|
عن اليسار والشيوعية والثورة
جورج حزبون
الحوار المتمدن-العدد: 3826 - 2012 / 8 / 21 - 14:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عن اليسار والشيوعية والثورة يكثر القول هذه الايام عن وحدة اليسار ودوره في ظل المتغيرات القائمة بالمنطقة ،وكان نللك الوحدة ان انجزت، ينتصر الشعب وقضيته وينتهي الصراع ، على طريقة الامريكين عند سقوط الاتحاد السوفيتي ، بان التاريخ قد انتهي واستقر الامر لهم ليامركوا العالم ، وهو ما عرف بالعولمة ! رغم ادراك الجميع ان الحركة في الطبيعة والحياة لا تتوقف ، وان التجدد معيار تلك الحركة . والازمة الوطنية العربية الراهنة ، بكل مكوناتها ، تعبر عن صدام مصالح طبقية واقتصادية وسياسية ، وكل ما تزايدت حدة وتعقيدا واقتربت من الحرب الاهلية ، تكون مؤشرا حسب ماركس عن احتضار نظام اجتماعي قديم وولادة نظام جديد ، وهنا خلال عملية البناء هذه ، تكمن مهمة الحركات الثورية والديمقراطية ، صنع الحدث وليس مجرد تفسيره ، عليهم طرح تصوراتهم للمرحلة القادمة ،والدفاع عنها ، وتشكيل هيئات نقابية تعبوية كطليعة لقيادة مرحلة التغير ، وعدم الاكتفاء بنقد الرجعية الدينية ، بل فضحها عبر الهجوم بلا رحمة على اساليبها وتحالفاتها وبرامجها ومقارنتها مع السلطة السابقة ، بل ومع مصلحة المستعمرين الجدد وحلفائهم من الزعامات البترولية العربية . ليس من الصواب التحالف مع التيارات الدينية تحت عنوان الوحدة الوطنية ، انهم حركة غير وطنية لهم اجندتهم التي يعملون على استئنافها بعد ان توقفت بسقوط الخلافة العثمانية ، فهم اصحاب مهمة تستند الى التدرج ( يتمسكن حتى يتمكن ) ، وادبياتهم تعلن غاياتهم ، والتجربة المصرية الاخيرة وكيف اغتصبوا ثورة شباب مصر توضح طبيعة الوحدة التى يتطلعون اليها ، وعقيدتهم الاسلامية بالتفسيرات المعلنة لقيادتهم الفكرية من سيد قطب وابن تيمية وابو الاعلى المودودي وكثيرون اخرون ، تعلن الاسلام امة وان مهمته تنتهي حين يرفع رايته على العالم . لقد مرت غزوات عديدة بالتاريخ ، لم يسجل اين منها البلاد التي احتلها ( وقف )او ( تابو ) باستثناء الاسلام من حيث يعتبر انه يؤدي رسالة ربانية بالاستيلاء على البلاد والعباد وفرض الاسلام عليهم ، اما الاسلام واما الجزية عن يد وهم صاغرون !!فما هي القواسم المشتركة معهم ؟ حتى اسقاط الانظمة الفاسدة يتم باسلوب الابادة ( الارهاب ) ويكفي الاشارة الى حضور مقاتلين اسلامين من مختلف انحاء العالم للقتال معهم ، تماما مثل افغانستان والعراق وليبيا وسوريا ، وتزودهم السعودية ومن في عدادها بالمال والسلاح والهدف اسلمة تللك البلاد ، فعن اي حليف ؟ وعلى اي برنامج نتوافق. ان المرحلة تحتم على كافة القوى الديمقراطية التوحد على برنامج واضح يطرح على الجماهير الثائرة وحشدها خلفه ، وخاصة الشيوعيون حيث هي مرحلة النهوض من الكبوة التي غابوا فيها طويلا ، وليس مفهوما القول بوحدة اليسار الان لمجرد الوحدة كضروروة مفصلية ، فاليسار متعدد بسبب كونه لبي يسارا اصلا ،ولم يكن مكننا تلك التعددية ، لو كان اليسار موضوعيا يسار ، فهو احيانا عبارة عن مكون فوضوي او مكون متطرف مغالي ، او معرض للسلطة ومتردد في التحالف معها ، هذه الاشكال هي التي دفعت لينين لاصدار كتابه القيم ( مرض الطفولة اليسارية ) ، وكانت الباحثة الفرنسية الكبيرة سيمون دي بفوار قد كتبت في مؤلفاها الموضوعي تحت عنوان واقع الفكر اليميمني ، ان اليسار واحد واليمين متعدد ، وبنت استنتاجها على ان اليمين ، استغلالي نفعي انتهازي ووريث الماضي من كافة عهود التاريخ قبل الاقطاعية وبعدها ، ولذلك فهو متعدد استنادا الى المصالحة المرحلية والتاريخية ، بالطبع يحتاج الى بناء فوقي وليكن الدين ليطوعة لخدمة فكره والدفاع عنه ، وهذا بالضبط السبب الذي يجعل اليمين العربي حليفا للاستعمار وقوى القهر العالمي . هنا يجب ان نلاحظ ان الهجمة المترافقة مع حركة التغير العربي والتي اطلق عليها ( الربيع ) ، حصلت بعد اشتداد الازمة المالية العالمية ، وانهيار عدد من المؤسسات المالية والاقراضية الدولية ، واحتياجها للخروج من الازمة التي تقترب من حالة الكساد ، الى توفر مخرج خارجي لسببين الاول هو لفت انتباه الجماهير الى عامل خارجي ضاغط ، لم تعد ايران وحدها مقنعة ، وثانيا الى تحريك الاسواق الاستهلاكية العالمية ولو بالحرب كما جرت العادة تاريخيا ، لكن المتغيران العالمية فرضت استخدام اسلوبا اكثر التواء ، فكانت الحروب بالوكالة حسب ما قرر اخيرا ( بان كي مون ) امين عام الامم المتحدة وكذلك فعل كوفي عنان ، وبطبيعة الحال كان لا بد من حليف محلي ، يدعم ماليا حسب التجربة العراقية المفيدة ، وجهة تبرر فكريا وتقنع الجماهير ، فكانت مصر الاخوانية بالرعاية السعودية القطرية ، واسقطت ليبيا بالناتو حسب لزوم الحال , وتونس بتحيد الجيش وتدمير الديمقراطية الاجتماعية الصاعدة في هذا البلد بقوة السلفية الوهابية ، واليمن بترتيب اداريا ايضا حسب مقتضيات الحال واطلاق يد الامريكان والسعودية في بلد يعتبر منبت القاعدة ، وقد ازعج السعودية في الحرب مع الحوثين العام الماضي ، وهو واحد من افقر بلدان العالم رغم كونه خليجي ، فهو سوق استهلاكي جاهز ، والمفصل في هذه المعركة هو سوريا بما لها من تاريخ معنوي وقومي ، وقد فر النظام فرصة طيبة للمارسة عملية هدمه التي وصلت الى ان الناتواصبح جاهزا للتدخل العسكري ، بعد ان فضحت عمليات التدخل العربي والدولي ، واصبح الحسم ضروريا ، ولهذا حذرت روسيا اخيرا من التدخل المباشر ، ولهذا ايضا تقرع طبول الحرب في اسرائيل ، حيث ستتدخل ايران وحزب الله ، دعما للحليف من جهة وكونها مستهدف ثانيا ، والنتيجة تدمير المنطقة لاعادة صياغتها على مقاس المصالح الاسرائيلية السعودية الامريكية وحلفائها، وغطائهم في كل هذا هو الدين بمكوناته الطائفية والاثنية ، مما يعيد المنطقة الى سنوات الخمسبنيات من القرن الماضي ، ويبقيها سوق استهلاكي شكلا وموضوعا بالعادات والممارسات ، ويجهض حركة الثورة والفكر المتقدم العربي ويجعله محاصرا ومستهدف من سواب السلفية والتكفيرية ، والاهم انها القضية الفلسطينية حسب مبادرة خادم الحرمين ، وبالتوافق مع اسرائيل ، في عملية اقرب الى ما تمت علية الامور في البلقان . واليسار بمسمياته لا زال متوقفا عند مناقشات بيزنطية ! والشيوعيون العرب لا زالوا مرعوبين حتى من مسمياتهم ويحاولون عبثا التدثر باسماء ومواقف ( عقلانية ) لم تعد تسمح لهم بدور قيادي بل ان الجماهير سبقت كثيرا تلك التنظيمات حين خرجت الى الشارع لتغير ، وغياب البديل الثوري وفر فرصة للتيار الديني فاكتملت الصورة ،واصبح مكانهم قائمة الانتظار لقوات النظم التي يجري اعدادها ، وطالما انهم اضحوا مجرد يافطات لا تحميهم قاعدة ولا يحسب لهم نظام ، فلماذا البقاء في خانة الانتظار ؟ ان كان حفاظا على الهدوء والمكاسسب والاماكن المريحة ، فهي ذاهبت لامحالة ،والفرصة الوحيدة المتوفرة هي الوحدة الفورية على برنامج ذا نقطة واحدة ( كل الحقيقة للجماهير ) ولتنتقل القيادات الى القاعدة لاعطاء قوة المثال ، وتشكل قيادة منتخبة من مركزيات الجميع بعدد قليل حتى تمضي الية تغير جديد او معيقة لبرنامج دعاة الحرب والتقسيم هذا في كل بلد عربي منفرد وقيادةمركزية للوطن العربي ، وبعد هذا لا يحق القول عن يسار او شيوعية طالما بقيا في المكاتب واصدار المجلات الانيقة والثياب الفاخرة .
#جورج_حزبون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رؤية لخطة طريق الثورة المضادة
-
اليقظة العربية والصحوة الاسلامية
-
حكاية اسد
-
عن الختان وثقافة القهر
-
الكم والكيف في الثورات العربية
-
الدولة الدينية بدعة
-
اغتيال ابو عمار
-
الاممية والقومية الروسية
-
الاسلام السياسي الى اين ؟!
-
حول الخلافة الاسلامية
-
وجوه فلسطينية قلقة
-
الديمقراطية هي الحل !!
-
مصر ..اين السبيل ؟
-
اليد الخفية في الثورة العربية
-
نحو عولمة اسلامية
-
شرق اوسط برعاية تركية
-
على درب ايار
-
الدين والثورة والواقع
-
مسيحيو الشرق والمواطنة
-
ماذا بعد اوسلو الان ؟
المزيد.....
-
شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف
...
-
احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا
...
-
تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم
...
-
الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا
...
-
حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
-
3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز
...
-
جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا
...
-
الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم
...
-
الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال
...
-
مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|