مسيحيوا سوريا ضد مستبد اليوم و الغد

هديل بشار كوكي

الحوار المتمدن-العدد: 3828 - 2012 / 8 / 23 - 09:25
المحور: مقابلات و حوارات
    

.بعد عام، ونيف على بدء الثورة هل حافظت الثورة على هويتها والمطالب التي إنطلقت لأجلها أم أنها بدأت تأخذ طابعا إسلاميا متشدداً؟

- انا لا اؤمن بان للثورة السورية هوية ايديولوجية حتى تحافظ عليها بل هي ثورة حق ضد باطل بعيدا عن اللفظ الشعاراتي للكلمة. فبكل بساطة نظام سيطر على الحكم عن طريق العسكر وفرض قوانينه وسلطاته وورث الجمهورية وعامل سوريا على انها مزرعة شخصية هو نظام وجب ازالته . منذ بداية الثورة كان فيها اسلاميين و علمانيين و مسيحيين . قد يكون الصوت الاسلامي مرتفع في هذه المرحلة من الثورة، ولكن هذا امر طبيعي وليس إلا ردة فعل على بطش النظام واهانته للمقدسات الإسلامية والسنية على وجه الخصوص وانا اتفهم هذا. بكلتا الأحوال لاتزال الثورة محافظة على مطالبها الأساسية التي قامت من اجلها وبروز بعض الاصوات المتطرفة من هنا وهناك لا يعني ان للثورة طابعا متشدداً.

2.لماذا تُستهدف الكنائس في سورية، خصوصا تلك التي تقع في مناطق يتواجد فيها المسلحون بكثرة؟

- حقيقة الكنائس القديمة في سوريا وصمودها حتى الان تكذب فكرة استهدافها من قبل المسلمين. فمرت على سوريا الكثير من الفتوحات الإسلامية وكنائسنا بقيت كما هي. طبعاً يوجد بعض الإستثناءات .. كنيسة ام الزنار في حمص على سبيل المثال تم قصفها من قبل قوات النظام وتمت حمايتها من قبل الثوار. سأعطيك مثال، الحالة الوحيدة التي تم التعرض فيها لمقدسات مسيحية في سوريا هي في عصر الأسد الاب، حينما قام المجرم رفعت الاسد بتفويض من اخيه انذاك بنبش دير الشروبيم في صيدنايا ونهب المحفوظات الذهبية في الكنيسة وهذه حقيقة يدركها كل مسيحيي سوريا. الكنائس الموجودة في الاماكن المتوترة والتي يوجد فيها اشتباكات دائمة بين الجيشين الحر والاسدي تعرضت لأذى كما تعرضت المساجد في غالبية المدن السورية لإعتداءات مقصودة وغير مقصودة من قبل قوات الأسد.

3.صدرت نداءات عديدة من الفاتيكان وعبر وكالة فيديس البابوية تحديدا تطالب فيها المجموعات المسلحة بتجنب التعرض للمسيحيين، سؤالي :لماذا يتعرض المسيحيون للإضطهاد في سورية؟، لأن المعلومات تفيد بتعرضهم للإبادة في مناطق واسعة في حمص، وتحديدا على يد كتائب الفاروق؟

ج- المعلومات التي اعطيت للوكالة الفاتيكانية كانت مدسوسة كما اخبرني الاب باولو الذي طرد من سوريا مؤخرا من قبل النظام لمساعدته للثوار، وبعد ان زار الاماكن المتوترة في سوريا ولاحظ بل وتحدث عن عدم وجود اي استهداف ممنهج للمسيحيين في سوريا من قبل كتائب الفاروق او غيرها من الكتائب. ثم اين هي الابادات والمجازر ضد المسيحيين، لم نسمع ولم نرى اي مجزرة ضد المسيحيين في سوريا بل سمعنا عن مجازر ارتكبها النظام في الحولة وكرم الزيتون وحماة وغيرها، كما سمعنا عن عشرات المعتقلين المسيحيين الذين عذبوا في سجون الاسد واضطهدوا لانهم قالوا كلمة حق خلال الثورة وقبلها.





4.هناك دعوات صريحة صدرت من قبل صفحات مواقع التواصل الإجتماعي المؤيدة للمعارضين السوريين بتكفير المسيحيين، والدروز، والعلويين، هل يستهدف المسيحيون لأن قسم كبير منهم فضل الصمت، وقياداتهم الدينية تظهر بشكل أو بآخر دعمها للنظام السوري؟

ج-لم نسمع من اي مرجع سوري معارض او حتى ديني سوري بانه كفر المسيحيين او غيرهم من ابناء الأقليات في سوريا. صفحات التواصل الإجتماعي ليست معياراً، فبالنهاية الصفحة تدار من قبل فرد او فردين مجهولين ولاتمثل الرأي العام السوري. هناك متطرفين في كل المجتمعات وهم في سوريا لا يمثلون الأغلبية بل هم اقلية متطرفة كما النظام. ثم ان وجود بعض " القيادات" المسيحية التي تدلوا باراء مؤيدة للنظام بطرق متطرفة لايعني ان المسيحيين مؤيدين، فهناك قيادات دينية اسلامية مؤيدة للنظام وتشكل احد دعائمه الاساسية مثل البوطي وحسون وغيرهم.

5.هل ساهمت خلافات المعارضين بإطالة أمد الثورة؟

- الثورة وانا بشكل شخصي اريدها ان تبقى حتى بعد سقوط النظام كي تطهر الوطن من كل الاشنيات وكل رموز النظام، من اصغر موظف فاسد حتى بشار الأسد. وكي تقضي ايضا على كل المعارضين الفاسدين المتسلقين الذين يشبهون النظام. لذلك فانا اقول اطال الله عمر الثورة.

6.تشتكون دوما من قلة الإهتمام الدولي بالثورة السورية على عكس ما حصل في ليبيا، الا تعتقدين أن التشرذم الحاصل بين قيادات المعارضة هو السبب الرئيسي في عدم اكتراث المجتمع الدولي لمطالبكم؟



لا ارى تشرذما في صفوف المعارضة السورية كما تصوره بعض وسائل الإعلام. الإختلاف بالرأي لا يعني تشرذما. حتى في امريكا هناك جمهوريين وديمقراطيين هم يختلفون في كل شيء لكنهم في النهاية متفقين على وحدة بلادهم وعلى ابقائها حرة ، كذلك في المعارضة السورية هناك اراء مختلفة لكن الهدف الاساس هو واحد وهو بناء دولة ديمقراطية واسقاط حكم ال الاسد. ارى ان سبب التخاذل في دعم الثورة بشكل فعلي هو عدم وجود مصلحة للغرب كما الحال في ليبيا من اجل مساندة الشعب السوري .

7.الناتو قالها منذ اليوم الأول ان التدخل العسكري في سورية صعب جدا، لماذا ما زلتم تطالبون حتى اليوم بتدخل عسكري، هل بسبب ضعف الثوار، أم السبب يعود إلى سطوة وقوة النظام؟

- النظام ليس قوياً، الذي يخافي من صحافي مثل مازن درويش فيعتقله ويعذبه ويخفية لا اشهر طويلة ليس بنظام قوي بل يدل على انه نظام مرتعب وخائف وضعيف .بالمناسبة مازن درويش ليس اسلامي بل هو علوي. المطالبة بالتدخل العسكري جاءت في الاشهر الاخيرة بعد وقوع العشرات من المجازر وايضا جاءت كردة فعل على التدخل الروسي والايراني في سوريا والذي يطيل من عمر النظام. لا اعتقد ان الحال ستبقى كما هي، واعتقد ان قوة الجيش الحر على الارض وازديادها بشكل ملحوظ ستجبر الدول الغربية على التدخل.

8. رياض حجاب قال أن النظام لم يعد يسيطر على اكثر من ثلاثين بالمئة من الأراضي السورية، إذا كان هذا الكلام صحيح لماذا لا تأت معارضة الخارج وتقود المعارك من الأراضي المحررة؟، ولماذا إختار حجاب الذهاب إلى الأردن بعيد إنشقاقه؟

الاماكن المحررة مليئة بالثوار وبمقاتلي الجيش الحر، نرى كل يوم العشرات من الصحافيين الاجانب والعرب يدخلون إلى هذه المناطق ويصورنها. وبالمناسبة هناك الكثير من النشطاء الذي دخلوا لسوريا مؤخرا. لكن بالنسبة لرياض حجاب فخروجه لخارج سوريا قد يكون لاسباب سياسية بحتة بغية لقائه ببعض المعارضين. لكن هذا لاينفي ان كل الاماكن المحررة في سوريا هي معرضة لخطر القصف الجوي حيث كما راينا بسبب ضعف النظام على الارض وبسبب غياب الحظر الجوي النظام بدأ يلجأ لإستخدام الطائرات الحربية



9.صحف عالمية بدأت تحذر من تغلغل القاعدة في الجيش الحر، وتحرير باب الهوى ابسط مثال، برأيك هل هذا الكلام مقدمة لسحب الدول الغربية يدها من الأحداث السورية، وإيقاف الدعم الذي تقدمه للثوار؟، وكيف ستواجه هذه الدول وخاصة أميركا، وفرنسا مواطنيها، وهي التي شنت حروبا مطلع هذا القرن لمكافحة الإسلام المتشدد المتمثل في الفكر القاعدي، والطالباني؟

على العكس لو كان هناك فعلاً تواجد لمنظمات ارهابية مثل القاعدة وغيرها بشكل ملحوظ وواضح، فإن ذلك سيكون دافعاً اساسيا لهذه الدول كي تتدخل. فهذه الدول تدرك بان القاعدة وغيرها لاتحظى بأي تأييد شعبي في سوريا لكن هذه المنظمات قد تستغل الوضع الحالي كي تروج لأفكارها وتقاتل بشكل مستقل عن الجيش الحر.

10.ما تعليقك على الكلام الذي يقال أنه لو إستمرت الثورة على سلميتها لحققت إنجازات أكثر؟ وهل الجيش الحر قادر على هزيمة الجيش النظامي؟

كلنا اراد للثورة ان تكون سلمية، فكل من خرج في البداية خرج سلميا والنظام هو من بدأ بإطلاق النار على المتظاهرين. التسليح جاء كردة فعل متوقعة وكغريزة للبقاء على قيد الحياة. لايمكن ان تمنع شخص دمر بيته، او قتل اطفاله، او اغتصبت زوجته من ان يحمل السلاح للدفاع على ماتبقى له.

لا اعتقد ان هناك جيش نظامي في سوريا، الجيش السوري هو جيش اغلبه غير راض عما يجري، ومن يقوم بعمليات القتل هم بعض من قوات النخبة وبعض عصابات الشبيحة الطائفيين، لذلك اعتقد بان الجيش الحر سينتصر لأنه يحظى بإحتضان شعبي في اماكن القتال والتوتر



11.كيف تفسرين مشهد إلقاء الجثث من أسطح الأبنية في مدينة الباب، وهل هذا العمل يخدم الثورة، أم أن العالم سينظر إليها بصورة وحشية لا تقل عن النظام؟

لو كان هذا فعلا من فعل الثوار فهو عمل مدان ولقد ادانته كل مؤسسات المعارضة. احرار سوريا هم ضحايا عنف همجي اطلقه النظام ضد شعب ينشد الحرية والعدالة وسنحافظ على قيم الثورة في الحرية والعدالة مهما جرى . قد يخرج بعض الموتورين هنا وهناك المحسوبين على الثورة ، لكن علينا ادارك ان هناك فرق كبير بين نظام يدعي احتكاره للدولة، وبين ثورة شعبية ليس لها جسد مؤسساتي. الاخطاء تحدث احيانا من قبل الثوار، ونحن ننقدها لان لا احد فوق المحاسبة، بينما اخطاء النظام هي اخطاء ممنهجة بل هو نظام مبني على الخطأ.

12-في لبنان إستمرت الحرب الأهلية زهاء عشرين عاما، ولم ينتصر أحد وإضطر المحاربون بعدها إلى الجلوس على طاولة واحدة، لماذا لا تأخذون العبرة من لبنان، وتبادرون إلى الجلوس على طاولة حوار تجمعكم مع الموالين؟

ماجرى في لبنان لا يقارن في مايجري في سوريا. في سوريا لدينا ثورة ضد نظام مستبد جاثم على الحكم منذ حوالي نصف قرن. هو بطبيعته رافض لأي حوار او منطق. فنحن على سبيل المثال كنا مجموعة من الشباب كلنا في العشرينات من العمر،قمنا قبل بداية الثورة في الاول من اذار بتوزيع مناشير تطالب بالحوار وبالحرية فتم اعتقالنا وتعذيبنا بشكل وحشي. اي حوار او محاكمة منطقية سيكون النظام خاسر فيها ستكون النتيجة الوحيدة لها هو رحيل النظام لذلك فهو يرفض الحوار بطبيعته.

13-كما للمعارضة أنصارها، فللنظام كذلك، عندما تطالبون برحيل جميع رموز النظام الا تعتقدون ان الموالين سوف يتشبثون أكثر بالقتال إلى جنب النظام لأن معركتهم أصبحب تمثل معركة حياة او موت؟

وجود انصار للنظام لا يبرئه من الجرائم التي ارتكبها. بالنهاية كلنا سوريين ولانسعى للإنتقام، عائلة الاسد هي عائلة مارقة لاتمثل احد وعلى مؤيدي النظام ان يدركوا جيداً ان المعركة بيننا وبينهم ليست معركة حياة او موت بل ثورة تسعى للوصل لسوريا حرة كريمة نعيش فيها كلنا بكرامة واخوة.

14-لماذا عجزت الثورة عن إختراق الأقليات؟

لا ارى اي معايير تستند عليها في هذا السؤال. كثير من ابناء الأقليات في سوريا كانوا معارضين اشداء لنظام حافظ الاسد، بل جزء كبير منهم كانوا رموزا للنضال ضد النظام. وحاليا، يشارك الجيل الجديد من ابناء الاقليات في مقارعة النظام. وانا في المعتقل التقيت بالكثير من المعتقلين المسيحيين والعلويين والدورز وحينما كنت اشارك في المظاهرات كان ابناء الاقليات يشكلون جزء اكبر من نسبتهم حتى في سوريا . طبعا هناك بعض الخوف من قبل الأقليات في سوريا، وهذا طبيعي لاننا لم نشعر بالمواطنية في سوريا تحت حكم الاسد والذي لطالما عاملنا كمواطني درجة ثانية.

15-بعض المعارضين نظروا إليك على أنك تعملين مع النظام وتستفيدين من شخصيتك الجذابة، والقوية في نخر صفوف المعارضة، هل هذا الكلام هو بدافع الحسد من الدور الذي تقوم به هديل كوكي؟

دوري مثل دور عشرات الالاف من النشطاء في سوريا، ولا اقوم باي دور خاص. كل مافي الامر اني ارفض الظلم واريد لوطني الحرية والكرامة . جزء كثير من النشطاء السوريين الذين ينتمون للأقليات تمت مهاجمتهم من قبل مواقع مشبوهة واشخاص مختبئة خلف اسماء وهمية وانا اشك بان من يقف وراء هذا هو النظام لانه يريد تصوير الصراع في سوريا على انه صراع بين نظام " علماني" وبين اسلاميين فوجود ابناء اقليات في الصفوف الأولى ليس في صالح النظام

16-في حال سقوط النظام كيف سيكون شكل العلاقة بين علمانيي الثورة، ومشايخ الدين الذين يظهرون نزعة تطرفية كالشيخ عدنان العرعور، هل سيغلب رأيكم في النهاية ان أنكم ستسلمون للأمر الواقع بفعل التركيبة الطائفية المعقدة في سورية؟

لن يغلب راي على اخر في سوريا المستقبل، سيكون الحكم هي صناديق الاقتراع وانا اعتبر ان سورية تختلف عن عدة دول عربية انتصرت فيها الثورات كما مصر بسبب التنوع الثقافي الكبير. لذلك لن يستبد راي على اخر في سوريا.. واعتقد ان الثورة التي ستنصر على نظام من اكثر النظم الإجرامية في العالم لن تتوقف عند اي راي مستبد اخر. انا سورية مسيحية اؤمن بان المسيح هو مخلصي والهي وعقيدتي هي عقيدة عدالة وحرية سادافع عنها في وجه كل مستبد سواء كان الأسد او غيره.

#هديل_بشار_كوكي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات