أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عباس موسى الكعبي - ثمن الوفاء















المزيد.....

ثمن الوفاء


عباس موسى الكعبي

الحوار المتمدن-العدد: 3819 - 2012 / 8 / 14 - 18:24
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


ملاحظة:" هذه قصة قصيرة كتبت عام 1989 في بغداد، ولم تحظى بالنشر سابقا، كونها منعت منعا باتا من النشر في ذلك الحين ربما بسبب ركاكة اسلوبها الادبي او ربما موضوعها.. واليوم اجد ان منتديات التواصل الاجتماعي خير وسيلة لنشرها.. ففي تلك الايام كان مثلي في كتابة القصة ومضمونها هو الكاتب الفرنسي غي دو موباسان وكنت متأثرا به شديد التأثر"

اسم القصة:
ثمن الوفاء..
لم يكن علاء قد توصل الى اتخاذ اي قرار قبل هذا اليوم.. كان قد تقدم لخطبة ابنة خاله منذ ثلاث سنوات، لكنه لم يتمكن من زواجها بسبب العوز والحاجة..
بالامس كان برفقة اصدقاء له يحتسون الشراب في احدى شقق المدينة، حينما ساله احد اصدقاءه عن سبب تأخر زواجه كل هذه المدة.. كان دائما ما يجيب بان الظروف المادية لا تسمح له بالزواج .. تعالت ضحكات وقهقهات عالية من صديقه الثمل.. ارتبك صاحبنا وتلعثم في كلامه ثم تسائل: ماذا، هل قلت شيئا مضحكا؟ .. اراد صاحبه ان يلطف الاجواء المشحونة بالضحكات والابتسامات.. وروى له حكاية تفيد بانه يعرف احد التجار الاثرياء (الاجانب) ممن هو على استعداد لدفع ما يزيد عن عشرين الف دولار لاي امرأة عذراء تقدم له نفسها وليلية واحدة فقط..
بدت علامات الاحراج والغضب واضحة على تصرفات علاء.. وهنا رد صاحبه لتهدئة غضبه: ارجوك لا تسيء فهمي.. فبالتاكيد انني لا اقصد شيئا بكلامي .. اردت القول بان عدد من الاشخاص قد قبلوا هذا العرض.. طبعا مرغمين.. مضطرين.. ولا حرج على المضطر احيانا.. ياعلاء ياصاحبي، انني اعلم حق العلم بانك لن توافق على هذا العرض المخزي.. كان حديثي للتسلية ليس إلا..
وحين عاد علاء الى بيته، فكر في هذا الامر مليا.. وتسائل في قرارة نفسه: هل يمكن لخطيبتي ان توافق على هذا العرض؟.. لا.. لا.. لا يمكن ان اتحمل هذه الفكرة الوقحة.. اذن، لابد ان اجد بديلا عنها.. هل بوسعي ان اسرق او ربما اقتل كي اتمكن من الزواج.. مستحيل.. مستحيل.. لم تخطر ببالي ابدا تلك الافكار الجهنمية منذ ولدت.. انا انسان نزيه وشريف.. نعم.. نعم.. لكن، ماذا علي ان افعل؟؟ علي ان اخبر خالي بالحقيقة المرة.. علي ان اتحلى بالجرأة .. سأقول له .. سأعترف له بعدم قدرتي على الزواج بابنته.. نعم.. لا استطيع .. سأخبره ايضا بان الخطوبة يجب ان تفسخ وتنتهي وان يرحل كل طرف لحاله، اذا اقتضى الامر..
لم يخطر بخلد علاء ان فكرته الاخيرة كانت هي الحل الامثل في مثل هكذا ظروف.. فقرر ان يتواجه مع خاله ويروي له الحقيقة التي توصل اليها اخيرا..
عند حلول الصباح، ذهب الى بيت خاله.. طرق الباب .. فتحت له خطيبته الباب مبتسمة.. ارتبك صاحبنا وتلعثم: هل خالي في البيت؟ .. اجابت: كلا.. خرج قبل قليل.. ماذا بك تفضل.. ادخل.. ودون ان ينبس ببنت شفه، دخل الى الدار وجلس على كرسي يتصبب عرقا واخرج سيجارة واشعلها سريعا وسحب منها انفاسا طويلة.. لاحظت ابنة خاله حالة الحيرة والحسرة على وجه خطيبها المبلل بالعرق.. فجلست امامه قائلة: ما الامر؟.. لم يستطع الحديث بل سألها: اين ذهب خالي؟.. فردت: ذهب الى بيت عمي.. فكر علاء بمغزى زيارته هذه، وقال في نفسه: لابد ان اخبرها بالحقيقة.. ثم التفت الى خطيبته واخذ يسرد عليها ما توصل اليه وسبب زيارته المفاجئة.. اندهشت ابنة خاله وهي تصغي بانتباه لما يقول.. بدت حائرة ومصممة على عدم فسخ الخطوبة مهما كلف الامر.. اجابته: انني على استعداد ان انتظرك حتى الموت.. ثم اخبرها بان الامر ليس بهذه السهولة وليس بالكلمات اللطيفة الرقيقة الرومانسية.. كلا.. كلا.. لقد كثرت الاسئلة المحرجة وانهالت وتنهال عليه كلما التقى اقاربه واصدقائه ومعارفه.. ماذا تنتظر؟ لماذا لا تتزوج؟ لماذا وافقت على خطوبة امرأة لم تستطع الزواج بها.. ما هذه الانانية؟ لم حجزتها لك وحدك؟ هل هي جاريتك؟ اترك لها حرية اختيار غيرك ممن يتمكن من اسعادها.. ماذنبها؟ مازالت شابة جميلة يتمناها كل شاب؟ وما الى ذلك من الاسئلة.. لا اخفي عليك قررت فسخ الخطوبة بعد هذه المدة الطويلة.. ارجوك ان توافقي على طلبي بعد ان استمعتي لاسبابي.. نظرت له وهي غير مصدقة ما يقول وصرخت باعلى صوتها: هذه ليست اسباب بل تفاهات.. لا يمكن ان اختار غيرك حتى لو هددوني بالموت.. عليك ان تعرف ذلك.. صبرنا سنوات.. وسنصبر غيرها.. ثم اجهشت بالبكاء..
فكر صاحبنا مع نفسه: لماذا لا اخبرها بقصة صديقي الثمل وعرض التاجر الثري كحل اخير.. تردد ثم قال بصوت خافت: لدي خيار اخير اما ان توافقي عليه او يرحل كل منا لحال سبيله.. اسمعي اعرف احد التجار الاثرياء ممن بامكانه دفع عشرين الف دولار لقاء قضاء ليلة واحدة فقط مع امرأة عذراء.. تأكدي ان فعلتي ذلك فسنعلن زواجنا بعد ايام .. سنكون معا الى الابد.. ولن انظر الى الامر نظرة اخرى .. سابقى زوجك الوفي المخلص .. اعلم انها تضحية كبيرة بل ربما العار.. لكن سيرحل هذا التاجر ولن نراه مرة اخرى.. ماذا تقولين؟ فكري بالامر قليلا..
صعقت خطيبته وهي تستمع الى هذا العرض الشاذ.. قالت بعصبية: هل فقدت عقلك؟ انك بالتاكيد مجنون.. انا.. انا .. اضحي بشرفي وكرامتي لقاء مبلغ عشرين الف دولار.. هل وصلت بك الجرأة لتبيعني بهذا المبلغ؟ ..اجابها صارخا: بهذا فقط نستطيع الزواج والعيش بكرامة.. هل لديك حلا اخر؟ لو كنت اعرف كيف يسرقون لسرقت.. ثم التفتت اليه محملقة به: هل توافق على هذا العرض فعلا؟ .. اجابها: نعم.. وهنا صفعته على خده بقوة.. ودفعته باتجاه الباب ورمت بوجهه حلقة الخطوبة وهي تهتف:تافه، حقير منحط.. كلا لا يمكن ان يكون ذلك صحيحا.. كلا بالتاكيد ساستيقظ لاجد ذلك مجرد حلم.. نعم انه مجرد حلم..
رجع صاحبنا الى بيته يتحسر ويتألم.. لماذا اخبرتها.. لماذا اخبرتها؟؟؟... هل فقدت كرامتي؟ هل امسيت بلا شرف؟ كيف توقعت ان توافق على هذا العرض المخزي.. ابنة خالي، تلك المرأة العفيفة الطاهرة الصبورة.. حقا انني مجنون.. يالي من احمق.. ماذا سيكون موقفي حينما تخبر اباها .. لقد لقد لطخت سمعتي وسمعة عائلتي بالوحل.. الهي ماذا افعل كي اعيد الامور الى مجراها الطبيعي.. ماذا.. هل اذهب اليها واخبرها ان لا تتحدث بما قلت .. ساتوسل اليها ان تسامحني.. لكن كيف تسامحني وانا طعنتها باغلى مالديها.. طعنتها بشرفها وكبريائها.. يالي من غبي ..
لم يتمكن صاحبنا من النوم.. توالت عليه الافكار والاسئلة المشئومة من كل جانب.. انه لا يستطيع الاجابة عليها.. كيف سيواجه مصيره.. قدره الذي رماه في بحور الظلمات التي لا ترحم.. كيف تجرأ لسانه على نطق تلك الكلمات المميتة.. هل سيجد سبيلا غير الانتحار ونفض غبار العار الذي ينتظره غدا.. بدت له فكرة الانتحار حلا آنيا، بل الحل الامثل.. سأتجرع مالدي من ادوية وانهي حياتي فورا.. بقي هاجسه مشتتا.. مسك وسادة واخذ يضرب بها رأسه عله يجد حلا مقبولا.. ثم تسائل: كيف اقبل لنفسي ان تكون زوجتي فاقدة لشرفها .. لعذريتها.. لعفتها.. ولو وافقت خطيبتي على هذا العرض المشين، هل سأحترمها؟.. كلا بالتاكيد.. كلا.. انها على حق تماما.. كان عليها ان تقتلني في الحال، لا ان تكتفي بصفعي.. انها تدرك ان شرفها وعفتها لا يقاسان بثمن ابدا.. يالي من سافل.. حقير .. نذل.. تجرأت على مقايضة شرفي.. شرف زوجتي.. بعشرين الف دولار.. يالي من نذل .. سامحني يالهي.. اغفر لي خطيئتي.. تبت اليك من اليوم .. من هذه اللحظة.. ثم خر صاحبنا الى الارض باكيا.. نادما.. مستغفرا.. متمنيا لو قطع لسانه قبل ان يتفوه بكلمة واحدة..
وفي المساء، حاول علاء النوم لكنه لم يفلح.. وعند منتصف الليل رن هاتف منزله.. وحين رفع سماعة الهاتف، سمع صوت خطيبته وهي تبكي وتتنهد .. اراد ان يعتذر لها، لكنها سبقته قائلة: قل لصاحبك التاجر اني قبلت العرض!!!!!!!!!

عباس موسى الكعبي..
كتبت في 1/ 6/ 1989 بغداد...




#عباس_موسى_الكعبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحوار الاخير
- رسالة الى الأمة المصرية
- حينما ينفجر بالون قادة الحركة الاحتجاجية
- الكاتب الغامض سام هاريس
- جزار بغداد وجزار التاجي
- ياسامعين الصوت الجياع عملاء!!
- ثقافة الاعتذار من المنظور العربي


المزيد.....




- محكمة أميركية تلغي حكما يدين -المنتج المتحرش- في قضايا اغتصا ...
- بي بي سي عربي تزور عائلة الطفلة السودانية التي اغتصبت في مصر ...
- هذه الدول العربية تتصدر نسبة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوي ...
- “لولو العيوطة” تردد قناة وناسة نايل سات الجديد 2024 للاستماع ...
- شرطة الكويت تضبط امرأة هندية بعد سنوات من التخفي
- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عباس موسى الكعبي - ثمن الوفاء