أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مالك بارودي - في الحديث عن أقوى حكومة في تاريخ تونس















المزيد.....

في الحديث عن أقوى حكومة في تاريخ تونس


مالك بارودي

الحوار المتمدن-العدد: 3835 - 2012 / 8 / 30 - 08:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


منذ أشهر، طلع علينا وزير الخارجيّة التّونسي رفيق عبد السّلام (الذي ينكر دائما لقبه الأصلي: بوشلاكة) وقال كلمة تداولها القريب والبعيد: "الحكومة الحالية أقوى حكومة عرفها تاريخ تونس"... وكان قبل ذلك قد قال كلمة أخرى لاكتها الألسن طويلا لطرافتها حين صرّح بأن تونس لها سواحل طولها 500 كلم، مثبتا جهله العميق بالتّاريخ والجغرافيا وبكل ما يمتّ بصلة إلى هذا البلد الذي أُسندت له مهمّة تمثيله في الخارج... هذان مثالان بسيطان على كفاءة هذا المجهول، صهر الشّيخ راشد الغنّوشي، الذي أتت به الحكومة التّونسيّة، الموالية قلبا وقالبا لآل خليفة وآل سعود، إلينا لينقذ البلاد بعد الثّورة. وهما دليل واضح على صحّة قوله الأوّل من أنّها "أقوى حكومة". فالقوّة المنسوبة للحكومة الحاليّة لا تأتي من قدرتها على السيطرة على الأوضاع أو من كفاءة الأعضاء الذين يدّعون السّهر على حسن سير هياكل الدّولة أو من تفانيهم في خدمة مصالح المواطنين، بل من قدرات أهلها على المراوغة والكذب والنّفاق وقلب الحقائق وخدمة مصالحهم الشّخصيّة على حساب كلّ شيء... سبق وتداولت الصّحف الأجنبيّة ذاك اللقب الذي أطلقه الشّعب التّونسي على رئيس الجمهوريّة "محمّد المنصف المرزوقي" فقالت أنّه "طرطور"، بمعنى أنّه مجرّد رئيس شرفيّ لا صلاحيات له ومجرّد واجهة فارغة ومفرغة من كل معانيها (وتلك كانت مشيئة حزب حركة النهضة، الحزب الذي يدّعي اليوم إمتلاكه للمشروعيّة بعد فوزه في إنتخابات 2011 في سعيه إلى ضمّ كل الصّلاحيات بيد رئيس الحكومة التّابع له "حمّادي الجبالي")، هذا زيادة على هفواته الكثيرة وزلات لسانه التي لا تعدّ ولا تحصى، ولكن اللقب يمكن أن يطلق على كل من أتت به الإنتخابات السّابقة إلى سدّة الحكم في تونس: إنّها "حكومة طراطير" أو "حكومة طرطوريّة"، إن صحّ الإشتقاق، مع ضرورة توسيع معاني كلمة "طرطور".
"أقوى حكومة في تاريخ تونس" لا تعامل المواطنين إلا بسياسة الكيل بمكيالين... فعندما يتظاهر المعطّلون عن العمل أو المواطنون المعارضون لسياسة الحكومة سلميّا يقمعهم رجال الأمن، ولكننا لا نرى لوزارة الداخلية (قيادة وأعوانا على حدّ سواء) أي حضور أو ردّ فعل عندما يعتدي سلفيّون على جمهور أتى للإلتقاء بـ"سمير القنطار" في إطار "يوم القدس العالمي" ببنزرت وعلى منظّمي التّظاهرة، ولا نرى لها أي ردّ فعل حازم في إعتداء سلفيين على العلم التونسي وتعويضه بتلك الخرقة البالية السوداء المستوردة من بلاد الرّمال (الذي حكمت عليه المحكمة بعد أسابيع بالسجن مدّة شهرين مع إيقاف التنفيذ)، ولا نراها تحرّك ساكنا وهي تشاهد إعتداء "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" (المستوردة أيضا والتي أصبح إسمها "الجمعيّة الوسطيّة للتّوعية والإصلاح" في محاولة لإبعاد الشبهات) ومؤسّسها بائع الخُضر "عادل العلمي" على المطاعم والمقاهي بتعلّة أنّها مفتوحة في شهر رمضان... أقوى حكومة في تاريخ تونس تحمي كلّ من ينظمّ إلى "حزب حركة النهضة" وتعيّنه في مهام عليا بأجهزة الدولة ومؤسساتها وتنزّهه وتدعمه وإن كان من رموز الفساد في عهد زين العابدين بن علي (تسمية "الشّاذلي العيّاري" محافظا للبنك المركزي التّونسي بعد إقالة "مصطفى كمال النّابلي"، وتعيين "الحبيب الصّيد" مستشارا لدى رئيس الحكومة مكلّفا بالشؤون الأمنيّة، على سبيل المثال لا الحصر)، في حين أنّها تختلق التّعلات لمن يبقى في المعارضة من التّجمّعيّين السّابقين (مثل العداوة التي تجمعها بحزب "الباجي قايد السبسي" الجديد المسمّى "نداء تونس") وتمطرهم تهما وتتوعّدهم وتشهّر بهم وتسارع بفتح ملفات فسادهم إذا ما تمادوا وأصرّوا على معارضتها ووقفوا لها وقفة النّدّ للنّدّ وفضحوا ممارساتها ونفاقها (إحالة "سامي الفهري" على القضاء وصدور بطاقة إيداع بالسّجن في زمن قياسي، ليس بسبب ملفات الفساد والـ120 مليارا من المليمات التي يقولون أنّه ربحها من صفقات أبرمت بين شركته ومؤسسة الإذاعة والتلفزة في زمن بن علي، بل بسبب فضحه، من خلال برنامج فكاهي عنوانه "اللوجيك السياسي" يبثه على قناته "التّونسيّة"، لما تقوم به هذه "الحكومة الشّرعية الثوريّة" ولتكريسها لديكتاتوريّة جديدة "ناشئة"، كما قال ذات مرّة رئيس الحكومة "حمّادي الجبالي" في زلّة لسان فاضحة؛ وفي المقابل يقع تجاهل ملفّات رموز النظام السّابق الذين دخلوا بيت الطّاعة النّهضوي وباركهم الحاكم الأصلي الشيخ "راشد الغنوشي" من أمثال "العربي نصرة" صاحب قناة "حنبعل")... أقوى حكومة في تاريخ تونس يتحدّث فيها وزير الرّياضة "طارق ذياب" (القادم من أستوديوهات "الجزيرة الرياضيّة" بدولة قطر بتعيين من بعل – أو بغل – الشيخة موزة، مثل وزير الخارجية تماما) لا عن المشاكل التي يشهدها المجال الرّياضي التونسي من فساد وهمجيّة وعشوائيّة وعنف وإجتياح للملاعب أثناء المباريات وما ينتج عن ذلك من تهديد لأرواح المواطنين ولا عن النتائج الهزيلة التي تحصّلت عليها تونس في الألعاب الأولمبية "لندن 2012"، بل عن "وجوب تطبيق الشّريعة" و"ضرورة قطع أيدي السّارق"... أقوى حكومة في تاريخ تونس يعمل فيها وزير للشؤون الدّينيّة ("نور الدين الخادمي") لا يستطيع السّيطرة على 150 مسجدا من المساجد الموجودة بالبلاد والتي إفتكّها سلفيّون ولا يستطيع فرض تطبيق القانون حتّى على وعّاظ المساجد التي مازال يتحكّم بها لمنعهم من إلقاء خطب سياسيّة أو التّحريض على العنف والكراهيّة والتّكفير... أقوى حكومة في تونس نجد من بين أعضائها "عبد الوهاب معطّر"، وزير التشغيل والتكوين المهني، الذي صرّح ذات مرّة أنّ "وزارة التشغيل ليس من مهامّها التشغيل" (حقيقة لم يسعفني كل الذّكاء الذي لديّ في فهم معنى هذه الجملة المعجزة، وإستنجدت بكل من أعرفهم من أصدقائي دون أن أظفر بتفسير ولو سطحي للقصد من كلام كهذا)... أقوى حكومة في تاريخ تونس تمسك بالمخرّبين السّلفيّين ثم تطلق سراحهم بعد أيّام بسبب "عدم توفّر الأدلّة"، ثمّ تدّعي أنّ القضاء مستقلّ وأنّ الحكومة لا تشكّك في نزاهة القضاة... أقوى حكومة في تاريخ تونس تحيل "أيوب المسعودي" المستشار السابق لرئيس الجمهورية على القضاء العسكري لأنّه قال في مقال له أنّ "وزير الدّفاع الوطني ورئيس أركان الجيوش كانا على علم بصفقة تسليم "البغدادي المحمودي" رئيس الوزراء في عهد "معمّر القذّافي" للسلطات الليبيّة وبتاريخ تنفيذها ولم يُعلما رئيس الجمهوريّة"، متّهمة إيّاه بالمسّ من سمعة الجيش، والواقع أنّهم لم يغفروا له أبدا نشره لمقال بعنوان "سيدي بوزيد والمافيا" قدّم فيه حقيقة الإنتفاضة الأخيرة بسيدي بوزيد التي سعوا إلى التّكتّم والتعتيم عليها إعلاميّا... أقوى حكومة في تاريخ تونس، عندما تجد نفسها في مأزق وترتفع الأصوات المعارضة لممارساتها، تعطي أوامرها لميليشيات "حزب حركة النهضة" وميليشيات السّلفيين بالقيام بأعمال تخريبية في أنحاء متفرّقة من البلاد لتشتيت إنتباه معارضيها وجعلهم ينشغلون بالدفاع عن أنفسهم ضدّ العنف السّلفي... أقوى حكومة في تاريخ تونس تعطي تأشيرة للعمل القانوني لـ"حزب التّحرير" الذي يقول صراحة على لسان الناطق الرسمي بإسمه "رضا بالحاج" أنّه ضدّ النّظام الجمهوري لأنّه نظام "كافر خبيث" ولا يعترف بالدّيمقراطية ولا بالدّستور الذي هو بصدد الكتابة الآن ويدعو إلى تحويل تونس من جمهورية إلى خلافة... في أقوى حكومة في تاريخ تونس، لم يستقل من حزبه إلا "محمد المنصف المرزوقي"، في حين بقي كلّ الوزراء والمستشارين منتمين إلى أحزابهم الأصليّة، ضاربين بعرض الحائط ما كان يطالب به "حزب حركة النهضة" قبل إنتخابات 2011 من وجوب إستقالة كلّ من سيدخل الحكومة من حزبه الأصلي لمنع الخلط بين المصالح الحزبية والحكوميّة؛ لكن ذلك الكلام كان قبل الإنتخابات طبعا وكان موجّها إلى الأحزاب الأخرى، في صورة فوزها، ولا يعبّر عن قناعات "حزب حركة النهضة" (لقد عوّدنا هذا الحزب على نفاقه وخطابه المزدوج حتّى بات من السهل على أيّ شخص يمتلك القليل من المنطق أن يتنبأ بأقوال وأفعال المنتمين إليه وخاصّة أقوال وأفعال شيخه الموقّر "راشد الغنوشي" الذي طالما ردّد على مسامعنا كذبته المفضوحة القائلة بأنّ النّظام السّياسي التّركي مأخوذ من كتاباته)... أقوى حكومة في تاريخ تونس لا يصرّح فيها أحد بممتلكاته وثروته الأصليّة، في حين أن هذا التصرّف يمثّل قمّة الشفافيّة (كم كرهت هذه الكلمة التي لم تتجاوز في تونس مستوى الشّعارات الفضفاضة إلى مستوى التّطبيق العملي والفعلي، مثلها مثل "الإستقلالية" و"الحرّيّة"، إلخ) ومن أسس النظم الديمقراطية؛ رئيس الولايات المتّحدة الأمريكية نفسه يصرّح بممتلكاته وثروته ومصادرها قبل تقلد منصبه، فلماذا لا يقوم بذلك من يصمّون آذاننا ليلا نهارا بأقوال من قبيل "الديمقراطية التي نريد تأسيسها في تونس" و"شفافية المعاملات" و"الحوكمة الرشيدة"؟ قبل الإنتخابات، لم يقم أي حزب، وعلى رأسهم "حزب حركة النهضة" الحاكم اليوم، بالإفصاح عن ميزانيّته وتقديم الإثباتات عن مصادرها، رغم أنّ معظم تلك الأحزاب كانت تتّهم بعضها بأنّها تتلقّى دعما ماليّا خارجيّا (الشيء الذي يجعل الحزب غير مستقل وعميلا للأطراف المموّلة له ومطبّقا لبرامج قد تسيء إلى البلاد أو تضرّ بمصالحها وإستقلاليتها وأمنها في صورة وصوله إلى سدّة الحكم)؛ وبعد الإنتخابات، لم يصرّح أحد ممّن عيّنوا على رأس الوزارات بما يمتلكه من عقارات وأموال (الشيء الذي يضمن العدل في صورة تعرّض أي منهم لأيّ إتهام بالرّشوة أو بإستغلال النفوذ مثلما كان الحال في النظام السّابق من جهة، ومن جهة أخرى يرسّخ ثقة المواطن في من وُضع ليسيّر أمور الدّولة ويسهر على عمل هياكلها ويتصرّف في المال العام)... فأين ما تدّعيه أقوى حكومة في تاريخ تونس من شعارات؟ أقوى حكومة في تاريخ تونس يُفتضح أمر المستشار السياسي لدى رئيس الحكومة المكلف بملف الإعلام والصحافة "لطفي زيتون"، التابع لـ"حزب حركة النّهضة" (كالعادة) فتأتي الأدلّة موثّقة بأنّه وزوجته يمتلكان قناتين تلفزيتين فضائيتين وهما "الزيتونة" و"تونس اليوم" لم يكن أحد يعرف بأمرهما؛ وكالعادة، عندما يفتضح أمر أحد أعضاء الحكومة، نجده يهبّ شاتما ومتوعّدا الصّحفيّين الذين إكتشفوا الأمر باللجوء إلى القضاء، ولو كان صرّح بما لديه من ممتلكات قبل وضع ساقه في الحكومة لما كانت الفضيحة... والأمر الأخطر يتمثل في كونه، مثلما سبق وقلنا، مستشارا لدى رئيس الحكومة مكلفا بملف الإعلام والصحافة، الشيء الذي إذا ربطناه بمسألة سجن "سامي الفهري" الذي تمتلك قناته أستوديوهات مجهّزة بأحدث التجهيزات وإحتمال مصادرتها يمكن أرضيّة لسيناريوهات كثيرة لعلّ أبرزها إمكانية أن يكون ذلك مشروعا مدبّرا من طرفه (وهو الذي يدّعي الرّغبة في إصلاح القطاع الإعلامي) للإستحواذ على تلك الأستوديوهات دون تعب أو جهد وتأسيس إمبراطورية إعلامية فاسدة، مكرّرا بذلك نفس الممارسات التي عهدناها في عهد الرئيس السّابق زين العابدين بن علي... أقوى حكومة في تاريخ تونس يسيّرها، من وراء ستار كثيف من الألاعيب والأكاذيب، رئيس "حزب حركة النّهضة" في حين أنّه لا يمتلك أيّ صفة حكوميّة، حسب قول رئيس الحكومة، وفوق هذا كلّه يحمل جواز سفر ديبلوماسي مسلّم من طرف الحكومة (وربّما يتمتّع أيضا بأموال تقتطع لصالحه من المال العام، فمن يدري؟)... أقوى حكومة في تاريخ تونس تضمّ بين صفوفها وزيرا للتعليم العالي، "منصف بن سالم"، يغضّ الطرف عن إعتداء السّلفيّين لجامعة منّوبة وإحتلالهم لها وعندما يفتح فمه يتّهم عميد الجامعة بأنّه السّبب في كلّ ما حدث (وكلّ ذنب هذا الأخير أنّه أراد تطبيق القانون على الجميع وطالب بتحييد المؤسسة التعليمية عن التجاذبات الدينية والسياسية) في حين يولي السّيّد الوزير إهتماما كبيرا بتحديد إتّجاه القبلة في مكاتب وزارته ويسهر على ذلك... أقوى حكومة في تاريخ تونس تعيّن الولاة ورؤساء الصّحف ومديري القنوات الإذاعية والتلفزية العامة من بين المنتمين لحزبها الأصلي "حزب حركة النّهضة"، ولا تكتفي بذلك، بل تعيّن رؤساء أقاليم الأمن أيضا من أتباع ذلك الحزب، ثمّ تتبجّح قائلة أنّها لا تريد السّيطرة على هياكل الدّولة ومؤسّساتها؛ فإذا لم تكن هذه سيطرة، فكيف نسمّيها؟ أقوى حكومة في تاريخ تونس تركت قضايا جرحى وشهداء الثورة وإنكبّت على حساب عدد من يجب تعويضهم من ضحايا القمع في عهد "زين العابدين بن علي" (ومعظمهم من أتباع الحزب الحاكم، ذلك أنّ عددا كبيرا من الشخصيات الموجودة اليوم في المعارضة إستنكرت فكرة أن يستلموا ثمن نضالهم في شكل تعويضات ماليّة حتّى أن بعضهم قال: "لم نناضل من أجل المال، بل من أجل الوطن والحرّيّة") وتقدير المبلغ اللازم لذلك والذي وصل إلى 1200 مليار من الملّيمات، في خطوة إعتبرها كلّ من سمع خبرها جشعا وطمعا وسرقة للمال العام ومال الشعب في ظروف إقتصاديّة تزداد صعوبة يوما بعد يوم... ولا أعرف بأيّ منطق يمكن إعتبار أعضاء "حزب حركة النّهضة" الذين كانوا في السجن أو في المنفى ضحايا وتعويضهم، ذلك أنّ الأسباب التي جعلتهم مضطهدين، في زمن "الحبيب بورقيبة" و"زين العابدين بن علي" على حدّ سواء، لا تتعلّق بمعارضتهم السّلميّة للنّظام بل بتآمرهم على أمن البلاد ومحاولتهم قلب نظام الحكم والإستيلاء على الكراسي بالقوّة والعنف، ذلك أنّهم خطّطوا لتفجير نزل بمدينة المنستير وكانوا وراء ما يسمّى بـ"أحداث باب سويقة" وإعتدوا على أشخاص كثيرين بالحامض المستعمل في بطاريات السّيارات مخلّفين لهم عاهات دائمة، كما خطّطوا لإستهداف الطائرة الرئاسيّة بصاروخ "ستينغر"... فكيف يصبح المجرم ضحيّة ويطالب بتعويضه من مال الشّعب في حين أنّه لم يفعل شيئا لإستعادة الأموال المنهوبة أو لجعل المملكة العربية السّعودية تسلّمه الرئيس السّابق؟ وهل يتحمّل الشّعب، الغارق في وحل واقعه الذي يزداد سوءا يوما بعد يوم، تبعات ما فعله رؤساؤه في هؤلاء الإرهابيّين...؟ أقوى حكومة في تاريخ تونس يصبح كلّ من يعارضها ويسعى لتقويم مسارها متّهما بأنّه يريد إسقاطها لأنّه كافر و"عدوّ للإسلام"، كما قال مؤخّرا منظّر الإسلام المعتدل (المطعّم بأفكار أمريكية وأموال خليجية وأكاذيب شيطانيّة) الشيخ "راشد الغنوشي"...
منذ أشهر، طلع علينا وزير الخارجيّة التّونسي رفيق عبد السّلام وقال كلمة تداولها القريب والبعيد: "الحكومة الحالية أقوى حكومة عرفها تاريخ تونس"... وفي الآونة الأخيرة، ظهر من جديد وأكّد أن "الحكومة الحاليّة ستحكم تونس لعدّة سنوات قادمة" وأيّده صهره "راشد الغنوشي" (الذي يتدخّل في أمور الحكم دون أن تكون له أيّ صفة) قائلا أن "النهضة ستبقى في الحكم لسنوات طويلة"... لا أعرف أين تعلّم هؤلاء السّياسة، بل لا أعرف أصلا إن كانت لديهم أدمغة أم لا... لكن كلاما كهذا يحيل على عدّة تأويلات وتفسيرات يتعلّق بعضها بفترة حكم النّهضة الحاليّة ومعظمها بسيناريوهات شيطانيّة قد يكونون بصدد تحضيرها لتزوير الإنتخابات القادمة أو لشراء أصوات النّاخبين مثلما فعلت في إنتخابات 2011 أو منع الوصول إليها، خاصّة عندما نضع هذين التّصريحين جنبا إلى جنب مع ما صرّح به وزير الخارجية السوري "وليد المعلّم" لصحيفة "الأندبندنت" البريطانية (بتاريخ 28 أوت 2012) من أنّ أمير دولة قطر، حمد بن خليفة آل ثاني، أعطى 150 مليون دولار لـ"راشد الغنّوشي" لتمويل حملته الإنتخابيّة السّابقة؛ فما الذي يمنعهم من تكرار نفس الشيء في الإنتخابات القادمة...؟
فهل يلدغ الشّعب التّونسي من نفس الجحر مرّتين ويسلّم البلاد لـ"أقوى حزب في تاريخ تونس" (بما أنّ "أقوى حكومة" نابعة منه وتابعة له قلبا وقالبا) ويصبح أضحوكة العالم لفترة إنتخابيّة جديدة قد تدوم أربع سنوات وقد لا تنتهي أبدا؟ ذلك ما سنتابعه في الحلقات القادمة من المسلسل الكوميدي "ثورة بلاد الموز"...



#مالك_بارودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرة في الحجج والتبريرات الغيبيّة التي خدع بها محمّد المسلمي ...
- الموضوع الذي يخشى شيوخ السلفية الخوض فيه: لماذا قتل عثمان بن ...
- حول تواصل إعتداء المتديّنين المتطرّفين في تونس على الحرّيّات
- خواطر وأسئلة حول الحاضر المأساوي الهزلي للمسلمين
- تجربتي مع الدين - الجزء الثاني
- تجربتي مع الدين - الجزء الثالث
- تجربتي مع الدين - الجزء الأول
- لماذا لا أعتقد أنه يمكن أن يكون هناك حوار مع مسلم حول موضوع ...
- رسالة إلى بلدان الثورات العربية حول الوهابية أو النازية الإس ...
- المعجزة الإسلامية التي أذهلت الغرب وأبكت الملايين
- حول زواج المسلم/ة من مسيحي أو يهودي ... الخ أو من لا ديني/ة
- هل كان بالإمكان تفادي وصول الحكم في دول الربيع العربي إلى مر ...
- كيف؟ كيف كانت بداية الإنهيار؟
- الواقع في تونس بعد الثورة: جري نحو الهاوية بمباركة حزب النكب ...
- نظرة على أخلاق رسول المسلمين وإدعاءاتهم بأنه خير الخلق
- نظرية التطور والإرتقاء: بعض الامثلة على حقيقة التطور في المس ...
- عودة إلى زعم المسلمين أن نظرية التطور الداروينية سقطت
- نظرة في تخاريف ومزاعم المسلمين: هل الشورى هي الديمقراطية؟
- رسالة إلى عبد الحكيم عثمان حول تهافت مقاله - ساعدوني حتى اصب ...
- تخاريف شيوخ الإسلام: داعية كويتي يقترح استبدال اسم أم كلثوم ...


المزيد.....




- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مالك بارودي - في الحديث عن أقوى حكومة في تاريخ تونس