أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - سردار عبدالله - معضلة السلام الشياشانية تحتاج الى قيادة جديدة















المزيد.....

معضلة السلام الشياشانية تحتاج الى قيادة جديدة


سردار عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 1117 - 2005 / 2 / 22 - 10:14
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


اصلان مسخادوف الرئيس الشيشاني المنتخب والمتمرد في نفس الوقت, اعلن وفي مبادرة من جانب واحد وقفاً مؤقتاَ لإطلاق النار, وامر مقاتليه بوقف العمليات العسكرية ضد الجنود الروس خلال شهر فبراير – شباط الجاري. في المقابل لم تتأخر السلطات الروسية ومن بعدها السلطات الشيشانية المحلية الموالية للكرملين في الإعلان عن ردها التقليدي الجاهز الذي يقضي برفض كل هذه المحاولات ودون اي تردد. وكما هو متوقع فإن (شاميل باساييف) زعيم المسلحين الإرهابيين في الشيشان سارع هو الآخر الى تكرار مواقفه المتمردة والمستهترة المتحدية لمسخادوف ولكل سلطة سياسية منتخبة او حتى غير منتخبة. حتى ولو استبعدنا العوامل والعناصر الدولية الفاعلة والمؤثرة, او حتى المتورطة في الحرب الشيشانية القذرة, واذا استبعدنا حدوث معجزة ما, فإن الظاهر هو ان الكلام عن سلام قريب, او نهاية قريبة لدوامة الدم العبثية هذه, لايزال ضرباً من الخيال, لكن الأكيد هو ان هذه (المبادرة) تضع الجانبين(الروسي والشيشاني) امام مسؤولية اتخاذ قرارات جريئة وشجاعة, وهذا يتطلب بالتالي الخروج من المأزق الأسطوري الذي يحكم هذه الحرب, وهذا المأزق هو في الحقيقة لجوء اطراف الصراع الى لعبة واحدة هي اشبه في الواقع بلعبة القط والفأر, فهذه الأطراف تعودّت وعودت العالم معها على القفز على كل فرصة للسلام الحقيقي, وفي المقابل فإن الأمر المؤكد الوحيد هو عجز أي من هذه الأطراف عن حسم الصراع لصالحه وبصورة نهائية, مما لا يعني سوى استمرار دوامة الدم والدمار.
أياً كانت الأسباب والدوافع التي تحتم على اطراف هذه الحرب العبثية, الإستمرار في ضخ الدم الآدمي في طاحونة الدمار هذه, فإن النخب السياسية الشيشانية والروسية مسؤولة سواءاً بسواء عن مسلسل اضاعة فرص السلام والقفز عليها بكل هذا الكم الهائل من العبثية والغباء وبكل هذا البرود العجيب الذي لايضاهيه في الغرابة والبرود إلاّ ذلك البرود الذي يصاحب إراقة الدماء الآدمية في شيشان الدم والدمار, وعلى مايبدو فإن هذا العبث اصبح الصفة الرئيسية الملازمة لهذه المأساة, وان هذه الحرب اصبحت تحمل من المفارقات الفنتازية العجيبة والصور والمشاهد الغرائبية اكثر من اي نزاع آخر على وجه هذا الكوكب الملتهب بالحروب والصراعات. الحقيقة المرة التي يتغاضى الجميع عن رؤيتها هي ان استمرار هذا المسلسل هو في الحقيقة انعكاس واضح لحالة العجز والضعف التي تعانيها القيادة السياسية على الجانبين والتي تصل اغلب الأحيان الى حد الجبن, وتعبر عن نفسها اصدق تعبير في التلبّس بلباس التعنت المبالغ فيه, وذلك كله في تجل صادق لآلية نفسية واضحة تتجسد في الهروب الى امام. على الجانب الروسي فإن رجل المخابرات الذي ورث عرش الكرملين من (بوريس يلتسين) رجل روسيا العاجز الذي كان عجزه الصحي هو التعبير الأكثر صدقاً عن حالة العجز الذي تعانيه الدولة نفسها, عاجز عن رؤية الحقائق على الأرض, مما يتجلى في سياساته وخياراته الفوقية الإستعلائية التي لا تستطيع الإرتقاء الى مستوى النظر الى الشعب الشيشاني وكذلك الى القضية نفسها بموضوعية وانسانية.. نظرة تأخذ في الحسبان حالة الدمار والإنهاك التي وصل اليها هذا الشعب الذي اصبح يرزح تحت ثقل احتلال الروس من جانب واحتلال المقاتلين الأجانب الذين نقلوا جزءاً من حربهم العبثية من اجل اوهام تأسيس امبراطورية اممية اسلامية في منطقة القفقاس الى هذا البلد المنكوب ببرودة الثلوج القاسية ونيران الحروب اللانهائية. على ان هذه النظرة يجب ان تأخذ في الحسبان كرامة الشعب الشيشاني وكبرياءه, وهو ما لا يستطيع الكرملين وامبراطوره الآتي من اروقة المخابرات ادراكه, واكبر دليل على هذا الكلام هو اضاعة الفرصة الذهبية الكبرى للوصول الى سلام واستقرار في الشيشان عندما تمكن الروس من طرد المقاتلين الأجانب والسيطرة على العاصمة الشيشانية (غروزني) واضطر الرئيس اصلان مسخادوف الى الهرب, في تلك اللحظة كان الشعب الشيشاني قد وصل الى درجة الإعياء الكامل, وسأم الدمار والحروب التي كان الآخرون يخوضونها على ارضه وعلى حساب امنه واستقرار بلده وكذلك مصالحه القومية التي حققها بشجاعة منقطعة النظير ايام حروب التحرير التي خاضها بقيادة زعيمه التاريخي (جوهر دوداييف), مما خلق الأرضية المناسبة لتقبّل الشيشانيين لتسوية عادلة تأخذ كرامتهم وكبرياءهم بنظر الإعتبار, فكان تعيين المفتي (احمد قاديروف) الذي كان يحضى باحترام كبير بين ابناء شعبه, وذلك نظراً لمواقفه واستقلاليته ومساهمته في النضال ضد الروس, فرصة ذهبية لكي ينعم الشيشان بسلام واستقرار وتحت قيادة زعيم منهم, لكن الكرملين كان في تلك اللحظة منتشياً ب(انتصارات) عسكرية, اعمت بصيرته فكان ان ساد التعنت, وطغى الغباء على صوت العقل والحكمة. كان من الممكن جداً ان يتقبل الشعب الشيشاني الذي تخلص من احتلال المقاتلين الأجانب لبلاده في تلك اللحظة سلطة وطنية تتمتع بحد معقول من الأستقلالية والكرامة القومية, لكن الكرملين لم يتمتع في تلك اللحظة بالذات بالقدر الأدنى من الحكمة والتسامح, وخلط بين حالة وجود حاكم وطني قوي يحظى بالاحترام بين ابناء شعبه ويكون حليفاً وصديقاً وشريكاً لموسكو, وبين تنصيب موظف محلي يرعى مصالح موسكو على طريقة المنظمة السرية والعقلية المخابراتية التي لا تفقه تعريفاً لصديق وحليف.. العقلية التي لا تستطيع ان ترى في الحليف إلاّ صورة العميل السري الذي قد يكون احياناً عميلاً في الضوء ايضاً. فكانت النهاية التراجيدية, ولكن الطبيعية ايضاً, ليس لفرصة السلام الذهبية هذه وحسب, بل حتى للمفتي(قاديروف) الذي انتهى به القدر على مذبح الاغتيال الذي اودى بحياته, بعد ان كان قد اُستهلك كعامل وطني كان بإمكانه ان يعيد اكبر قدر من الأستقرار والسلام الى شعبه وبلده.
على هذه الخلفية, يبدو واضحاً ان الكلام عن سلام قريب لا يعدو كونه كلاماً في الهواء, او مزايدة سياسية في احسن الأحوال. وعليه فإن المؤكد هو ان هذه الدوامة العبثية سوف تستمر, ولن يغدو من المتوقع ان يحدث اي انفراج, إلاّ اذا حدثت معجزة. فهل يمكن ان تقع المعجزة التي سأم الجميع انتظارها؟ في الحقيقة هناك معجزة واحدة لو حدثت, فإن كل الأبواب والنوافذ ستنفتح على وسعتها لهواء السلام المنعش. اولا:ً يجب ان يتجاوز الروس كل هذا الغرور والتعنت في التعامل مع الملف الشيشاني, ويذعنوا لصوت العقل والمنطق. على الجانب الآخر على اصلان مسخادوف ان يحسم مشكلته الداخلية قبل ان يبادر الى طرح مبادرات عقيمة, حتى دعوته لأمريكا واوروبا للتدخل لفرض عملية سلام في الشيشان, لايمكن ان تجد صداها المقبول, إلاّ اذا برهن لشعبه اولاً, ثم للعالم كله, واخيراً لخصومه في الكرملين بأنه شريك قادر على صنع السلام ووقف العمليات العسكرية, بما فيها الإرهابية. عليه ان يجيب على السؤال المحرج حتى العظام(ترى من هو رئيس الشيشان, هل هو اصلان مسخادوف حقاً بعد ان انتخبه شعبه اثر استشهاد دوداييف, ام هو شاميل باساييف, الذي سلب الرئاسة والزعامة كما سلب من قبل حق السلام وحق اعلان الحرب وتحويل البلاد الى خرابة تدعو للرثاء, ام هو احد زعماء المسلحين الأجانب؟). عندما يجيب مسخادوف عن هذا السؤال المحرج, جواباً لائقاً, عندها يكون لكل حادث حديث, ولكن هذا الجواب يشترط ان يقوم مسخادوف بضبط باساييف ومسلحيه وحلفاءه من الإرهابيين الأجانب على ارض الشيشان, او ان يعلن موقفه الواضح والصريح منهم, ولايمكن الحديث عن طريق ثالثة بأي حال من الأحوال. عندها يجب ان يعلن موقفه من الإرهاب العالمي ويحسم خياراته في الإنضمام الى اي من المعسكرين الكبيرين, معسكر الإرهابيين, ام معسكر العالم الحر الذي اعلن حرباً شاملة وطويلة الأمد على الإرهاب وكل الإرهابيين, وفي جميع انحاء العالم. في تلك اللحظة فقط تكون المعجزة قد وقعت فعلاً ... ولكن هل يمكن لمعجزة بهذا الحجم الهائل ان تقع في مثل هذه الأيام المليئة بالخطيئة؟ الجواب ليس واضحاً, ولكن ليس لنا ان ندعو الى اقل قدر من التفاؤل, إلاّ اذا تحركت الأمور في الشيشان بهذا الإتجاه, والى ذلك الحين فإن الظاهر هو ان هذه الدوامة العبثية سوف تستمر في الدوران, وان المزيد من دماء الأبرياء ستذهب هدراً, وان هذه الحرب ستظل سيدة الموقف, وان هذه (المبادرات) ستطل بين الحين والآخر, لا لشيئ إلاّ لكي تضفي بعض الحركة على رتابة طبول الحرب وقرعها الكئيب... ويبقى ان هذه الأصقاع المتجمدة حتى النخاع , جمدت ومنذ عقود طويلة في محطة قطار غارق في الغربة والعبثية والكآبة والإحباط, الدماء في عروق رجل هرب من المجد وحياة الترف, ليتمرد على رتابة الحياة التي لم يستطع حتى انجيله عن (الحرب والسلام), ان يخرجها ولو للحظات عن رتابتها الأسطورية التي اودت به بتلك الطريقة التراجيدية... حتى هذا الرجل الذي كان يدعى(ليو تولستوي), لا يستطيع الآن ان يجسد روح روايته المسماة(البعث), ليسجّل عبثية هذا العبث الذي يبدو وكأنه يلفّ الشيشان والى الأبد...عندها لن يبقى إلاّ ان نأمل في انتظار حدوث معجزة ولادة قيادة جديدة, تكون جديرة بالإنتصار في معركة الإرهاب, لكي تضمن الإنتصار في معركة الحرية... وصولاً الى الإنتصار الكبير في معركة السلام...



#سردار_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذا التشنج هو الذي سيقصم ظهر العراق
- الأب القائد المؤسس
- احوال المسيحيين في كردستان العراق واوهام سليم مطر المريضة
- استهداف مكتب العربية عين لا تحتمل رؤية الحقيقة
- تصريح للناطق الرسمي بأسم المؤتمر الوطني العراقي في كوردستان ...
- كردستان تشرك معها العالم في الإحتفال بكذبة نيسان
- تصريح رسمي للناطق باسم المؤتمر الوطني العراقي في كردستان
- من نواجه في كركوك؟
- على من تجاوز سعدي يوسف على الطالباني ام على نفسه؟
- استقراء الواقع بادوات جديدة - العلاقات العراقية التركية ودور ...
- اعادة صياغة العلاقات العراقية العربية - مجلس الحكم المؤقت وج ...
- حملة علاء اللامي على العراق ما الهدف منها والى اين يمكن ان ت ...
- معارك وهمية في انتخابات نقابة الصحفيين - هل يمكن قيام الديمق ...
- نزيف الدم الليبيري بين صمت العالم والتردد الأمريكي
- اخبار ومقالت منشورة في (النبأ)الصادرة صباح اليوم بمدينة السل ...
- قراءات - هل تظل الدوامة السارترية تلف بعضهم إلي الأبد؟ - سير ...


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - سردار عبدالله - معضلة السلام الشياشانية تحتاج الى قيادة جديدة