أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جهاد علاونه - أزمة الإنسان العربي المسلم















المزيد.....

أزمة الإنسان العربي المسلم


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3820 - 2012 / 8 / 15 - 22:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يجب أن نقول بأننا مختلفون مع الدين الإسلامي نهجا ومنهجا فما العيب في ذلك؟ إن الإنسان دائما وفي كل العصور يضع روحه في الأشياء التي ينتجها سواء أكانت منحوتات وقصائد وروايات أم صناعات ذات تقنيات حديثة فكل عصر من العصور نجد روح الإنسان تسكن فيما ينتجه من إبداعات عامة وخاصة ,وتستطيع وأنت مسيحي أو يهودي أن تمارس حريتك الفكرية والعاطفية كيفما شئت وأن تضع روحك العصرية الحديثة فيما تنتجه وتصنعه بروحك الخلاقة وبإمكانك اليوم كمواطن غربي مسيحي أو يهودي أن تكون ليبراليا حرا ولا أحد يتدخل بك أو بطريقة حياتك وذلك بدون أن تضطر لتقول بأن المسيح كان ليبراليا لكي تبرر ما تقوم به من أعمال وبإمكانك أن تعلن بصراحة إن كنت لوطيا أو بمعنى آخر إنسان سالب دون أن تبرر ذلك دينيا, أي عبر عن نفسك,أطلب حاجتك,مارس ما تريده سواء أكنت متفقا مع الدين أم مختلفا معه ذلك أن المواطن في المجتمعات الغربية قد تجاوز مفهوم الأصالة والمعاصرة وبدأ ينظر إلى ذاته ككائن حديث الصنع متطور جدا ويواكب العصر الذي يعيشه وإن لم يشعر أنه مواكب للعصر الذي يعيشه فإنه على الأغلب يعيد تكوين نفسه من جديد وفق أحدث نظريات علم النفس وعلم الاجتماع ويبدأ يحقق بذاته عبر مفهوم الحداثة وما بعد الحداثة وهذه الأمور من البديهيات التي يجب علينا أن نعرفها حين يغمس الإنسان المعاصر نفسه في تضاريس العصرنة الجديدة ويخرج من جلباب أمه وأبيه وجده.

وبإمكان المواطن الغربي أن يكون شيوعيا أو ماركسيا دون أن يضطر لأن يقول بأن المسيح كان شيوعيا أو كانت لدى أحد تلاميذه نزعة ماركسية من أجل تبرير اتجاهه الفكري ومستعد هنالك المواطن أن يعلن بصراحة أنه منشق عن المسيح أو بأنه مختلف معه فكريا ولهذا أخذت المسيحية تنظر إلى الإنسان باعتباره كائن حر حمل عنه المسيح كل آلامه وجراحه وطالما الإنسان مؤمن بالخلاص فلا توجد لديه أي مشكلة لأن الله لا يقف مع المؤمنين به وحسب بل تجده على حسب تعبير الشاعر العظيم(طاغور) الهندي: بأن الله يعطي الملاحدة مثلما يعطي المؤمنين به.

وبإمكان اليهودي أن يكون شيوعيا دون أن يضطر لأن يثبت بأن موسى كان مثلا شيوعيا أو بأن أحد أتباعه كانت لديه نزعة ماركسية, ولكن وأنت مسلم لا تستطيع أن تكون لا ليبراليا ولا حتى أن تمارس عاطفتك كيفما تريد إلا إذا أثبتَ بالدليل القاطع وبالبرهان الساطع بأن محمدا كان ليبراليا أو كانت لأحد خلفاءه نزعة ليبرالية ذلك أن الإنسان العربي الآن لا ينظر إلى نفسه باعتبار أن له حقا في الوجود ولا ينظرُ إلى نفسه ككائن بشري حديث ومعاصر, إن مشكلة الوجود الإنساني وحقه في التعبير عن رأيه قد بلورت نفسها فيما عُرف بالغرب بمصطلح الحداثة وما بعد الحداثة حيث يظهر فكر إنساني جديد بمعزلٍ عن الأصالة والمعاصرة والتقيد بها, فمسألة الأصالة والمعاصرة قد كشفت عن نفسها في الفكر البنيوي الحديث حيث يحقق الفرد رؤيته الجديدة لنفسه وللأشياء المحيطة به من كل جانب وبإمكان الإنسان من هذا المنطلق أن يعلن عن رأيه الثقافي دون أن يلجأ إلى تعزيز رؤيته وتغليفها بفكرٍ قادمٍ من التراث, إن التراث والالتزام به يقف مثل حجر العثرة في طريق الفكر الإنساني الحديث إننا نؤمن اليوم بأن الإنسان كائن مستقل بحد ذاته عن المرجعيات الدينية وعن التراث وعن الأصالة ومحاولة تجديد الأصالة بقوالب فكرية جاهزة و ذلك إذا نظرنا إلى حياة الإنسان أو المواطن الأوروبي الغربي فإننا نكتشف بأن الدين لا يشكل بالنسبة للمواطن هنالك أي عثرة حين يمارس المواطن وجوده ويعبر عنه كيفما يشاء لأن البحوث العلمية في مجال علم الاجتماع وعلم النفس قد كشفت عن نزعات إنسانية جديدة ويجب أن تطفو هذه النزعة الجديدة على السطح وأن لا تبقى غارقة في برامج الكبت والحرمان, فالإنسان المعاصر والحديث أصبح يؤمن إيمانا حقيقيا بحقه في التعبير عن نفسه وممارسة ما يؤمن به سواء اتفق مع دينه الذي وجد عليه آباءه وأجداده أو اختلف معه, إن الأبحاث العلمية الحديثة تنحاز إلى الإنسان أكثر من انحيازها إلى التراث وتنحاز إلى حرية الرأي والتعبير أكثر مما تنحاز إلى اجترار مذكرات قديمة من التراث وتنحاز إلى حقوق الإنسان أكثر مما تنحاز إلى الدولة وإلى النظام الحاكم أي أن الإنسان هو محور فلسفة العصر الحديث وهو أولا ومن ثم تأت المصالح السياسية والاقتصادية والدينية والمهم في الموضوع عدم العبث بحقوق الإنسان وعدم مس هذا الكائن المقدس فقدسية الإنسان المعاصر أكثر حرمةً من قدسية الأماكن المقدسة شكليا والإنسان أهم من كل شيء واحترام مشاعره أهم من كل شيء ولا يجوز العبث بمشاعر الإنسان وأحاسيسه أو استغلاله بشتى الصور المختلفة, الإنسان هو قمة الروعة في ثقافة العصر الحديث عصر البنيوية والحداثة وما بعد الحداثة ومخرجات البحث العلمي كلها جاهزة في خدمة الإنسان وتلبية مطالبه الثقافية والسياسية والصحية والإنسان أولا والمواطن أولا ومن ثم تأت الدولة والدين في مراتب مختلفة أقل بكثير من مرتبة الدين نفسه,والمحكوم أهم من الحاكم والمتهم أهم من القاضي والعامل أهم من صاحب العمل وقد كفلت له الدولة حقوقه المدنية والشخصية باعتبار مصلحة العمال أهم بكثير من مصلحة أرباب العمل وأصحاب مشاريع النمو الكريه, الحداثة ليست تقليدا للماضي ولا هي حالة وسطية تحاول التوفيق بين العقل وبين النقل بل هي تؤمن بنفسها وبالإنسان وحده باعتباره كائن مستقل حديث النشأة هو وفكره الجديد.

أما عندنا على الصعيد الإسلامي فالإسلام يتدخل في كافة مناحي الحياة ولا يقدر المواطن أن يتقمص أي فكر إلا إذا سمح له الإسلام بذلك والنتيجة أن أي فكر على الصعيد العربي الإسلامي لا يمكن أن تقبله الناس إلا إذا لبس ثوبا دينيا حتى إذا أردت أن تبيع شيئا في السوق فيجب أن تضطر نفسك أن تحلف كثيرا وأن تُدخلْ معك محمدا وصحابته لكي يقتنع الناس بما تبيعه وهذا على صعيد الأكل والشرب فما بالكم على الصعيد الفكري! إن المواطن العربي محروم من الحداثة ومن ما بعد الحداثة حتى أننا لا يمكن أن نعثر على مواطن عربي مسلم حديث موديل 2012م بل كل الموديلات عندنا ما زالت من القرن الهجري الأول والثاني, حتى الإنسان العربي المسلم من القرن الرابع الهجري من الصعب أن نجده فذاك الذي عاش بالقرن الرابع الهجري أكثر حداثة من الإنسان العربي المسلم الحديث.

وما زالت كتابات الكتاب الاشتراكيين العرب المسلمين شاهدا على ما أقوله فقد كان بعض هؤلاء الكتاب يلجئون إلى الدين الإسلامي من أجل تمرير ما يدعون إليه فيحاولون أن يثبتوا مثلا أن محمدا كانت عنده نزعة اشتراكية أو ماركسية وأن أغلب المنتسبين لأحزاب اليسار والأحزاب الثورية كانوا وما زالوا يحاولون إثبات أن عليا بن أبي طالب مثلا كان ثوريا وكان اشتراكيا فأي منهج فكري لدى المواطن العربي المسلم لا يمكن أن يتقبله هو والذين يدعوهم إليه إلا إذا حاول إقناع نفسه وإقناع الناس من حوله بأن الإسلام يسمح بذلك, وكل الكتاب الذين كانوا يدعون إلى الاشتراكية كانوا يحاولون جاهدين أن يقنعوا الناس بأن محمدا كان يقول: الناسُ شركاء في ثلاث,الماء والنار والكلأ.

فلماذا مثلا لا ندع الدين الإسلامي كما هو وأن نمارس حرية اعتقادنا ونحن مؤمنون بأننا نخالف الإسلام جملة وتفصيلا؟ لماذا لا نبلغ من الجرأة بأن نفصح عما في داخلنا بمعزلٍ عن الدين؟ سواء اختلفنا مع الدين أو اتفقنا, فيجب أن نؤمن بالعلمانية مثلا دون أن نضطر للقول بأن محمدا نبينا كان ليبراليا أو بأن محمدا نبينا كان علمانيا, يجب أن نمارس حريتنا الفكرية ونحن متأكدون بأننا مخالفون للشريعة الإسلامية فما العيب مثلا لو مارسنا حقنا في الوجود من خلال ما نؤمن به وبأن نمارس رياضة التفكير بمناهج جديدة ليست مدعومة بفكر ديني بل بفكر إنساني حديث نابع من إيماننا بأن علينا أن نجد فكرا جديدا وحديثا يأت من ما بعد الحداثة حيث يشكل كل إنسان نفسه بقالبه الثقافي الذي يؤمن به



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيدة فاضلة
- الجهل قابل للزيادة
- الأخلاق الإسلامية بين القوة والضعف
- ثلاثة شروطٍ للتغيير وخمسةُ شروطٍ للثورة
- الإسلام يعذب المرأة نفسيا
- قصة معراج وكالة ناسا
- كيف كنا وكيف أصبحنا
- خادم السيدين
- الإسلام نظرة من الأفق
- عائلة آل برونتي الشهيرة في الأدب
- لماذا لم يقاتل عمر بن الخطاب في معارك الرسول؟
- بين المرأة والبيئة
- الثقافة المنزلية
- الهوية الضائعة
- العلاج بالقرآن2
- الشعور بالذنب بين المسيحي والمسلم
- الافكار البسيطة تنتشر بسرعة
- الإسلام ينتهز الديمقراطية
- يا قوم
- الزكاة قانون وشريعة رومانية وثنية


المزيد.....




- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- يهود متطرفون من الحريديم يرفضون إنهاء إعفائهم من الخدمة العس ...
- الحشاشين والإخوان.. كيف أصبح القتل عقيدة؟
- -أعلام نازية وخطاب معاد لليهود-.. بايدن يوجه اتهامات خطيرة ل ...
- ما هي أبرز الأحداث التي أدت للتوتر في باحات المسجد الأقصى؟
- توماس فريدمان: نتنياهو أسوأ زعيم في التاريخ اليهودي
- مسلسل الست وهيبة.. ضجة في العراق ومطالب بوقفه بسبب-الإساءة ل ...
- إذا كان لطف الله يشمل جميع مخلوقاته.. فأين اللطف بأهل غزة؟ ش ...
- -بيحاولوا يزنقوك بأسئلة جانبية-.. باسم يوسف يتحدث عن تفاصيل ...


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جهاد علاونه - أزمة الإنسان العربي المسلم