|
من أوراق باحث عن اللجوء (2)
خسرو حميد عثمان
كاتب
(Khasrow Hamid Othman)
الحوار المتمدن-العدد: 3823 - 2012 / 8 / 18 - 11:32
المحور:
الادب والفن
ماذا كتب باحث مهمش عن اللجوء في دفتر مذكراته؟*
13 تموز 2003
يجب أن يكون لباحث مزمن عن اللجوء مقاومة داخلية جيدة وهادئة، على صيغة إعتقاد لا يتزعزع. وهي ضرورية لتؤدي دور مَصَد مرِن في وجه خطورة تنامي الحزن مع مرور الزمن. يوجد وقت كثير للملاحظة. إثارةالفضول والأندهاش حول المسائل البسيطة ليست سهلة بتاتا. أنا جالس على الأرض في شقة مستأجرة من الباطن، أدون مشاعري أو أية ملاحظات غريبة، إنها هذيانات أو هلوسات على أكثر الظن . الفرق بين التشاؤم والشك أو الريبة كبير جداً. أحياناً تقطع بعض الكلمات الوعي وتوجعه، كغرزة نصل سكين بارد في القلب. لا يتطلب طرق مرئية كثيرة للأذلال. ماذا يستطيع الأنسان فعله لكي يضبط مشاعره؟ المعتقدات الدينية تعطي مكانة أكبر للذين يدفعون مِنْ مَنْ يطلبون. زحفتُ إلى ظل الأخرين للبحث عن الحماية عندهم من دون أن يكون لهم علم مسبق بالتأكيد. هم أحسن بكثير مِن الأخرين، أكثر إنسانية و تعاطفا. اليوم كنت مضطرا أن أغادر صومعتي. أحيانا أدع نفسي أن يستسلم بدلا من الأستمرار في النقاش والجدل، إنها الوسيلة الوحيدة التي تجعل الحياة قابلة للتحمل، والعلاقات تستمر؛ بالذات العلاقات العاطفية. ذهبت، اليوم، مع مجموعة من الأصدقاء والأقرباء إلى سفرة عائلية. من أوروبرو إلى أسكرشوند ومنها عدة كيلومترات أخرى خارج أسكرشوند إلى همارشوند، وأوقفنا سياراتنا في موقف صغير أسفل أحد التلول. كان معنا لحم البقر، لشوي الكباب على الفحم، و بعض المأكولات الشرقية والشاي. أكلنا وشربنا الشاي، تبادل الجميع الكلام والضحك، لعب الأطفال على الملاعيب والشباب كرة القدم. كان يوما جميلا ومشمسا، والهواء ساكنا وحاراً. إختليت بنفسي. بسبب حاجتى إلى بعض الأسترخاء . ذهبت، وحيدا، بإتجاه البحيرة. بدأت أفكر في الطريق في ما كتبه جورج إليوت في Middlemarch:( لو كانت لدينا مشاعر قوية ورؤيا فاحصة لحياة الأنسان اليومية، لكان ذلك أشبه بالأستماع إلى الحشائش عندما تنمو وقلب السنجاب عندما يدق، ومَوّتَنا الصراخ الموجود على الجانب الأخر للصمت.) عندما وصلت إلى البحيرة، فاجأني المنظر وقطع سلسلة أفكاري، بانوراما جدير بالتأمل. السكون والفضاء تغطيان على خليج واسع، تشاطئه غابات كثيفة، ويعبر عليه جسر كونكريتي. أدهشني المنظر بكامل عناصره باستثناء لون البحيرة. وشعرت بأن المهندس المعماري توفق في أن يضيف هذا الجسر إلى الطبيعة بإنسيابية وككائن حي من دون أن يتجاوز على خط الأفق أو تلويث المنظر، و يبدو كأنه إيقاع فيه الكثير من التفاخر. ( العمارة موسيقى مجمدة). شاغلتني العلاقات المثيرة للانتباه بين العناصر التي تحسست بحضورها ضمن مشهد البحيرة:الضوء، خط الأفق، الفضاء، الإيقاع، لون السماء، السكون، والتباهي وتأثيراتها على مشاعر الأنسان ما تبقى من النهار كله والى حلول الغسق. تكلمت نادراأثناء العودة إلى البيت في ليلة جميلة من ليالي تموز. أخيرا شعرت كأنني في موقف الأرنب الأبيض (أليس في بلاد العجائب) الذي حصل على ورقة بيضاء ليقرأه، عندما يسأل الملك من أين يبدأ بالقراءة. ( إبدأمن البداية) قال الملك بجدية وأكمَلْ( وإستمر إلى النهاية. عندها توقف). * نشرتُ أصل هذه المقالة باللغة السويدية في العدد الثالث لعام2003 في مجلة بانوراما وكانت مجلة مدرسية تصدرها مدرسة لتعليم طالبي اللجوء اللغات وإستعمال الحاسبات في مدينة أوربرو السويدية. [email protected]
#خسرو_حميد_عثمان (هاشتاغ)
Khasrow_Hamid_Othman#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماكنت أحلم به…(10)
-
تعقيبا على مقال ... بمنظور غير سياسي (6)
-
من أوراق باحث عن اللجوء (1)
-
23// بين عامي 1984 و 1987
-
ما كنت أحلم به...(9)
-
تعقيبا على مقال...بمنظور غير سياسي (5)
-
22// بين عامي 1984 و1987
-
ما كنت أحلم به ...(8)
-
تعقيبا على مقال...بمنظور غير سياسى(4)
-
21// مابين عامي 1984 و1987
-
ما كنت أحلم به ...(7)
-
تعقيبا على مقال…بمنظور غير سياسي(3)
-
20// ما بين عامي 1984 و 1987
-
ما كنت أحلم به …(6)
-
تعقيبا على مقال ...بمنظور غير سياسي (2)
-
19// بين عامي 1984 و 1987
-
يا حمامة مهما طرتِ
-
ما كنت أحلم به…(5)
-
ركبت البحر
-
تعقيبا على مقال عبدالغني علي في الشرق الأوسط بمنظور غير سياس
...
المزيد.....
-
تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
-
فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى
...
-
بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين
...
-
ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
-
فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
-
أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب
...
-
-يونيسكو-ضيفة شرف المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط
-
-ليالي الفيلم السعودي-في دورتها الثانية تنطلق من المغرب وتتو
...
-
أصداء حرب إسرائيل على غزة في الشعرين الفارسي والأفغاني
-
رحلات القاصة والروائية العراقية لطفية الدليمي
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|