن والدعاء وفي من يحمل شارة المنتخب العراقي لكرة القدم او من ينفذ ضربة الجزاء وفي عدد المبتعثين الى دورة الطيران في اميركا وفي مواضيع شتى تبدأ بالأزياء ولا تنتهي بالسياسة.. الصورة الجديدة لنا اصبح فيها الاختلاف قاعدة والائتلاف استثناء. فكيف لا يكون الاختلاف حاضرا في شأن مهم ويخص النظام الرسمي العربي كالمسألة السورية ، قد يكون النظام العربي الرسمي اكثر سكان الارض تطيرا من احداث العراق السياسية فقد اخذ التغيير العراقي في 2003 من هذا النظام التقليدي الرث رمانة قبانه وعصاه المسلطة على المختلفين معه وبقرته الحلوب التي كان اعضائه يشفطون من ضرعها ذهبا احمرا ومنعوا لاحقا وذلك هو سر العداء وموجة البغض السوداء ضد العراق الجديد وقد مثل نظام البعث السوري رأس حربة لطعن قلب التجربة العراقية الغضة، غير ان نظام العولمة الاميركية لم يعف موجته العالية (الربيع العربي ) من التحلي بخصائصه الثابتة المبنية على تشتيت الهوية الوطنية وابراز هوية المكونات الفرعية فعزل النظام السوري على اساس مكونه الطائفي ( العلوي) المختلف مع المحيط السني . ان شيفرة البرنامج الاميركي تعتمد الصراع الطائفي " السني- الشيعي" محركا فاعلا في مساحة الشرق الاوسط بدلا عن محور الصراع العربي –الاسرائيلي الذي شغل الساحة السياسية من 1948 -2003م وقد جندت كل من قطر والسعودية كلاعبين اساسيين في هذا البرنامج الدولي والتحق بقية اعضاء الجامعة العربية واعضاء منظمة المؤتمر الاسلامي كتابعين وانصاف تابعين....وكان هذا هو البرنامج الاول الذي يعمل في مساحة الشرق الاوسط اما البرنامج الثاني فهو البرنامج التركي والبرنامج الثالث هو البرنامج الايراني..توحدت هذه البرامج من القضية السورية بنظرتها الاحتوائية وفي عنونة سوريا بهوية طائفية بحسب ما يؤدي الى خدمة مصالحها وتحقيق اهدافها، فأيران ترغب في سوريا حليفا استراتيجيا في محور المواجهة ضد اميركا واسرائيل ومحطة متقدمة في قلب المحيط الاسلامي الاخر "السني" ، فسوريا ساتر ترابي للجمهورية الاسلامية ضمن محور يصطبغ بلون الولاية الاخضر ممثلا بإيران والعراق وسوريا وحزب الله، اما تركيا فيحلم برنامجها بعودة الابن الضال سوريا التائهة من محيطها السني وضرورة العودة اليه وذلك لن يجري من دون استئصال الورم العلوي (في نظرة العثمانية الجديدة).اما الامريكان فان نظرتهم تمتاز بالازدواجية والتركيب فسوريا الحالية يجب ان تزال لانها ذراع ايراني يشكل احد طرفي الكماشة الايرانية طرفها الثاني حزب الله اللبناني الملتفين على عنق اسرائيل هذا من جانب اما من جانب آخر فان سوريا بلد يخضع لمقاسات برنامج العولمة فهو يتألف من مكونات متمايزة مستعدة للنزاع والتحارب والاعتزال عن بعضها بعضا في مدارات جغرافية مستقلة فلا ينتهي الصراع الحالي الا وسوريا مجموعة دويلات كما اراد المشروع الاميركي الام وبالحقيقة ان القطيعة الواقعية اخذت طريقها على الارض فالحسكا قد خضعت للسيطرة الكردية والوسط والشرق السوري خضع للسلفيين والقاعدة، اما الشمال فهو للسيطرة العلوية ، بقي الدروز والمسيحيون وطوائف اخرى قد تطالب بالحكم الذاتي وسواه.
ازاء هذه التضاريس المعقدة في خريطة الاحداث خرج الموقف العراقي مليء بالتناشز والاختلاف يحكمه التأثير الخارجي في فرقاء الطبقة السياسية. لكن مبعث التناقض الاساس في الموقف الرسمي العراقي هو تحالف العراق الاستراتيجي مع طرفين متناقضين في كل شيء ناهيك عن المسألة السورية هما اميركا وإيران ، وكل يفرض رأيه وارادته على الحكومة العراقية ذلك بالضبط مصدر الحيرة والضياع في الموقف الرسمي العراقي من سوريا.
سمعت شخصيا من شخصية سياسية عراقية مرموقة قوله :( حدثت مسؤولا اميركيا رفيع المستوى عن القضية السورية وطلبت منه ضرورة ان تدفع اميركا باتجاه ان يقوم العراق بدور ايجابي في حل الازمة السورية...يقول: فأجابني المسؤول الاميركي وكيف يكون ذلك ولا توجد سياسة وطنية عراقية موحدة تجاه القضية السورية فهناك ثلاث سياسات واحدة سياسة رئيس الوزراء وثانية سياسة وزير الخارجية وثالثة سياسة الناطق الرسمي للحكومة)..
نرى ان تذبذب الموقف الرسمي العراقي لا يؤهل العراق الى ان يلعب دورا ايجابيا في حل هذه المشكلة بل يضاعف من عزلته عن الوسط العربي وافتراقه معه وزيادة في احتمالات المواجهة مع القوى الجديدة الصاعدة في سوريا.. ان موقف التباين الرسمي العراقي لا يستند الى فكر استراتيجي لذلك لم تستطع المواقف المتباينة ان تتناول القضية من زاوية المصلحة الوطنية والشعور بالمسؤولية ، بل ارتكنت الى السطحية ومفارقة التعمق في قراءة الحدث و اضرت تلك القراءة المعتمدة على رأي الحلفاء كثيرا بمستقبلنا الوطني.. فقد رأت الطبقة السياسية بعيون تحالفية ما يدور على ارض سوريا واتخذت هذا الموقف او ذاك ولم تمر نظرتها عبر الرؤية الوطنية العراقية .فالمبررات التي اعتمدتها في التقدير تظل قاصرة عن بلوغ المدى الحقيقي ،الامر الذي يؤسف له غاية الاسف ..اذ لم ترتق العقول السياسية في العراق الى مستوى المعاصرة والحداثة السياسية، فامتازت بنظرتها الطائفية او العرقية القاصرة عن المستوى الوطني فضلا عن انها خضعت الى رؤى ميتافيزيقية لاتمت الى الواقعية السياسية بشيء.



#كامل_الدلفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاث قصص قصيرة...1
- المعوقات الموضوعية في بناء التجربة الديمقراطية في الشرق الاو ...
- عودة الروح..والضياع الافتراضي
- السرير-قصة قصيرة جدا
- كذبة صحفية-قصة قصيرة جدا
- البدون-قصة قصيرة جدا
- الطوفان -قصة قصيرة جدا
- اشتغالات انطباعية- قصة قصيرة
- احلام متبادلة –قصة قصيرة جدا
- نومي بصرة -قصة قصيرة
- حداء الكلك - قصة قصيرة
- الدستور دليل عمل دائم وليس شاهد حسب المزاج. قراءة في اختراقا ...
- هل أتاك حديث التظاهرة ؟
- العلق - قصة قصيرة
- حديث في مفهوم المواطنة والهويات الفرعية
- جماهير اليسار في العراق بين استبداد الماضي وتعسف الحاضر
- لائحة الارهاب العراقية- وسائل تعرية الملثمين
- ديخوخرافيا
- المعجزة و مقامُ النوّرِ
- الثديال- قصة قصيرة


المزيد.....




- إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟ ...
- الرئيس السابق للاستخبارات القومية الأمريكية يرد على الهجوم ا ...
- وزير خارجية الأردن لنظيره الإيراني: لن نسمح لإيران أو إسرائي ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع أنبا ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع وأنباء عن ضربة إسرائيلية على أ ...
- انفجارات بأصفهان بإيران ووسائل إعلام تتحدث عن ضربة إسرائيلية ...
- في حال نشوب حرب.. ما هي قدرات كل من إسرائيل وإيران العسكرية؟ ...
- دوي انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود على إيران- وسط نفي إيراني- لحظ ...
- -واينت-: صمت في إسرائيل والجيش في حالة تأهب قصوى


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كامل الدلفي - الازمة السورية..افتقار الموقف الرسمي العراقي لقراءة المتغيرات