أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - سماح هدايا - الظلام الطائفي في لبنان














المزيد.....

الظلام الطائفي في لبنان


سماح هدايا

الحوار المتمدن-العدد: 3831 - 2012 / 8 / 26 - 15:29
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    



كان يا ماكان في صيف سنة 1859، في قرية من قرى لبنان، ولدان مسيحي ماروني، ومسلم درزي، يلعبان...وفجأة اختلفا وتخاصما...ولأن البلاد كانت محقونة بالأحقاد والصراعات الاقتصادية والاجتماعيّة التي يغذيها الفرنسيون والإنجليز والعثمانيون، احتد الخصام، وصار خلافا بين الأهل في كلا الأسرتين، ثم بين أبناء الطائفتين، وتحوّل إلى معارك دمويّة في القرى المجاورة، واتسع القتال وتجدّد قويّاً في ربيع 1860، وتقاتلت بالنار مجموعة من الموارنة مع مجموعة من الدروز؛ فاشتعلت موجة العنف لتجتاح جبل لبنان وسهل البقاع وجبل عامل ثم لتصل النيران إلى دمشق. وماتوقفت الحرب إلا بتدخل الطيبين من أبناء الأمة، وبضغط الدول الكبرى، لتخلّف وراءها آلاف الضحايا والمنكوبين، ونكبة اقتصادية مدوية في صناعة الحرير في دمشق ولبنان. ولعلّ الأهم هو تشكيل دويلة طائفيّة في جبل لبنان، ظلّت مثار الاقتتال.
وتقول صفحات التاريخ أنّ حروبا أهليّة مر ت بقسوة على لبنان، مخلّفة مجازر فظيعة، ومحدثة أضرارا كثيرة، طالت النفوس والعقول والقلوب؛ لكنّ أشدّها كان في الحرب الحديثة التي امتدت على مايقارب العقدين في اقتتال طائفي مليشياوي بين الطوائف كلّها(1975-1991)، وكان النظام الأسدي جزءاً من اللاعبين فيه. وتوقفّت، اخيراً، الحرب الأهليّة، وانتشر الجيش السوري بموافقة لبنانية عربية ودولية وبحسب اتفاق الطائف..
وفي شهر آب عام 2012، نقرأ الخبر"عائلة المقداد من العائلات الشيعية في لبنان، تخطف سوريين رداً على خطف مقاتلين من الجيش الحر في سوريا أحد أبنائها ويدعى حسن المقداد". وتنتشر كالنار، بعد عمليّة خطف المقداد الاتهامات للثورة السورية والثوار السوريين، بأنّهم وراء إشعال حرب أهليّة في لبنان. وخرج ميقاتي يقول أنّ اطرافاً تريد زج لبنان في الأزمة السورية. بمعنى أنّ الثورة السوريّة تتآمر على أمن لبنان، الثورة السورية هي التي تثير الفتنة وتغذّي المشاكل في لبنان.
كأنّ لبنان بلدٌ نظيف، حطّ من السماء، بلا أزمات وحروب وطغيان. وكأنّ الخطف هو حالة طارئة على المجتمع اللبناني. ولم يكن أمرا معروفا وشائعا خلال الحرب اللبنانيّة الأهلية الطويلة. حتى الآن مازال في لبنان مخطوفون منسيون، لم يعودوا بعد إلى بيوتهم وأهلهم. ومازال مصيرهم يلفّه الغموض والإبهام؛ فهل يعقل أنّ موقفا مثل موقف خطف المقداد يمكن أن يخلق مشكلة، لو لم تكن المشكلة متجذرة في الأصل في الكيان اللبناني. بالطبع مايحدث في سوريا هو بمثابة فتيل في النار المشتعلة تحت وجه التراب. والأمر أبعد من تآمر الثوار السوريين على لحمة النسيج اللبناني وأكبر من ذلك.
إنّ دور النظام السوري الطويل في الأزمة اللبنانية تاريخي. والأجدى أن يقال: إنّ سقوط نظام الأسد المستبد الطاغي العميل، سيؤدي إلى تفجير أزمات شديدة في لبنان وإلى تغيير المزاج السياسي بشكل نوعي؛ لأنّ النظام السوري، مدعوما بدول بقوى عالمية، تدخّل طويلا وعميقا في التوازنات القائمة في بنى لبنان وأجرى الصفقات مع أمراء الطوائف، وهي توازنات غير قابلة للبقاء تحت تداعيات هزات سقوطه. النظام السوري أثّر عميقا في لبنان عبر السنين، وزواله سيؤثر في بنيته، وسيعيد الواقع الثوري في سوريا والمنطقة صياغة واقع لبناني جديد.
لبنان مقسّم طائفيا ومناطقيا منذ اكثر من قرن ونصف، وحتى التصالح الذي أصبح قائما هو تصالح طائفي هش؛ فالطوائف كافة ارتضت في تخلصها من معركة المتقاتلين، قبول واقع المحاصصة المفروض فرضا تحت رعاية النظام الأسدي، ونال كل فريق حصته قبولا أو جبرا. واستمر التحاصص سنوات يخدم أمراء الطوائف، كحل مؤقت. لكنّ الوضع اللبناني غير محسوم؛ فالتركيبة كلها مصطنعة وهشة تلعب بها صراعات الولاء والمكاسب لكل طرف. وعندما حاول الحريري أن يجعل لبنان دولة مؤسسات قوية قتلوه. والمستفيد من قتله سوريا وإسرائيل وحزب الله، بغض النظر عن منفذي القتل.
وبعد كلّ هذا، تأتي أسماء سياسية مثقّفة وإعلامية لامعة لتتهم الثورات بإثارة الطائفية، وتسوغ كلامها بأنْ لم يكن لدينا طائفيّة من قبل، وأنظمتنا السياسية العربيّة على الرغم من دكتاتورياتها قد نجحت في في كبح الطائفية. وبحسب رأيهم، فإنّه في زمن تلك الدكتاتوريات "العظيمة" لم يكن هناك طوائف تتقاتل. هؤلاء يقرأون الواقع، بعيون انتهازية تتعلّق بولائها للأنظمة الاستبدادية التي كانت ومازالت تحتاج إلى أبواقهم معها وضدها، بحسب المطلوب في سوق الإعلام السياسي.
إنّ تسوية الحسابات الطائفيّة في لبنان لامفر منه. وبسقوط نظام سوريا ستتغيّر الخارطة السياسية في لبنان، وسيؤثر ذلك على القوى السياسية المختلفة، سواء أكانت أحزابا أو ميليشيات عسكرية طائفيّة. وهناك مجال واسع لأن يخوض لبنان صراعاً قويّا بين أن يكون جزءاً من منظومة المنطقة العربيّة، أو أن يكون مواليا لقوى دخيلة على المنطقة. وإن سقوط النظام السوري سيسقط نفوذ إيران في سوريا، ويكبح جماع مشروعها التوسعي في المنطقة العربيّة، وهو يمتد إلى لبنان، ولذلك لا يستطيع لبنان أن يكون مواليا لإيران بقوة سياسية أو بميليشيا عسكرية، ولن ينفك من ذلك بسهولة. وحزب الله وأعوانه هم اللاعب المتأثر بسقوط النظام والمؤثر الفاعل في الأزمة اللبنانيّة
د. سماح هدايا



#سماح_هدايا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بناء التغيير
- ثقوا بالثورة واتركوا روحها تقودكم
- المثقفون والثورة
- المرأة ودورها في الثورات العربية


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - سماح هدايا - الظلام الطائفي في لبنان