أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - جواد البشيتي - موت -اللغة- في جرائدنا اليومية!














المزيد.....

موت -اللغة- في جرائدنا اليومية!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3834 - 2012 / 8 / 29 - 11:23
المحور: الصحافة والاعلام
    



عيوب وخِلال كثيرة أراها يومياً في صحافتنا اليومية؛ وربَّما كان أكثرها وضوحاً، ومَدْعاةً للاستياء، ضَعْف وركاكة اللغة، في الخَبَر، والمقالة؛ وإنِّي لأُحَمِّل ما يسمَّى "قسم التدقيق (أو التصحيح) اللغوي"، في الجريدة، المسؤولية الأولى في هذا الأمر.
أقول "المسؤولية الأولى"، ولا أقول "المسؤولية كلها"؛ فإنَّ كثيراً من من الفساد اللغوي (في جرائدنا) يأتي من الصحافي أو الكاتب نفسه؛ وإنَّ كثيراً من "المقالات (الصحافية)" يجتمع فيها "الاضطِّراب الفكري" و"الاضطِّراب اللغوي"؛ فلا تَعْرِف ما الذي يريد الكاتب قوله، إثباته أو دحضه، على افْتِراض أنَّ الكاتب نفسه يَعْرِف؛ أمَّا اللغة التي يُخْرِج بها (إلى القارئ) فكرته المضطِّربة (المُشَوَّشَة، المتناقضة منطقياً) فلا تَصْلُح إلاَّ لشَحْن "الاضطِّراب الفكري" بـ "اضطِّراب لغوي"؛ وهذا إنَّما يُبْرِز ويؤكِّد أهمية "كيفية القَوْل"؛ فإنَّ الأهم مِمَّا تريد قوله هو أنْ تَعْرِف "كيف تقوله"؛ ولا ريب في أنَّ "اللغة" هي أهم جزءٍ من أجزاء هذا "الكَيْف".
ولقد كنتُ شاهداً على كُتَّابٍ راسخين في اللغة؛ لكنَّهم ذاقوا الأشد والأسوأ من الأمرَّيْن، إذْ قرأوا، في اليوم التالي، أيْ "يوم النَّشْر"، مقالاتهم التي أمْعَن فيها "قسم التدقيق اللغوي" تدقيقاً، أي عاث فيها فساداً لغوياً؛ فـ "الكلمة الأصلية"، والتي لا يُجادِل في صوابها إلاَّ كل مُتَفَذْلِك، تغدو (بالفذلكة) خاطئة، فيُصَوِّبها "المُصَوِّب"، أي "المُدقِّق اللغوي"؛ أمَّا "التَّصويب" فقُوامه الإتيان بـ "مُرادِف لها"؛ فإذا كانت "نَفْسي (في عبارة "طبيب نفسي" مثلاً)"، تُحْذَف، وتحل محلها كلمة "نفساني"؛ وكفى الله "اللغويين" شَرَّ المرادفات؛ وكأنْ لا دليل على عملهم، وحُسْن عملهم، إلاَّ هذا الدليل، الذي ليس بدليل إلاَّ على أنَّهم لا يَعْلَمون ما يَعْملون!
وإذا كَتَبْتَ "حَذا حَذْوه"، بمعنى "سار على خُطاه، وامْتَثَل به"، فإنَّكَ، عندئذٍ، تَسْتَفِز "العبقرية اللغوية" لـ "المُدقِّق"، فيَحْذِف "العبارة"، ووجهه يتهلَّل فَرَحاً؛ كيف لا وهو الذي اكتشف أنَّكَ لا تُميِّز هذا "المعنى" من معنى "الحِذاء"؛ فهو حفظ عن ظهر قلب عبارات من قبيل "حَذا الإسكافي النَّعل"، و"حَذا النَّعل بالنَّعْل"، و"حَذاهُ النَّعل"، و"حَذا له النَّعل"؛ فبأيِّ حقٍّ تَكْتُب "حَذا حَذْوه" لتُعبِّر عن معنى "سار على خُطاه، وامْتَثَل به"؟!
لقد قُلْتُ "وكفى الله اللغويين شرَّ المُرادفات"؛ فلو سَمَحْتُ لقولي هذا بالوقوع في "براثنه اللغوية"، لحَذَفه من "واوه" حتى "تائه"؛ لأنَّ ذهنه (أو أُفْقِه) اللغوي لا يتَّسِع إلاَّ للعبارة "وكفى الله المؤمنين شرَّ القتال"!
أمَّا "الخطأ اللغوي"، الذي لا ريب فيه، والذي أَقِع فيه، متَمَنِّياً أنْ أراه، في "اليوم التالي"، وقد صُوِّب، فيظلُّ في الحِفْظ والصَّوْن؛ وكأنَّ عَيْن "المُدقِّق" لا تُبْصِر إلاَّ "الصَّواب"، لتتولَّى يدها، من ثمَّ، "تدقيقه"، أيْ جعله "خَطَأً"!
وإذا أَتَتْهُ المقالة من مَصْدَرِها، أيْ من الكاتب الذي لا يقلُّ عن "المُدقِّق"، منزلةً (ومهارةً) لغوية، عاريةً تماماً من "علامات الترقيم"، لا تُميِّز فيها جُمْلةً من جُمْلة، وفَقْرةً من فَقْرة، فيَتْرُكها على حالها، وكأنَّه يريد أنْ يقيم الدليل على أنَّه لا يَعْتَرِف بـ "علامات الترقيم" على أنَّها جزء لا يتجزَّأ من اللغة.
وويلٌ لـ "الكتابة"، التي هي الدرجة العليا في سُلَّم التفكير، ولا تأتي في أحْسَن تقويم إلاَّ إذا أتَت بِنْتاً لـ "العِلْم" و"الفنِّ" معاً، إذا ما تجشَّم "المُدقِّق" مهمة "تزيينها" و"زركشتها" بشيءٍ من "علامات الترقيم" التي افْتَقَرَت إليها؛ فعندئذٍ، ترى العَجَب العُجاب، ولا ترى شيئاً مِمَّا يَدْعو إلى الإعجاب؛ فـ "علامات الترقيم" المُضافة إلى المقالة زادتها مَسْخَاً، فكرةً ولغةً!
ومع استشراء هذا "الفساد اللغوي"، في جرائدنا، يُصْبِح أمْراً لا طائل فيه أنْ تَدْعو إلى إنشاء وتطوير "هوية لغوية" للجريدة؛ فحتى الاسم، أكان اسم شخص أو مكان، يختلف (كتابةً) من صفحة إلى صفحة، وفي الصفحة الواحدة نفسها؛ فتارةً (وعلى سبيل المثال) نَكْتُب "الاتحاد السوفياتي"، وطوراً نَكْتُب "الاتحاد السوفييتي".
أمَّا "العناوين" فَحَدِّث عنها ولا حَرَج؛ فإنَّ أضعفها، والذي يتألَّف من كلمتين، أو عبارتين، تتوسطهما "الواو"، كعنوان "إسرائيل والربيع العربي"، هو الذي له السيادة؛ ولا يلجأ إليه إلاَّ كل من استصغر شأن "العنوان"، أو استصعب تركيز فكرة المقالة في عدد ضئيل من الكلمات.
لقد حان لجرائدنا أنْ تُعْنى أكثر بالسَّلامة اللغوية؛ فلا فِكْرة سليمة إلاَّ في لغة سليمة؛ ولا لغة سليمة لصحافتنا إلاَّ بلغويين راسخين في اللغة؛ فالتكلُّم باللَّغا لا يجعل صاحبه لغوياً.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لهذه الأسباب لا أُشارِك في الانتخابات؟
- أجَلْ ثمَّة ثورة في سورية ومصر وتونس!
- -الجيوش- من وجهة نظر -الربيع العربي-!
- سَطْوَة الدِّين!
- قانون -الانتخاب الطبيعي- بنسخته الاجتماعية!
- جُمْلَة واحدة.. هل ينطقون بها؟!
- لا تَخْشُوا ما لا وجود له!
- مرحى مرسي!
- هذا العداء لإسرائيل لن يخدعنا!
- ما هو -العمل-؟
- العمل!
- -الرِّبا- إذْ سُمِّيَ -مُرَابَحَة-!
- في السِّلاح والتَّسَلُّح
- حرب التمهيد ل -أُمِّ المعارك-!
- حتى لا يأتي -الربيع العربي- بمزيدٍ من التجزئة والانقسام!
- هل لتركيا مصلحة الآن في لعب -الورقة الكردية-؟
- -الثقب الأسود- في تفسير آخر!
- متى نشفى من -تَدْيين- صراعنا الواقعي؟!
- حتى لا نَحْفُر بأيدينا قَبْراً ل -الربيع العربي-!
- رؤية صالحي!


المزيد.....




- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...
- انفجار ضخم يهز قاعدة عسكرية تستخدمها قوات الحشد الشعبي جنوبي ...
- هنية في تركيا لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة مع أردوغان
- وسائل إعلام: الولايات المتحدة تنشر سرا صواريخ قادرة على تدمي ...
- عقوبات أمريكية على شركات صينية ومصنع بيلاروسي لدعم برنامج با ...
- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - جواد البشيتي - موت -اللغة- في جرائدنا اليومية!