أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - مجاهد عبدالمتعالي - عقل الطفل يعري السياسة















المزيد.....

عقل الطفل يعري السياسة


مجاهد عبدالمتعالي
كاتب وباحث

(Mujahid Abdulmotaaly)


الحوار المتمدن-العدد: 3818 - 2012 / 8 / 13 - 23:09
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


الفهم السياسي لا يحتاج إلى كثير مهارة وإطلاع على الأحداث، بقدر احتياجه إلى عقل طفل... نعم عقل طفل، فأغلب ما نقرأه من تحليلات سياسية يحمل في ثناياه أسلوباً سياسياً في الطرح ذاته، وفي اللغة المستخدمة للحديث عنه، مما يجعل المتلقي يعيش حالة الدور، بين الحدث السياسي المقصود وبين التحليل السياسي المراوغ في بنيته المكتوبة، ليصبح جزء من الممارسة السياسية نفسها.
ومن أمثلة ذلك: تحليل سياسي موجه ذا مضامين تعبوية، كما كان يحصل من غوبلز في سياسة خطاب المانيا الإعلامي، أو كما حصل من قِبَل بعض وسائل الإعلام العربية، التي كان يهدر فيها بعربية لكناء (عبد رب الرسول سياف) ليقرأ لنا وضع الجهاد الأفغاني، فيخفت صوت الحقيقة، الذي يوضح لنا بحث أمريكا لمرتزقة ينوبون عنها في قطع يد الاتحاد السوفياتي هناك، فيصبح الجهاد ضد السوفييت في بلاد الأفغان واجباً، ولكنه ضد الجيش الأمريكي في بلاد العرب محرماً، وضد إسرائيل ممنوع!!.
أو تحليل سياسي يعيش العمى الأيديولوجي الخاص كما نرى في تحليلات بعض الإسلاميين، والتي أسماها أحد مفكري مدرستهم بـ"التحليل العقدي" لتسمع قرع العصا كالمستبصرين بها يمينا وشمالاً بحثاً عن نص من السلف، يُكشَف به مستقبل الخلف!!، ليتحول التحليل إلى إسقاطات عمياء لأدبيات الملاحم الشعبية، والعمى الأيديولوجي لم تسلم منه حتى المدرسة الماركسية في أطروحات بعض المنتسبين إليها في الوطن العربي، عندما يتحدثون عن طبقة العمال، في بلاد لم تلمس حدود النهضة الصناعية عدا أن تدَّعيها؛ هذا لا ينفي أزمة الحقوق الإنسانية لأي كادر بشري، ولكن دون الحاجة لتوصيفات يضيق عنها الواقع كثيراً.
أو تحليل سياسي ضاع في تبجيليته الساذجة... نعم التبجيلية الساذجة التي تعيد إلى ذهني حكاية العبد (أبو سنين) في جبل قيس برجال المع عندما قال لسيده وشيخ قبيلته، أثناء مقاومة العثمانيين، قال: يا سيدي (الحِجل يفدا الرجل)، ليدخل العبد المسكين مدى الرماية للعثمانيين، فتصيبه رصاصة قاتلة، متناسياً أن اللوم يقع على سيده وشيخ قبيلته في عدم تحري مدى نيران العدو، بدلاً من وضع المستعبدين ميداناً للتجربة، وعليه قِس في هذا العصر عشرات المقالات السياسية التي تبجل قيادتها بطريقة فجة تعيد إلى ذاكرتك هذا النوع من الولاء، الذي يُخرِج الفرد من صفة الإنسان القويم إلى وصف الأعرابي في قصيدته عن الوفاء وقرَّاع الخطوب.
الفهم السياسي، بل الرؤية للواقع السياسي واستقراءه بشكل حقيقي يحتاج إلى (عقل طفل) نعم عقل طفل يسمى الأشياء بأسمائها الحقيقية، فَعِلم الأسماء أهَّل آدم لتسجد له الملائكة، هذا كل ما يحتاجه الأمر، دون اصطناع نخبوية فجة تحلل لنا واقع السلطة السياسية الذي تشرب معه نخب استغفالنا ليلاً!!.
ما نضيفه إلى عقل الطفل هو أوليَّات علم المكر/ السياسة، ليخرج لنا بفهم سياسي/غير ماكر وواقعي واستشرافي مذهل، فما نعانيه حالياً هو إشغال الشعوب بتمايزات ليس لها قيمة، ولكنها تؤثر فعلياً في إمكانات تقييمهم لوضعهم الخاص، بله أوضاع أوطانهم، ولهذا ذكر القرآن الكريم حكايةً لها رمزيتها العميقة عن (دابة الأرض والمنسأة) والتي لن يدركها سوى من حافظ على عقل الطفل داخل جمجمته، دون أن يستبدله بمخرجات المدارس والجامعات، والتي تجعلنا نصدق أن لبس الوشاح وتعليق الأوسمة دلالة حقيقية على الشئ، بقدر ما هي سراب الاعتراف الاجتماعي، الذي قد يصنعه المال، وقد تصنعه السلطة، ولكنه لا يعني شئ في مجتمع آخر، أو زمن آخر، كما حصل مع كل أوسمة صدام حسين، أو وشاح التخرج من كلية الاقتصاد بجامعة لندن لسيف الإسلام القذافي، والعكس صحيح، كما في لبس ملابس السجن للمنصف المرزوقي، فكل هذه التحولات التي يظنها الناس تحولات كبرى، إن هي على مستوى الزمن إلا حبة رمل صغيرة في إعصار التاريخ، وخصوصاً عندما نعلم أنه في القرن التاسع الميلادي/الثالث الهجري (أحد ملوك الفرنجة صاحب برشلونه يلغي زواجه بتوجيهٍ من الناصر خليفة قرطبة، ولا يسعه إلا التنفيذ).
عقل الطفل الذي نحتاجه يتجاوز كل هذه السذاجة السياسية، فأوروبا التي كانت تستشعر أوهامها الخاصة في الحرب العالمية الثانية، وترسانة محلليها الوطنيين، اكتشفت أن حروبها بملايين الجثث، مع كومة محلليها الخردة بعد انتهاء الحرب، لا تساوي إمكانات المآل لفكرة التعايش الذي عادوا إليه رغم اختلاف اللغة والمذهب والعرق والثقافة والتاريخ، ليصنعوا اتحادهم الأوروبي الخاص.
إن كان التحليل السياسي هدفه إيضاح الحقيقة، لينبني عليها تغيير حقيقي، فلا مناص من الفهم بعقل طفل، وإن كان التحليل السياسي هدفه تزيين الواقع في عين السلطة، فتلك خيانة وطنية، فما بالنا إن كان القرار السياسي يعاني العته والفجاجة المصيرية، كقرار الحرب مثلاً، لنجد أن أي تحليل يعارضه يصبح خيانة وطنية، وبعد ثمان سنوات حرب بين العراق وإيران وملايين الجثث، يكتشف المخوِّن لمن يعارضه أن الناصح الوحيد الحقيقي له، هو من كان يقول له: توقف عن الحرب.
كل هذه المقدمة من جل ما نراه حولنا، فالجيش المصري، وقبله التونسي التزما المهنية في عملهما، فالمهام المهنية للجيش تختلف عن الوظيفية، فالجيش مهنياً مشغول بهزيمة العدو الخارجي، لا بهزيمة الشعب، وهذا ما نسميه (شرف المهنة) ولكنه وظيفيا قد يفعل كما في ليبيا سابقاً وسوريا حالياً، (الوَظِيفةُ من كل شيء: ما يُقدَّر له في كل يوم من رِزق أَو طعام أَو علَف أَو شَراب، وجمعها الوَظائف والوُظُف)، وتعني عند المرتزق: من يمنح المال لي فأنا أجيره بغض النظر عن نوع العمل، ليتحول الجيش من حالة رمزية وكيان اعتباري لحماية الدولة من العدو الخارجي، إلى أفرادٍ مرتزقة يقتلون شعبهم بدم بارد، يتجاوز برودتهم في التعامل مع العدو الذي يعاملونه وفق معاهدة جنيف!، وكل ذلك بحجة الرواتب المصروفة من السلطة!!.
(شرف المهنة) مصطلح يمتد إلى الصحافة، ويُقصَد به (شرف المهنة) وفق المعايير العالمية للعالم الأول، وليس (شرف المهنة) بمقاييس السلطة في الوطن العربي، لنرى التغطية الإعلامية مثلاً على محاكمة سجناء الرأي والسياسة، وهي تحمل "مانشيتاً واحداً" مضمونه: حكمٌ ضد المتهمين في المحكمة قبل أن يصدر الحكم!!، وتبرير للسلطة التنفيذية أفعالها قبل أن تفصل في ذلك السلطة القضائية!!!، مع ما يستتبعه من ظواهر تعود لتأخُّر السلطة التشريعية في مواكبة تشريعاتها للاتفاقيات الحقوقية الأممية التي وقعتها الدولة وصادقت عليها.
طبعاً لن نتحدث عن (شرف المهنة) لدى (رجال الدين)، فالدين الحقيقي لم يكن مهنةً في يوم من الأيام، وامتهانه يخبرك عن أي دين تعتنقه الشعوب.... دين الله أم دين السلطان؟! ليعتنق بعض المسلمين حُجَّة الكفار مع أصنامهم، فتصبح طاعته مما يقربهم إلى الله زلفى، فيستوي بذلك عُبَّاد القبور، مع عُبَّاد القصور، ويبقى بيت الله مهوى للأفئدة الحرَّة.
"عقل الطفل" هو الذي استطاع تجاوز حجب (السلطة الكاريزمية واستعداد الناس لتصديق كل ما يزعمه صاحب السلطة، أو يُزعَم له، من خلال حكاية "ثياب الإمبراطور الجديدة" وهي تروي لنا دَجَّالين ينسجان للإمبراطور رداءً غالي الثمن، لن يراه إلا الأخيار والمخلصون، وبما أن وظيفة القماش الخيالي أن يكون أداة الاختبار، يستولي الرعب على الناس، فيسلكون كأنهم لا يلاحظون عُرِيّ الإمبراطور، ولكن يظهر فجأة في الحكاية طفل ويصيح "ولكنه عارٍ من الثياب تماماً").
الشياطين دلَّتها دابة الأرض على موته، فالشياطين رغم شيطنتها، ولشيطنتها فقط، تتأخر في الفهم دااائماً، وتبقى على جهلها، لأنها عاشت مخلصة لمفاهيمها الشيطانية التي تسمى (غرائز البقاء)، ولم تشغل نفسها بقيم الإنسانية التي تسمى (كرامة، حرية، عدالة) والعقلاء يُسَيّرُون حياتهم باعتدال، على صراطٍ عن يمينه انتهازي وغد، وعن يساره بطلٌ شهيد، والأوغاد لهم حياتهم مع الزهايمر، والشهداء لهم الخلود مع التاريخ، والعاقل يسدد.. يقارب، مع الغدو والرواح، والقصد.. القصد، فكلٌ ميسر لما خُلِق له.
ختاماً... قد يَرِد تساؤل: ولماذا تكتب بهذه الطريقة إذاً: فأشير بيدي أن لا إجابة عندي، وأنا أتأمل في "روح الشرائع" لمونتسكيو ج1 ص 115رافعاً صوتي بالقراءة: (الناس كلهم متساوون في الحكومة الجمهورية، وهم متساوون في الحكومة المستبدة، هم متساوون في الأولى لأنهم كل شئ فيها، وهم متساوون في الثانية لأنهم ليسوا شيئاً فيها).



#مجاهد_عبدالمتعالي (هاشتاغ)       Mujahid_Abdulmotaaly#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجتمع يجتر الجيفة
- دمج المقدس بالحداثي في برامج رمضان
- المثقف... قصيدة أم نظم؟!
- ثوابت الأمة أم ثوابت الرعب؟!
- الشيعة من كلية الشريعة إلى نجران
- الشيخ الحصين وحرية التعبير... هل عليها قيود في السعودية
- الإيمان في حالة قلق
- الغذاميون الجدد... دونكيشوتات ما بعد -حكاية الحداثة-
- العقل وتبرير الجبناء
- الثورة بين إدارة الشعور وإرادة الشعوب
- عابرون في تزييف عابر
- الجزيرة العربية ليست إيران
- التساؤلات اللزجة ضد ثورة الياسمين
- الغثيان بين السدنة والكهنة


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - مجاهد عبدالمتعالي - عقل الطفل يعري السياسة