أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - البعث والموساد، والذئب الذي لم يأكل يوسف!















المزيد.....


البعث والموساد، والذئب الذي لم يأكل يوسف!


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 3820 - 2012 / 8 / 15 - 12:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد نشر مقالي الموسوم: (من وراء قتل العلماء والأكاديميين العراقيين؟)*، استلمت عشرات التعليقات، نشر البعض منها على مواقع الإنترنت، وخاصة موقع عراق القانون، أو وصلتني على شكل رسائل إلكترونية. منها مؤيدة للمقال، ومنها معارضة وتدافع عن البعث، وآخرون لا يبرؤون البعث ولكن في نفس الوقت لا يبرؤون الموساد أيضاً، رغم اعترافهم بأساليب البعث الشيطانية في ارتكاب أبشع الجرائم وإلقائها على الآخرين. والبعض الآخر يعتقد أن قتل أصحاب الكفاءات من العراقيين، هو مؤامرة دولية شاركت فيها كل من أمريكا وإيران وإسرائيل !!
وتجنباً للإطالة، اخترت القليل من التعليقات لمناقشتها، وكنت أنوي في البداية أن يكون العنوان (حوار مع القراء) حيث نشرت في الأعوام الماضية نحو ست مقالات بهذا العنوان، ولكني رأيت هذه المرة التغيير ولأسباب سأذكرها في الخاتمة.

أود البدء بتعقيب الصديق جواد كاظم خلف، المنشور على موقع عراق القانون، لأنه يشكل القاسم المشترك لمعظم التعليقات التي لا تبرئ الموساد بمختلف التفسيرات، جاء فيه ما يلي:
«قرأت أكثر من تصريح منذ عام 2003 لمسؤولين إسرائيليين كبار وصراحة لا أميز لمن، لكنها وردت بمصادر موثوقة وكلها من صحف ووسائل أعلام غربيه وأحدها يقول: لقد حققت إسرائيل بالعراق مما لم تحققه منذ قيامها !.. ما الذي حققته إسرائيل في العراق؟ ...بناء مستشفيات مثلآ ؟!
2 ـ لا يختلف إثنان إن إحدى الأيادي التي كان لها باع طويل بسرقة آثار العراق هي إسرائيل، فما الذي يمنعها من اغتيال من يحاول عرقلة هذه السرقات؟
3 ـ لننظر بالأمور لا بالأبيض ولا بالأسود فقط، وحقيقة اغتيال علماء العراق ومفكريه والشخصيات النافذة فيه تمت من عدة جهات، نعم البعثيين والقاعدة لهم حصة كبيرة، تصفيات طائفية وقومية، لها أسبابها المختلفة، والكل مارسها، كرد، سنه، شيعة، ولكن حصصهم تختلف وكلمن وشطارته!!... الموساد ليس جمعية خيرية وله حصته، مخابرات الجوار من أجل تأمين مصالحها ليست معفاة أيضآ. وأخيرآ الشركات الكبرى، وحتى الصغيرة، وأصحاب الدكاكين لم يقصروا !!! يتضح مما سبق إن تبرئة طرف ما مهمة مستحيلة ويبقى التساؤل: ما هي حصة كلآ منهم بالضبط؟»- انتهى.

شكراً للصديق على تعليقه الذي أشار به إلى جميع الجهات التي لها مصلحة بتدمير العراق. ولكن اختلافي معه أن خلط الأوراق وتوزيع الاتهامات في جريمة معينة مثل قتل أصحاب الكفاءات على جميع الأطراف، يكون دائماً في صالح المجرم الحقيقي. فعندما نلقي اللوم على المجرم الحقيقي (البعث) لا يعني أننا نعتبر الموساد جمعية خيرية!، إذ هناك آلاف التنظيمات الاستخباراتية والمافيات الموغلة في الإجرام في العالم، ولكن هذا لا يعطينا الحق لشمول كل هذه التنظيمات المافيوية فيما حصل ويحصل في العراق، فقط لأنها ليست جمعيات خيرية... كما وهناك منظمات إجرامية تختفي وراء أسماء خيرية، مثل بنوك ومصارف بأسماء إسلامية تمول القاعدة، أو تنظيمات إرهابية أخرى. وكذلك معظم المنظمات البعثية الإرهابية في العراق تحمل أسماء إسلامية. وحتى ما يسمى بـ"دولة العراق الاسلامية" هي بعثية، مجرد بدلوا الأسماء، فالبعثيون يجيدون لعبة تغيير الأسماء والألوان وفق ما يناسبهم. تذكر الحملة الإيمانية في التسعينات من القرن المنصرم.

أما تصريحات مسؤولين إسرائيليين بأن ما حصل في العراق من كوارث كان في صالح إسرائيل، فهذه حقيقة معروفة لا جدال فيها، إذ كلنا نعرف أن البعث الصدامي، وحتى قبل سقوطه، قدم مثل هذه الخدمات لإسرائيل وذلك بتمزيق التضامن العربي، وتدمير طاقات الشعبين، العراقي والإيراني في حرب عبثية طويلة أهلكت الحرث والنسل، وتهديداته العنترية الزائفة بحرق نصف إسرائيل، دليل على صحة ما نقول. ولكن هذا لا يعني أن إسرائيل ضالعة في قتل العلماء العراقيين لكي تتخلص من خطرهم في بناء سلاح نووي عراقي في المستقبل. إذ كان نصيب الأطباء والأكاديميين الآخرين من القتل يفوق حصة علماء الذرة عشرات المرات.
لذا، دعونا نركز على قضية معينة وهي: (من وراء قتل العلماء والأكاديميين العراقيين؟). نحن نعرف أن الموساد يرتكب جرائم بحق العرب والفلسطينيين، ولكن هذا لا يبرر لنا إلقاء جرائم البعث على الموساد لأن "الموساد ليست جمعية خيرية!" ولأنها ضالعة في الإجرام ضد الفلسطينيين.
يقول الأخ جواد: «لايختلف إثنان إن إحدى الأيادي التي كان لها باع طويل بسرقة آثار العراق هي إسرائيل، فما الذي يمنعها من اغتيال من يحاول عرقلة هذه السرقات؟».
يقول "لا يختلف إثنان..." ولا أعرف على أي مصدر علمي موثق اعتمد في هذا القول. وحتى لو افترضنا أن إسرائيل شاركت في سرقة الآثار، فهل كان العلماء والأكاديميون العراقيون والأطباء قد شكلوا دروعاً بشرية حول المتحف العراقي لحماية الآثار من السراق كي تقتلهم الموساد ليتسنى لهم سرقة المتحف؟
لا أبرئ إسرائيل في سرقة الآثار، وخاصة تلك التي تتعلق بتاريخ اليوهد في العراق، ولكن سرقة الآثار بدأها البعثيون وهم في السلطة، ونشير هنا إلى كتاب البعثي السابق، السيد حسن العلوي، الموسوم: (دولة المنظمة السرية)، بغض النظر عن اختلافنا معه في تقلباته وولاءاته السياسية، ولكنه كشخص مقرب من سلطة البعث، قد أفادنا كثيراً بكشف الكثير من جرائم هذه المنظمة السرية المافيوية.

ويجيب أحد الأخوة المعلقين، باسم (ابن العراق) في نفس الموقع قائلاً: «... وهنا أتساءل، لو أفترضنا جدلا بأن المسؤل عن اغتيال شريحة العلماء في العراق هو اسرائيل، إذنْ، من المسؤل عن اغتيال شريحة من الاطباء في العراق، وهل سمعنا أو سمعتم عن ذهاب مرضى لإسرائيل للعلاج؟ ومن المسؤل عن اغتيال شريحة من القضاة في العراق، وما هي مصلحة اسرائيل من اغتيالهم؟ وما فائدة اغتيال عالم وهو في بلد لا يمكن له ان يقدم شيئا، فالسيد حسين الشهرستاني، عالم نووي معروف، فلماذا لم تغتاله اسرائيل؟ هل تبخر ما في ذهنه من معلومات، واسرائيل اصبحت مطمئنة من جانبه؟؟؟». انتهى

أجل، هذه الأسئلة، وعشرات غيرها تؤكد لنا أن المجرم الحقيقي وراء قتل أصحاب الكفاءات من العراقيين هو البعث، وليس غير البعث وذلك لشل العقل العراقي بمثل ما دمروا ركائزه الاقتصادية، لأن شعارهم: (عليَّ وعلى أعدائي يا رب، وليكن من بعدي الطوفان). وهنا أذكر شهادة معلق آخر باسم (زائر) يؤكد دور البعثيين في قتل أصحاب الكفاءات، قائلاً: «نعم، البعض الذين تم قتلهم قالوا لعوائلهم قبل مماتهم، او الذين أنقذوا بجلودهم، انهم هُدِدوا من قبل البعث للتعاون معهم وعدم الشغل مع الحكومة من بعد 2003، وأول ضحية لهم كان طبيبا بعثيا في زمنهم، ولم يطيعهم ان يستمر معهم، ولا ابرئ اليهود من ذلك أيضا، ولكن هم (البعثيون) فلشوا العراق، فلماذا الخوف منه اذنْ؟ وما حاجتهم لقتلهم كلهم، ومثل ما قال الكاتب، الوطن العربي فيه الكثير من الكفاءات، فلماذا يقتلون هذا العدد الهائل من العلماء العراقيين فقط، ويجب ان لا نهمل الجزء المهم من هذه العمليات، وهو انهم عرفوا الذين قتلوا انه بسبب عدم تعاونهم مع البعث ادى الى حتفهم. مقال جريء لأن البعض لا يعجبه، لأنهم تعودوا على اسم الموساد وكأنهم رامبو العصر».

وتأكيداً على كون البعثيين أخذوا قراراً بتصفية كل بعثي لم يتعاون معهم، ورضي بالتعاون مع الحكومة، أنقل في نهاية المقال، (ملحق)، النص الكامل لتعليق أستاذ جامعي، باسم (أكاديمي مخضرم) مطلع على أفانين البعث، وذلك نظراً لأهميته.

ويدين قارئ آخر باسم (نديم) مقالي قائلاً بانفعال: «اتق الله يا دكتور .. اتق الله .. اتق الله فينا وفي عقولنا ..انت مسؤوليتك الانسانية والأخلاقية كطبيب تخفيف آلام البشر وليس الامعان في نكأ جراحه وتأجيج آلامه...اسرائيل تصهر اجساد اطفالنا بالنابالم .. وانت تصهر عقولنا بكلام مصرطن ..
نعم .. لقد خنت واجبك الانساني .. فها انت تحاول قتلنا من خلال صرطنة عقولنا؟ - نديم».

لا أريد التعليق على ما قاله القارئ نديم، بل أكتفي بذكر ما جاء في رسالة صديق حول هذه الاتهامات، يحذرني قائلاً:
«...انك ستتعرض لهجوم على انك تحاول تبرئة الموساد مما يحدث، وسيأتي هذا الاتهام من اعوان الموساد بالدرجة الأولى، الظالعون في القتل كثيرو المشارب، ولكل دوافعه. ثم هناك أمر آخر وهو، أن موضوع العلماء العراقيين قد بولغ فيه، فكل من يحمل شهادة علمية سمي عالم، وهو ترجمة حرفية لكلمة scientistففهِمتْ على انها تعني خبير أو رائد في تخصص علمي، وبمستوى نادر، وهذا غير الواقع بالعراق...».

وقارئ آخر باسم (أبو علي العراق)، يدافع عن البعث، فيقول:
«حقدك على البعث يا دكتور ضيَّع عليك المسلك الصحيح. الموساد دخل كل المدن العراقية ومازال وتحت يافطات مختلفة .الفِرَق التي دربها الموساد والمخابرات الأمريكية ومنها فرق احمد الجلبي فعلت الأفاعيل. شيطنة البعث ورمي كل مصائبنا عليه لم تجري على اي حزب آخر !!!!!! هل سيُنصف هذا الحزب في يوم ما؟ الغريب في الأمر ان استاذاً مثل الدكتور عبد الخالق يبتعد عن لغة البحث العلمي ويتناول الموضوع وكأنه موضوع عداوة شخصية مع البعث !!!!! تمر على الاحتلال 10 سنوات تقريبا ونحن لا نعرف حقيقة ما حصل، والسبب هو عدم اعتماد لغة البحث العلمي في الوصول الى الحقيقة. يا دكتور كل العراقين انتموا للبعث، هل كلهم أشرار؟ صدقني لم نؤذي انسان ولا حيوان ولا حجر بمقدار ذرة واحدة، وخدمنا العراق بكل ما نملك. كلامك يا دكتور مسبة وشتيمة لكل العراقين، وأنت الرجل الرشيد، حتى وان اختلفتَ مع البعث. لا تقوم لنا قائمة يا دكتور حتى نتعلم كيف ننصف انفسنا وننصف حتى اعدائنا.» انتهى.

هذه هي لغة البعثيين، يجيدون استخدام العبارات المنمقة، والتظاهر بالحمل الوديع، والتحدث بلغة "علمية"، يذكرون فيها بعض الحقائق لتمرير الكثير من الباطل، فالعلمية التي يدعونها هي علمية مزيفة (pseudoscience)، لغة يستخدمها أصحاب الأيديولوجيات الشمولية، الفاشية وغيرها.
فنحن لا ننكر تورط نحو مليونين من العراقيين في الانتماء إلى حزب البعث مرغمين، ولكن ليس كل الشعب العراقي كما أدعى صاحب التعليق، وقد طالبتُ بعدة مقالات بإنصاف هؤلاء لأنهم اضطروا للانتماء لضمان نجاتهم ومعيشة عوائلهم. وفعلاً تم إنصافهم، فمعظمهم بقوا في وظائفهم. لذلك فعندما نوجه تهمة قتل العراقيين إلى البعثيين، لا نعني بهذه الجمهرة الواسعة من الذين انتموا مرغمين، أو أن كلامنا "مسبة وشتيمة لكل العراقين"، بل نقصد فقط البعثيين الذين تلوثت أيديهم بدماء العراقيين، وما زالوا يواصلون جرائمهم. وهذه الحقيقة يعرفها البعثيون قبل غيرهم.
يقول نفس القارئ بأني "أتناول الموضوع وكأنه موضوع عداوة شخصية مع البعث." وقارئ آخر يتهمني بأني أعاني من فوبيا من البعث!!
إذا كان المقصود بالفوبيا (الخوف المرضي – العصابي-) فأنا سليم من هذا المرض والحمد لله، إذ لم أعاني من أي نوع من الفوبيات. ولكنني أخاف من عودة البعث، ولي أسباب حقيقية معروفة يشاركني فيها معظم العراقيين لتكون لي عداوة مع البعث، والخوف من عودته للسلطة. ولا بد أن يستغرب القراء من قول صاحب التعليق حين قال: "صدقني لم نؤذي انسان ولا حيوان ولا حجر بمقدار ذرة واحدة، وخدمنا العراق بكل ما نملك." ولكن الحقيقة الناصعة تؤكد أن البعث دمر العراق وشعب العراق، وأعاق تطوره، وأعاده قروناً إلى الوراء، وقائمة جرائم البعثيين معروفة، منذ أيام ثورة 14 تموز، ومروراً بانقلابهم الأول في 8 شباط 1963، و17 تموز 1968، وإلى الآن. لذلك فلنا تجربة مؤلمة وقاتلة مع البعث، ولهذه الأسباب وغيرها كثير، لا يمكن أن يأتي أي يوم ينصف فيه البعث، فأي خير عمله البعث للعراق لكي ينصفه التاريخ؟

خاتمة
ذكرت في المقدمة أني كنت أنوي جعل العنوان (حوار مع القراء)، ولكني اخترت العنوان (البعث والموساد والذئب الذي لم يأكل يوسف)، وذلك لغاية في نفس يعقوب!، كما يقولون. وقصة الذئب ويوسف معروفة وردت في التوراة والقرآن، ومفادها أن يوسف كان له 11 أخا، وكان أبوه (النبي يعقوب) يحبه كثيرا مما أثار حسد أخوته، فاتفقوا على أن يلقوه في الجب. وفعلوا ذلك في إحدى رحلاتهم، وادعوا أن أكله الذئب. والحقيقة أن الذئب لم يأكل يوسف. لذلك صار راح مثلاً، كقولهم في براءة متهم ما بأنه (بريء كبراءة الذئب من دم بن يعقوب). وهذا القول لا يعني أن الذئب تحول من حيوان وحش مفترس إلى حيوان أليف، بل ليبين أن الذئب لم يفترس يوسف كما ادعى أخوته. وبنفس المنطق، فعندما نقول أن الموساد ليس وراء قتل أصحاب الكفاءات من العراقيين، فإننا لا نعني أن الموساد صار جمعية خيرية، وأن إسرائيل دولة مسالمة. بل لكي لا يضيع الحق، ولا ينجح الجاني الحقيقي في اخفاء جنايته وإلقائها على الآخرين. فالبعثيون هم وراء جميع مصائب العراق، وغرضهم من قتل العلماء والأساتذة الجامعيين والأطباء والأدباء هو لشل العقل العراقي بعد أن دمروا مؤسساته الاقتصادية والخدمية، ليقولوا للشعب العراقي أن العراق لا يصلح إلا لحكم البعث.

***********************
ملحق
أدناه، تعليق لأستاذ متمرس ينشر تعليقاته القيمة باسم (أكاديمي مخضرم). وتعليقه هذا نشر على موقع عراق القانون، بعنوان: (صحيح، البعث صاحب المشروع الاجرامي). ولأسباب شخصية تتعلق بأمن وسلامته، فضل عدم الإفصاح باسمه الحقيقي. وهذا يدل على إرهاب البعثيين لكل من لا يسير على سكتهم.

صحيح، البعث صاحب المشروع الاجرامي

أكاديمي مخضرم

تحيات من القلب لأخينا المفكر والكاتب العراقي الحر د عبد الخالق حسين- الذي نذر نفسه لمهمة كبرى في هذا الظلام الاظلم الذي يحاول اعداء العراق لف العراقي به- وهو ايضاح الحقيقه وإنارة وإضاءة الطريق لمخلصي العراق في السير بثبات على طريق بناء دولة القانون والعدالة دولة الديمقراطية والرفاه والثقافة الانسانية.
نعود لموضوعنا اليوم حول من قتل ويقتل الاكاديميين العراقيين، ناهيك عن البقية كالاطباء والمحامين واليوم القضاة.
ان قتل الاكاديميين وباقي المهنيين الضروريين لبناء العراق وتعليمه وصحته وكوادره هو جهة منظمة صاحبة مشروع إستراتيجي أساسي وداخلي وهذا يعتبر هو القاتل الرئيسي، والبقية خردوات دون التقليل من ضررهم.
البعث حكم العراق 40 سنه منذ 8 شباط 1963إلى 9 نيسان 2003، ولولا القوة الاميركية التي فككت كيانه- وكيان البعث الذي هو دولة العراق وجيشه وقواه الضاربة حينئذ، وتلك الدولة والقوى الضاربة لم تكن عراقية، ولا تعود بأي خير للعراقيين، انها كانت قوى ودولة بعثية شريرة موجهة ضد العراقيين، وضد كل ما هو خير وشريف في المنطقة والعالم.
ويقال ان البعث أخذ على حين غرة، لذالك فبعد بضعة أيام وأسابيع، اخذ يلملم نفسه ويقرر العودة الى السلطة المفقودة - ليعود ويجعلها نعمة عفلقية صدامية أبدية. وأقولها بصراحة، فقد جلست مع بعض البعثيين، ممن كان يخطط لعملية العودة، وكانوا يريدون توريط جهات عراقية أخرى وذالك باسم الوطنية العراقية، وباسم معاداة الاحتلال.
وقد خدع بهم البعض القليل وجاء الاكثر من جانب الشريرين الطائفيين وجعلوا من حملة عودة البعث قضية دينية، حتى سموا اوكارهم بـ"دولة العراق الاسلامية"، فظهر الزرقاوي، وظهر حارث الوحش الضاري، بل وظهر الجيش الاسلامي بقيادته من ضباط مخابرات صدام، وقواعده من قواعد حزب الاجرام البعثي.
الخطه كانت تنطلق من عدم السماح بأي استقرار في العراق، وإخلاء العراق من الكفاءات، وفي المقدمة الاكاديميين ومعهم الاطباء، ناهيك عن الآخرين. وهكذا كانت الاشارة بقتل رئيس جامعة بغداد الأسبق، المرحوم الدكتور محمد الراوي في عيادته، فقد كان الفقيد يجمع في شخصه الجامعة ومهنة الطبيب. ورغم كونه صديقا للبعث، ولكن صدى قتله الأوسع. وهكذا قتلوا البعثية السابقة عقيلة الهاشمي وأمثالها كثيرين كالدكتور ضياء صافي مكوطر، وهلمجرا، لأنهم رفضوا التعاون مع البعثيين، وفضلوا التكيف مع الوضع الجديد.
الخطه كانت تتضمن عدم السماح للكوادر البعثية السابقة بالتكيف مع الواقع السياسي الجديد، لذالك كان قتل مقصود لكوادر بعثية ارادت- أن تعيش- ولكن البعث كمنظمة مجرمة تخطط للعودة لاختطاف العراق، لا تعرف الرحمة. صحيح ان هنالك بعثيين معروفين مثل محمد طاقه- وليس لوحده تركوا ومع ممتلكات حزب البعث كلية الاقتصاد الأهلية، ومنهم ايضا بعثي كبير كان سكرتيرا لبرزان التكريتي تقلد منصب نائب رئيس جامعة بغداد لأهم القضايا حساسية، هؤلاء كان عليهم ان يكونوا ضباط ارتباط بين الداخل والخارج ولإيصال الرسائل التنظيمية حتى لأزلامهم في اميركا وأوربا، ولكن عملهم الرئيسي هو القتل العشوائي لكل الاكاديميين فطفشوا الآلاف، وحتى اصبح العراق يتعاقد مع اطباء هنود لتقديم بعض الخدمات لمواطنيه.
صحيح ليس فقط الموساد قتل ويقتل العراقيين، بل هناك البرزاني - العائلة الخادمة لكل من يعادي العراق، قتلت العديد من الأكاديميين، خصوصا من بعض الاكراد وبعض التركمان، وخاصة في كركوك بنفس التوجه البعثي للهيمنة.
ولكن الموساد شيطان وليس اخرس او غبي. إن الموساد يعرف ان العراق يمكنه بعشرة أو عشرين سنة اعادة بناء كفاءاته وقاعدته العلمية، فقتل الكفاءات ليس العلاج، والشياطين العنصريين من الموساد يعرفون ان الجريمة ستكشف يوما، وقريبا، وانهم لا يريدون تراكم العداوات مع العراقيين، الشعب الحي الوحيد في منطقتنا الى جوار سوريا - مكملة مفهوم بلاد الرافدين في الجغرافية والتاريخ. وهذا ليس تبرئة لذمة المجرمين من الصهاينة العنصريين لأننا للأسف نعمل غالبا بالعاطفة فقط والموساد يعمل بالطرق العلمية الحديثة.
ولقد انصبت التهم على آخرين ايضا مثل قتل الطيارين من قبل ايران، وهذا كذب محض الغرض منه خلق العداوات مع واحد من اعظم شعوب ومجتمعات الشرق، الغني، حاضراً وتاريخياً. ورغم كرهنا ومقتنا لفاشية دولة ولاية الفقيه السفيه، ولكن ولاية الفقيه ليست نهاية العالم إذ لا بد وان سيتوصل شعب وقيادات ايران العظيم الى التخلص من سفاهة واجرامية كل نظام فاشي دكتاتوري عفلقيا كان او باسم ولاية الفقيه.
ان حملة قتل الاكاديميين العراقيين وباقي الكفاءات فشلت إستراتيجيا، والآن على من بيده الحكم في العراق، حتى ولو كان على مستوى وزير التعليم العالي، الدكتور على الاديب، ان يتعظ ويوسع افقه ولا يجعله كأفق البعث الساقط الضيق.
عليه أن لا يجعل تطور العلم والبحث العلمي يسيران وفقا لفكر "الحزب القائد"، وبرجال مطبلين مصفقين له ولأيديولوجيته كما كان في عهد البعث، وإنما وكما كتبت له اكثر من مرة، ان ينفتح على العالم الناجح في أميركا وأوربا، وبعض بلدان آسيا ككوريا الجنوبية، واليابان. وقد انجز الاستاذ الاديب خطوات هامة نافعة، ولكنه لم يتحرر بعد من اولوية التصفيق والأيديولوجية المقيتة. كل الأيديولوجيات الثلاث مقيتة حينما تتحول من معتقدات شخصية الى آليات لإدارة الدولة والمجتمع.
فلتتوحد قوانا من اجل خير العراق، فقد شبعنا، وشبع شعبنا ضيما وعوزا. ألا يكفي اننا ببلد غني، وفي القرن الواحد والعشرين، وشعبنا لا يجد ما يشبع حاجته من الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء النظيف.
والسلام عليكم.
ـــــــــــــــــــــ
[email protected] العنوان الإلكتروني
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/ الموقع الشخصي

مقال ذو علاقة بالموضوع
* عبدالخالق حسين: من وراء قتل العلماء والأكاديميين العراقيين؟
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/index.php?news=533



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فخري كريم واللعب بالنار الطائفية
- من وراء قتل العلماء والأكاديميين العراقيين؟
- القاعدة في سوريا
- رايح زايد ويه المالكي!!!
- سوريا تحترق..اللهم لا شماتة
- هل ما حدث يوم 14 تموز ثورة أَم انقلاب؟
- الديمقراطية المصرية أمام اختبار التحديات
- دلالات فوز المرشح الإسلامي في مصر
- هل الحل في حكومة الأغلبية؟
- عودة للأزمة العراقية الدائمة
- حول دور الأنصار في إسقاط الفاشية البعثية
- مؤتمر أربيل وثقافة المسدس والزيتوني!!
- هل مؤتمر التجمع العربي لنصرة الشعب الكردي أم لنصرة حكامه؟
- اسباب عداء السعودية للعراق
- هل المالكي مشروع إيراني؟
- حوار مع النقاد حول الموقف من الأزمة العراقية
- قاسم والمالكي بين زمنين، التشابه والاختلاف
- الدعوة للتطهير العرقي جريمة ضد الإنسانية
- حول تزييف التواقيع ومداهمة مقر طريق الشعب
- الإيمو، الوجه الآخر للحملة -الوطنية- لتدمير الدولة العراقية( ...


المزيد.....




- هل قررت قطر إغلاق مكتب حماس في الدوحة؟ المتحدث باسم الخارجية ...
- لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في ...
- القضاء الفرنسي يستدعي مجموعة من النواب الداعمين لفلسطين بتهم ...
- رئيسي من باكستان: إذا هاجمت إسرائيل أراضينا فلن يتبقى منها ش ...
- -تهجرت عام 1948، ولن أتهجر مرة أخرى-
- بعد سلسلة من الزلازل.. استمرار عمليات إزالة الأنقاض في تايوا ...
- الجيش الإسرائيلي ينفي ادعاءات بدفن جثث فلسطينيين في غزة
- علييف: باكو ويريفان أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق السلام
- -تجارة باسم الدين-.. حقوقيات مغربيات ينتقدن تطبيق -الزواج ال ...
- لأول مرة.. الجيش الروسي يدمر نظام صواريخ مضادة للطائرات MIM- ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - البعث والموساد، والذئب الذي لم يأكل يوسف!