أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - عبد الحسين شعبان - سلطة الاعلام















المزيد.....

سلطة الاعلام


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3820 - 2012 / 8 / 15 - 14:07
المحور: الصحافة والاعلام
    



هل أسهم الإعلام في صناعة الربيع العربي؟ سؤال طالما ظل يتردّد بين مؤيّد ومندّد، فهناك من يبالغ بدوره لدرجة يعتبره صانع الربيع العربي، وهناك من ينفي عنه هذا الدور كلية، بل وحتى يسخر منه . ولعل لكلا الفريقين مبرّراته وأسبابه، إذ لا يمكن للجموع الشعبية الواسعة أن تتحرّك لولا تراكمات على مدى عقود من الزمان في ظلّ شحّ الحريات وهدر الكرامة ونهب المال العام والفساد المالي والإداري . وفي الوقت نفسه فقد أسهم الإعلام بدوره المتميّز والفعّال، بما يمتلكه من أدوات حديثة وجديرة على التعبئة والتنظيم والإدارة والقيادة، وذلك بعد التحريض المباشر وغير المباشر، ولولاه لما كان بالإمكان حشد هذه الطاقات البشرية وبهذه الكثافة والسرعة، حيث كان الاعلام منظّماً ومحرّضاً ومعبئاً وداعية .

من كان يتصور أن مواقع التواصل الاجتماعي كالـ”يوتيوب” والـ”فيس بوك” والـ”تويتر” والمدوّنات الشخصية، هي مجال خصب لنشر وتعميم ذلك التفاعل الانفجاري الذي قاده الشباب بجدارة والذي أصبح بفعل حضوره ونفوذه وهيمنته قوة لم يعد بإمكان أية سلطة أن تقف بوجهها أو تواجهها .

لقد أصبح لكل مواطن، شخص، إنسان، صحيفة أو صحف أو محطة إذاعة أو تلفزيون يشاركه فيها متطوعون، يقومون بالتحرير والتوزيع والنشر، العابر للقارات والبلدان والحدود، خصوصاً بما تضمنته تلك المواقع من معلومات وأخبار وصور ووثائق وشهادات هي الأكثر تأثيراً وحضوراً على نطاق كوني، لاسيما سرعة ودقة انتقالها وتبادلها وانسيابها وحرّية حركتها .

وأصبح بإمكان أي إنسان بما يحمله من كاميرا بسيطة ورخيصة وهاتف جوّال أن يكون صحافياً، ينقل خبراً من أقصى الدنيا إلى أقصاها بلحظة خاطفة . والصورة كما نقول في الإعلام خبرٌ، مثلما هي الوثيقة في البحث الأكاديمي، فما بالك بصور متحركة ومن الميدان مباشرة: حيّة وطازجة ومتواصلة .

لم يعد الإنسان، العادي، متلقياً للخبر فحسب، بل مشاركاً في صنعه وفي ترويجه ونقله، ولم تعد الأخبار الرسمية، المصاغة بعناية وحبكة هي التي تأتيه، بل صار هو الآخر متحكّماً بالخبر، مُرسلاً ومتلقياً وناقلاً وحاملاً ومحمّلاً له، مصححاً أو مدققاً أو عارضاً أو ناقداً أو معلّقاً أو مساجلاً .

لم يعد الإنسان، لكي يصبح صحافياً، بحاجة إلى هوية صحفية من نقابة الصحافيين في بلده أو من اتحاد صحفي عربي أو إقليمي أو دولي، ولا يهم امتلاكه لأدوات تقنية، كما أنه ليس بحاجة إلى استوديوهات “للمنتجة” و”المكسجة” والقص والحذف والاستنساخ، وإلى كل ما له علاقة بتكنولوجيا الإعلام التي عرفها العالم لغاية أواخر الثمانينات أو حتى مطلع التسعينات .

الإنسان أصبح حرّاً ومتحرراً من تلك القيود، فهو لديه الأخبار الطازجة ينقلها من دون أية زيادة أو نقصان، من دون تركيب أو تعقيد أو أدلجة، إذ يمكنه الدخول على الشبكة العامة والاهتمام بالقضايا العامة وحضور الأماكن حيث لا يوجد فيها صحافيون محترفون أحياناً، ليغطّي أخباراً في غاية الأهمية ولينقل صوراً في غاية الجسامة والخطورة .

قبل نحو خمسة عقود من الزمان كانت الصدفة وحدها هي التي قادت إنساناً (شخصاً) يحمل كاميرا لكي يصبح اسماً صحفياً كبيراً ولامعاً، عندما استطاع “تأرخة” اللحظة التائهة حين أقدم مسلح غامض وغير معروف وفي ظروف ملتبسة على اغتيال الرئيس الأمريكي جون كنيدي في العام 1963 . ولعل البير كامو هو من أطلق على الصحافي “مؤرخ اللحظة”، هكذا تم “تأرخة” حدث اغتيال الرئيس الأمريكي، حين استطاع شخص مغمور تصوير ما حصل ليصبح صحافياً على رؤوس الأشهاد، وإن كان الأمر تم بمحض الصدفة .

انتقل شخص عادي يُدعى أبراهام زابرودر من عالم لا توجد فيه أية إثارة إلى عالم الضوء، حين نجح في تصوير حادث الاغتيال، فالتقط صورة هي الأكثر شهرة في العالم، ولعلها الأكثر ثمناً أيضاً .

وتحوّل الشخص العادي إلى اسم كبير ونال حظوة ومكافآت مالية ضخمة مقابل تلك الصورة، وأطلقت عليه صفات لم يحلم بها حتى رواد الصحافة العالمية . كانت الصدفة وحدها وراء شهرة أبراهام زابرودر الذي صوّر حادث اغتيال الرئيس الأمريكي، واليوم بفعل الثورة العلمية التقنية، لاسيما ثورة المواصلات والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والطفرة الرقمية “الديجيتل” أصبح بإمكان أي إنسان أن يصبح صحافياً بواسطة هاتفه النقال ومواقع التواصل الاجتماعي وكل ما يمكنه من ممارسة العمل الصحفي، لاسيما الرقابة على الحكومة ورصد انتهاكاتها والدخول إلى دواوينها ومعرفة شبكة معلوماتها والتقاط الصور والأفلام والفيديو وغيرها .

ولعل ما يقوم به شخص عادي بمواصفات أكثر من عادية ويومية، يمكنه أن يصبح صحافياً وليس متلقياً فحسب . وقد أحدث التطور الكبير في الاتصالات تلك القفزة الهائلة في تكنولوجيا المعلومات، لاسيما في الجوانب المعرفية، الأمر الذي هيّأ فرصاً لا حدود لها ولا سابق لها لدور الإعلام وللإنسان العادي بشكل عام، خصوصاً في الربيع العربي وفي العالم المعاصر بلا أدنى شك .

لقد تخلّص الإنسان (الفرد) من الارتباط بالمكان لدرجة نستطيع القول أنه تحرر من هيمنته، فلم يعد مضطراً لتلقي الأخبار عبر الجريدة أو الراديو أو التلفزيون، بانتظار خبر أو صورة، بل أصبح هو بالذات مشاركاً إن أراد ومنتجاً، لدرجة أنه يستطيع أن يصوغ الخبر ويلتقط الصورة ويبثهما، بل ويتلقى تأثيرهما من عامّة الناس ومن وسائل الإعلام على السواء، وهو ما يطلق عليه البعض “إعلام الجميع للجميع” . وكان للانترنيت دوراً مهماً في إحداث هذا التواصل العالمي .

لقد تغيّرت قاعدة الإعلام مع نظام الإنترنيت وظهرت مقابل الصحافة وسلطتها، سلطة الإنسان الفرد، حيث تحرر الإنسان من الكوابح الكثيرة التي تحدّ من قدراته للحصول على المعلومات، تلك التي كانت السلطات الحاكمة والجهات النافذة مجتمعياً تقوم بحجبها لاعتبارات قانونية أو دينية أو إثنية أو جنسية أو لغوية أو اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية أو غير ذلك، وأصبح الإعلام الذي يقوم به الفرد سلاحاً فعّالاً يمارسه الجميع وكل من موقعه وفي إطار محدد، وهو ما يطلق عليه الانفجار الفضائي الإعلامي، حيث لا وجود للعقبات أو للاحتكار أو للتحكّم، كما كانت تفعل الحكومات والإعلام سابقاً موجهاً أو غير موجّه . وحتى المتابعة القانونية أو محاولات بث فيروسات أو تشفير بعض المواقع فلن تجدي نفعاً حتى الآن، خصوصاً أن مجتمع المعلومات يقوم على الوفرة وليس بوسع أحد اليوم احتكاره .

لم تعد الطباعة كافية وهي التي كانت وقتها ثورة كبرى نقلت البشرية من حقبة إلى أخرى أكثر تطوراً وعمقاً، لاسيما عندما جاءت بالكتاب والجريدة، ثم جاء بعدها الراديو وتبعه التلفزيون اللذان عدّا ثورة ثانية في ميدان المعلومات والإعلام، حتى وصلت البشرية إلى عالم الإنترنيت الذي حرّر البشرية من الكثير من قيودها ونقلها إلى عهد جديد لم يعرفه العالم من قبل في تطور عاصف على المستوى الإنساني فاق كل أشكال التقدم السابقة، حيث خرجت بالإنسان من الوطن مكانياً إلى فضاء أرحب، لاسيما حين شعر الإنسان أنه شريك في صنع المعلومة وترويجها واستهلاكها .

ولعل ذلك ما دفع البعض للحديث عن إنسان كوني ومثقف كوني على نحو تفاعلي، ومواطنة عالمية وعالم رقمي، بمعنى سلطة جديدة بعد السلطات الثلاث المعروفة: التشريعية والتنفيذية والقضائية، إضافة إلى سلطة الإعلام أو السلطة الرابعة “الصحافة صاحبة الجلالة”، وحين تحلّ سلطة الإنسان التي هي معرفة والمعرفة قوة، سيكون من الصعب اقتلاعها وتلك إحدى تحدّيات عصرنا الراهن وسمة من سماته الحالية .



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشروعان الإيراني والتركي في العراق
- الطائفية: مقاربة قانونية وأكاديمية
- العراق: نصف لأميركا ونصف لإيران
- كي لا تطمس الحقيقة
- الربيع العربي وديناميات التأثير الإقليمي
- حكاية الدستور الثاني في العالم الحديث
- جدار برلين الثاني !
- من باليرمو إلى دوكان
- صبراً جميلاً وعزاءً حاراً لفقدان الراحل جاسم القطامي
- الثورة التونسية ومسار التغيير العربي
- المسيحيون والبيئة الطاردة
- النموذج الإسلامي
- يوسف سلمان يوسف ... فهد- الأخيرة
- الاتجار بالبشر
- يوسف سلمان يوسف ..(فهد)-( 2 – 3 )
- يوسف سلمان يوسف ... فهد ( 3 – 3 )
- تعويض الضحايا!
- يوسف سلمان يوسف -فهد-...(1 – 3 )
- زمن الفتاوى ومغزاها
- خمسة آراء بصدد المسألة الكردية في العراق


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - عبد الحسين شعبان - سلطة الاعلام