أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - أنور نجم الدين - الشيوعية وليدة الأزمات الصناعية















المزيد.....

الشيوعية وليدة الأزمات الصناعية


أنور نجم الدين

الحوار المتمدن-العدد: 3833 - 2012 / 8 / 28 - 09:23
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


إن كل أزمة عامة في المجتمع الرأسمالي، أزمة صناعية لا غير. ولا يمكن الحديث عن الحركة الشيوعية، إلا بالارتباط مع الأزمات الصناعية، فالأزمات الصناعية، هي المقدمات المادية لظهور النزاعات الداخلية للإنتاج الرأسمالي، والصراعات الاجتماعية الناتجة منها، وتشكيل البروليتاريا في طبقة اجتماعية تتجاوز أفرادها حدود النزاعات التزاحمية فيما بينهم بوصفهم بائعي قوة العمل.

إن دوران رأس المال الصناعي، يشمل سلسلة الإنتاج وخطواته ابتداءً من فترة الإنتاج وعبورًا برأس المال التجاري وانتهاءً بالتداوُل، فدوران رأس المال التجاري، يعبر فقط عن الشراء والبيع لا أكثر. أما دوران رأس المال الصناعي، فينتهي حين تصل المنتجات المصنوعة إلى مَيْدان الاستهلاك.
وهكذا، فأساس رأس المال الإنتاجي، هو رأس المال الصناعي -أو الزراعي- بوصفه رأسمالاً إنتاجيًا, ففي العالم الواقعي، لا يمكن فصل حركة رأس المال السلعي -التجاري- أو المالي عن حركة رأس المال الإنتاجي رغم استقلاليتهم المحدودة. لذلك فكل انفجار في عالم التجارة في السوق العالمية، أي في دائرة التجارة بالجملة والمصارف التي تتصرف برأس مال الصناعيين، وودائع الزبائن، ورأس مال أصحاب الأسهم وتضعه تحت أيدي التجار، يشير إلى انفجار في عالم الصناعة. فكل اختلال تجاري عام في المجتمع الرأسمالي، هو في الواقع اختلال صناعي، فليس الغرض من إنتاج المنتجات من قبل الصناعيين، سوى نقله لدائرة الاستهلاك من خلال التجار. إذن، فتنفجر الأزمة العامة عند الصناعيين، منذ أن تُصاب المصارف بأزمة نتيجة لعجز التجار عن تسديد ديونهم بسبب تكدس المنتجات في مخازنهم.

وهكذا، فإن دوران رأس المال في كل القطاعات الاجتماعية الأخرى، في التجارة كالمصارف، هو دوران رؤوس أموال إنتاجية، لذلك فكل تفاقم في هذه الدوائر، يعني الاختلال الإنتاجي في الحياة الصناعية للمجتمع البرجوازي.
ورغم تنوع فروع التجارة والسرعة المتفاوتة للدارات الاقتصادية داخل كل فرع على حدة، إلا إنه هناك دائمًا حالة متوسطة من هذه الدارات. ودون الانطلاق من هذه الوجهة النظر، سنقع في خطأ فادح فيما يخص الأزمات ونتائجها، ففي الكثير من الأحيان، تبرز تصورات خاطئة عن المجتمع البرجوازي وأسباب أزماته الاقتصادية من تفسير الأزمات بأزمة مالية، فالاقتصاديون العاميون، ينطلقون دومًا، من حركة رأس المال السلعي أو رأس المال المالي، ومن هذه التصورات، تنسجون أفكارهم عن الأزمات لا من السلسلة الاجمالية لعمليات الإنتاج الخاضع في الأساس للتقسيم الاجتماعي للعمل.
إن رأس المال التجاري ورأس المال المالي، تابعان لرأس المال الصناعي وحركته، هذا ورغم استقلاليتهم المحدودة. فالتاجر يشتري البضائع من الصناعي لكي يبيع بدوره في أسواقًا محددة. فالتاجر إذن وسيط بين المنتج والمستهلك. لذلك فيمكن أن يُعدَّ كل نمو في التجارة، تنشيطًا في الصناعة المدينية كالصناعة الزراعية، فالتجارة تزيد من حجم تبادل المنتجات لا في السوق المحلية والوطنية فحسب، بل في الأسواق العالمية أيضًا، فهي تنشط بدورها أعمال المصارف.
وللتجارة أدوار مختلفة في السوق العالمية، فهي تنشط أيضًا الأزمات الصناعية في كافة المعمورة، فالأزمات الصناعية، تأتي نتيجة تكدس البضائع لدى التجار، فالأزمة العامة، تبدأ في الواقع من تكدس المنتجات الصناعية في حقل التجارة بالجملة، أو عدم تحقيق القيمة ذاتها في حقل الاستهلاك وهو نهاية دورة رأس المال الصناعي. وهنا يصاب رأس المال الصناعي بالشلل، فعدم إكمال دورته بصورة طبيعية، يؤدي إلى اختلال في الحياة التجارية والمالية والصناعية كافةً.
ونحن اليوم أمام عاصفة فيض البضائع الصناعية في العالم أجمع، يتصادم من خلالها، كل عنصر من عناصر الإنتاج الرأسمالي. وإذا كان توسع التجارة في القرنين السابع عشر والثامن عشر، قد أسرع من هدم الاقتصاد القديم في العالم أجمع واستعاضته بأسلوب الإنتاج الرأسمالي، فتسريع التجارة في القرنين التاسع عشر والقرن العشرين، لم يكن سوى تعميم الوباء الدورية التي تظهر في شكل الأزمات في كل بقعة من بقع العالم، فالتوسع المستمر للسوق العالمية من خلال توسيع التبادل التجاري وراءه التطور الصناعي، قد قدم أساسًا جديدًا لهدم الحياة القروية في الهند، وسلطة أصحاب العقارات الكبيرة في الصين، والمشاعات الأسترالية التي انتقلت رأسًا إلى علاقات جديدة للإنتاج، ألا وهي العلاقات الإنتاجية البرجوازية. وعلى عكس العصور القديمة التي كانت التجارة فيها تقود حركة الأسواق التجارية والصناعية، فأصبحت التجارة في المجتمع البرجوازي خادمة الصناعة، تقوم بتوسيع السوق، وتكبر حدودها بصورة مستمرة، وتشجع نمو الصناعة الأبدي، وتُغْرِق السوق دوريًا بمنتجات الصناعة بالذات، بحيث إن السوق لا تعني شيئًا بالنسبة للرأسماليين الصناعيين سوى السوق العالمية.
وهكذا، فكل توسع في التداول، ورأس المال المالي، وحركة المصارف، وتوسع شركات التأمين والشركات الخدمية الرأسمالية الأخرى في العالم، هو في الواقع توسع صناعي - تجاري. لذلك فمنذ اندلاع الأزمة، تُصاب حركة التداول، والمال، والميزان التجاري، والتوازن في المدفوعات، بالاختلال في كافة المعمورة.

أما ما تجب الإشارة إليه هنا، هو الاختلاف بين نتائج الأزمات الوطنية والأزمات الأممية. فلنسأل هنا: ماذا يحدث لو انطلقت الأزمة في حدود هذا البلد أو ذاك؟

إن ظاهرة الأزمات في هذه الدائرة التجارية أو المواد الأولية، أو تلك الدائرة المصرفية، أمر طبيعي طيلة تاريخ الرأسمالية. وليس من الضروري أصلا أن تنتقل هذه الأنواع من الأزمات إلى أزمة صناعية خانقة للمجتمع البرجوازي. ويمكن حل هذه الأزمات بسهولة جدًا، فالحل إما أن يكون الاندماج مع رأس مال آخر، وإما أن يكون إعلان الإفلاس، فكل إفلاس يعني في الواقع تركيز جديد في رأس المال، وهذه الظاهرة موجودة في المجتمع الرأسمالي بصورة أبدية، ولا تُخَلِّف أي أثر على الاقتصاد العالمي إلا في فترات الفيض في الإنتاج والأزمات العامة، فهي تزيد أيضًا من ظاهرة الفيض في الأيدي العاملة.
وان الأزمة العامة، ليست سوى أزمة صناعية، أي أزمة تصيب الصناعة بوصفها محرك الإنتاج الرأسمالي في العالم أجمع، فكلُّ توقف في التجارة، هو تعبير عن الفيض في الإنتاج، ينتهي بالتوقف عند المنتجين الصناعيين. مثال: إن تكدس سياراتFORD أو BMW مثلا في حقل التجارة بالجملة في دبي والرياض والقاهرة والسعودية معًا، تؤثر تأثيرًا معاكسًا على صانعي السيارات في الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا، وتؤسس أساسًا فعليًا لأزمة صناعية لدى صناعة هذه السيارات. الأمر الذي لا بد أن يؤثر تأثيرًا مباشرًا على حركة المال والتجارة والصناعة في العالم أجمع.
ولكن العملية هذه خاضعة لفترة الدارات الاقتصادية، فبقدر تقلص هذه الدارات تتسارع الأزمة وتنتقل من حقل إلى آخر، ومن دائرة إنتاجية إلى أخرى. ولا تصبح أزمة عالمية، إلا بعد تسجيل كل الدوائر الإنتاجية وكل البلدان الصناعية بالذات، الفائض في الإنتاج والاختلال في الميزان التجاري. وآنذاك ستصبح نتائج الانفجارات أمرًا محسوسًا تحت سقف كل عائلة من عوائل الفقراء في العالم، بحيث إن الاعتماد الشامل على عمل الأطفال والنساء، سيصبح ظاهرة طبيعية في كل مكان.

إن الأزمات الاقتصادية، ظاهرة خاصة من ظواهر المجتمع المدني، الصناعي، المجتمع الذي يموت فيه الملايين من الجوع، نظرًا لإنتاج الكثير من وسائل المعيشة. هذا هو خلل الرأسمالية. وهذا الخلل لا يمكن معالجته، دون إعادة تنظيم الإنتاج تنظيمًا شيوعيًا، فالرأسمالية نظام اقتصادي مختل في الأساس، وهذا الاختلال هو الذي يجب معالجته. ولا يوجد أي حل، سوى إيقاف الطبيعة الرأسمالية لحركة الصناعة ثم نقل إدارة إنتاجها إلى المنتجين أنفسهم. ولا يطرح التاريخ هذا الهدف، إلا في أثناء الأزمات الصناعية في العالم الرأسمالي أجمع، فالأزمات الاقتصادية الأممية، أي الأزمات الصناعية، تصاحبها دائمًا، حركة اجتماعية أممية، تأتي لتقوم بتنظيم القوى الإنتاجية التي تزيد بسرعة أكبر من سرعة زيادة السكان، رغم أكاذيب الاقتصاديين. وما هذه الحركة إن لم تكن حركةً شيوعية؟ فالشيوعية وليدة الاختلال الصناعي للمجتمع المدني وأزماته المتكررة لا أفكار المفكرين ومشاريع السياسيين، فلا يمكن أن تصبح الشيوعية حقيقة من حقائق التاريخ، دون أزمة مزمنة لنظام العمل الرأسمالي وإدارته الرأسمالية، فالشيوعية حركة واقعية، تتحرك بوسائل واقعية لا فكرية أو سياسية. وتتوفر هذه الوسائل عند انفجار أزمة صناعية خانقة للمجتمع البرجوازي في العالم أجمع. فالشيوعية ضرورية لتنقيح الاقتصاد من القوانين الاجتماعية التي تؤدي بالضرورة إلى الأزمات، وليست الأزمات العامة سوى الاختلال الصناعي للمجتمع البرجوازي. وللسيطرة على هذا الاختلال الذي يجلب وباء المجاعة في العالم أجمع، يندفع المجتمع نحو اظهار قوة اجتماعية، تمثل التنظيم اللاحق للمجتمع، وهذه القوة هي الشيوعية.
اذن، فالأزمة الصناعية هي البادرة التاريخية الأولى للانعطاف من الإنتاج الرأسمالي إلى الإنتاج الشيوعي، فتركيز الوسائل الإنتاجية الناتج من التطور الصناعي، والتنظيم التعاوني للعمل، يتناقض كليًا مع العلاقات الرأسمالية الضيقة للإنتاج والتوزيع والاستهلاك. وهكذا، فليس المقصود هو البحث عن قوى إنتاجية جديدة، فبفضل التطور المستمر للصناعة، أصبحت القوى الإنتاجية قوى مدمرة منذ أمد بعيد، والشاهد هو دخول الصناعة ذاتها، أزمات دورية منذ النصف الأول من القرن التاسع عشر، بل هو البحث عن علاقات إنتاجية جديدة. والشيوعية ضرورة اجتماعية للاستعاضة عن العلاقات الإنتاجية البرجوازية بالعلاقات الإنتاجية الشيوعية، وهي حركة اجتماعية عملاقة، تولد من الأزمات الصناعية لا من الأفكار أو السياسات الحكيمة للأحزاب القزمية.



#أنور_نجم_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الشيوعية ممكنة؟ -2-2
- هل الشيوعية ممكنة؟ -1-2
- العجز الأمريكي- الصيني ناقوس الخطر للاقتصاد الرأسمالي العالم ...
- الاقتصاد الخدمي وحكاية نهاية الرأسمالية
- الشيوعية بين كارل بوبر وكارل ماركس
- ما فائض القيمة: فرضية، نظرية، أم قانون؟
- الديالكتيك الماركسي غطاء للمسيحية -3-3
- ندوة حول الأزمة الرأسمالية والاشتراكية في كردستان العراق
- الديالكتيك الماركسي غطاء للمسيحية - 2-3
- الديالكتيك الماركسي غطاء للمسيحية - 1-3
- أطلقت اليونان شرارة الثورة المجالسية
- نقد مفهوم الاشتراكية عند ماركس – 2 – 2
- نقد مفهوم الاشتراكية عند ماركس - 1 – 2
- ما مهمات الاشتراكيين؟ 2 - 2
- ما مهمات الاشتراكيين؟ 1 - 2
- ما بديل الكساد العظيم: الهمجية أم الاشتراكية؟
- النظام الاستعماري يسبق النظام الرأسمالي -3-3
- النظام الاستعماري يسبق النظام الرأسمالي -2-3
- النظام الاستعماري يسبق النظام الرأسمالي -1-3
- الدولة وثورة الكومونة – 5-5


المزيد.....




- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - أنور نجم الدين - الشيوعية وليدة الأزمات الصناعية