أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رغد عبد الزهرة - حَر .... قصة قصيرة














المزيد.....

حَر .... قصة قصيرة


رغد عبد الزهرة

الحوار المتمدن-العدد: 3821 - 2012 / 8 / 16 - 09:36
المحور: الادب والفن
    


"موطــا ...موطا...بّرد قلبك يا ولد.. بّرد قلبك بعد الفطور يا صائم"...
بّحَ صوتهُ وهو ينادي، وتمنى لو أنهُ أشترى مُكبر صوت ووفر على نفسه العناء مثل
البقية، هو يقول ذلكَ دائما، لكنهُ كلما مرّ على بائع الاجهزة الكهربائية تراجع وفكر بشيءِ آخر يمكن أن تشتريه النقود.
هذا هو الشارع الثالث على التوالي الذي يجتازهُ دون أن يجد من يشتري منه.
"الناس نائمون، نوم الصائم عبادة" تمنى لو أنه الآن نائم في غرفة باردة ليكسب بعض الأجر، ضحك من نفسه؛ العمل ايضاً عبادة، كل شيء عبادة، مجرد أستمرارنا نتنفس ونفكر بغدٍ وسط حياة لا معنى لها كهذه: عبادة!
كان يحس بالماسكة المطاطية لمقود الدراجة الهوائية ينصهر ويكاد يلتصق بيديه من شدة الحر؛ حين فقدَ توازنهُ فجأة. حاول بكل جهدهِ أن يتوازن ويوقف الدراجة على الرصيف، لا يريد أن يصيبها شيء، والاهم أن لا يسقط صندوق الآيس كريم.. جلسَ أخيراً بعد أن أسندَ الدراجة إلى جدار بجواره...
"الحمد لله، أنتهت على خير" ردد وهو يلتقط أنفاسه بصعوبة، حتى لا يصرخ من الالم الذي انسحب كسكين حادة غُرزت بحقد في أعلى فخذهِ ثم أنسحبت بسرعة شيطانية حتى الركبة ممزقة كل ما في طريقها... هذهِ ليست المرة الاولى التي يصاب بها بهذا الالم المفاجيء لكن هذه المرة كانت اقوى. تسائل مع نفسهِ "هل السبب أنهُ سخر من الحياة"... أستغفر ربهُ وهو يتذكر أن جده كان يقول" لا تسب القدر ..فانه الله" .. ربما كان جدهُ خرّفاً وحسب...
هذه ضريبة الزمن، لقد افنى عمره وهو يسوق الدراجات ليبيع أي شيء، هذه الدراجة الخامسة التي يقودها منذ بدء عمله وهو في الثانية والعشرين وهو اليوم قد اجتاز الخمسين سنة: "الدراجات تتعطل وهي حديد، والأنسان يكابر وهو طين".
ظل يدلك قدمه، محاولاً تخفيف الألم، ثم فتحَ الصندوق الفليني ونظر إلى داخلهِ وهو يتحسر؛ لم يبع حتى نصف بضاعتهِ اليوم، أخرج قنينة الماء، غس وجهه بالماء البارد، وبلل منديله ووضعه على رأسه. أحس بالصداع يضغط على جانبي رأسهِ، فكر أنهُ لن يأكل بيض على السحور"يحمس القلب".
"أدرس..أدرس" هذا ما كانت تردده أمه الامية وهي تظن أن الدراسة هي ما سيجعل منه "افندي" ماتت وهي لا تفهم القوانين التي يسير بها هذا البلد.
لم يتبع نصيحتها، وهو غير نادم، كان سيقضي عمره يتحدث عن الشهادة وضياع الشهادة في هذا البلد وسيكرهُ الناس لكثرة شكوته، مثل ذاك الشاب الذي تعرف عليه قبل بضع سنوات، كان خريج علوم حاسبات ويعمل مستخدماً في الامانة، هل بقي على حاله؟ هو لا يدري، لكنه يتذكر كم كان مزعجاً أن يستمر بالحديث طوال الوقت عن الدراسة.
أبن عمه خريج آداب تاريخ، يعمل حمال في الشورجة، أذا كان الأب مجرماً سيشق على أبنه أن لا يكون كذلك، واذا كان مُعدماً فلن يكون أبنهُ الا مُعدماً مثله.
لن يورث أبنه مالاً أو داراً لكن بأمكانه أن يمنحهُ أسماً مميزاً، حين أسمى أبنه "حُـر" كان الإسم مناسبة للاحتفال، أسم مميز!... لكن الصبي في أول يوم في المدرسة رجعَ يبكي, ويريد تغيير اسمه... والسبب أن المعلم قرأ اسمهُ "حــَر" وحين صححهُ لهُ الصبي؛ قال له حين يكون لكَ أبن سَمّهِ "دهن" ... وهكذا صار الصبي ومنذ اليوم الاول عرضة لسخرية الجميع.
أحسَ ببعض التحسن، فَقاد دراجته بيده وظل يمشي ببطء بمحاذاة الرصيف، حين فاجأته طفلة صغيرة؛ كانت العملة الورقية قد تجعدت بقبضتها القوية والعنيدة، عيناها محمرتان من البكاء، لابد انها خاضت معركة بطولية مع اهلها قبل أن يسمحوا لها بشراء الآيس كريم.
طلبَ منها أن تملء له القنينة بالماء البارد، فبدا انها تلومه "ما صايم؟" .. فشرح لها أن يحتاجه ليغسل وجهه لم يبد عليها انها صدقته، اختفت داخل الدار... أنتظرها خمس دقائق، عشرة، لم تظهر الصغيرة بعدها، فكرَ أن يدق الباب، لكنه ركب دراجتهُ وانطلق.



#رغد_عبد_الزهرة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيرة ذاتية لشجرة أسمها (رغد عبد الزهرة)
- ( وجه)....قصة قصيرة
- نجمة صبح
- سعيدة برحيلك (كاظم إسماعيل الكَاطع)
- رياح التغيير و ...... (شارلوك هولمز)
- قارئة الفنجان ...ستودي بحياتي!!


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رغد عبد الزهرة - حَر .... قصة قصيرة