أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السلايلي - التابث و المتحول في السياسية المغربية















المزيد.....

التابث و المتحول في السياسية المغربية


محمد السلايلي

الحوار المتمدن-العدد: 3820 - 2012 / 8 / 15 - 22:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جزء كبير ممن ينتقد اليوم بن كيران، رئيس الحكومة المغربية الذي جاء من صفوف الحزب الاسلامي الذي لا تخجل قيادته من التصريح مرارا و تكرارا أنها جنبت حكام المغرب دورا أساسيا في فرملة سير الحراك الشعبي يضع العصا في عجلة حركة 20 فبراي، ر محملا بشعارها الاساسي اسقاط الفساد و الاستبداد. عدد منهم كانوا بالامس ينتقدون هذا الحراك وهم بذلك، رغم اختلاف المرجعيات و المواقع، يلتقون موضوعيا وسياسيا مع التحليل السياسي لحزب العدالة و التنمية. وهم اليوم لا يكفون من الصراخ و الزعيق أحيانا على الاسلاميين الملكيين الموجودين في الحكومة، لانهم يعتقدون، أو يريدون أن نعتقد، بان حزب العدالة و التنمية هو الحاكم الفعلي رغم ان بن كيران بالذات و الصفة لا يقدم نفسه الا كخادم مطيع للأعتاب الشريفة؟
توارت الرؤوس الكبيرة التي طالب الشعب باسقاطها عن الأنظار. و حل محلها رأس بن كيران وفريقه من الاطفائيين الذين جيء بهم للعب دور الكومبارس .لقد استطاعت السلطة المخزنيةان تربح المعركة من جديد و تنتج شروط استمرارها باستدراخ مختلف النخب رغم فروقاتهم الايديولوجية و السياسية و اختلاف مراجعهم الاجتماعية. وقامت بعملية تمويهية كبرى تجند فيها الاعلام بشتى الوانه اسمها " اختيار الشعب لمن يمثله عبر صندوق الاقتراع". و المؤسف حقا، أن قوى التغيير الحقيقية المنهكة بسبب التكلس التنظيمي، لم يصبها التيه و الارتباك فقط، بل أصبحت أيضا متوهمة انه من خلال هذه اللعبة السياسية الجديدة يمكن اسقاط الفساد و الاستبداد لبناء الدولة الديمقراطية ؟
والحقيقة أن ما يحصل اليوم ليس لعبة جدديدة، ولا ينم عن ذكاء خارق للقوى العميقة للدولة المخزنية. في العقد الاخير من القرن المنصرم عاش المغاربة سيناريو مشابه، بعد عودة الملك الحسن الثاني من اخر زيارة قام بها للولايات المتحدة الامريكية، حيث أجرى فحصا طبيا أكد اصابته بورم خبيث ميؤوس من علاجه، سيناريو السكتة القلبية المشفوع بتقارير البنك الدولي وسط الغيلان الشعبي اقليميا بسقوط الحزب الحاكم بالجزائر و الانقلاب على الشرعية الديمقراطية، و عربيا بحرب الخليج الثانية و دوليا بانهيار الاتحاد السوفياتي و تحرك بلدان شرق اوروبا نحو الديمقراطية.
في هذه الاجواء المشابهة لأجواء اليوم، جيء بالاتحاد الاشتراكي، الحزب الذي كان يشكل أكبر قوة معارضة للنظام، على راس الحكومة. وقد كانت صفقة سياسية كبرى، كسرت المسار النضالي المتنامي منذ الثمانيات ليتم تركيز المبادرة من جديد بيد القصر و تحصين النظام من أي انهيار يتهدده. كان الهدف ضمان انتقال الحكم بعدو وفاة الحسن الثاني بطريقة سلسة ولكن، وهذا هو الأهم، تسريع خوصصة القطاعات العمومية الاستراتيجية كتكرير النفط و توزيع الماء و الكهرباء و معامل السكر و النسيج و الشركات الفلاحية والزراعية .. لإرضاء الأطماع الخارجية ( خاصة أمريكا و فرنسا) و ضمان حيادها بعدم زعزعة خطة انتقال الحكم و تغيير خارطة النخب السائدة. وهي قرارات كبرى و خطيرة ظلت الدولة تتلكأ في تنفيذها خوفا من تزايد السخط الشعبي. حكومة الاتحاد لم تستعمل لتمرير القوانين المجحفة اقتصاديا و اجتماعيا التي أوصى بها صندوق النقد الدولي. استعملت أيضالتسويق محطة التناوب على انها انفتاح على المعارضة الديمقراطية و بالخصوص على اكبر قوة اشتراكية عضو بالامم الاشتراكية و لها علاقات بالاحزاب الاشتراكية التي كانت تحكم الاتحاد الاوروبي انذاك ...
اليوم نفس السيناريو يتكرر ، حيث ستلتقي مصلحة الحكم مع مصالح الاطماع الخارجية، على درء خطر الربيع العربي، لاستكمال الجزء الثاني من توصيات صندوق النقد الدولي المتمثلة في تحرير الاسعار و التخلص من صندوق الدعم و مجانية التعليم من جهة، والانسجام مع المشروع العربي لاحتواء الحركات الاسلامية بعد ان شكلت بصورة أو أخرى أكبر معارضة بالبلاد.
ان الثابت في هذا المسار هو النظام و الدول الاستعمارية التي تدعمه، و المتغير هو القوى السياسية المتناقضة شكليا و الموحدة عمليا من خلال صيرورة الاحتواء و الاندراج في التوازنات السياسية التي يتحكم فيها النظام المخزني ..
أوجه التشابه لا تنحصر فقط في تحصين النظام و فرملة أي نزوع يستهدف تغيير نموذج الحكم المخزني، ولا في خدمة الراسمال الاجنبي. هناك ايضا التنكر للقضايا القومية و أهمها مسالة التطبيع مع الكيان الاسرائيلي. وقد كان الاتحاد الاشتراكي المقرب من الاحزاب البعثية الحاكمة أنذاك، يقف ضد التطبيع و معارض قوي لكل الزيارات و اللقاءات التي كانت تحصل بالمغرب بين مسؤولين صهاينة و مغربيين. ساند الحزب صدام حسين في حرب الكويت و قامت صحافته بدور كبير في تعبئة الراي العام المغربي لمساندة و دعم العراق. بعد تراسه الحكومة، سيستضيف الحزب مؤثمرا للجنة من الاممية الاشتراكية شارك فيها حزب العمال الحاكم باسرائيل، و سيشارك وزرائه و أطر أنشطة وطنيا و خارجيا بجانب ممثلين اسرائيليين. وسيقوم كبار الوزراء الاتحاديين بزيارات للكويت لجبر الخواطر الخليجية و محو الصورة السابقة لهم بعد احكام الحصار على العراق و عزله عن محيطه. و على الرغم من سخط قواعد الحزب ومحيطه و حلفائه من الكتلة و اليسار، دافع الحزب عن خياراته باعتبارها خيارات تفرضها المسؤولية الحكومية و أعراف الدولة و التزاماتها الدولية !
حضور مستشار سابق لبيريز ضيفا على مؤثمر حزب العدالة و الضجة الاعلامية التي خلفها، يؤكد أن النخبة السياسية المغربية لا تستقر على رأي ولا على حال.، مادامت ظروف المعارضة تختلف بالتأكيد عن شروط المشاركة، فكل المواقف و المبادىء و البرامج الانتخابية التي يتعهد بها اي حزب لناخبيه، هي الاخرى قابلة للتحول أحيانا من النقيض للنقيض. ومع ذلك، ان صح المقارنة بين التجربين في هذا الخصوص، يبقى وزير الخارجية المغربي الحالي، سعد الدين العثماني الأمين العام السابق للعدالة و التنمية، أكثر جرأة من سابقيه حين صرح للصحافة إنه قبيل توليه الوزارة كانت في إسرائيل ممثلية دبلوماسية مغربية، وأنه من حق الإسرائيليين المغاربة المشاركة في الاستفتاء على الدستور الجديد الذي أجري في تموز العام الماضي..!
يمكن القول، على ظهر السخط الشعبي المتنامي خلال فترة التسعينات، و الحراكات الاجتماعية و السياسية و التعاطف العارم مع القضايا العادلة للشعبين الفلسطيني و العراقي، تمخضت حكومة التنواب التوافقي بقيادة عبد الرحمان اليوسفي. و على ظهر الحراك الشعبي ضد الفساد و الاستبداد تمخضت حكومة عبد الاله بن كيران.
وجد النظام في الدين وفي الاداة الحزبية التي تستغله نفس القوة الهائلة لاشتراكيي الامس. ومن المفارقة أن أغلب الذين كانوا يسعون لاستئصال أوصال حزب العدالة و التنمية من المجتمع، بعد تفجيرات 16 ماي، أصبحوا اليوم متيمين و مبهورين بالنجاح الساحق الذي يحصده هذا الحزب الاسلامي الناشىء بين أحضان وزارتي الداخلية و الاوقاف الاسلامية .
تتمترس النخبة المثقفة و السياسية منها، ممن انتمت عناصرها لأحـزاب كانتْ تتبنَّى أيديولوجية اليسـار، والفكر التقدمـي عموما ، وراء شعارات فارغة من قبيل : " دعهم يفضحون أنفسهم بأنفسهم" .الهوة السحيقة بين المثقفين و المجتمع. و سيطرة اشباه المثقفين على المنابر و قاعات العروض. اصبح المثقف يشك في مبادئه و يسفهها لانه اختار التخندق في الموقع الذي يلزمه التنازل عن اليسار و التقدم، وان صمد و لم تبتلعه السلطة ويصبح بوقا من أبواقها، انزوى عن المجتمع ليحاورر نفسه بنفسه في أحسن الحالات.
والمجتمع المغربي ككل المجتمعات لا يقبل بالفراغ الثقافي والسياسي، لن ينتظر صحوة ضمير من قرروا في لحظة من اللحظات أن يقايضوا مصلحتهم الشخصية بالمصلحة العامة وينخرطون في الحكم منغمسين في البنية الزبونية للنظام القائم، المجتمع وهو يترنح في شراك الثقافة المبتذلة و التيارات الدينية المتزمتة، يفرج شبابه بديلا يتحاشاه الجميع، وان اقتربوا منه ففقط للمساومة و اعادة البحث عن التموقع من جديد داخل البنيان السلطوي، يراه الشباب الحاقد على الوضعية، بنيانا آيل للسقوط، و يراه حديثوالعهد بالنعمة و بمكرميات السلطة، بنيانا قابلا للصيانة و الترقيع!.
ليست الديموقراطية مجرد انتخابات.فالانتخابات التي لا تجسّد ممارسة الشعب لحقه في اختيار حكامه . ليس بالخبزوحده يحيى الانسان..؟



#محمد_السلايلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رمضان سياسي بامتياز
- في زمن النت : هل انتهى دور الأحزاب ؟
- الخوف لا يجنب الخطر !!
- دعوهم يحكمون دعوهم يمرون!!
- يوم كامل بدار الضريبة !
- الإسلام ضد العلمانية : صراع بالوكالة !!
- في عيدها الأممي : الشغيلة المغربية بين مطرقة الباطرونا وسندا ...
- أنقذهم يا عمر سليمان !
- أطلقوا سراح الحاقد ؟
- المرأة القروية ونخبوية العمل النسائي بالمغرب
- للربيع العربي أيضا أبناء -لقيطين-؟
- ملاحظات منهجية حول استعمال كلمتي النخبة والشعب
- اليسار المغربي والحراك الشعبي الراهن
- الانتخابات بمغرب الاستثناءات
- على هامش تدشين - تي جي في - المغرب : توسيع مجلس الخليج والقض ...
- - الطبقة الوسطى- المغربية والوضوح المطلوب
- السكتة القلبية
- اليسار المغربي ودور القوى الحاملة للفكر الديني في الحراك الش ...
- هنيئا للاتحاد الأوروبي بالمغرب - شريك في الديمقراطية - ؟
- التراجيديا المغربية: 2 - المخزن وطقوس الأضحية


المزيد.....




- فن الغرافيتي -يكتسح- مجمّعا مهجورا وسط لوس أنجلوس بأمريكا..ك ...
- إماراتي يوثق -وردة الموت- في سماء أبوظبي بمشهد مثير للإعجاب ...
- بعد التشويش بأنظمة تحديد المواقع.. رئيس -هيئة الاتصالات- الأ ...
- قبل ساعات من هجوم إسرائيل.. ماذا قال وزير خارجية إيران لـCNN ...
- قائد الجيش الإيراني يوضح حقيقة سبب الانفجارات في سماء أصفهان ...
- فيديو: في خان يونس... فلسطينيون ينبشون القبور المؤقتة أملًا ...
- ضريبة الإعجاب! السجن لمعجبة أمطرت هاري ستايلز بـ8 آلاف رسالة ...
- لافروف في مقابلة مع وسائل إعلام روسية يتحدث عن أولويات السيا ...
- بدعوى وجود حشرة في الطعام.. وافدان بالإمارات يطلبان 100 ألف ...
- إصابة جنديين إسرائيليين بجروح باشتباك مع فلسطينيين في مخيم ن ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السلايلي - التابث و المتحول في السياسية المغربية