أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مراد سليمان علو - بيت العقارب / قصة قصيرة















المزيد.....

بيت العقارب / قصة قصيرة


مراد سليمان علو
شاعر وكاتب

(Murad Hakrash)


الحوار المتمدن-العدد: 3830 - 2012 / 8 / 25 - 20:17
المحور: الادب والفن
    




جلست الزوجة قبالته ثانية لتصبّ له الشاي هذه المرة بعد أن قدمت له العشاء قبل قليل وهي تقول :
ـ سمعت من جارتنا إن العقارب لاتستطيع أن تمشي على الأفريزر .!
نظر إليها مليا وهو ينتظر شايه وينفث دخان سيكارته ثم أردف قائلا :
إنها تستطيع المشي في الجحيم فكيف لا تستطيع أن تمشي على الأفريزر.
ـ لا أدري ... ولكن جارتنا تقول إن زرع بعض الأفريزر هي الطريقة الوحيدة للتخلص من شرّها .
ـ يا امرأة إنها تستطيع السير على الحيطان وبالمقلوب فكيف لاتقدر على السير وسط بعض الحشائش إن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يمنع العقارب من الخروج هو البرد ... الشتاء ولهذا لانراهم في ذلك الوقت ألا تفهمين .
ـ أجل ولكن نحن في بداية الصّيف ويجب أن تجد لنا حلاّ وإلا سنترك البيت .
ـ ولكني فعلت ... جرّبت كل أنواع المبيدات وآخرها ( إيكون 10 ) وكلمّا أرش نوع جديد من المبيد يخرجون بأعداد أكبر وكأن لهم بيتهم الخاص ... هنا داخل منزلي .
ـ لاشك إن لهم مكان ... ملجأ ... شق ما في أحد الجدران ... أو كما تسميه بيت ولن يغادرونا أبدا . حبّا بالله اسمع كلامي واجعل قسم من الباحة أفريزر لننعم بنوم هنيء في ليالي هذا الصيف .
ـ حسنا ... حسنا الله كريم سأرى ما يمكنني فعله .
اتكأ على وسادة موضوعة على فرشته بعد أن أخذ رشفة شاي ثم بدأ يلوك سيكارته ويدخنها بتلذذ وقال بصوت ضعيف هل تعلمين إن أبنائنا الثلاثة يشبهون العقارب على وجه من الوجوه فما أن رأوا زوجاتهم حتى غادروا البيت الواحد تلو الآخر ... أولاد الكلب وكأني كنت سأمنعهم من النوم معهن ... وأخذ يضحك .
تناولت المرأة نعالها البلاستيكي واتجهت بهدوء نحو الحائط خلف زوجها وضربت بقوة عقربا كان يحاول النزول لأرضية الباحة . سقط العقرب وقد هرس تماما أثر الضربة المفاجئة للمرأة ... رفعته بطرف نعالها الأمامي لترمي به في سطل قريب مخصص للأوساخ وهي تقول ... أولادنا أفضل من أولاد الناس ... لا يدعونا نحتاج لشيء .
ـ ها ... ومتى كانت آخر مرّة زارك فيه أحدهم ؟
ـ إنهم يزورونا كلما سنحت لهم الفرصة ... كل شهر يزورنا أحدهم ويأتون لزيارتنا في الأعياد والمناسبات ألا يكفي هذا .؟
ـ تعلمين قصدي جيدا . أليس كذلك .؟ تعلمين إنهم لا يطيقون بعضهم البعض ولهذا السبب خرجوا من البيت . كل واحد عزل نفسه لوحده . واحدهم ما كان يطيق أن يرى الثاني ... أولاد ... ونظر إلى زوجته لبرهة ثم قال ... الكلب .
ـ أليس أفضل من العيش وسط المشاكل وعدم حلهّا كما هو حال عائلة (حمد ...) فهو لديه ثلاثة أولاد متزوجين وجميعهم موظفين حتى (حمد) ... إنهم أغنياء ولكنهم يعيشون في بيت واحد و... وهنا انتفض الزوج وجلس واضعا الوسادة في حجره وكأنه أمسك العصا من وسطه وهو يقول : وماذا في ذلك إنهم مع بعضهم ولا ينقصهم شيء وسعداء جدا ، فردّت الزوجة ، ومن قال إنهم سعداء هذا دأبك لا تدعني أكمل حديثي أبدا ... ثم أخفضت صوتها وكأنها لا تريد أن يسمعها أحد غير زوجها وقالت له همسا ليس لحمد غرفة خاصة ولم يتصل بزوجته منذ ثلاث سنوات هذا ما أكدته لي زوجته أكثر من مرة .
ـ ربّما لأنه مريض أو شيء من هذا القبيل ولماذا تقولينها همسا وكأنه سرّ خطير لا تنسي نحن وحدنا في الدار فلا داعي لأن تتكلمين همسا ثم أخذ يضحك ثانية حتى بدأ يسعل .
ـ إنما لصغر منزلهم وعدد غرفه المحدودة وهذا وحده كفيل بإثارة مشاكل لا حصر لها .
ـ لو كان كلامك صحيحا لما كنت ألومه حتى لو افتعل شجارا كل يوم ... فمثلا لو ابتعدت عني أسبوعا لقلبت الدنيا ثم أردف قائلا ولن يلومه أحد لو تزوج ثانية ومع ذلك لا أصدق خرافة النوم لوحده فهو ليس حمارا لينام وحده .
ـ حسنا لا تصدق قصة ( حمد ) أليس كذلك ؟ ماذا عن عائلة ( قاسم ) ألم يطلق امرأته ويترك البيت والأولاد لينفد بجلده .
ـ فعل ( قاسم ) الصواب ورزقه الله بزوجة أجمل وأحسن من الأولى .
ـ يا رجل المسألة ليست بهذه البساطة فالعوائل تتفكك لأنها لا تعرف أن تحّل مشاكلها بنفسها وأساس المشاكل العائلية الكبيرة هي بسبب انعدام الحبّ فما فائدة بقاء أبنائنا معنا دون رغبة وحبّ .
أخرج سيكارة ثانية من علبته وأشعلها وبلفته غير مقصودة رأى عقربة سوداء سمينة وهي تمشي بهدوء على الحائط فأشار إليها بسبابته فالتفتت الزوجة وهمّت لتنهض وهي تقرّ في داخلها بان أفضل دواء لها هو نعالها البلاستيكي .
ـ حبّ ... ها لا أعرف الكثير عن تصفيط الكلام ولكن ما يثير استغرابي إنهم إخوة من أم واحدة ومن أب واحد ونظر إلى المرأة وهو يقول ساخرا ... حسب علمي ... ولم يطيقوا أن يعيشوا ويتحملوا بعضهم البعض إلى أن يأتي أجلنا .
ـ إنك تتكلم عن أولادك لأنك رجل وأقول لك أن سبب الرحيل هو زوجاتهم الملعونات أعرف هذا ومتأكدة منه كامرأة عاشرتهن لزمن يكفي أن ألقي اللوم فيه عليهن ... وهنا رفع الرجل العجوز يده علامة لكي تسكت ثم قال إنه الباب الخارجي .
فتح الرجل الباب وإذا بابنه البكر وزوجته وأولاده في الباب وقد أتوا ليقضوا معهم أمسيتهم . رحب بهم قائلا : ابن حلال كنا بذكركم ، فردّ عليه ابنه مازحا ... بخير لو بـ ... ثم طفقا يضحكان وربّت الأب على ظهر ابنه وكأنه يدعوه أن يسبقه في الدخول من فرط سعادته .
دارت العجوز بصينية الشاي بعد أن أكد الابن وزوجته تناولهم العشاء وانهم ليسوا بحاجة حتى للشاي فهم هنا لمجرد تمضية بعض الوقت معهم ثم رجعت العجوز لحديثها المفضل العقارب وكيفية التخلص منها وما أن دار الحديث عن العقارب حتى قام أكبر الأطفال وتناول نعالا وأخذ يمشي بمحاذاة الحائط مفتشا عن بعضها وهو يقول أنا سأخلصك منهم ياجدتي بينما الطفلان الآخران دسا نفسيهما في حجر والدتهما وهما يتابعان شقيقهما بنظرات قلقة وخوف واضح . قال الأبن بعد أن نهر طفله ليجلس كالآخرين : بعض الأدوية تحفز الحشرات على الخروج إلى أن يسري مفعولها في أجسادهم ثم تموت وبرأي أن تنتظروا بضعة أيام أخرى أفضل من القيام بخطوة أخرى مثل رش مبيد جديد فأكدت المرأة العجوز بأنهم لن يستخدموا مبيدا جديدا أو قديما وإنما سيزرعون بعض الأفريزر للتخلص منها ، وهنا أخذ الجد يهز برأسه وهو على يقين ما أن يحين وقت النوم ويذهب ابنه وعائلته إلى بيتهم حتى تختفي العقارب بدورها وتدخل جحورها .



#مراد_سليمان_علو (هاشتاغ)       Murad_Hakrash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطريق إلى شنكال
- ليلى والمجنون
- بتلات الورد 27
- قولي شيئا
- بتلات الورد 26
- مكالمة لم يرد عليها / قصة قصيرة
- حكايات من شنكال 32
- بتلات الورد 25
- مصطلحات من سيباى
- جاري والمجاري
- فيض عينيك
- بتلات الورد 24
- بتلات الورد 23
- الراعي
- بتلات الورد 22
- بتلات الورد 21
- بتلات الورد 20
- بتلات الورد 19
- بتلات الورد 18
- الصرخة الخرساء


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مراد سليمان علو - بيت العقارب / قصة قصيرة