أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مجدى زكريا - سورية - اصداء من ماض عريق















المزيد.....

سورية - اصداء من ماض عريق


مجدى زكريا

الحوار المتمدن-العدد: 3836 - 2012 / 8 / 31 - 21:58
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


كانت صلة وصل بين مختلف ارجاء العالم القديم, وملتقى طرق القوافل الممتدة من البحر المتوسط الى الصين ومن مصر الى الاناضول. على ارضها زحفت جيوش اكاد وبابل ومصر وفارس واليونان وروما. وبعد قرون شهدت وصول الاتراك والصليبيين. وفى الازمنة العصرية, قاتلت جيوش من فرنسا وبريطانيا للسيطرة عليها.
لا يزال جزء من هذه المنطقة يحمل اليوم الاسم الذى عرفت به طوال قرون كثيرة, بلاد الشام (سورية). وفى حين شهدت المنطقة تغييرات كثيرة, لا تزال اصداء من تاريخها القديم تتردد فى ايامنا. وهذه الارض تهم تلاميذ الكتاب المقدس خصوصا, لانها لعبت دورا فى تاريخ الكتاب المقدس.
اليك على سبيل المثال دمشق, عاصمة سورية, يقال ان دمشق الواقعة عند سفح سلسلة جبال لبنان الشرقية, هى احدى اقدم المدن فى العالم التى بقيت مأهولة رغم تأسيسها. وبما ان نهر بردى يجرى فيها, ظلت طوال قرون واحة جميلة عند طرف الصحراء السورية الكبيرة. ويحتمل ان يكون الاب الجليل ابراهيم قد مر بهذه المدينة فى طريقه الى كنعان جنوبا. وقد ضم ابراهيم أليعازر الدمشقى الى بيته وجعله خادما عنده. تكوين 15 عدد 2.
بعد نحو الف سنة, قام ملوك صوبة الاراميون ( نسبة الى ارام, اسم سورية فى الكتاب المقدس ) بمحاربة شاول, اول ملوك اسرائيل. كما خاض داود ملك اسرائيل الثانى, حربا مع ملوك ارام. وهكذا اصبحت ارام واسرائيل فى حالة عداء طويل الامد.
بحلول القرن الاول الميلادى, كانت العداوة بين سكان سورية واليهود قد سكنت كما يظهر. حتى انه وجد فى تلك الفترة عدد من المجامع اليهودية فى دمشق. ولا شك اننا نذكر ان شاول الطرسوسى ( الذى عرف لاحقا باسم بولس ) كان فى طريقه من اورشليم الى دمشق عندما اهتدى الى المسيحية. - اعمال 9 عدد 1:8.
لا يوجد اليوم دليل على مرور ابراهيم بها او على استيلاء داود عليها. ولكن توجد اثار المدينة الرومانيىة القديمة مع شارع رئيسى يخترقها على امتداد الطريق الرومانى القديم فيا ركتا ( اليوم " درب المستقيم " ). وفى احد بيوت هذا الشارع وجد حنانيا شاول بعد اهتدائه العجائبى الى المسيحية خارج دمشق.
وفى حين ان الشارع اليوم يختلف كثيرا عم كان عليه فى ايام الرومان, ففى هذا المكان استهل الرسول بولس نشاطه البارز. وفى اخر درب المستقيم يقع " باب شرقى " الرومانى, واسوار المدينة التى تعلوها بيوت تساعدنا ان نفهم كيف تمكن بولس من الهرب يانزاله فى سل من فتحة السور.
على مسافة ثلاث ساعات بالسيارة من دمشق فى الاتجاه الشمالى الشرقى, يوجد موقع اثرى بارز يدعى تدمر, التى يؤتى على ذكرها فى الكتاب المقدس. ( اخبار الايام الثانى 8 عدد 4 ) تقع تدمر فى منصف المسافة بين البحر المتوسط ونهر الفرات, وهى واحة ترويها ينابيع جوفية تنبثق من الجبال الواقعة الى الشمال. صحيح ان الطريق التجارية القديمة بين بلاد مابين النهرين والبلاد الواقعة الى الغرب كانت تجرى عبر الهلال الخصيب, اى على مسافة بعيدة جدا شمالى تدمر, لكن عدم الاستقرار السياسى الذى شهده الشمال فى القرن الاول قبل الميلاد دفع القوافل الى سلوك طريق جنوبية اقصر. وهكذا صارت تدمر فى اوج عزها.
كانت روما تستفيد من تدمر لأنها شكلت منطقة فاصلة تحمى الامبراطورية عند حدودها الشرقية. وهكذا ضمت تدمر الى مقاطعة سورية الرومانية, ولكنها اعلنت فى النهاية مدينة حرة. وعلى طول شارع رائع اصطفت عل ى جانبيه الاعمدة, بنيت هياكل ضخمة واقواس كبيرة وحمامات عامة ومسرح. وكانت الاروقة على كل جانب مرصوفة لسير المشاة, اما الشارع الرئيسى فترك غير مرصوف من اجل قوافل الجمال التى تخترق المدينة. وفى تدمر كانت القوافل تتوقف وهى تعبر الطريق التجارية بين الصين والهند فى الشرق والعالم اليونانى الرومانى فى الغرب. وكانت تجبر على دفع ضرائب تفرض على الحرير والتوابل والسلع الاخرى التى تنقلها.
بلغ عدد سكان تدمر فى اوج ازدهارها فى القرن الثالث الميلادى نحو 200,000 نسمة. وحدث فى ذلك الوقت ان وقعت الحرب بين ملكتها الطموحة زنوبيا وروما, لكن الملكة هزمت سنة 272 ب م. وبهذه الطريقة تممت زنوبيا بدون ان تدرى جزءا من نبوة سجلها النبى دانيال قبل نحو800 سنة من حدوثها ( دانيال الاصحاح 11 ) وبعد هزيمة زنوبيا, بقيت تدمر بعض الوقت مركزا حدوديا استراتيجيا للامبراطورية الرومانية, لكنها لم تستعد قط قوتها وعظمتها السابقتين.
الى الشمال الشرقى من تدمر, وبعد رحلة تدوم ثلاث ساعات بالسيارة فى الصحراء, تصل الى مدينة دير الزور التى يمكن ان يرى المرء منها نهر الفرات الكبير. هذا النهر الشهير فى التاريخ ينبع من جبال تقع فى شرقى الاناضول ( تركيا الاسيويه ). ويدخل سوريه شمالى كركميش, ويجرى فى سوريه فى الاتجاه الجنوبى الشرقى قبل ام يدخل العراق, وعلى مسافقة غير بعيدة من الحدود العراقية تقع اثار مدينتين اراميتين قديمتين.
فعلى مسافى 100 كيلو متر الى الجنوب الشرقى, عند احد تعرجات الفرات, تقع خرائب مدينة دورا اوروبوس ( الصالحية ) القديمة المحصنة. وعلى مسافة 25 كيلومترا اخرى الى الجنوب الشرقى, تقع اطلال مدينة مارى ( تل الحريرى ). كانت مارى مدينة تجارية مزدهرة, لكن الملك البابلى حمورابى دمرها فى القرن ال18 قبل الميلاد. وقد اكتشف فى محفوظات القصر الملكى هناك ما لا يقل عن 15,000 لوح صلصالى عليه نقوش مكتوبة. وقد ساهمت هذه الالواح فى تزويدنا بالكثير من المعلومات التاريخية.
عندما دمر جنود حمورابى المدينة, قاموا بهد اسوارها العليا, وهكذا ملأوا الحجرات المنخفضة بالاجر والتراب فأدى ذلك الى حفظ الرسوم الجدارية والتماثيل والانية الخزفية ومصنوعات يدوية كثيرة اخرى, الى ان اتت بعثة فرنسية من علماء الاثار واكتشفت الموقع سنة 1933, ويمكن التفرج على هذه الاشياء فى متاحف دمشق وحلب وفى متحف اللوفر فى باريس.
باتباع نهر الفرات فى الاتجاه الشمالى الغربى, يقترب المرء من مدينة حلب. يقال عن حلب شأنها فى ذلك شأن دمشق, انها واحدة من اقدم المدن فى العالم التى استمرت مأهولة. واسواق حلب هى من اروع الاماكن فى الشرق الاوسط.
الى الجنوب من حلب يقع تل مرديخ, وهو موقع دولة المدينة القديمة ابلا. كانت ابلا مدينة تجارية قوية سيطرت على شمالى ارام فى النصف الثانى من الالف الثالث قبل الميلاد. وقد كشفت الحفريات هناك عن اثار معبد مكرس للالاهه البابلية عشتار, كما اكتشف هنال قصر ملكى وقد عثر فى حجرات المحفوظات هناك على نحو17,000 لوح صلصالى, ويمكن التفرج على المصنوعات اليدوية الخاصة بابلا فى متحف ادلب وهى مدينة صغيرة تبعد عن الموقع مسافة 52 كيلومتر.
وفى الطريق التى تؤدى جنوبا الى دمشق, يمر المرء بمدينة حماة المذكورة فى الكتاب المقدس ( عدد 13, عدد 21 ) ويشق نهر العاصى طريقه فى حماة, جاعلا اياها واحدة من اجمل المدن السورية, وبعد ذلك يصل المرء الى رأس شمرا, موقع مدينة اوغاريت القديمة. وفى الالفين الثالث والثانى قبل الميلاد, كانت اوغاريت مرفأ تجاريا مزدهرا كثرت فيه عبادة بعل وداجون. وقد نبش علماء اثار فرنسيون ابتداء من عام 1929 الواحا صلصالية ومصنوعات برونزية عديدة عليها كتابات تظهر مدى انحطاط عبادة بعل. ويساعدنا ذلك على ان نفهم لماذا حكم الله على على عبدة بعل الكنعانيين بالفناء.
نعم, لا يزال المرء يسمع فى سورية الحديثة تردد اصداء من ماض عريق.



#مجدى_زكريا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المورمون - اضافات اخرى
- المورمون - طائفة المرشح الاميركى (3)
- المورمون - طائفة المرشح الاميركى (2)
- المورمون - طائفة المرشح الاميركى ( 1 - 2 )
- من قراءاتى - نوادر ونكات فيسبوكية
- عندما يكبر الاولاد قبل الاوان ( 3 )
- عندما يكبر الاولاد قبل الاوان ( 2 )
- الاطفال عندما يكبرون قبل الاوان ( 1 )
- رؤية مسبقة عن الات الدمار
- رؤية مسبقة عن آلات الدمار
- الضوء المثالى
- كيف نرى الجمال حولنا ( 4 )
- البحث عن الفنان الاعظم ( 3 )
- الفنان المنسى فى زمننا ( 2 )
- البحث عن الفنان الاعظم ( 1 )
- هل تعول الارض الاجيال المقبلة ؟
- حرية القول فى البيت هل هى قنبلة موقوته ( 3 )
- حرية القول هل يساء استعمالها (2)
- حرية القول هل يساء استعمالها (1)
- اديان كثيرة جدا . . من اين جاءت ؟ (2-2)


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مجدى زكريا - سورية - اصداء من ماض عريق