أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ياس خضير الشمخاوي - ماهكذا تورد الأبلُ !!















المزيد.....

ماهكذا تورد الأبلُ !!


ياس خضير الشمخاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3819 - 2012 / 8 / 14 - 00:47
المحور: حقوق الانسان
    


ما هكذا تورد الإبلُ !!

الحراك الثقافي الذي يشهده العالم الإسلامي والعالم العربي اليوم ، أثار مخاوفا وجدلا واسعا في العديد من الأوساط الثقافية والمؤسسات التربوية ، لما يحمل هذا الحراك من متغيرات عديدة تناولت جميع مرافق الحياة ، خصوصا فيما يتعلق بالمنظومة الأخلاقية والعقائدية لتربية المجتمع ، وقد ساعد على انتشار تلك المتغيرات والنظريات الحديثة عوامل جمة كان أهمها تطور وسائل الأتصال ، الذي جعل العالم مفتوحا على مصراعيه ، مما سهل عملية التواصل والتلاقح الفكري بين المجتمعات ،
في عصر ما قبل الثورة الصناعية كانت السجالات المعرفية مقتصرة على مجموعة معينة من العلماء ، وحتى ما بعد الثورة الصناعية لم يكن هناك أنتشار واسع للمعرفة ولم يكن أنتقال سريع للمعلومة بالشكل الذي نلاحظه اليوم على المشهد الثقافي والفكري في العالم أجمع ، فما كان مقتصرا على شرائح معينة وطبقات محدودة ، أصبح مشاعا وفي متناول اليد لجميع شرائح المجتمع في خضم تلك التحولات .
وتلك مشكلة ومأزق حقيقي واجهه علماء التربية وأصحاب العقائد والحاكمين في المجتمعات المنغلقة ، إذ أنتقلت المعلومة إلى المجتمع قبل أن يفلتروها ( filtering ) أو يحجبوها عنهم كما كانوا يفعلون في السابق.
التطور العلمي والفكري ، بحد ذاته مثار قلق ورعب للأنظمة الدكتاتورية والحكومات الثيوقراطية ، إذ أنها تقف على طرفي نقيض مع أي حركة تحررية أو نهضوية تدعو لكسر قيد الجمود .
لذلك هي متهمة بعشوائية الأحكام وعدم المصداقية حتى لو كانت صادقة في طعوناتها للنظريات والأطاريح القادمة من خلف أسوار مملكتها .
وعندما تُهدم الثقة بين الحاكم والمحكوم والفقيه والمتعبد والمربي والجيل ، حتما سوف تركب الأمة موجة أخرى .
وبذا تتسع دائرة الخلاف وتصبح الهوّة عميقة بين الناس والمؤسسات التربوية والأخلاقية ويصبح كل ما بنته وحاولت تجذيره من مفاهيم وقيم خلال أربعة عشر قرنا ، تصبح نسيا منسيا في غضون سنوات قليلة إن لم تكن في شهور معدودة .
ولا تتوقف المشكلة في أزمة الثقة فحسب ، بل إن طرق وأساليب التوعية والتربية التي تعتمدها المؤسسات الدينية والأخلاقية كذلك الأسرة في تنشئة وأعداد الجيل فاشلة وغير منتجة في معظم الأحيان ، إذ أنها غالبا ما تعتمد أساليب قهرية في تطويع وترويض الأجيال مما يفقدهم الثقة والأعتداد بأنفسهم وبالتالي يصبحون إما انسحابيين غير قادرين على تحمل المسؤولية أو متمردين رافضين للواقع .
ولما كان الحال هكذا أصبحت الأجيال الحديثة تكمن تحتها نار خامدة مهيأة للأشتعال في أي لحظة ، خصوصا أذا ما أكتشفت أن طائفة من العادات والتقاليد والموروثات الأجتماعية والعقائدية التي كانت تحيطها هالة من التقديس هي مجرد وهم وزيف لايمت بصلة للفضيلة والأخلاق .
تفكك الرمز الأعلى والمتمثل بالمؤسسة الدينية وعدم أهليتها وقدرتها على مطارحة التنوير الحداثوي ، قد ترك الساحة تعج بصراعات ومشاكل أجتماعية جسيمة تجلت في نزاعات وخلافات تنوء بحملها الأسرة لوحدها ، حيث تمحورت في جدلية العلاقة بين رغبة الأبناء في التجديد وتمسك الآباء في الموروث.
ولاشك أن الكفة غير متوازنة في تلك المعركة طالما هناك نظريات ومنظرين تدعم أستقلالية الأبن وأنسلاخه عن الموروث الذي يرفض الأب أعادة قراءته وفق مستجدات العلم السوسيولوجي الحديث .
قطعا ليس من المنطق أو الحكمة أننا نقول بصلاحية وسلامة كل ماهو جديد من ممارسات أخلاقية وأجتماعية ، كذلك ليس كل ماهو قديم ومتعارف عليه من سلوك أجتماعي هو رجعي وراديكالي .
لكن في كلا الحالتين نحتاج إلى وقفة تأمل وتفاعل لا تصادم مع الحالة ، كي نستطيع بكل رويّة أن نشخص الأزمة وأسباب فشلنا في أحتواءها وإيجاد الحلول المناسبة لها وفق معطيات علمية حديثة .
وأن مثل هذا العمل يحتاج إلى تحرك جماعي وعمل مؤسساتي متكامل متناسق كي يستطيع على الأقل أن يمنح أبناءه مناعة ضد الأمراض والأوبئة الأجتماعية .
وبالتأكيد لايتم تحقيق ذلك من خلال خلق معسكرين متناحرين بين الجيل القديم والجيل الحالي ، أنما بفتح قنوات حوار جديدة وفاعلة تنم عن وعي وأحترام الرأي والأعتراف بخصوصية وأستقلالية الأجيال الحديثة وإعطائهم فرصة للتفكير والأختيار .
دون شك أن المربي يريد الوصول بالمجتمع الى الفضيلة ، لكن النوايا الحسنة لا تكفي لبلوغ الهدف ولايمكن تحقيقها وديمومة الحفاظ عليها من خلال الأوامر المباشرة ، ولا من خلال التقليد الذي يمسخ شخصية الأنسان ، بل من خلال الأبداع وتحريك المشاعر وشحذ العقل والقدرات التي يتمتع بها الكائن البشري .
لذلك يرى أفلاطون أن الفضيلة التقليدية التي تعتمد على التقليد التعبوي مجرد عمل خال من الأرادة والقناعة الحقيقية كعمل النمل أو النحل في حين أن الفضيلة التي أسماها بالفضيلة الفلسفية تقوم على التحقيق وفهم الأصل الذي قام عليه العمل الفاضل .
لذا فأن الأكراه على عمل معين بأسم الفضيلة قد يؤدي الى نتائج عكسية تماما كما يراها طائفة من المفكرين وعلماء الأجتماع أمثال جون لوك في كتاب رسالة التسامح ، أذ يعتقد بأن السلطة المدنية لاينبغي لها أن تفرض عقائد الأيمان بواسطة القانون المرئي ، سواء تعلق الأمر بالعقائد أو بأشكال عبادة الله .
وهذا مالم تفهمه المؤسسة التربوية والأخلاقية كذلك الدولة المدنية بشكل جيد في العالم العربي والأسلامي ، أذ أنها كثيرا ما عمدت على أنزال العقوبات بحق شباب ومراهقين من رعاياها ، لمجرد أعتناقهم فكرة أو رأي أو أرتدائهم زي معين يخالف العرف المألوف .
لاشك أن النظريات التربوية تختلف أهدافها وغاياتها أذ لعلها متناغمة مع متطلبات المرحلة ، فأرسطو مثلا كان بحاجة الى خلق مواطن قنوع أما Fenelon فينلون كان محتاجا لمسيحيين مثاليين وجون لوك كان يسعى لأيجاد نخب متنورّة وأبن خلدون يريد مسلما مهذبا بيد أن جان جاك روسو كان هدفه أسمى أذ أراد أن يصنع أنسان حقيقي ليس مسيحيا أو مسلما ولا مهندسا أوطبيبا ، أنما أنسان يفكر ويبدع ويختار .
والمرحلة تفرض علينا أيضا أن نختار الأسلوب الأمثل في أصلاح الفساد وأن نعيد قراءتنا في مفهومنا للأخلاق والعدل والمساواة والحرية ، بل لكل مجموعة المعارف التي نمتلكها ، وجزمنا بأنها مقدسة في يوم ما .
أّن أي نشاط يهدف الى ترسيخ الفضيلة والقيم النبيلة لاشك هو محط أهتمام وترحيب العقلاء والفضلاء والمفكرين ، لكن ليس عن طريق الأذلال والتعذيب وليس من خلال قطع الرؤوس وتحطيمها بحجر الأسمنت ،
وعلى من يستخدمون العنف أن يفهموا ، ماهكذا توردُ الأبلُ !! .
ياس خضير الشمخاوي
رئيس منظمة حوار الديانات



#ياس_خضير_الشمخاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا يادولة الثعالب !!؟؟
- سمير أميس ... ياعشقا أزليا
- آخر محطات العمر
- قافلة المنايا
- الجامعة العراقية
- الى متى يبقى الوزير على التلّ ؟


المزيد.....




- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...
- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس
- خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة تعود لمهاجرين حاولوا العبور ...
- العراق.. إعدام 11 مدانا بالإرهاب في -سجن الحوت-
- السعودية ترحب بالتقرير الأممي حول الاتهامات الإسرائيلية بحق ...
- -العفو الدولية-: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريك ...
- صحيفتان بريطانيتان: قانون ترحيل اللاجئين لرواندا سيئ وفظيع
- قبالة جربة.. تونس تنتشل 14 جثة لمهاجرين غير شرعيين


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ياس خضير الشمخاوي - ماهكذا تورد الأبلُ !!