أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميثم مرتضى الكناني - تصفية التاريخ والجمال في العراق..من اوراق مواطن واسطي














المزيد.....

تصفية التاريخ والجمال في العراق..من اوراق مواطن واسطي


ميثم مرتضى الكناني

الحوار المتمدن-العدد: 3838 - 2012 / 9 / 2 - 05:40
المحور: الادب والفن
    


عندما استذكر ايام صباي نهاية السبعينات من القرن الماضي حيث كنت اتجول في شوارع مدينتي (مدينة الكوت 170كم جنوب شرقي بغداد) كانت مدينة تزينها النصب وتلتف شوارعها على دوائر خضراء تنبعث من جوفها زخات الماء الملون باشرطة ضوئية على محيط الدوار ولم يخل تقاطع من تقاطعات مدينتي الصغيرة من نصب او عمل فني يفتح مصاريع المكان على الذوق الفني او على تاريخ يتمازج مع نفحات العشب المبلول بالماء المخفوق بالاضواء , في قبالة سدة الكوت التاريخية التي قطع شريطها الملك الشاب المغدور غازي الاول والاخير عام 1936 كان تقاطع الصياد حيث يشمخ صياد وهي يلقي بشباكه وسط دوار صغير يفصل مدخل السدة عن شارع دجلة المحاذي للنهر , في حين يتماوج بندول الساعة المتعددة الوجوه والتي تتوسط دوارا اخرا باسم دوار الساعة يقابل مدخل المحافظة في حين ينتصب على ثغر جسر الكرامة (اليوغسلافي ) نصب الشاعر المتنبي وهو يحمل كتابا في عودة يومية من بين سنابك الخيول وهدير السيوف التي لا تسكتها السنون , وفي وسط البلد( ساحة العامل ) حيث المقاهي الشعبية و تجمعات عمال البناء كان نصب العامل بقبعة العمل وهو يرفع فاسه بقامة تحاكي كبرياء الطبقة العاملة واصرارها الملحمي على انتزاع الحقوق , وعندما كنت اتوغل ماشيا في حي (الجديدة ) الشعبي كانت مقبرة الجنود الانكليزمن ضحايا الحرب العالمية الاولى تطالعني ببوابتها الحديدية وشواهد القبور البيضاء المنبثقة من خضرة الارض المربعة و التي تتصاغر امام صورة الصليب الحديدي الذي يتوسط الشواهد , وخلف المقبرة كانت حكايا وقصص الاعتقال السياسي ايام الحقبة الاقطاعية الملكية حيث سجن الكوت الرهيب , المعتقل الاشهر في تاريخ الحركة الوطنية العراقية حيث شهدت جنبات السجن اساطير المواجهة بين مؤسس الحزب الشيوعي (فهد ) ورفاقه من سجناء الراي مع جلادي السلطة , واليوم عندما اعود بالذاكرة الى الكوت عام 1978 واقارنها بالكوت اليوم حيث ازيلت كل النصب وتمت ازالة كل معالمها الجمالية اجدني اتحدث عن مدينة اخرى غير هذه المدينة( النصف انثى ) التي اعيش فيها الان بعد ان قطعت اثدائها وجدع انفها وتركت تنزف تاريخها وغنجها على ايد خصوم الجمال من جراء حملات تصفية الجمال ومحو التاريخ الممنهجة التي بداها النظام الدكتاتوري في مسلسل القضاء على الجمال والذوق من خلال هدم كل من نصب الساعة ونصب الصياد ونصب العامل ونصب المتنبي فضلا عن تهديم سجن الكوت التاريخي الشهير و بصفقة مشبوهة لتحويل المكان الى سوق شعبي لبيع السكائر وقت الحصار , والامر الادهى هو الغاء ذاكرة المدينة واقتلاع جهازها الودي بإباحة واستباحة مقبرة الانكليز وتحويلها الى مكب للازبال ومن ثم الى موقف لبيع الدراجات الهوائية بعد ان تم حدل الارض ونزع الثيل عنها وكسر شواهد القبور على نحو لا يبعث على حسن الظن خصوصا الان وقد سقط النظام الهمجي البائد ومن المفترض ان تكون للثقافة والتراث مساحة في اهتمامات ساسة مابعد 2003 باعادة مادمرته الدكتاتورية من نصب واعادة تاهيل المرافق الثقافية والمواقع التراثية والاثرية الا ان الواقع لا يعطيني ولو سطرا من كلمات التبرير للمسؤلين وهم يتعمدون او يغمضون عيونهم عن علم احيانا وعن جهل اغلب الاحيان عن سلق التاريخ ومسخ الثقافة في قدر الجهل وفضاعات الاميين ولو التمسنا لهم بعض العذر فيما يخص التجاوزات على المواقع الاثرية النائية بالسرقة والتعدي لكونها تقع في الغالب خارج حدود البلدية ومن الصعب تامين الحماية لها الان بحكم الظروف الامنية الغير مستقرة التي يعيشها العراق الان, ولكن مالايمكن تغافله هو اهمال مواقع تراثية بمستوى مقبرة الانكليز وهي في وسط مدينة الكوت بهذه الصورة السمجة وتركها نهبا للتخريب والعبث وهي السطر الوحيد المكتوب عن الكوت في الموسوعات التاريخية ليلغوا ذاكرتنا بتجاهلهم لكل ماهو نفيس في تاريخنا .



#ميثم_مرتضى_الكناني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمم تصنع القادة ام قادة تصنع الأمم
- تقليص مدة التدرج الطبي ..واثرها السلبي على الواقع في المؤسسا ...
- روجر فيشر ...صرت له عبدا
- من اجل تاسيس رابطة عراقية للاعلام الصحي
- خريجي الكليات التقنية في العراق بين ظلم ابو بطانية وابو خبزة
- الخطا الطبي..سيف مسلط على رقبة الابداع العلمي في العراق


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميثم مرتضى الكناني - تصفية التاريخ والجمال في العراق..من اوراق مواطن واسطي