أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - زيارة أوغلو الاستفزازية كانت لمصلحة عراقية كركوك!















المزيد.....

زيارة أوغلو الاستفزازية كانت لمصلحة عراقية كركوك!


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 3821 - 2012 / 8 / 16 - 00:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هدأت، أو تكاد، الزوبعة التي أثارتها الزيارة المفاجئة وغير المعلن عنها سلفاً لوزير الخارجية التركي إلى محافظة كركوك. وأصبح من المفيد استقراء هذا الحدث بهدوء وبعيدا عن التشنج والانفعال المحق في معظمه. لقد ركزت أغلب ردود الأفعال التي أعقبت الزيارة على أمور شكلية وإجرائية تتعلق بعدم التنسيق أو الإبلاغ عنها مع الحكومة الاتحادية في بغداد كما قال بيان الخارجية الاتحادية التي اعتبرت الزيارة "خرقا للسيادة الوطنية العراقية لا يليق بدولة كبيرة ومهمة جارة كتركيا". غير أنَّ جميع ردود الأفعال ظلت حبيسة هذا الجانب الإجرائي، رغم أهميته، وغاب عنها الجوهر العميق الذي عبرت عنه تصريحات الزائر والهدف الأصلي منها.
لقد صبَّت تلك التصريحات كلها في مصلحة مبدأ عراقية كركوك وكونها مدينة متعددة المكونات والهويات الثقافية لا يجوز لمكون واحد منها، أن يضفي هويته القومية وسيطرته السياسية عليها.
معروف أنَّ المنادين بعراقية كركوك كرروا على الدوام أن هذه المحافظة هي عبارة عن عراق مصغر وأنها مفتاح وحدة واستقرار العراق السياسية والترابية والمجتمعية، وكان هذا أقصى حد بلغته تصريحات هؤلاء المنادين العراقيين، أما تصريحات وزير الخارجية التركي، فقد ذهبت أبعد من ذلك في هذا الاتجاه وفي تأكيد هذا المبدأ حين اعتبر محافظة كركوك " العمود الفقري لوحدة العراق" و "نموذجا رائعاً للتعايش بين مكوناته مختلفة" بل ولمح أوغلو إلى رؤية تركيا لمستقبل المحافظة ضمن العراق الاتحادي بقوله (أن المدينة، مع ما تملكه من تاريخ غني، إضافة إلى حضارتها الحالية، تعكس روح الشرق الأوسط. إضافة إلى أنَّ المدينة المضيافة تشير إلى أنها مدينة للسلام حيث يتعايش التركمان والعرب والأكراد في المدينة بشكل سلمي وهكذا سيكون الأمر عليه في المستقبل بشكل دائم ). فلنلحظ عبارة "وهكذا سيكون الأمر عليه مستقبلا".
للأسف، لقد ذهبت نقاط القوة الإيجابية في هذه التصريحات هباء ولم يتوقف عندها أحد من المدافعين عن مبدأ عراقية كركوك وتعدديتها المجتمعية، بسبب الطابع الاستفزازي من الناحية الإجرائية للزيارة. وهذا أمري طبيعي يحدث في أحداث كهذه، ولكن الملاحظ هو أنَّ موقف سلطات الإقليم والحكومة المحلية في أربيل، التي لم تعلق بشيء على مضمون تصريحات أوغلو، قد أكدت النزعة الانتهازية في سلوكها السياسي فهي سكتت تماما عن تلك التصريحات التركية، بل كلفت نفسها أن تكون المرشد والحارس الأمني للزائر التركي، بعد أن كانت المشجع لها والداعي لها، وما كانت لتسكت عن تصريحات كهذه أو أخفِّ منها لو صدرت من طرف عراقي سواء كان عربيا أو تركمانيا أو كلدانيا أو آشوريا، بل كانت ستقيم الدنيا ولا تقعدها احتجاجا.
ورغم سكوت السلطات في الإقليم عن تصريحات أوغلو، بما يوحي وكأن هناك صفقة بين الطرفين، تسربت عنها أنباء كثيرة قبل أسابيع من حدوث الزيارة، ولكنَّ عدم الارتياح لبعض الأطراف الكردستانية كان باديا، بل إنَّ رد الفعل القوي للخارجية الاتحادية التي يقودها أحد قادة التحالف الكردستاني وهو زيباري ربما عبر عن شيء من الرفض لهذا التصريحات أكثر من رفضه لخرق أوغلو للسيادة العراقية.
الجانب التركي زاد الطين ِبلة برد فعله المرتبك والارتجالي على ردود الفعل العراقية الرسمية والشعبية: فهو قد دافع عن الزيارة أولا، وتحجج بحيازة الوزير الزائر لتأشيرة دخول من السفارة العراقية، الأمر الذي لم تؤكده السفارة العراقية في أنقرة أو وزارة الخارجية العراقية وهو أمر لا يستبعد في أجواء الفوضى وعدم الكفاءة والارتجال التي تطبع عمل مؤسسات الدولة العراقية كافة. ثم عاد الطرف التركي، وعلى لسان رئيس الوزراء أردوغان، ليتحجج بأن أوغلو إنما قام بزيارة لأقاربه في كوك وبأنه يمكنه القيام بذلك لكونه يحمل جواز سفر دبلوماسي " أحمر"! وأخيرا حاول الجانب التركي تبرير الزيارة بقيام مسؤولين إيرانيين بزيارات مماثلة الى محافظات عراقية. إنَّ هذا التبرير هو أسوأ ما صدر من الجانب التركي لأنه ينطوي على نوع من المقارنة ذات الأبعاد الإقليمية وحتى الطائفية مع ما تقوم به إيران. غير أنَّ زيارات المسؤولين الإيرانيين، إنْ صح حدوثها، ونحن وإن كنا لا نستبعد ذلك ولكنها تحتاج إلى توثيق وإثباتات، تبقى خرقا للسيادة العراقية، وأمرا مرفوضا من المنظور الوطني العراقي، ولكنه لا يمكن أن يجعل من الخرق التركي للسيادة العراقية أمرا سليما وصحيحا حتى لو تأكد حدوثه من قبل الطرف الإيراني.
لقد ألحقت زيارة أوغلو الاستفزازية ضررا بالعلاقات الرسمية المتوترة أصلا بين الحكومتين العراقية والتركية ولكنها، وهذا هو الأمر الأكثر أهمية وخطورة، ألحقت ضرراً أكثر فداحة بالعلاقات الحميمة والموروثة بين الشعبين الجارين العراقي والتركي، خصوصا وأن المجتمع العراقي حساس جدا لما يتعلق بأمور السيادة الوطنية بعد كارثة الاحتلال الهمجي الأميركي، وهي فادحة جدا تحديدا بين الساعين إلى تطوير علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين من القوى الوطنية والديموقراطية غير الطائفية، كما أنها ألحقت ضررا كبيرا باستراتيجية "الاحتواء الإيجابي" القائمة على التعاون الندي والاحترام بين العراق ودول الجوار كافة بل وجميع دول الإقليم باستثناء دولة العدو الإسرائيلي.
إنَّ سكوت العديد من القوى السياسية العراقية الكبيرة باستثناء ائتلاف رئيس الوزراء المالكي "دولة القانون"، على هذه الزيارة، لا يعني أن هذه القوى الساكتة موافقة على زيارة أوغلو بقدر ما هي محكومة بعقلية الكيد والنكاية التي تحكم نظرتها وعلاقتها بائتلاف المالكي، ولكي لا يحتسب رفضها للزيارة تأييدا للمالكي وائتلافه فقد سكتت ! وهذا أمر تكرر كثيرا من بعض القوى وخصوصا من قائمة " العراقية" والتيار الصدري وحتى المجلس الأعلى، أما القوى الأخرى كمكونات العراقية فلها أسبابها المختلفة والتي قد تكون أكثر سوءا من الكيد السياسي والنكاية. وبالمناسبة، فرد فعل ائتلاف المالكي على الزيارة كان في حده الأدنى وكان "صوتيا!"، ومشدودا إلى حالة الجفاء والغضب على حكومة أردوغان لموقفها السلبي من المالكي شخصيا، ولم يتعدَ ذلك إلى رد الفعل المناسب والوطني الحقيقي لهذا الخرق للسيادة. ثم انه لم يقدم ما ينفد الإدعاءات التركية بقيام مسؤولين إيرانيين بزيارات مشابهة لزيارة أوغلو.
أما الكتل السياسية العراقية الصغيرة التي رفضت الزيارة وهي كتل الحرة والحل و وطنيون والبيضاء فقد جاء موقفها الرافض أكثر تماسكا وتعبيرا عن المزاج الشعبي العام، ولا عبرة في سكوت قوى أخرى تحسب نفسها وطنية ويسارية فهذه القوى مرتهنة بالكامل، ومنذ زمن طويل، لقوى سياسية أخرى في الإقليم فلم تكلف نفسها عناء إصدار بيان بسطرين تدافع فيه عن سيادة العراق وتوضح رأيها بزيارة أوغلو!
خلاصة القول، هي أنَّ زيارة وزير الخارجية التركي إلى كركوك، انطوت في عمقها على إيجابيات مهمة بخصوص مبدأ عراقية محافظة كركوك، ورفض هيمنة مكون مجتمعي واحد عليها، بما قد يؤدي الى إلحاقها بالإقليم ويفتح الباب واسعاً على حلول خلاقة أخرى، ولكن طابعها الاستفزازي والذي لا يمكن تبريره أفقد تلك الإيجابيات قوتها ومعناها. ولعل من اللافت أنَّ هذه الزيارة قام بها، وبادر وخطط لها، مَن لا يتوقع منه أنْ يقوم بها ألا وهو السيد داود احمد أوغلو الذي يعتبر عرّاب "إستراتيجية المصالحة والتوجه التركي شرقا" والذي عرف بحصافته ودهائه السياسي، وهذا أمر حيَّر الكثيرين من المراقبين والمتخصصين في الشأن التركي، إذ يبدو وكأن أوغلو قد هدَّم في ساعات معدودة ما بناه على الجبهة العراقية في سنوات، فهل يتعلق الأمر بكبوة فارس توجب الاعتذار من قبل الفاعل لمصلحة علاقات الإخوة والجيرة بين الشعبين الصديقين، أم أننا أمام استراتيجية تركية جديدة تسترجع الخطوط العامة للإستراتيجية التركية القديمة، والتي كان معمولا بها خلال نصف القرن الماضي، والقائمة على الاستفزاز والعنجهية والتشدد القومي ولكن بعباءة "شرقية" هذه المرة؟



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ربيع الأكراد والخلط بين الصهر القومي والاندماج المجتمعي
- مَن يعرقل إكمال سد بخمة وإنقاذ دجلة ولماذا ؟
- الحدث السوري في ضوء التجربة العراقية: ضرورة الموقف المُرَكَّ ...
- مشروع تحلية الثرثار سينقذ العراق، فلماذا إهماله؟
- -الجزيرة- و-العربية- و-فن- احتقار عقل المشاهد!
- العراق بين إيران وتركيا.. منعطفات التاريخ وثوابت الجغرافيا
- الأسس العامة لميثاق شرف لإنقاذ الرافدين من الزوال / ج5من 5ج ...
- -لجنة العلوي- تحذر السعودية وتنتقد قمة القاهرة وتناشد أربكان ...
- وزارة الخارجية وقانون المجاري المائية الدولية : تقصير أم توا ...
- وقفة عند التصريح الأخير للحزب الشيوعي العراقي: وداوها بالتي ...
- لماذا ينبغي إلغاء -اتفاقية الإطار الإستراتيجي- بين العراق وأ ...
- قراءة في أوراق لجنة هادي العلوي للدفاع عن الرافدين
- مقومات قائمة انتخابية ديموقراطية ضد الطائفية والتبعية في الع ...
- بحث علمي أوروبي يدحض خرافة العنف الدموي العراقي بالأرقام / ا ...
- الفاتحون العرب المسلمون يصابون ب-داء العنف العراقي- !ج8 من 9 ...
- كيف ستنتهي هيمنة الإسلام السياسي الشيعي في العراق؟
- طقوس الانتحار الجماعي الملكي في أور القديمة وخرافة العنف الع ...
- الأساس القانوني لمقاضاة تركيا وإيران دفاعاً عن الرافدين قبل ...
- المنهجية التاريخية ودراسة ظاهرة العنف في العراق / ج6
- شعب العراق ضحية لظاهرة العنف أم الجلاد ؟ /ج5


المزيد.....




- شاهد: دروس خاصة للتلاميذ الأمريكيين تحضيراً لاستقبال كسوف ال ...
- خان يونس تحت نيران القوات الإسرائيلية مجددا
- انطلاق شفق قطبي مبهر بسبب أقوى عاصفة شمسية تضرب الأرض منذ 20 ...
- صحيفة تكشف سبب قطع العلاقة بين توم كروز وعارضة أزياء روسية
- الصين.. تطوير بطارية قابلة للزرع يعاد شحنها بواسطة الجسم
- بيع هاتف آيفون من الجيل الأول بأكثر من 130 ألف دولار!
- وزير خارجية الهند: سنواصل التشجيع على إيجاد حل سلمي للصراع ف ...
- الهند.. قرار قضائي جديد بحق أحد كبار زعماء المعارضة على خلفي ...
- ملك شعب الماوري يطلب من نيوزيلندا منح الحيتان نفس حقوق البشر ...
- بالأسماء والصور.. ولي العهد السعودي يستقبل 13 أميرا على مناط ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - زيارة أوغلو الاستفزازية كانت لمصلحة عراقية كركوك!