أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - المفكرُ والتحولات














المزيد.....

المفكرُ والتحولات


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3826 - 2012 / 8 / 21 - 09:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


(إن مستوى المفكر إنما تقررهُ قدراتُهُ على ولوجِ مسائل زمنه ورفعها لمستوى التجريد بهذه الدرجة أو تلك مرتكزاً على موقف الطبقة التي ينتمي إليها).

(الاشتراكيات القومية) حطمتْ الفكرَ العربي على مدى العقود السابقة والآن (الرأسماليات الدينية) تجْهزُ على البقيةِ الباقية من هذا الفكر.

والفكر المقصود هنا هو عموم ما تنتجه الطبقات الحديثة من فهم للعصر بفضل اختلافها.

الاشتراكياتُ قامتْ على عملقةِ الدولة وتذويب المواطن وسحقه بحيث لم يعد هناك سوى مُحطمين. والمفكرون الأحرار الذين ظهرَ بصيصٌ منهم في مرحلة الليبرالية الديمقراطية الوامضة اختفوا.

لابد لنا هنا من تأملِ صعود أولئك المفكرين العصاميين الذين كانوا يُقترون على أنفسهم ليشتروا الكتب، ويحصلوا على مواقع في الجرائد ليكتبوا وينوروا ويهتموا بقيم الحداثة. ألم يكونوا خلفاً لأسلافهم (البخلاء) في العصر العباسي، يقتصدون في العيش ليكتبوا؟

لم يربطوا أنفسهم بـ(الرعاع) وهم الجزء من الناس المستخدم للتصفيق والسير وراء الشمولياتِ المفترسةِ للفكر، وبحثوا عن المواطنين الأحرار ليخاطبوهم الند للند، وليشكلوا فئات وسطى وعمالية صغيرة متنورة.

لكن زمن الشموليات القومية والدينية كان يصعد في سماء الشرق الملبدة بالغيوم الاجتماعية، وعلى عكس ما أَمِلوا وتمنوا فإن الرعاعَ هم الذين صعدوا وانتشروا وسيطروا!

الاشتراكيات القومية ليست اشتراكيات وليست قومية، وقد قفز إليها نمطٌ من الرعاع ذوي ملابس براقة وبدوا كأنهم أبناء لفئات محترمة، لكنهم التهموا المؤسسات والأموال العامة، وما فعلهُ المنورون لوصول التنوير والصلابة الأخلاقية والتعفف عن التهالك على المال والغنائم إلى الفئات المتعلمة(فهم لم يطمعوا ولم يفكروا أساساً بالوصول للعامة التي لا تقرأ)، لم يتجذر ولم يؤسس ديمقراطية شعبية بل جاء الاشتراكيون القوميون لينشروا تلك الرذائل وعبادات الأفراد وغدت الجريمة السياسية أساس الحكم حيث ينتشر التعذيب وتُكمم الأفواه وتكتمل دورة سحل الفرد وإهدار كرامته.

الاشتراكية القومية نتاجات للنمطين النازي والستاليني وغدت مسوخاً متعددة متداخلة مع تقاليد العنف العربية في شتى الأقطار.

ومن هنا نجد أن الأدبَ في زمن الاشتراكيات القومية وهو مُفعم بالذل، فأغلبُهُ عن السجون وكيف يُمسخُ الفرد، و(الأبطال) هاربون متوارون ووجوههم الشجاعة مطلمسة، وفهم الواقع محدود معدوم.

الصحافة التي كان يمكن التعويل عليها في نقدِ هذا الواقع المزري هي مشتراةٌ من قبل (الرعاع) الذين تنظفوا واغتنوا وصاروا أصحاب مؤسسات وخلايا سرطانية تتغلغلُ في المجتمعات العربية ثم صارت في مرحلة لاحقة صحفاً مهاجرة وفضائيات وغيرها.

الجامعات التي كان ينبغي أن يكون همها الأكبر هو إنتاج الفكر الحر غدت مكبلةً بالدراسات المؤدلجة لتبرير الاشتراكية القومية، والأنظمة الوطنية الشمولية المختلفة، حيث يظهر رعاعٌ من نوع آخر مهتم بنزع قوى البحث عن الموضوعية والتحليل العميق الكلي، وكشف الصراعات الاجتماعيات والفكرية ومساراتها وتداخلاتها ومخاطر تغييب درسها على تطور الأمة.

القومية الاشتراكية غدت عربية فكل الأنظمة صارتْ تؤممُ المالَ الشعبي والجهلَ الشعبي لحسابها، ولهذا فإنجازاتُ السحل والانتهازية وشخصية المثقف العضوي الطفيلي في الأجسام السياسية الاجتماعية الفاسدة غدت ظاهرات عربية.

غدا الفكر مشوّهاً مرتزقاً لا يحلل كليات المجتمعات والطبقات والتحولات، بل يلتقط خيطاً معزولاً، ويركب عليه استناجاته المسبقة، وتغدو الأوامر السياسية فوق الفلسفة والمفكر الحر صار موظفاً، والجامعات شُغلتْ في خدمة جلب المناهج القادرة على تشويه البحوث وتوجيهها سياسياً وبيروقراطياً، ولهذا فإن معاول الاشتراكية القومية الوطنية من المحيط إلى الخليج حرثت الأرض جيداً للمثقف الديني الشمولي ذروة التلاعب بالمقدس وتغييب درس تاريخ البشر السابقين بموضوعية، فبدلاتُ الأنظمة والحركات الذكورية هي التي تُركب على جسد القضايا وحالات العالم، وما كان المنورون يسعون لنقده وتغييره غدا هو المهيمن.

فبداية القرن العشرين المبشرة تحولت في نهايته إلى عتمةٍ في آخره. أفكارُ الحريةِ والتحليل الموضوعي الذي لا يحسب حساباً إلا لمادته وتطور بحثه وقامات المنورين الشاهقة تبدلت كلها لكائنات متقزمة تركضُ وراء الرغيف المغموس بالذل وقادة الفكر صاروا موظفين مؤدلجين لكل ما تريدهُ السلطات والأحزاب ولا عجب هنا أن يظهر أناسٌ يعودون للكهوف ويرفضون الحضارة(الكافرة) ويموتون في سبيل أوهام ويعتبرون أبطالاً من قبل البعض رغم عودتهم للكهوف والأطلال ورفضهم للأنوار.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جورج لوكاش(٢-٢)
- جورج لوكاش (١-٢)
- المحافظون والديمقراطية الاجتماعية
- تدهور الثقافة في البحرين
- عالمُ المماحكاتِ
- تقاسمُ المستعمراتِ الإسلامية
- التنظيمات والبالونات
- تناقضات المنطقة
- مساعدةُ الثورةِ السورية واجبٌ قومي إنساني
- الديمقراطيةُ الشموليةُ
- العودةُ الحادةُ للوراء
- حركةُ النهضةِ التونسية.. الأيديولوجيا والحراكُ السياسي ( ...
- نماذج فرديةٌ للخيال الاجتماعي
- مأساةُ الشعبِ السوري بين القوميات
- تحديدُ (عصرنا)
- الثورة السورية.. تفتيتُ صخرةِ الجيش
- الإخوانُ المصريون من الأيديولوجيا إلى الحكم (٢-٢ ...
- الإخوانُ المصريون من الآيديولوجيا للحكم (١-٢)
- تراجعُ الخيالِ الاشتراكي (٢-٢)
- تراجعُ الخيالِ الاشتراكي(١-٢)


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - المفكرُ والتحولات