أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - دلور ميقري - سيكولوجيّة الجماهير الأوجلانية 3















المزيد.....

سيكولوجيّة الجماهير الأوجلانية 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 3834 - 2012 / 8 / 29 - 09:57
المحور: القضية الكردية
    



1
عالم الاجتماع التركي، البروفيسور اسماعيل بيشكجي، وكان من أهم مناصري القضية الكردية، سبق أن ذكر في أحد كتبه الكيفيّة التي يتصرّف بها القرويون في كردستان. إنّ خلافاً بين أهالي قرية ما، مهما يك تافهاً، سيتحوّل إلى مشادات عنيفة يستعمل فيها السلاح غالباً، ودونما أن يُفسَح المجالُ لأحد في التدخل لإنهائه بالصلح، حتى لو كان في مقام المختار. عند ذلك، لا مناص من اخبار مدير الناحية بالأمر، مما ينتهي عادة ًبحضور الجندرمة إلى القرية. ومثلما هي شيمة الأتراك، منذ زمن الانكشارية، يقوم هؤلاء الجندرمة بالقبض على جميع الذكور البالغين، فيجمعونهم عراة في ساحة القرية. ولا ينتهي الأمر عند هذا الحدّ، بل ينبغي تأديب هؤلاء القرويين بأن تربط أعضاؤهم التناسلية بعضها ببعض بوساطة حبل رفيع، ثمّ يُنادى بعدئذٍ على النساء فيجبرن على النظر إلى رجالهن وأبنائهن وأشقائهن وهم على هذه الوضعيّة المشينة، المهينة.
وإذن، نحن هنا أمام ثنائيّة سيكولوجيّة، تتمثل بالمسلك " السادي " للجندرمة الأغراب، بمقابل المسلك " المازوشي " للأهالي القرويين. فالأخيرين، يبدو أنهم يشعرون بنوع من " اللذة " في العقاب المسلط عليهم؛ طالما أنهم يدركون، مسبقاً، بأن الجنود الأتراك لا يمكن أن يتصرفوا في أحوال كهذه إلا بتلك الطريقة، اللا انسانية: هيَ ذي " العقلية القروية "، التي لطالما وَصَمَ بها الزعيمُ أوجلان مخالفيه من الرفاق؛ هوَ من كان شديدَ الاعجاب بالبروفيسور التركيّ، ودخلَ معه في حوارات فكرية مطوّلة، قبلَ أن يقذف به لاحقاً ـ كدأبه دوماً ـ إلى خانة من ينعتهم بالتحريفيين وأعداء الشعب. ولكن، هل كان مسلك زعيمنا، السياسيّ، بمنأىً عن تلك " العقلية القروية "، المَوْصوفة..؟
2
اليوم، يتجلى المنهج الأوجلاني بصورة مكشوفة، عارية، في ممارسات جماعته داخل المناطق الكردية السورية بشكل خاص. فمع اشتعال الثورة السورية، بدا واضحاً للجميع، بما فيهم طبعاً الإدارة التركية، أنّ انتصار الثورة سيفتح البابَ على مصراعيه لحلّ المسألة الكردية بصورة عادلة ومنصفة، على نحو شبيهٍ ربما بأختها في العراق. إلا جماعة أوجلان، الكردية السورية، التي خرجت عن الإجماع الوطنيّ حينما عادت ورهنت نفسها مجدداً لخدمة النظام السوريّ المتداعي، الآيل للسقوط: إن هؤلاء الآبوجية يفعلون ذلك مع معرفتهم مسبقاً، ويقيناً، أنه لو حصل العكس وانتصر النظام، فإنّ جيشه سيعود بكلّ زخمه ليدكّ مدنهم وقراهم ويبيد أهاليها بوحشيته المأثورة؛ أو على الأقل، سيعاود شعبهم العيشَ ضمن المنظومة الأمنية نفسها، التي حرمتهم طوال نصف قرن من أبسط حقوقهم القومية والانسانية: أليسَ هذا هوَ المسلك " المازوشي " ذاته، الذي وَصَّفناه للتوّ في حديثنا عن سذاجة " العقلية القروية "؟.. أم أنه، علاوة على ذلك، متماهٍ مع الحقيقة المتمثلة في ارتباط الرأس المفكّر، والمدبّر، لهذه الجماعة الأوجلانية مع أجهزة الاستخبارات الأسدية..؟
يطمح كردُ سورية، بمعظم توجهاتهم وانتماءاتهم، إلى حل لمسألتهم القومية على غرار ما حصل لأخوتهم في كردستان العراق. بيْدَ أنّ جماعة أوجلان، ومنذ عقدين من الزمن، قد تفردت باعتبار ذلك الحل ليسَ أكثر من " مؤامرة " من صنع الأمريكان لإيجاد قاعدة لهم في الشرق الأوسط. لا بل، والأفدح، أن الزعيمَ بعدما أصبح في قبضة الأتراك، فإنه تناهى به التذلل حدّ أن يصفَ الفيدرالية في كردستان العراق بـ " خنجر امبريالي صهيوني في خاصرة تركية ". في واقع الحال، أن الوجود المسلح لجماعة ب ك ك، في جبل قنديل، هوَ من شكّل دوماً الخنجرَ المسموم في خاصرة الاقليم. إذ لطالما استغلت ذلك الحكوماتُ التركية، المتعاقبة، لكي تتدخل ثمة عسكرياً وسياسياً بغرض محاولة تقويض هذه التجربة الأولى، الفريدة، في تاريخ الكرد الحديث. ولم يكتفِ أقطاب أوجلان بقاعدتهم العسكرية على أراضي الإقليم، بل وعمدوا إلى انشاء حزب تابع لهم، تحت اسم " الحل الديمقراطي "، بهدف اشاعة عدم الاستقرار في الحياة السياسية هناك: وإذن، فهذا هوَ " الحل " المثاليّ للجماعة الأوجلانية؛ هم من يمقتون أشدّ المقت أيّ تعبير عن الديمقراطية والحرية، داخل ب ك ك وخارجه على السواء، ويحاربونه بشراسة حدّ التخوين. ولكي تتناهى المهزلة، فإنهم حمّلوا حزبَيْهم المؤسسَيْن تباعاً في سورية وإيران باسمَيْ " الإتحاد الديمقراطي " و " الحياة الحرة ". إن هذا يذكرنا بالشعار المثلث للبعث، ذي الأقانيم الثلاثة، الذي تتوسّطه كلمة " الحرية ". فلما ثار السوريون، أخيراً، أفلت البعث قطعانه الأمنية والعسكرية عليهم، لكي يسحقونهم وهم يهتفون بتشفّ وحقد: " بدكن حريّة.. ؟ ".
3
ثمة العديد من الصفات المشتركة، على رأيي، التي تجمع بين شخصيتيْ الماركسي أوجلان والبعثي صدّام. هذا الأخير، على أيّ حال، كان يُعتقد دوماً أنه امتلكَ " شبيهاً " كي يحمي نفسه من محاولات الاغتيال. الآن، يقبع هذا الديكتاتور بمنأىً عن العالم؛ فيما أنصاره يستمرون بالولاء لذكراه باعتباره " القائد الضرورة "، دونما أيّ اعتبار لما ألحقه بالعراق ودول المنطقة من مآس لا توصف. على ذلك، فإن هناك ما يجمع أيضاً بين جمهورَيْ صدّام وأوجلان. لنقلْ أولاً، أن كلاهما وجدَ في ستالين مثلاً أعلى ـ كملهم ومعلّم. ومن غرائب الاتفاق، أن يكون كلّ من هؤلاء الثلاثة ( أيْ ستالين وصدام وأوجلان ) على شبهٍ بيّن لناحية الشكل؛ بالقامة الممتلئة والوجه القاسي الملامح، المزيّن بشارب ثخين. كما أن كلاً منهم كان من منشأ قرويّ؛ يتيم الأب ومحروم من طفولةٍ سعيدة؛ كما وأنه لم ينه دراساته العليا بل اتجه لتشكيل ما يشبه عصابة المافيا تحت ستار دعم الحزب السياسيّ، المنتمي إليه. إلا أن صدّام وأوجلان، من ناحية أخرى، يشبهان هتلرَ الديكتاتور النازيّ في نقطةٍ طريفة؛ ألا وهيَ احتفال كلّ منهم بعيد ميلاده، على مستوىً جماهيريّ، في شهر نيسان / ابريل..
المنطقيّ، أن من حَظِيَ بالسلطة الفعلية، لا الحزبية فقط، قد جُعِلَ حظهُ أوفى لناحية محاولة التشبّه بالديكتاتور السوفييتي. بمعنى أن صدّام، ولا غرو، كان أوضح في هذا المجال من صنوه، الكرديّ. في المقابل، فإن اختلاف العقيدة السياسية والفكرية بين المقلد والأصل ( أيْ صدّام وستالين )، سيقصرُ المقارنة بينهما على حدَّيْ المظهر والسلوك، حَسْب. من جهته، لم يحتج الزعيمُ أوجلان للهندام الأبيض والقبعة الافرنجية والسيكار، لكي يبدو متماثلاً مع شخص ستالين ـ كما كانت شيمة الديكتاتور العراقيّ، المعروفة. لقد كان زعيمنا الكرديّ ستالينياً بالفكر والعقيدة، فضلاً عن المسلك والنهج والاسلوب القياديّ. في هذا الشأن، نحيلُ إلى المحكمة الحزبية، الشهيرة، التي استهلّ بها صدّام عهدَهُ الرئاسي، عام 1979. فحينما لمّحَ أحدُ الحضور إلى اسلوب ستالين في محاسبة " الرفاق الخونة "، ما كان من الرئيس سوى اجابته باقتضاب: " إننا بعثيون، ولدينا مبادئنا الخاصّة بنا ". في ذلك العام نفسه، كان أوجلان بدوره في سبيله لكي يصبح ديكتاتوراً.
4
عندما انتحلَ أوجلان اسمَ " حزب العمال الكردستاني "، في عام 1978، فإنه على الأرجح لم يكُ ليجهلَ أن طبقة البروليتاريا هيَ شبه معدومة، عملياً، في كردستان تركية. فإنّ الدولة الحديثة، التي أسسها أتاتورك، عمدت طوال تاريخها إلى اهمال المنطقة الجنوبية الشرقية واستثنائها من خطط التنمية والتصنيع، بل وحتى الإصلاح الزراعي. لم يكن غريباً، إذن، أن تكون النواة التنظيمية الأولى لمجموعة أوجلان مشكلة من الطلبة وبعض العاطلين عن العمل من الأفاقين والمغامرين والمنحرفين، وجميعهم من خلفيات قروية بائسة. حينما كان طالباً جامعياً في العاصمة، تعرّف زعيمنا إلى فتاة تركيّة ما لبث أن اقترن بها، مع علمه بأن والدها ضابط في الأمن. هكذا شبهة، يمكن التفكير فيها عند تفسير سبب انغماس المجموعة الأوجلانية في العنف السياسيّ، الذي اجتاح البلاد في العامين اللذين سبقا الإنقلاب العسكريّ؛ وهي المجموعة، المخترقة من لدن الامن التركيّ كما اعترف بذلك زعيمها فيما بعد حينما قام بتصفية العديد من اعضائها البارزين، أو طردهم، مثلما كان أمرُ زوجته.
مع حلول أوجلان في سورية لاجئاً، عام 1980، فإنه سرعان ما بدأ بمحاولة إعادة تنظيم حزبه. ولكن، في هذه المرة، تمكن من ذلك بتعاونه السافر مع الأمن السوري. إلا أنّ انتقال الكثير من رفاق الحزب إلى اوروبة، بمساعدة من التنظيمات الفلسطينية واللبنانية اليسارية، جعل زعيمه يلتفت إلى العمل على كسب مؤيدين جدد. منذئذٍ، استهل ب ك ك سياسة التمدد في المناطق الكردية السورية، مستفيداً من تعاطف ساكنيها مع محنة كردستان تركية تحت وطأة الانقلابيين، وكذا شعارات الحزب البراقة في التحرر الوطني والاشتراكية والشيوعية. في الفترة نفسها، كانت الحركة الكردية في سورية تعاني من الضعف والانقسام، علاوة على القمع والتنكيل من جانب الأجهزة الأمنية؛ وهي الأجهزة، التي ستقوم لاحقاً بممارسة الضغط والإرهاب على الكثير من كوادر وأعضاء تلك الأحزاب لكي ينضموا لتنظيم ب ك ك. أما على صعيد البلاد، بشكل عام، فإن المواجهة المسلحة بين النظام وجماعة الأخوان المسلمين كانت على أشدها. فلم يكُ بلا مغزى، أن يترافق نشاط جمعية الإمام المرتضى، الطائفية، في المناطق الكردية تحديداً، مع نشاط مماثل لحزب ب ك ك: إن جميل الأسد وعبد الله أوجلان، كانا قد أصبحا صديقين حميمين؛ لدرجة أن الأول راح يكتب المقالات باسمه الصريح في أدبيات الحزب، يدعو فيها لتحرير كردستان جنباً لجنب مع تحرير المناطق العلوية العربية في تركية.
للبحث صلة..
[email protected]



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيكولوجيّة الجماهير الأوجلانية 2
- سيكولوجيّة الجماهير الأوجلانية
- المجلس الأخواني والطرطور الكردي
- الشيخ الكردي
- فريد الأطرش 3؛ الجذور والتغرّب
- فريد الأطرش 2؛ أنشودة الرومانسية
- الشيوعيّ شبّيحاً
- فريد الأطرش؛ أورفيوس الشرق
- ذكريات اللاذقية: النهاية
- ذكريات اللاذقية 15: النجيع
- ذكريات اللاذقية 14: الجراد
- ذكريات اللاذقية 13: الأجساد
- جمعة ابن بلدتنا، البار
- ذكريات اللاذقية 12: الجنون
- مرشح اخوان سورية
- ذكريات اللاذقية 11: الجَوى
- ذكريات اللاذقية 10: الجائحَة
- ذكريات اللاذقية 9: المَسْغبة
- ذكريات اللاذقية 8: الجَماعة
- ذكريات اللاذقية 7: المُسخَرون


المزيد.....




- -الأونروا- تعلن عن استشهاد 13750 طفلا في العدوان الصهيوني عل ...
- اليابان تعلن اعتزامها استئناف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئي ...
- الأمم المتحدة: أكثر من 1.1 مليون شخص في غزة يواجهون انعدام ا ...
- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...
- آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال ...
- مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة ...
- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات
- نتنياهو يتعهد بإعادة كافة الجنود الأسرى في غزة


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - دلور ميقري - سيكولوجيّة الجماهير الأوجلانية 3