أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - رشيد عوبدة - الإيديولوجيا وسيط ضروري للفعل في التاريخ















المزيد.....

الإيديولوجيا وسيط ضروري للفعل في التاريخ


رشيد عوبدة

الحوار المتمدن-العدد: 3835 - 2012 / 8 / 30 - 20:17
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    



يعتبر مفهوم الإيديولوجيا من أشيع المفاهيم وأكثرها تداولا ،لكن معناها يظل مع ذلك من أكثر المعاني إثارة للجدل ،ومن ثمة فهو من أقل المفاهيم ثباتا ،فهو عند البعض مفهوم علمي حثمي ،وعند الآخرين معنى مبتذل ،بل يمكن ان يكون سبة كما نجد عند ريمون آرون بل ان نهايتها وشيكة كما ينظر لذلك فوكوياما، وهذا الوضع يبين أن مفهوم الإيديولوجيا نفسه، هو موضوع لعملية "أدلجة" مكثفة. ويعتبر المفكر المغربي عبد الله العروي في كتابه "مفهوم الإيديولوجيا ،أن كلمة إيديولوجيا دخيلة على جميع اللغات الحية ،فهي لغويا تعني في أصلها الفرنسي"علم الأفكار" كما أصل لها الفيلسوف الفرنسي ديتوت دى تراسي tracy De (1754ــ 1836) وكلمة ايديولوجيا Ideology كلمة يونانية تتكون من مقطعين ، المقطع الأول Idea ويعنى الفكرة ،والمقطع الثاني Logos يعني العلم فتكون الترجمة الحرفية "علم الأفكار" وقد تأثر دي تراسي بالنظرية التجريبية للفيلسوف الإنجليزي جون لوك ، كما تأثر بمذهب الفيلسوف الفرنسي كوندياك الذي يرد كل معرفة أو إدراك إلى أصول حسية بحثة،لكنها لم تحتفظ(أي الإيديولوجيا) بالمعنى اللغوي.
ما الايديولوجيا ؟ هل هي وعي زائف ومقلوب للعالم أم أنها الوسيط الضروري الذي بدونه لا يمكن للبشر ان يتحاوروا ويفعلوا في التاريخ؟ هل هي اغتراب للوعي وبالتالي عجز عن توجيه الفعل وضياعه في مسارب خاطئة ؟ أم أنها أداة الإنسان لتملك عالمه ومصيره؟ ثم هل الايديولوجيا مجرد أوهام مفارقة للواقع أم أنها تعبير عما يتضمنه هذا الواقع من تناقضات وصراعات؟.
لننطلق من معنى الايديولوجية كاختلال وتشويه للواقع ،وهو الذي يطابق الاستعمال الشائع لهذه الكلمة الذي انتشر عبر كتابات كارل ماركس الشاب منذ تأليفه للمخطوطات الاقتصادية والسياسية ،وبالخصوص بعد ظهور كتاب الإيديولوجيا الألمانية ومعلوم أن ماركس استعار مفهوم الإيديولوجيا من فلاسفة سابقين أطلقوا على أنفسهم إيديولوجيين وهم الذين ورثوا في فرنسا فكر الفيلسوف كوندياك .
لقد حاول ماركس ان يقدم تصورا جديدا للإيديولوجيا مستعملا في ذلك استعارة محددة ، إنها استعارة انعكاس الصورة وانقلابها داخل العلبة السوداء،وهي المنطلق الأساسي في كل عملية تصوير ،ومنذ ذلك الحين أصبحت الوظيفة الأولى التي تلحق بالإيديولوجيا هي صنع صور معكوسة عن الواقع. وقد استفاذ ماركس من نقذ فيورباخ للدين معتبرا (أي فيورباخ) أنه داخل الدين يتم إسقاط مجموعة من الخصائص البشرية على "كائن إلاهي خيالي" بشكل تحولت فيه الصفات الخالدة المميزة للإنسان إلى صفات مميزة للإله. والقلب الفيورباخي للمسيحية يتلخص في أن الإنسان خلق الله على صورته لا العكس معتبرا في كتابه "أصل الدين " (دراسة و ترجمة الدكتور أحمد عبد الحليم عطيه) ان "الدين هو حلم العقل البشري" و أن "الانسان حين يتحدث عن الله فإنه في الحقيقة لا يتحدث إلا عن نفسه" فقد حاول البشر - حسب فيورباخ - تحقيق مثلهم العليا و صفات الكمال(فيهم) و نظرا لعدم تحققها (كاملة) في كائنات بشرية محددة،و رغبة في تجسيد هذه المثل، خلق البشر الله متناسين أن هذه الصفات و المثل هي التي تكون صورة الله عند البشر، و يمكن ان نتابع نفس الفكرة مع فيورباخ حين يضيف " لو لم تعتبروا الله الوجود النهائي انه شخصية، أي لو لم تروا فيه شيئا غير حرية الإرادة ،الوعي بالذات فانتم تفكرون في الله بشكل سطحي . هذا الاله الشخصي لم يكن شيئا اخر سوى النموذج المادي الذي هو في الحقيقة انعكاس لذاتية الانسان او للذات الانسانية ،فالله كالسطح الاملس الذي يعكس الذات الانسانية للذات الانسانية"، وكما قلت فقد استفاد ماركس من هذا النقد ،لكن إضافة ماركس النوعية تمثلت في الربط بين التمثلات الفكرية وبين واقع الحياة الذي هو الممارسة أو البراكسيس Praxis ،بهذا الشكل ينتقل ماركس من المعنى الضيق لكلمة ايديولوجيا إلى معناها الواسع الذي يعتبر أن الحياة الواقعية للإنسان تسبق مبدئيا تمثلانه الذهنية .وعلى أساس المادية التاريخية طور ماركس وانجلز المفهوم العلمي للايديولوجيا المرتبط بتحليل الوعي الاجتماعي ،كانعكاس للوجود الاجتماعي ، يقول ماركس في مقدمة " نقد الاقتصاد السياسي" " ليس وعي الناس هو الذي يحدد وجودهم، بل العكس إن وجودهم الإجتماعي هو الذي يحدد وعيهم"، ويتساءل ماركس وانجلز في البيان الشيوعي" هل نحتاج الى تأمل عميق كي ندرك أن افكار الإنسان وآراءه ومفاهبمه ، وباختصار وعيه، تتغير مع تغير وجوده المادي وفي علاقاته وحياته الاجتماعية". وصولا إلى الاعتراف بأنه في مجتمع طبقي تكون الايديولوجيا جماعا للتصورات الاجتماعية لطبقة معينة ،يعبر عن وضعها الاجتماعي التاريخي ،و عن مصالحها وبعبارة أخرى ،فان الايديولوجيا في مجتمع طبقي سمة طبقية.ان الطبقة المتحكمة في وسائل الإنتاج المادي تملك في الوقت نفسه الإشراف على وسائل الإنتاج الفكري.
طبعا الى جانب وظيفتها الاساسية و الاولية و التي هي تشويه الوقائع وقلب الحقائق يمكن ان نتحدث عن وظيفة ثانية للايديولوجيا وهي وظيفة تبرير السلطة بما هي آلية تلجا اليها الطبقات الحاكمة و المسيطرة لإعطاء مبررات لأفكارها، وإضفاء المشروعية على مخططاتها و مشاريعها. هناك ايضا وظيفة ثالثة للإيديولوجيا تنضاف إلى وظيفتي التشويه والتبرير هي ما اسماه بول ريكور وظيفة الإدماج ،وهي وظيفة أعمق لأنها تمثل المستوى التحتي أو القاعدي للإيديولوجيا ،وهي تظهر في استعمال الطقوس والإحتفالات التخليذية .إننا هنا إزاء بنية رمزية خاصة بالذاكرة الجماعية ،مثل إعلان استقلال أمريكا الشمالية ،والاستيلاء على قصر لاباسيتي أثناء الثورة الفرنسية ،وثورة أكتوبر بالنسبة لروسيا، والاحتفالات التي تعرفها جل البلدان والكيانات السياسية بخصوص الاحتفالات المحلية او الدينية... دور الايديولوجيا ،إذن هنا، هو تامين بقاء مجموعة بشرية ،ووجودها بفضل الصور الثابتة التي تصنعها لنفسها وعن ذاتها.
إن الإيديولوجيا لم تمت كما ينظر لذلك البعض ،بسبب انهيار المعسكر الشرقي الذي قاده الاتحاد السوفياتي ،و بفعل انهيار جدار برلين واتحاد المانيا الشرقية باختها الغربية ،و بسبب سيادة النظام العالمي الجديد الذي يقوده الغرب ...بل انها ( أي الإيديولوجيا ) لا زالت مفعمة بالحياة لأن عناصر اقتياتها لازالت متوفرة، والتي يشكل الصراع الطبقي اهم عنصر مغذ للإيديولوجيا. ومن ينظر لأسطورة موتها هو يمارسها في الآن ذاته . أليس السعي الى الإقناع بنهايتها خوف من تقويها في ظرفية استحوذت فيها القوى الرأسمالية على كل السلط مخلفة وراءها فوارق طبقية يمكنها ان تتحول الى وقود للصراع الطبقي الذي شأنه ان يفضي الى إعادة التوازن للمجتمعات بما يضمن لها الهدوء بعد العاصفة.



#رشيد_عوبدة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللاوعي : هل هو ابتكار فرويدي ؟


المزيد.....




- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...
- انفجار ضخم يهز قاعدة عسكرية تستخدمها قوات الحشد الشعبي جنوبي ...
- هنية في تركيا لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة مع أردوغان
- وسائل إعلام: الولايات المتحدة تنشر سرا صواريخ قادرة على تدمي ...
- عقوبات أمريكية على شركات صينية ومصنع بيلاروسي لدعم برنامج با ...
- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - رشيد عوبدة - الإيديولوجيا وسيط ضروري للفعل في التاريخ