أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عزيز الحاج - آفاق العلمانية في العراق والمنطقة [ 6]















المزيد.....

آفاق العلمانية في العراق والمنطقة [ 6]


عزيز الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 3832 - 2012 / 8 / 27 - 23:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مما مر في المقالات السابقة، تتبين للقراء الأفاضل وجهة نظري غير المتفائلة عن حاضر ومستقبل العلمانية والديمقراطية في العراق والمنطقة.

لست أرى بصيص ضوء، لا حاليا ولا لمستقبل قريب ومتوسط، ولعقود وعقود، للخروج من هذا المأزق المزمن، الذي عمقته ووسعته التطورات الجديدة في دول ما يسمى بالربيع العربي- متمنيا من القلب لو كان عدم تفاؤلي هذا في غير محله ولو كنت مخطئا.

السيد مرسي أعلنها صراحة، وبلا تردد، بأن الشريعة وحدها أساس الحكم، لاحسا كل تصريحاته ووعوده الانتخابية بلا رمشة عين بعد أن " تملك الأرض"- أي السلطة والمجتمع والقانون والإعلام. والسلفيون في تونس يفرضون شريعتهم فرضا بتواطؤ صامت مع الحزب الحاكم، وحقوق المرأة التونسية في خطر داهم وأكيد، وكذلك الصحافة. والاحتفالات الثقافية صارت تفض بالقوة وبالهراوات لأنها تدنس المقدس! وقد تعرض نائب اشتراكي فرنسي من أصل عربي منذ أيام للضرب المبرح بالقضبان والهراوات عندما كان سائرا مع زوجته وابنته في شارع تونسي بحجة أن ملابس المرأتين غير لائقة مع أنها كانت طبيعية وعادية، فلا ميني جوب ولا لباس بحر، ولا طبعا نقاب!! والسلفيون الليبيون رفعوا رؤوسهم العفنة فراحوا يهدمون القبور والمراقد، بينما الحكام الجدد لم يكتموا أن أساس الحكم هي أحكام الشريعة، وللمتطرفين هناك مراكز قوة كبيرة.

أينما ننظر، فهناك السلفيون والإخوان، وصحفيون وإعلاميون من نفس القماش، وأئمة جوامع وفقهاء مدعون، يتاجرون بالدين ويداورونه كيفما يريدون حتى وصلت الحالة إلى تحريم الطماطم [ بندورة] لأن نصفها كالصليب، وإذا ابتلع الخروف صحيفة غربية فلحمه حرام، والأب لا ينبغي أن يختلي لوحده بابنته، وسباحة المرأة في البحر معناه الزنا لأن البحر مذكر!! وهكذا، وهكذا، من ترهات يصدقها عامة الناس ويمشون وراء مبتدعيها، بينما أمثال الراحل أرمسترونغ قد وصلوا القمر. وحين يتباهى أحد المعلقين في الحوار المتمدن بما يسميها نهضة المرأة الإيرانية في عهد الخمينية، فلعله ينسى، أو يتناسى، مقاتل الفتيات في شوارع إيران أيام الانتفاضة، ورمزهن ندا أغا سلطان، وينسي أعداد النساء اللواتي رجمن حتى الموت في إيران الخمينية، وأن الكليات الإيرانية أصدرت مؤخرا قرارات بحرمان الطالبات من عشرات الفروع الجامعية. وحين يشاد في المعلقات العراقية بديمقراطية حكومة المالكي، فلا ندري كيف تتلاءم الديمقراطية مع التضييق على المرأة وعلى حرية التعبير والنشر ومع حظر الغناء والموسيقى، وغير ذلك من تدابير تناقض أوليات الديمقراطية وحقوق الإنسان.

لقد شهد العالم العربي منذ أواخر القرن التاسع عشر، [كما بينا سابقا]، عهودا من الانفتاح الجريء على الحضارة الغربية، فتقدمت العلوم، ونشرت المؤلفات عن النظريات العلمية والفلاسفة التنويريين، وتطور التعليم خطوات باتجاه التعليم الحديث، وكانت السياسة بوجه غالب منفصلة عن السلطة الدينية. هذا ما مر، وبدرجات متفاوتة، على العديد من البلدان العربية، بفضل التلاقي والتلاقح مع المنجزات الحضارات الغربية، ولاسيما الحضارتين الفرنسية والإنجليزية. تلك عهود شهدت نهضة المرأة وفك الإسار عنها، وبروز العشرات والعشرات من خيرة المفكرين والأدباء والمبدعين والفنانين. إنها عهود طه حسين وسلامة موسى وعلي عبد الرازق وأحمد لطفي السيد ويعقوب صروف وفرح أنطون والكواكبي ومنصور فهمي ومي زيادة وتوفيق الحكيم وزكي نجيب محمود ونجيب محفوظ وأحمد أمين وزكي مبارك والمازني وعمر فاخوري ورئيف خوري وحسين مروه وشوقي وعلي محمود طه والشابي والطاهر وطار والرصافي والزهاوي ونازك الملائكة والسياب وشعراء الستينيات العراقية وعلي الوردي وطه باقر، والأفلام والتمثيليات الممتعة والشيقة، الخ، ألخ، ألخ..

فماذا نجد اليوم غير طغيان سلطة فقهاء الحلال والحرام، وصعود أحزاب الإسلام السياسي بمذهبيه، ومحاولات إلغاء كل ما يمت للحداثة والعلمانية من العقول، واعتبار الفلسفة "طاعونا لا نهاية له" [ حسب عنوان كتاب عراقي جديد]، ومحاربة الحريات الشخصية؟!

في نيسان 2004، خطب الشيخ الراحل محمد حسن فضل الله داعيا المسلمين "لمقاومة" مشروع علمنة العراق، وهو ما نسبه للقوات الأميركية التي قال إنها " تريد للعراق أن يكون دولة علمانية لا علاقة للإسلام بها"، مساويا بين العلمانية ومعاداة الدين. وكم كنا نتمنى لو أن مشروعا كهذا قد وجد ونجح، ولكن المأساة أن الولايات المتحدة أعطت كامل ثقتها بالإسلاميين، الذين جاءونا بدستور أحكام الشريعة، وبالأحوال العامة المتردية التي وصلنا إليها اليوم، بحيث أنه، برغم أن الميزانية تزيد عن 100 مليار دولار، فإن الحكومة تفشل في تزويد المواطنين بالكهرباء، بل وتفشل في تنظيف العاصمة نفسها من الزبالة، وهي مشغولة بحظر النوادي والموسيقى والنحت والغناء ومنع الخمور وبفرض الحجاب وقمع المظاهرات السلمية وبالتساهل مع الفساد، وبالزيارات المليونية، التي تكلف حياة المئات المستهدفين من القتلة، والتي تبذر الأموال، وترسخ الطائفية. ولا شك في أن للعلمانيين، أو المفترض أنهم علمانيون، وخاصة الأطراف الكردستانية، دورا بارزا في هذا المآل، وذلك بتحالفها " الإستراتيجي" مع الإسلام السياسي الشيعي، بدلا من تعزيز العلاقات والروابط مع التيارات والقوى والشخصيات الديمقراطية العلمانية العراقية. بل، وكان هناك مؤخرا خبر عن صياغة مشروع قانون يعرض على برلمان كردستان لمقاضاة من "يسئ للدين"! ونعرف كيف تفسر الإساءة على ضوء ما شهدناه في الغرب نفسه من هياج المسلمين لصدور كتاب ما أو فيلم ما، أو رسم ما، وملاحقة هذا الكاتب أو ذاك، و قتل هذا المخرج التلفزيوني ومطاردة مؤلف كتاب. والسياسة الأميركية في عهد اوباما لم تتعظ بدروس حرب أفغانستان والعراق، فها هي تقوي علاقاتها مع الإخوان المسلمين في مصر وغير مصر ، جريا وراء سراب ما تعهدوا به من التزامات ما أسهل أن ينفضوا عنها.

إن إمارات العلمانية وبعض معالمها التي وجدت في عهود سابقة كانت، كما قلنا، نتيجة التأثر الإيجابي بالنهضة الأوروبية الحديثة، ونتيجة الاتجاه نحو الحداثة. فالحداثة والعلمانية لا تنفصلان، كما لا تنفصل الديمقراطية عن الحداثة. ولذا هاجم أخونا المالكي الحداثة والعلمانية مقترنتين معا. وعندما تتحول العقول والسياسات والمطامح نحو ماض سحيق، يعتبر كله مقدسا، وتراد إعادة إنتاجه، كالخلافة أو دولة الإمام الغائب أومن ينوب عنه؛ وحين تتركز النظرات على هذا، وتتكلس ،وتنغلق، ولا تتركز على الأفق البعيد وطموح التحول والتطور للأمام لمواكبة لعصر والمساهمة في إثراء مكتسباته العلمية والتقنية والثقافية؛ وعندما تصاغ العقول صياغة أهل الأنفاق المظلمة والكهوف السوداء، حتى في المدارس والجامعات، ناهيكم عما يبث ويصاغ في المدارس الإسلامية- التي أخرجت وتخرج عشرات الآلاف من المتطرفين وفصائل إرهابيين؛ عندما يحدث هذا كله أمام أعيننا، فعن أية علمانية منتصرة قادمة يمكن الحديث؟!! وعندما نمجد العنف بكل أشكاله، وتتوارى سيادة القانون لتتحول العدالة والقانون لبطش جموع هائجة منفلتة تتحول لغوغاء متعطشة للدم والتمثيل بالجثث؛ وعندما يصاب مثقفون عراقيون وعرب في الغرب الديمقراطي العلماني نفسه بمرض الطائفية وتصديق الخزعبلات الفقهية؛ فكيف إذن يكون الشارع والنخب مؤهلين للعلمانية الديمقراطية؟!!

هل العلمانية هي "قدر" الوطن العربي، كما كان يكتب الأستاذ العفيف الأخضر منذ سنوات؟ - بمعنى قانون موضوعي وتاريخي لابد وأن يفرض نفسه؟ هل ما عندنا من البنى الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتعليمية، ومن هيمنة الفقهاء، والسجل التاريخي، وسياسات الحكام، ومشاعر الجمهور وغرائزه، يؤهلنا لحلول هذا القدر ذات يوم؟! وهل القوى والتيارات العلمانية لها من القوة والإمكانيات والتبصر وبعد النظر والصبر والجلد وشجاعة المراجعة بروح النقد الذاتي لتلعب دورها الشاق، والمعقد، والمحفوف بالخطر، في هذا السبيل؟؟ ثم هل أوروبا الغربية، وهي مركز ولادة العلمانية، والتي تعاني من أزمة مالية واقتصادية عاتية، قادرة هي نفسها على الحفاظ على مكاسبها العلمانية أمام تحديات ومطالب الجاليات المسلمة [ أكثر من 30 مليون فرد هم في ازدياد مستمر]، المتمسكة بأحكام الشريعة، وبعاداتها وممارساتها المنافية كثرة منها لحقوق الإنسان، ومحاولة فرضها في الغرب نفسه؟؟



#عزيز_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آفاق العلمانية في العراق والمنطقة [ 5 ] ..
- آفاق العلمانية في العراق والمنطقة [4 - ]
- آفاق العلمانية في العراق والمنطقة [3]
- آفاق العلمانية في العراق والمنطقة..بضع ملاحظات [ 2 ]
- آفاق العلمانية في العراق والمنطقة... بضع ملاحظات.. [ 1 ]
- لكيلا يضيع الهدف...
- بعيدا عن السياسة، وفي صميمها: الفن ومحمد عبد الوهاب
- كلمة قصيرة لابد منها
- اوراق في السيرة الذاتية
- حنا بطاطو والحركة الشيوعية العراقية [الخاتمة]
- حنا بطاطو والحركة الشيوعية العراقية [3-ب]
- حنا بطاطو والحركة الشيوعية العراقية [ 3-3 ]
- حنا بطاطو والحركة الشيوعية العراقية [ مقال2-3]..
- حنا بطاطو والحركة الشيوعية العراقية [ مقال 1 ].
- الساسة يزرعون الأشواك وأكثرية الشعب تدمى..
- رحلة مع تحولات مفصلية- الخاتمة: كتابات ...
- رحلة مع تحولات مفصلية ف10 ق2(الانتفاضات العربية.. مذهب بوش و ...
- رحلة مع تحولات مفصلية 10(الانتفاضات العربية)
- رحلة مع تحولات مفصلية 9 ف2 (هل الإرهاب مجرد -تكتيك-، أم أيدي ...
- رحلة مع تحولات مفصلية 9 ف1[الحرب الدولية الأخرى بعد الحرب ال ...


المزيد.....




- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عزيز الحاج - آفاق العلمانية في العراق والمنطقة [ 6]