أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد حسن عبد الحافظ - في المرحلة الانتقالية














المزيد.....

في المرحلة الانتقالية


محمد حسن عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 3819 - 2012 / 8 / 14 - 09:36
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تمثل نظرات باولو فريري (1921 - 1997) وملاحظاته التي قدمها بوصفها استشرافًا للثورات الشعبية في بلدان أمريكا الجنوبية درسًا عميقًا إذا ما وعتها الثورات والانتفاضات الشعبية التي هبت على البلدان العربية منذ مطلع عام 2011، بعد عقود عجاف. حين تحدث عن المرحلة الانتقالية بُعَيد اندلاع الثورة الشعبية، وعن تأثير الحاسم للثقافة فيها، حيث يرى المرحلة الانتقالية مرحلة جديدة للوعي الشعبي، لكنها تتراوح بين ثلاثة مستويات للانتقال:
المستوى الأول: "الانتقال الساذج" حيث تنجح نخبة النظام السابق ودعاته في البقاء والتلاعب بالجماهير. ويمثل "الدين" إحدى الوسائل التي تستخدمها النخبة السلطوية ودعاتها للتلاعب بالجماهير، فهو نوع لا يمكن إنكاره من الأفيون السياسي الذي لا يحافظ على سذاجة الوعي المنبعث فحسب، بل أيضًا على أن يظل الشعب معتادًا على أن يُوجَّه، وبقدر ما يستغل الفكر الديني السياسي احتجاج الجماهير ومطالبها، بقدر ما يسارع من عملية اكتشاف الجماهير للواقع المتناقض، بما فيه تناقض الفكر الديني نفسه. ويضرب فريري بوضعية الفلاحين في البرازيل مثالاً على الانتقال الساذج بعد اندلاع الثورة، حيث لم تكن المناطق الريفية قد تأثرت بالنهوض الذي أثارته التصدعات التي أصابت المجتمع، فظلت واقعة تحت هيمنة القيادات السياسية وإدارتها. ومذعنة إلى الوعي الجامد الذي يعدم امتلاك مغامرة الخوض في غمار الواقع الجديد رغم أنه يدركه! (ربما تتشابه وضعية بعض المناطق الريفية المصرية - في الصعيد والدلتا - مع هذه الحالة بعد اندلاع ثورة 25 يناير، ذلك لأن جزءًا مهمًا من النظام السابق يمتلك جزءًا مهمًا كذلك من الحيازات الزراعية، فضلاً عن انتمائه إلى كيانات قبليَّة وعائلية كبرى).
لكن لا بد من أن نسوق هنا استدراكًا مهمًا على مستوى الانتقال الساذج، يفتتح مستوى آخر للانتقال يتسم بـ "الصراع"، حيث إن انبثاق الوعي الشعبي، بالرغم من كونه لا يزال مهيمَنًا عليه ولا يزال معبرًا عن ثقافة السكوت، يمثل – في الوقت نفسه – تطورًا في وعي النخبة السلطوية، إذ لن يوجد في بنية الهيمنة مكان لسكوت الجماهير الشعبية إلا بوجود نخب سلطة تسكتها، كما أنه لا وجود لنخبة سلطة بدون جماهير. وبالضبط، فكما هناك لحظة مفاجأة بين الجماهير الصامتة بعد اندلاع الثورة عندما تتهيأ – ولو بالصمت - لرؤية ما لم تكن تراه قبلاً، فهناك كذلك مفاجأة مماثلة بين النخب السلطوية عندما تجد نفسها وقد عرَّتها الجماهير. هذا الكشف المزدوج إنما يثير القلق في كلٍّ من الجماهير ونخب السلطة، فالجماهير تصبح مدفوعة إلى الاشتياق إلى الحرية وإلى هزيمة صمتها الذي لا يفارقها، بينما تشتاق النخب بدورها إلى "بقاء الوضع الراهن" بأن تسمح بتحولات سطحية لا غير مُصَمَّمَة لإعاقة أي تغيير فعلي لسلطتهم في تغيير ذواتهم.
ويتحقق المستوى الثالث بنهوض شعبي حقيقي من السكوت، عبر عملية دينامية تظهر خلالها التناقضات على السطح، لتثير الصراعات التي يصبح فيها الوعي الشعبي مطلبيًّا أكثر فأكثر، مسببة حذرًا أكبر فأكبر في روع النخب، ويتحفز الانتقال التاريخي إلى الحدة، فتنخرط جماعات المثقفين والطلاب المنتمين في الواقع الاجتماعي مع نزوعها إلى نبذ المبادرات (المخططات) الخارجية والحلول الجاهزة سلفًا، وتكف الفنون تدريجيًّا عن أن تكون محض تعبير عن الحياة السهلة للبرجوازية المرفهة، وتشرع في البحث عن إلهامها في حياة الشعب الشاقة. وكلما تكثَّفت المرحلة الانتقالية، ركزت هذه المجموعات النشطة بؤرتها أكثر فأكثر على واقعها الوطني لكي تعرفه وتبتدع الوسائل التي تهزم بها حالة التبعية والهيمنة والسيطرة التي يرزح تحتها المجتمع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محمد حسن عبد الحافظ، مدنيَّة الثقافة ومرجعيتها الشعبية، القاهرة، أكتوبر 2011.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



#محمد_حسن_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الأصولية والأصوليين
- في انتظار القطار
- في الاحتجاج بالجسد
- في تناسل المقدس
- رسالة إلى شباب مصر على الفيس بوك
- رسالة إلى الرئيس مرسي العياط
- مناسك 5
- مناسك 4
- مناسك 3
- مناسك 2
- لعبة الغولة - النص الفائز بجائزة الشارقة للإبداع العربي 2010
- شفرة كورين
- حوار مع محمد حسن عبد الحافظ
- الحرية للصغيرة الطيبة طل الملوحي
- مسألة الثقافة الشعبية بين أنطونيو جرامشي وبيير بورديو
- طريق الهلالية : رحلة الجزائر
- هل الهلالية سيرة نسوية؟
- جماليات الكتابة القصصية: قصة الطفل نموذجًا
- مناسك 1
- تراث في طريق الزوال


المزيد.....




- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد حسن عبد الحافظ - في المرحلة الانتقالية