أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - شوان نافع خورشيد - الاخلاق والحضارة















المزيد.....



الاخلاق والحضارة


شوان نافع خورشيد

الحوار المتمدن-العدد: 3818 - 2012 / 8 / 13 - 15:08
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الاخلاق والحضارة
فهم الاخلاق من منظور نظرية النشوء والارتقاء كمدخل لفهم الحضارة والسياسة والتاريخ
شوان نافع خورشيد

ان دلائل كثيرة تشير الى ان الانسان قد تطور من حيوانات اخرى .نعرف هذا ليس فقط استنادا على نظرية داروين ولكن لجملة اسباب اخرى منها وجود المتحجرات التي تدل على حصول التطور: وجود تشابه هائل بين الحيوانات من جميع النواحى التشريحية والفسلجية والعصبية وحتى السلوكية (وهذا ليس مثيرا للاستغراب، فجينات جميع الكائنات الحية لها نفس التركيب الكيمياوي): ويعتمد تشابه الجينات لدى الكائنات الحية المختلفة على الفترة التي انفصلت اسلاف تلك الكائنات عن بعضها البعض. فجينات الاحياء التي انفصلت اسلافها حديثا تتشابه كثيرا والعكس بالعكس. ومن هنا فحقيقة تشابه الانسان مع القرود وتصنيفه مع القرود العليا يعكس وجود تشابه 98% من جيناتنا مع ما للشامبانزي و97% مع ما للغوريلا.
في الحقيقة ان داروين لم يكن هو اول من خطرت له فكرة التطور فقد اعتقد الفيلسوف اليوناني القديم اناكزياماندر (611-547 قبل الميلاد) بان الاحياء جميعهاكانت مرتبطة ببعضها البعض وتغيرت مع مرور الزمن. وارسطو طاليس طرح فكرة ان الوجود يبدأ مع المواد غير الحية ويتوج بالانسان. الا ان جان بابتيست لامارك قد اصاغ نظرية حاول فيه تفسير كيفية حدوث التطور. واقترح بان الخصائص البيولوجية او السلوكية يمكن ان تكتسب او تفقد اعتمادا على مدى استعمال الخاصية. الا ان نظرية لامارك لم تفسر التطور على اساس عوامل طبيعية. اذ ان نظريته كانت بحاجة الى تدخل قوى فوق طبيعية لكي يؤتى بخاصية معينة عندما تظهر الحاجة اليها، مثلا رقبة اطول للحيوان الذي يحاول اكل اوراق الاشجار العالية.
ما ميز نظرية داروين هو اعتمادها على نظرية الانتقاء الطبيعى لتفسير الاختلاف والتشابه بين الكائنات. فكرة النظرية، باختصار: هي ان الصراع والمنافسة على الغذاء والجنس تجعل بقاء الجميع مستحيلا وعليه فالكائن الذي يبقى هو ذلك الذي يكون قادرا على المنافسة بسبب امتلاكه لخصائص تعطيه تفوقا في شئ ما. اي ان الطبيعة او المنافسة في الطبيعة بالاحرى هي التي تنتقي الخصائص. ولكن ليس الخصائص المكتسبة عن طريق التعلم بل فقط تلك التي تستند على الجينات لكي تظهر. وهذا يعني ان ما يستمر في البقاء هي الجينات التي تعطي شفرات للخصائص المتفوقة. هذه فكرة منطقية وسهلة وبديهية الى ابعد الحدود ولا تحتاج الى عامل غير طبيعي للتفسير. فحتى الانسان يمارس انتقاء خصائص معينة فى الحيوانات والنباتات الداجنة اي ان الانسان يجري انتقاء اصطناعيا مقابل الانتقاء الطبيعي، لا بل ذهب الانسان الى ابعد من هذا، فمعرفة الجينات المسؤولة عن خصائص ما اتاح امكانية نقل تلك الجينات من كائن وزرعه في كائن اخر. اي ان الانسان اصبح, بفضل هندسة الجينات, قادرا على انتقاء الجينات مباشرة.
اذن فان ما يستغرب له هو ليس قبول النظرية وانما رفضها في الوقت الحاضر. فزيارة واحدة الى متاحف الطبيعة او اكتساب القليل من المعرفة حول الاحفوريات او الجينات وعلم الاحياء يكفي لتبديد معظم الشكوك. ونظرية التطور نظرية يمكن تفنيدها بسهولة ان لم تكن صحيحة. فاذا وجدنا في الاحفوريات دليل بان اللبائن، على سبيل المثال، ظهر الي الوجود مع ظهور الاسماك او قبلها فان النظرية ستفند مباشرة وكليا.
ان سهولة استنتاج هذه النظرية كانت وراء الحقيقة ان ثلاثة اخرون، غير داروين، توصلوا الى نفس النظرية. اثنان منهم سبقاه اليها وهؤلاء هم شارلز ولز و باتريك ماثيوس. وتزامن معه احدهم وهو الفرد راسل والس . وهذا يشير الى ان المناخ الفكري والعلمي في بريطانيا والذي كان قد جعل المئات من الاكتشافات العلمية والتكنولوجية ممكنة, قد مهد ايضا للتوصل الي اكتشاف نظرية التطور.
ما يجعل نظرية التطور حالة خاصة هو ابعادها وتبعاتها الفلسفية والسياسية والاخلاقية الشائكة. فهي تناقض قصص الاديان ولذلك فمجرد وجودها يشكل خطرا على الديانات والمصالح المرتبطة بها. وهناك من يقلق من تبعات النظرية على الاخلاق وان لم يكونوا مكترثين بالدين كثيرا. وهذا له ما يبرره الى حد ما وهي النقطة التي ستكون محط اهتمامي في هذه المقالة.
***
بالرغم من كل اوجه الشبه لا يمكن انكار اختلاف الانسان عن بقية الحيوانات. الاختلاف ليس كليا بالطبع ولكنه كبير الى حد الذي يجعل الانسان قادرا على بناء حضارة على عكس بقية الحيوانات بما في ذلك اقرب اقربائنا، الشمبانزي والبونوبو (قرد يشبه الشمبانزي ايضا). فما هو ذلك الاختلاف؟
مقارنة بسيطة بيننا وبين القرود العليا قد تجعلنا نستنتج باننا اكثر ذكاء، لنا القابلية على الكلام والمشي بقامة منتصبة وايادي مناسبة للعمل ونعيش في مجاميع كبيرة. ولكن اي من هذه الخصائص او مجموعة الخصائص هي الحاسمة بحيث نستطيع ان نشخص فعالياتها ونتمكن في تلمس وتتبع تاثيراتها عبر خطوات منطقية وصولا الى تفسير الظواهر المعقدة الخاصة المرتبطة بالانسان، مثل السياسة, الثقافة وخاصة الاخلاق، التي هي موضع تركيزي هنا؟
ان السؤال حول "ماذا يجعل الانسان مميزا؟", و"كيف تتفاعل الخاصية المميزة للانسان بحيث تجعل من العديد من الظواهر ممكنة للانسان وغير ممكنة لغيره؟", ليس بشئ جديد. فمعظم النظريات التي اقترحت حلولا للمشاكل السياسية احتوت فعلا على نظرية للطبيعة البشرية. ولقد اعتقد معظم الفلاسفة الاقدمون بان العقل هو تلك الميزة الحاسمة. والاسباب مبررة. فالعقل على اقل تقدير، هو وسيلة للمعرفة ومصدر للذكاء. وبناء على هذه الملاحظة الاولية كان الفلاسفة يتكهنون بادوار اكثر تميزا للعقل. فلقد اعتقد الفلاسفة اليونانيون القدماء بان العقل هو مصدر الاخلاق. اذ ان سقراط اعتقد (كما عبر عنه في كتاب افلاطون إيوثيفرو) ان العمل الجيد (اخلاقيا) هو كذلك ليس لانه اقر من قبل الله، بل لانه ينفع الناس و يجعلهم اكثر سعادة. وهذا يعني قناعته بان الاخلاق تتأتى عن طريق التفكير في الحياة نفسها. الا ان الاقدمين لم يتبنوا نفس بديهيات العصر الحالي المتأثرة بتطور العلوم. فقد اعتقد افلاطون باننا نتكون من شيئين مختلفين، المادة والروح. العقل يشكل جزء من الروح وهذه خالدة. وحتى ان ارسطو اعتقد بان الغرض من وجود الانسان هو ان يعيش حياة عقلانية لان العقل هو ما يميزه. لكن مثل هذه الافتراضات لا تجد قبولا واسعا من المطلعين في هذه الايام. فحتى في القرن السابع عشر شبه ثوماس هوبز الانسان بالماكنة ولم يرى للعقل وظيفة غير خدمة المصالح الفردية. وحتى عندما جادل هوبز في سبيل نظام سياسي يرضخ له الكل فانه جادل من منطلق ان المصلحة الشخصية لكل فرد تقتضي ذلك. رأى هوبز في الانسان مخلوقا انانيا ومتخوفا ميال للمنافسة والصراع والحرب. ويعزى تلك النظرة المتشائمة الى معايشته للاحداث السياسية الدموية التي شهدتها بريطانيا انذاك. الا انه ابتداء من جان جاك روسو فان الفلاسفة الغربيين اصبحوا يتحولون عن العقل الى العواطف. فقد اعتقد روسو بان الانسان يمتلك ما اسماه الارادة الحرة التي تربطه بالتمسك بالاخلاق. وحذا إيمانويل كانت حذوه تقريبا ولكنه عزى الارادة للعقل الذي اوكل اليه دور المشرع الكوني. ولكن التحول من العقل كمصدر للاخلاق الى العواطف او الارادة لم يتوقف عند هذا. فالذين يسمحون لنظرية التطور الحديثة ان تصبغ نظرتهم للحياة سوف يعتقدون بان وظيفة العقل يجب ان تكون خدمة مصالح الجسد الذي يحمله بطريقة مباشرة والجينات التي اصدرت الايعازات لبنائه. فالمركبة (الجسد بما فيه العقل) التي لا تأبه بصانعيها وركابها (الجينات) قد لا تتمكن من ايصالهم الى محطة المقبلة (محطة التزاوج والرعاية) حيث امكانية صناعة مركبة بديلة وجديدة (بواسطةالتناسل) فان جيناتها قد تنتهي معها.
يجدر بنا ان نتذكر الموقف العام الحالى للفلاسفة بخصوص العلاقة بين العقل والاخلاق. وهذا ما يلخصه مانويل دفنبورت، فيقول بداية مع الاغريق، "كان الفلاسفة الغربيين يقولون بان مصدر الاخلاق هو العقل فقط، بعد ذلك قدموا الحجج بان المصدر لابد ان يكون مزيجا من العقل والارادة، وفي الاونة الاخيرة صاروا لايرون لها مصدرا غير الارادة اللاعقلانية." ولكن ماذا لو كانت ارادة شخص ما لا تتعدى غير مصالحه وملذاته؟ ايكون بمقدورنا ان نقول بانه اخطأ في اي شئ؟
استنادا على التفكير الاخلاقي العلماني السائد لايسعنا ان نجد اي معيار خارج اطار الانسان لندين اي فعل كخاطئ بشكل مطلق. لقد شخص ديفيد هيوم هذه المسألة، اذ يقول: "خذ اي عمل اعتبر شريرا: قتل متعمد، على سبيل المثال، تفحصه في كل الاضواء، وانظر ان كنت ترى المادة الواقعية، او الوجود الواقعي للشئ الذي تسميه الشر. بغض النظر عن زوايا النظر، ما ستجده هو مشاعر معينة، دوافع، ارادات وافكار. ليس هناك مادة حقيقية في المسألة". اذن ان لم تكن هناك وجود موضوعي لما هو شرير او لما هو خير خارج المشاعر او الافكار فهل ستبقى للاخلاق اية سلطة؟ واذا لم يكن هناك مقياس موضوعي للاخلاق فكيف يمكن تجنب النسبية الاخلاقية. النسبية قد تجعل من بطل ثقافة معينة مجرما في اطار منظومة اخلاقية اخرى. ولنتذكر بان اضطهاد النساء والتي قد تؤدي الى قتل النساء او دفعهن الى قتل انفسهن يتم في اطار سجال اخلاقي بان لايجوز للمراة ان تتبرج وتتزين او تخرج الى خارج البيت او ترتبط مع الاخرين حسب اختيارها هي بل يجب ان يكون لها ولي امر من الذكور حتى اذا كانت هي اكبر سنا او اكثر حكمة منه. اذن فسيرى الرجل نفسه محقا في تحديد حرية المراة ولهذا فلا يعترض عليه .اما الثقافة الاوربية فانها سترى نفس الشخص مجرما.
***
ولكن بالرغم من كل الظواهر السلبية المرتبطة بالاديان فان الاخفاق في ايجاد مرتكز موضوعي للاخلاق يعطي مبررا لرجال الدين الذين يؤكدون بان الالتزام الاخلاقي يحتاج الى الايمان بالله والا فانه سوف يفقد المصداقية. ولذلك فانهم يدينون الالحاد على انه خطر على الاخلاق. وفعلا طرح ثوماس مور مثل هذه الفكرة بوضوح. لم يكن مور كشخصية انسانية اهوجا او مصلحيا، بل لربما يعتبر مثالا للانسان المبدئي النبيل. كان من ارفع مساعدي الملك البريطانى هنري الثامن، الا ان ذلك لم يمنعه من التمرد عليه ورفض الاعتراف بشرعية طلاق الملك وشرعية انشقاقه على البابا ولذلك فقد اعدمه في سنة 1535.ان مور يعتبر من الاشتراكين الاوائل في الغرب. فروايته اليوتوبيا تحكي لنا عن بلد خيالي (يسميه يوتوبيا). هذا البلد خال من الملكية الخاصة وهو يوفر التعليم للجميع نساء ورجال، واهله متسامحون مع كل الديانات عدا الذين ينكرون بقاء الروح بعد الموت ولا يعتقدون بوجود الرب (وبالرغم من ان اهل يوتوبيا لا يرغمون الملحدين على التخلى عن معتقاداتهم ولا يعرضونهم للعنف، الا انهم يعتقدون بان من لا يؤمن بالله لايؤتمن له, لانه لا يعترف باية سلطة اعلى من نفسه ولذلك فقد يفعل ما يحلو له لو اعتقد بان مصالحه لاتتضرر نتيجة ذلك. فدوافعه هي المصالح والخوف وليس اي شئ انبل.
الا ان العلمانين مع عدم اعتقادهم بوجود شئ كوني يحدد الاخلاق يعتقدون بوجود اسس اخرى للاخلاق نابعة من الطبيعة البشرية نفسها. فدفنبورت (الذي اقتبسنا منه اعلاه) مع الكثير من المعاصرين من علماء البيولوجيا مثل ريتشارد دوكينز، والاعصاب مثل انتونيو داماسيو والفلاسفة مثل ريتشارد رورتي يعتقدون بان الانسان يولد بالفطرة وله قابلية اخلاقية وهم يتفقون مع ديفيد هيوم بان كل ما يحتاجه معظمنا هو التربية الصحيحة وزرع المشاعر الصحيحة ليسلك سلوكا صحيحا. فلربما نلاقي الرقة والامانة والصدق في التعامل والاستعداد للمساعدة بنسب اكبر في الغرب الذي يسمونه الكافر بالمقارنة مع الشرق الاوسط المؤمن. وريتشارد دوكينز بالتحديد يعرض في كتابه "الله الوهم" بيانات تشير بان الولايات الاكثر تدينا في الولايات المتحدة هي التي تعاني من مشاكل اخلاقية اكثر حدة بالمقارنة، والتي تتجلى في مختلف الجرائم. ولربما نستطيع رد الاخفاق الاخلاقي للمتدينين الى الحقيقة ان الدينيون يلتزمون بالاخلاق من منطلق مخافة او حب الله وهذا يعرضهم لزلات اخلاقية اكثر من غيرهم عندما تتملكهم دوافع لايستطيعون كبحها او يتعرضون الى ضعف الايمان لسبب من الاسباب. واما الشخص غير المتدين فهو يبنى قناعاته الاخلاقية على مديات طويلة من الزمن من خلال محاوراته المستمرة مع نفسه والاخرين ومن خلال ادراكه بضرورة الاخلاق للمجتمع. وفعلا فان جزء من مثل هذه الحوارات تطفو الي سطح وسائل الاعلام والكتب وهذا هو السبب لوجود آلاف من المختصين الذين يجهدون انفسهم في البحث والتنظير في الامور الاخلاقية، وهذه الخلفية قد تفسر لنا رسوخ الاخلاقيات العلمانية بالمقارنة مع الدينية التي تتزعزع بسهولة عندما يهتز الايمان او يظن المؤمن بان ربه سيكون متساهلا معه ازاء الهفوات الصغيرة.
***
ولكن ما قيل لحد الان لايمكن اعتباره حسما للجدال مع الدينين. فالامور ليست بالسهولة والا لكان الامريكان قد تخلوا عن الدين. ان من يقف في مواجهتك في سجال سوف لن يقرأ البيانات حسبما تريده انت او حتى حسب ما هو موجود. لن يكفينا ان نقول "ان الله قد مات" كما فعل نيتشه قبل 130 عاما (على الاغلب بسبب تأثير داروين). ولن يكفينا حتى الحامض الكونى الذي وكما يقول دانييل دنيت، قد سكبه داروين على العالم ليهري ويذيب اسس كل الافكار والمعتقدات الراسخة والمتوارثة القديمة. وسوف لن تكون كافية حتى الاشارة الى كل النواقص في اخلاقيات الديانات.
فلناخذ الدين الاسلامي على سبيل المثال. فهذا الدين يسمح بضرب النساء، وباخذ الانفال، وبتعدد الزوجات، وانكار حرية المعتقد بما فيه الحرية الدينية ويمنع اتباعه من التحول عن الاسلام ويوعز بمعاملة حتى "اهل الكتب" باحتقار والازدراء. ومن باب الاتيان باعتراضات اخرى يمكن لبعضنا ان يذكر محاوره المتدين بان هناك نقاط اخرى لم تنل ما تستحقها من الاهتمام، احدها هي مسألة عدم وجود احكام التى بوسعها ان تجعل من الاسلام نظاما سياسيا مسالما وامنا. فالاسلام لم يعلم بالديمقراطية لكي يتمكن من حسم الصراع على السلطة بشكل سلمي و خلاق. ولذلك فتأريخ صدر الاسلام ملئ بقتل المسلمين للمسلمين عدا قتل غير المسلمين، فثلاثة من اربعة خلفاء راشدين قتلوا، اثنان (عثمان بن عفان، وعلي بن ابي طالب) على ايد اسلامية محققة. اثنان من العشرة المبشرة بالجنة (وهؤلاء يفترض بهم بان كانوا من خيرة المسلمين واعلمهم بامور الدين) طلحة بن زبير، وزبير بن عوام قتلا في معركة ضد علي. والقتل طال حتى الحسن والحسين ابني على بن ابي طالب وحفيدي محمد. ولم تتوقف المذابح منذ ذلك الوقت ولا يحتمل ان تتوقف. فها هو الصومال، افغانستان، العراق، ومصر وباكستان وسيمتد الى سوريا وتونس والمغرب.
ولكن حتى معرفة كل هذه النواقص لن تدفع الا ربما عددا صغيرا من المسلمين الى التخلى عن معتقداتهم. فالاغلبية سترد بان سلوك المسلمين وان كان محرجا او حتى مشينا فأنه لا تدل على نقص في الدين الاسلامي. وقد يقولون بان القتال بين المسلمين هو دليل على عدم الالتزام بالدين وليس بالعكس. ولكن في المقابل سنتمكن من مسائلتهم عمن سيتمكن من الالتزام به اذا كان حتى العشرة المبشرة بالجنة يخفقون. وهل عرف المنظرون الاسلامييون السبب لكي يتجنبوا تكرار المجازر؟
ان السبب تلك الزلات واضح لمن يتخلى عن القيود الفكرية الاسلامية: فببساطة لا ينطوي الاسلام على احكام ولا مهّد لقيام مؤسسات يمكن ان تنظم الصراع على السلطة بشكل سلمي وخلاق. والاسلام لا يقر بسلطة من خارجه لكي تتوسط بين المسلمين وغير المسلمين لكي تساهم في حل الصراعات بطرق سلمية. ولايعترف الاسلام بضرورة وجود مؤسسات مثل الليبرالية الديمقراطية لكي يجنب المسلمين التناحر على السلطة. قد تكون هذه المآخذ قوية اذا قبل محاورنا المسلم بكلامنا. ولكنه من المستبعد ان يفعل ذلك. فلكي تؤتي الرسالة تاثيرها المرجو يجب ان يتم التبليغ من عدة اطراف وخاصة الاطراف الموثوقة من قبله.
***
كل هذا يعنى انه اذا كانت مشكلة الملحدين تتمثل بعدم وجود سلطة عليهم خارج الاطار الدنيوي لتجعلهم يمتثلون للاخلاق، كما اتهمهم ثوماس مور مثلا بذلك، فالدينيون، والمسلمون من ضمنهم، لديهم مشكلة اعظم وهي انهم لا يعترفون باية سلطة وضعية ليلتجأوا اليها لتحل مشاكلهم فيما بينهم من جهة وبينهم وبين غير المسلمين وعليه لا يبقى غير الالتجاء الى العنف الذي كان خاصية من خصائص معظم الاديان. والمفارقة هنا ان عدم وجود مؤسسات لتنظيم الصراع على السلطة كان السبب في هلاك مور. فدين يدعي حيازة حقائق مطلقة لا تتمكن من قبول حلول وسطية. ومن جهته فان الملك، اعتبر ذلك تمردا لا يمكن السكوت عنه.
اذن فالتاريخ الدموي هو ناتج مترتب على تطبيق نظام فكري سياسي لا يتضمن معرفة الطرق التي تجنب العنف. فالتقاتل خاصة بين المسلمين هو نتيجة، وان لم يكن في حسبان مؤسسي الاسلام او ضمن ما توخوه، ويمكن ان نشير الى التقاتل ليس النتجة اللامرجوة الوحيدة للجهل السياسي. ان عدم وجود اخلاقيات سلمية تحدد التعاملات والعلاقات بين الخصوم السياسيين يؤدي الى اللجوء الى العنف مما يقوض اغلب المبادئ الاخلاقية. فعدم وجود طرق لحل الصراع على السلطة بشكل سلمي يحتم اللجوء الى السلاح. وهذا يؤدي الى مركزة القوة والمال. فتظهر طبقة طفيلية من عائلة واحدة غالبا ما تتحكم بكل المقدرات وتستخدمها لافساد المجتمع لكي تتمكن من استخدام البعض ضد البعض الاخر، وهكذا يجذب القتلة والمجرمين من قبل الحكام وهؤلاء بدورهم يجلبون السقوط الاخلاقي على روؤس الجميع. ان القتال ايضا يحتاج ايضا الى اعطاء الاغراءات للمقاتلين ولذلك اعطى الاسلام لهم حق اخذ قسم من الغنائم واباح لهم حتى التمتع الجنسي بالنساء الاسرى باسم "ما ملكت ايمانكم". اذن بغض النظر عن مطالبة اي نظام فكري سياسي بالاخلاق المحمودة او لا فان عدم وجود طريقة سلمية لحل مشكلة الصراع على السلطة سيؤدي في النهاية الى تفشي اللاخلاقية.
الا ان كل ما قلناه لحد الان سيندرج ضمن المحاججة السلبية: اي السعي لتعرية الخصم من غير تقديم البديل. اذ قد يكون هناك الكثيرين من المسلمين الذين يعرفون الكثير من الامور السلبية في الاسلام. الكثير منهم يعرفون بتصرفات محمد، زواجه من طفلة، بتخويله لاغتيال المعارضين له ومن ضمنهم الشعراء والشاعرات، اتباعه لسياسة الغاية تبرر الوسيلة. والكثير من هؤلاء فقدوا ايمانهم ولكنهم لا يتخلون عن استعمال الدين. فهناك فعلا من يقول بان اكبر تجمعات الملحدين موجودة ف كليات الشريعة. وهذا شئ متوقع فالذي يعرف تاريخ الاسلام ويقرا القران والاحاديث بفهم سوف يفقد ثقته بالدين او حتى الاخلاق ولكنه قد يلجأ الى التقية خوفا او في سبيل الارتزاق والعبث. مثل هؤلاء الناس هم من يستطيعون استخدام الجموع لاغراضهم واهوائهم ولربما حتى لتسليتهم. ونفس الشئ يمكن قوله بحق باقي الاديان. وفي المقابل هناك من يعتقد ان الاخلاق هو ما اراده الله وهو ان سمح بالسبي او القتل لاسباب فكرية فذلك هو من الاخلاق الجيدة. ولذلك فهو سيجيز لنفسه مثل هذه الممارسات. وهنا لنتذكر بان إيوفيثرو كان في البداية قد ساوى بين الاخلاق وبين ما ارادته الالهه ولكن سقراط جعله يستنتج، بعد محاورة طويلة، بان الاخلاق هي ايضا ما يمليه العقل من غير ان يدرك بانه (اي إيوفيثرو) يتبنى مقولتين متناقضتين في ان واحد.
***
اذن فتوفير اسس نظرية مقنعة للاخلاق ليست ضرورية فقط لكسب المتعلقين بالدين ولكن حتى للذين فقدوا ايمانهم بالدين ولكنهم اصبحوا عبثيين بالنسبة للمبادئ الاخلاقية او صاروا مستخدمين للدين لاغراض انانية وهذه هي الفئة الاخطر على المجتمع. ولكن ماذا يمكن ان يقدم لهم؟ ان النظرية التطورية الحديثة والتي عبر عنها ريتشارد دوكينز ببلاغة تحتوي على موارد نظرية يمكن لها تكون جزء من الارضية لنظرية اخلاقية.
***
من المعلوم ان الجينات لم تكن معروفة لدى داروين ولذلك ففي محاولته لتفسير الايثارية لجأ الى افتراض بان الانتقاء الطبيعي يتم بين المجاميع، والمجاميع التي تضم عددا اكبر من الايثارين سوف تكون لها حظا اوفر بالبقاء. ولكن هذا التفكير النظري اصبح يتغير شيئا فشيئا منذ الثلاثينات القرن الماضي. اذ اصبح بعض العلماء البيولوجيين يوجهون اهتمامهم الى الجين بأعتباره الوحدة التي تخضع للانتقاء الطبيعي. اي ان المنافسة في المطاف الاخير تتم بين الجينات وان الاستراتيجيات التي تلتجأ اليها الجينات ستحدد بقاء او فناء الجين. وقد ازداد هذا الاهتمام نتيجة نظرية اليكساندر هاميلتون التي تفسر احتمالات الايثارية باستعمال معادلات رياضية على اساس القرابة الجينية. هذه النظرية تفسر مثلا السبب لكون عاملات النحل اكثر ايثارية لاخواتها (حيث يتشاركون بما يقرب من 70% من الجينات ) بالمقارنة مع الفرد الانسانى لاخوته الاشقاء حيث المشاركة الجينية ب 50%.
هذا الاتجاه الفكري الذي يرى للجين دورا مركزيا تحول على يد ريتشارد دوكينز في كتابه الذي اصبح من امهات الكتب والموسوم "الجين الاناني" الى نظرة كونية فلسفية تعّرف معنى الحياة. فالكتاب يدعونا الى النظر الى الحياة على انها انعكاس لنشاطات الجينات التي لا تهدف الي شيء سوى التكاثر وبعيدا عن اي مغزى اخلاقي او فلسفي ليس لشئ بل لان التكاثر او الاستنساخ الذاتي هو من طبيعة الجينات.
اعلان مركزية الجين بالنسبة للحياة اثارت وستظل تثير حفيظة الكثيرين. فالبنسبة للدينين كان الانسان مخلوق الله المفضل والذي جعل منه خليفته على الارض. ولكن منذ ان اعلن كوبرنيكوس بان الارض ليس مركزا للكون اصبح الانسان ايضا يدفع الى الهامش. وثم جاءت نظرية دوكينز لتعلن بان الانسان لم يعد مركزا حتى لحياته نفسها. بل ان وجوده هو ليس اكثر من ظاهرة عرضية لنشاط جيناته التي تعطي التعليمات لصنع مركبات قادرة على الحصول على الموارد لتنمو ومن ثم تتكاثر. فهذه النظرية من شأنها ان تسلط الضوء على الصراع من اجل الموارد (وحتى الجنس المقابل يصبح مورد للجين). فالحياة هنا لا تدور حول ماهية الخير او الشر، فما نسميه نحن البشر بالخير او الشر ما هما الا استراتيجيتين للتكاثر. اي انهما من وجهة نظر نظر الطبيعة, ان كان لنا ان نتصور مثل هذه الوجهة يحتلان نفس المرتبة الاخلاقية او اللاخلاقية طالما كانا يؤديان دورهما في ضمان التكاثر بنفس الجدارة البايلوجية.
تبني هذه النظرية يحتاج الى افتراض بان (دي. إن. اي. المادة الكيمياوية التي تتكون منها الجينات) لابد انها كانت عارية وحرة من غير خلايا في البداية. ولكن تضائل المواد الاولية المطلوبة لانقسام جزيئات الدي. إن. اي. جعل ظهور بعض الخصائص التي قد تستطيع الجينات من الايعاز ببنائها مفيدا. وفي مقدمة هذه الخصائص: بناء ادوات (بداية جزيئات بسيطة فقط تستطيع التفاعل مع الجزيئات الاخرى في بيئة الجين) التي تستطيع القيام بوظائف منها الامساك بالموارد: منع الموارد من التسرب: منع تحولها الى مورد لجزيئة اخرى: القدرة على التعاون مع جينات اخرى او حتى البقاء بمعية جينات فعالة وقادرة على المنافسة. اي ان هذه النظرية تتطلب افتراض باننا ومعنا كل الاحياء الاخرى تكونا كناتج عبر التطور العشوائي من جهة والانتقاء الطبيعى من جهة اخرى لنصبح روبوتات تعمل في سبيل بقاء جيناتها.
ويترتب على هذه النظرية ان نغير نظرتنا الى الامور. فالايثارية على اساس هذه النظرية ستكون دليلا على ان هناك جين اناني يستغل حامله لكي يساعد الروبوتات الاخرى التي يحتمل ان تحمل نسخا لنفس الجين الاناني. اي ان المستفيد الحقيقي هو الجين بينما المستفيد المباشر سيكون الكائن الحي المتلقي. والمستفيدون في اغلب الظن سيكون الاقرباء الاولون لان احتمال حملهم للجين اقوى.
الا ان الايثارية قد تحدث بين الغرباء ايضا. فقد تكون هناك علامات اخرى قد توعز بوجود الجين الانانى وتدفع الحامل للعمل الايثاري. وهذا ما سماه دوكينز نظرية اللحية الخضراء من باب التفكه. هذا يعنى انه يمكن نظريا ان يوجد الجين الذي قد يوعز بالمساعدة من جهة ويعلن عن وجوده بشئ مميز كلحية خضراء من جهة اخرى. حملة هذا الجين سيساعدون بعضهم البعض حتى اذا لم يكونوا اقرباء بشرط ان يرى المقابل حاملا للعلامة المميزة. لم يكن دوكينز يعلم بوجود مثل هذا الجين فعليا ولكن جون كارتويت قد الفت النظر الى انه تم فعلا اكتشاف مثل هذا الجين.
اهمية نظرية دوكينز تكمن في اننا نتمكن من استخدامها بعدة صور فيما يخص التنظير للاخلاق. ومع ان دوكينز لم يقترح ذلك بنفسه الا ان نظريته تستطيع اسناد بعض التوظيفات: وسنقترح ثلاثة افتراضات: اولا نستطيع افتراض وجود جين او مجموعة جينات للاخلاق.هذا افتراض منطقي وضروري فالسايكوباث يختلفون جينيا عن الناس الاعتياديين ولذلك لايملكون الواعز الاخلاقي الكافي. ومن جهة اخرى فان أبحاث انتونيو داماسيو تؤكد بان تلف انسجة معينة في الدماغ سيضر بقابلية الشخص المصاب على التعامل الاخلاقي. هذه الانسجة مسؤلة عن التأثير الانفعالات وتربط قشرة الدماغ مع مراكز الانفعالات. وضمن هؤلاء فحتى الاشخاص الذين يحتفظون بقوى عقلية جيدة ويتمكنون من احراز مستويات عالية في اختبارات كولبورغ الاخلاقية سيفشلون في اظهار تصرف اخلاقي سليم. (اختبار كولبرغ يعتمد على التفكير المنطقي والذي كان يعتقد فيما مضى بان اصحاب الدرجات العالية فيه سيكونون اكثر نضوجا اخلاقيا، الا ان ابحاث دماسيو فندت ذلك الاعتقاد). ولكن اذا كانت هناك جينات مسؤولة عن تكون تلك الانسجة، وهذا يكاد يكون امرا حتميا وليس مجرد احتمال، فسيتوجب علينا ان نفترض بان تلك الجينات مسؤولة عن السلوك الاخلاقي الى حد معين ومهم.
ثانيا، ان التفسير الذي توفره نظرية دوكينز لمعظم رغباتنا سيمنحنا قدر من الاستقلالية او التجرد لمجرد ادراك دور الجينات. فاي سؤال حول الخصائص والاعضاء البيولوجية يمكن الاجابة عنها بطريقتين. فعندما نسأل حول خصائض لها اهمية اجتماعية مثلا سبب وجود اللذة الجنسية اوالرغبة في الاكل او الغضب والغيرة على الشريك الجنسي. فيجدر ان نتذكر بان الجواب الاولى هو لان هناك جينات تنتج هذه الظواهر. واما النوع الثاني من الجواب فهو ان هذه الرغبات او الانفعالات تؤدي ادوارا مهمة فلهذا فقد تم انتقائها طبيعيا من بين رغبات اخرى ومن بين حالات عدم وجود هذه الرغبات. فقد يكون صحيحا بان الرجل الذي لايهتم بتاتا بالمعاشرة الجنسية او في تنظيم السلوك الجنسي لزوجته سوف يكون اقل حظا في الانجاب. ولكن هذا لايعنى ضرورة اخضاع وحبس المرأة بالكامل كما يحدث في الكثير من البلدان الاسلامية. وهناك احتمالات قوية بان مثل النزعة التملكية قد تنفر المرأة وتهجر الرجل. اي انها قد تؤدي الى نتائج عكسية. وحتى اذا تبين بان النزعة التملكية هي الافضل فاننا بادراكنا لدورها ولمصدرها قد نقرر بان من الافضل اهمالها لان لنا اهتمامات ابداعية او لاننا نقدر اهمية حرية المراة لحياة ابداعية اجمل للحياة الاجتماعية. والجدير بالذكر فان حيوانات كثيرة تحمل مثل هذه الغرائز فالخيول والغوريلا واورانك اوتان و الاسود واسود البحر. هذه الحيوانات تحسم صراعها مع بعضها البعض عن طريق القتال. ولكن للانسان وسائل اخرى للمنافسة والتي هي جديرة بالانسان ومنها الابداع والتنمية الاقتصادية والرياضة والفنون ورقة المشاعر والالتزام بالاخلاق النبيلة والكرم والشجاعة في الدفاع عن الضعفاء والفكر والعلم والخ. ان اطلاق العنان لمثل هذه للنزعة التملكية والسماح لاستعمال العنف في سبيل حسم المنافسة على المرأة وضد المرأة في البلدان الاسلامية قد يكون سببا هاما لبؤس الحياة الاجتماعية والابداعية في هذه البلدان وان السماح لمثل هذه الاساليب بين الذكور والتي تؤدي الى اذلال واخضاع النساء يفضل النوع والصلف والقاسي من الرجال.
وبالامكان الاضافة بان هذه الدوافع تعزز احتمالية التكاثر فان جيناتها تبقى كذلك. ولكن هذه الجينات غير حساسة للظروف الخاصة.
ثالثا، اذا ادركنا ان لذاتنا لاتدوم، وهي في الاساس لترغيبنا بنشاطات تؤدي الى بقاء الجينات المسؤولة عن هذه الاستراتيجيات، وان هذه الجينات (ان حققنا غاياتها) ستركب اجسام اخرى وستترك اجسادنا للضعف والانحلال والموت في خضم الالم وفي النهاية فقد تتولد لدينا قناعات ذات نتائج حميدة جدا. فقد نقرر بان نكف عن اللهاث وراء الملذات التي لاتدوم في كل الاحوال وخاصة عندما لا نتمكن من بلوغها بطرق تليق بانسانيتنا.
***
مع انتهائي من طرق توظيف نظرية الجين الاناني في الاخلاق سآتي الى موضوع اخر وهو من تطويري الشخصي: سوف لن يسمح لي وقتي بطرح النظرية بكاملها مع انها جاهزة. وانما ساقتصر على ما يمهد لطرح النظرية الاخلاقية. هذه النظرية تهدف الى فهم الطبيعة البشرية على اساس انها نتاج التفاعل والتاثير المتبادل لثلاثة عوامل. الاولى، نظرية الجين الاناني للدوكينز المذكور اعلاه والتي لاغنى عنها لفهم الانسان وكذلك لبناء نظرية اخلاقية مقنعة. والثانية هي ان الانسان كمعظم الحيوانات، (ربما ابتداء من الزواحف بالنسبة الى الاحساس باللذة)، يزج او يساق الى النشاط او الى كبت النشاط عن طريق الانفعالات وفي اثناء ذلك تتملكه الرغبة في الحصول على اللذة وتجنب الالم. يمكن اعتبار هذه المنظومة الانفعالية والحسية (الى جانب بقية المنظومات) كاجهزة مركبة فينا لاننا نشئنا من اسلاف يمتلكون هذه الاجهزة وان هذه الاجهزة اصبحت خصائص ثابتة في جميع الحيوانات المتطورة لانها اثبتت فائدتها وتفوقها وذلك ضمنت بقاء جيناتها.
العامل الثالث (توصلت اليه نتيجة بحثي الخاص) هو ان الانسان يعيش فيما يمكن تسميته البيئة المعرفية. لاشك ان هذه البيئة غير ملموسة لكي نجزم بانها موجودة ولكن افتراضها له فوائد يفوق ما يمكن توقعه.
القصد من البيئة المعرفية هنا هو ان الانسان يعيش معتمدا على استخدام المعلومات او المعرفة بنسب اعلى مما لوحظ لدى الحيوانات الاخرى. فالمعرفة تدخل في علاقة الانسان مع الطبيعة، ضمن انتاج الموارد العينية والخدمية، وضمن علاقات الافراد مع بعضهم البعض وكذلك لتنظيم البيئة الاجتماعية. عندما نفترض هذه البيئة فيتوجب افتراض ابعادا لها وهي كما نرى لها اهمية كبيرةمن حيث:
(1) التغييرات الجينية والبدنية والنفسية: يجب ان نفترض بان التطور الذي حدث لاسلاف الانسان حصل نتيجة انتقاء هذه البيئة المعرفية للقادمين اليها. ولقد تم انتقاء العديد من التغييرات التى تندرج ضمن عناوين منها : التشريحية: مثل بعض الانسجة الدماغية كالقشرة الدماغية الاكثر سماكة والمراكز التي تمكن الانسان من التكلم. الانفعالية: التى تتضمن امكانية تأثر الانفعالات بالافكار المجردة.الهيكلية: مثل القامة المستقيمة ولكن على العموم هذه المسائل ليست موضوعنا هنا.
(2) استعمال المعرفة في التعامل مع الطبيعة وفي الانتاج واثر ذلك في الصراع على البقاء: ان فوائد تطبيق المعرفة في الانتاج ومعرفة ما يضر او ينفع واضحة ولا تحتاج الى المحاججة. ولكن من المفيد ان نلاحظ ان فائدة تطبيق المعرفة وفرت الارضية للتبادل التجاري. فالاشياء المنتجة يتم تبادلها مقابل خدمات او سلع. ولان هذه المعرفة تجلب السلطة الاقتصادية وهذه الاخيرة يمكن تحويلها الى سلطة سياسية واجتماعية فان الناس اصبحت تتظاهر بالمعرفة وتغش في السلع او تدعي حيازة سلع مفيدة لاجدوى فيها. مثل هذه الحالة تخلق انعكاساتها. فلربما نرى بعض الناس يحرفون الحقائق، يخفونها او يمنعونهامن التداول او يكذبونها. وهذه تخلق ارضية موضوعية لنشوء المؤسسة العلمية التي من مهامهاالفصل والحكم بين الاراء المتناقضة. فحتى عندما لا نجد مؤسسات مختصة وقائمة فان الناس يحتكمون عند من يثقون بهم وبمعرفتهم.و في ايامنا هذه تقوم مؤسسات علمية وتقنية ومحاكم بهذه الادوار. اي ان هذه النظرية تتوقع ظهور مثل هذه المؤسسة حال ظهور مثل تلك الممارسات. الا ان تاخرا كبيرا حصل فالتجاوزات وسوء استخدام المعرفة لا بد ان تكون قد ظهرت حتى عند اسلاف الانسان مثل هومو اريكتس (السلالة شبه البشرية) . وقد نتفهم عدم تمكن هومو اريكتس من انشاء تلك المؤسسات الا اننا يجب ان نتسائل عن تاخر هومو سابينيس ( السلالة البشرية الحالية) على ذلك. ساقترح بان هناك اسباب سياسية لذلك كما ساّتي الى ذكرها بعد قليل.
(3) استعمال المعرفة اجتماعيا، اي ضمن التعامل بين الافراد والمؤسسات: هذا البعد هو ما يؤدي الى الظاهرة الاخلاقية والسياسية. اذا كنا نعيش في البيئة المعرفية فاننا نحتاج الى الاخلاق. فبيئة كهذه لا تدوم اذا لم يتمكن من يجمع او ينتج قوته من غير استعمال العنف والحيلة، من الاستفادة من مجهوده. فالمزارع الذي لايضمن الاستفادة من محصوله لن يتشجع لكي ينتج مرة ثانية, قد يرغم على ذلك كما كان يحصل مع العبيد. ولنفترض بان العبيد كانوا يحولون الى ادوات بدون اعطاء اي اعتبار لانسانيتهم. ولكننا سنكون امام حالة نجد فيها جهازا اداريا وقمعيا يدير العملية الانتاجية عن طريق استعمال ادوات انسانية (العبيد). الا اننا عندئذ سنحتاج الى افتراض ضرورة الاخلاق لذلك الجهاز الاداري والقمعي. فحتى الجيوش القمعية تفرض مبادئ سلوكية بين افرادها لان ذلك سيرفع من فاعليتها. واي جهاز اداري او قمعي سيحتاج الى بينة انتاجية لضمان تموينه من خلالها. وفي كل الاحوال فانه من الواضح ان شخصا بمفرده سوف لايستطيع ادارة كل الامور السياسية ويحتاج الى اشخاص اقوياء ليتعاون معهم ولكن في نفس الوقت يخشى غدرهم او خيانتهم فانه قد يذكرهم بعطائاته لهم كما كان يفعل صدام. وهو يقوم بادعاء النبل الاخلاقي لنفسه ولجماعته بينما سوف لايعتبرون قهرهم وانكارهم لانسانية الاخرين (العبيد) امرا لااخلاقيا بل سيذهبون الى انكار تكامل انسانيتهم وبالتالي استحقاقهم للمعاملة المتساوية. وقد يحاور سيد للعبيد السادة الاخرين بان عليهم ان يحترموا ملكيات بعضهم البعض. ومن هنا فلنا ان نقول بان خطابا اخلاقيا لابد ان يتواجد اذا كان يراد لبيئة انتاجية للموارد ان تبقى.
من جهة اخرى اذا اخذنا افتراضا اخرا بنظر الاعتبار سنتمكن من صياغة نظرية اخلاقية مناسبة. الافتراض هو ان البيئة المعرفية ضرورية لحياة جميع البشر، ويبدو في الحقيقة ان البشر وصلوا الى حد التحكم المحدود ولكن المؤثر على كل البيئة الارضية، وعليه فبامكاننا ان نعمم: ان البيئة المعرفية لربما تكون ضرورية لكن انواع الحياة على الارض. فالكل تعتمد على البيئة المعرفية فهي تنتج الارزاق والدواء والمأوى. حتى الذين يعيشون عن طريق الافتراس والتطفل، يعتمدون بشكل غير مباشر على البيئة المعرفية. وعلاوة على ذلك فان ازدهار هذه البيئة سيكون لصالح كل سكانها، وعليه يمكننا الاستنتاج بان افضل الاخلاقيات لابد ان تكون تلك التي تدعم رسوخ وازدهار البيئة المعرفية.
امور كثيرة تترتب على هذه النظرية الاخلاقية المعيارية فهي: اولا: تتخطى مصلحة الفرد او حتى الجماعة. فهدفها ليس مصلحة الاقلية ولا الاكثرية. ولكن خدمة المصالح تتم بشكل غير مباشر مع تنمية وتطوير البيئة المعرفية.
ثانيا: هذه النظرية الاخلاقية يمكن ان تعمل كمصدر للاستدلال على مبادي للحالات الاكثر خصوصية. فاذا اردنا معرفة افضل المناهج الدراسية، مثلا، فعلينا ان ننظر الى التجارب العملية كحالات اختبار للافكار او النظريات المختلفة التي تهتم بدراسة التجارب ويمكننا ايضا اختبار شئ جديد بشرط ان ناخذ في الحسبان امورا معينة (سنأتي على ذكرها). اي ان هذه النظرية الاخلاقية هي نظرية علمية ويمكن اجراء التجارب من خلالها.
ثالثا، لكي نختبر الافكار اوالمبادئ الاخلاقية علينا ان ناخذ بنظر الاعتبار بان الافكار الاخلاقية تختلف عن الافكار التي تتوجه الى الامور الطبيعية. فهذه الاخيرة تؤثر على كيفية معاملتنا للاشياء او كائنات حية غير انسانية. ولكن الافكار الاخلاقية تهدف الى تغيير السلوك والمواقف بحيث انها تزكي او تطالب بتصرفات ومواقف معينة وتحرم او تعبر عن ازدراء لبعض السلوك والمواقف و نتيجة لذلك فان الافكار الاخلاقية بمقدورها خلق سلطة سياسية في ابسط مستوياتها. اي سلطة تتالف من تبني مواقف مشتركة والسيرعلى اسس مشتركة من قبل مجموعة من الناس. فلو تبنت مجموعة ما اسس سلوكية مشتركة ضد الرسم، هنا اضرب مثلا محايدا وغير جدي الى حد ما، فان من سيرسم سيحس بانه غير مرحب به وباعماله من قبل الجماعة. صحيح ان من لايرسم سوف لايحس بالتسلط والضرر ولكن نفس الحالة لاتنطبق على الرسام،حيث قد يسبب هذا التحريم له خسائر كبيرة مادية. فالرسم كقابلية وموهبة يمكن ان ينفع مزاوله بطرق عديدة ولكن التحريم ينكر عليه تلك المنافع. وهذا يعنى بان الرسام سوف لن يتألق ولن يستحوذ على موارد ولذلك فهو لن يكون في وضع تنافسي قوي مع اخرين الذين يسمح لهم مزاولة مواهبهم، مثلا. وباختصار يمكننا ان نعمم بان اي قرار اخلاقي يفضي الى افادة البعض مقابل الاضرار بالبعض الاخر. فنحن عندما نحرم السرقة فاننا ننكر على الذين تتحين لهم فرصا جيدة للسرقة من الاستفادة من ظروفهم. وعندما نحرم القتل او العنف فاننا نعمل نفس الشئ اي حرمان اشخاص لهم ظروفهم المعينة التي تسهل لهم القتل والاستفادة منها، مثلا كطريقة لحسم الصراع.
رابعا: علينا ان نتوقع بان الافكار الاخلاقية، كغيرها من الافكار ولكن بحدود ابعد، ستكون عرضة لكي تستعمل كاداة للمنافسة. فلو اخذنا مثال الرسام فيمكن ان نتخيل بان غريمه الاقل موهبة ولكنه معدوم الضمير اراد ان يقصى الرسام من المنافسة باسلوب رخيص فانه سيتمكن من اثارة المخاوف بان ممارسة مثل تلك الفنون هي من عمل الشيطان وما شابه و بذلك سينمكن من محاصرة الرسام ولربما يقصيه من المنافسة على المكانة الاجتماعيةاو الكسب المادي او ربما من الفوز بالشريك الجنسي..
خامسا:الافكار الاخلاقية قد تكون خاطئة. وقد يخطأ فرد بخصوص فكرة اخلاقية معينة وقد يشاركه كل العالم في ذلك الخطأ.
سادسا: مما سبق يجب ان نستنتج بان قدرة الاخلاق على خلق السلطة السياسية وقدرتها على الحاق الاضرار او جلب المنافع يجب ان تعامل تحت ضوابط احترازية بحيث تنتفى الاضرار او تقلل الى ادنى الحدود. ومن امثلة هذه الاجراءات هي التهيؤ لانهاء التجربة وتغييرها: اعطاء الفرص للناس الذين يتعرضون للتجربة لان يعلنوا عن تجربتهم وارائهم حول التجربة. اي يجب اعطاء الناس ليس فقط مجالا للتعبير عن ارائهم بل وكذلك الوسائل للتعبير عن تلك الاراء، وخاصة الاخلاقية منها. ولكي يتحقق هذا الشرط يجبب تجنب الحاق الاضرار بهم لغرض محاصرتهم ماديا او معنويا لارغامهم على السكوت. هنا لنا ان نجلب الانتباه الى الخطوات الاحترازية التي تتشابه الى حد معين مع مبادئ الحقوق التي ننادي بها. وهذا ما يبرر الملاحظة بان بعض دواعي ظهور المفاهيم الحقوقية موضوعية وذلك لان الاخلاق لها طبيعة تجريبية.
سابعا: مع الانتباه لاحتمال الفشل في اختيار المبادئ الاخلاقية الصحيحة وكذلك احتمال حدوث محاولات من قبل افراد او جماعات لسوء استخدام المبادئ الاخلاقية في سبيل الحصول على مكاسب فاننا سنكون امام سؤال: ماهي تلك المبادئ التي يجب ان ترشد وتنظم اختيار المبادئ الاخلاقية للبيئة المعرفية؟ اذا اخذنا بنظر الاعتبار ان قرارا اخلاقيا سيؤثر على وضع بعض الناس سلبا وعلى اخرين ايجابا فيجب عندئذ نختار القرار الذي ستدعمه الغالبية لضمان ان اكبر عدد ممكن سيعمل في سبيل انجاح القرار، ومن جهة اخرى يجب ان يكون الهدف ليس سعادة الفرقاء بل تقدم البيئة المعرفية. ولكن نظرا لاحتمال ارتكاب الخطا فاننا يجب ان نتمسك بالمبادئ الاحترازية. وكما نرى هنا فاننا قد توصلنا الى ضرورة تبني شئ ما من قبيل الديموقراطية في سبيل انجاح البيئة المعرفية.
ما قيل اعلاه يعنى باننا نستطيع التوصل الى اقتراح مشروع سياسي سيتشابه، ولكن لا يتطابق مع الليبرالية الديمقراطية. وقد انجزنا ذلك عن طريق متابعة تاثيرات الافكار الاخلاقية وبالاخص في سياق محاولتنا للاجابة على السؤال: كيف نتمكن من اختبار الافكار الاخلاقية اذا قبلنا بان الاخلاق هي ضوابط ضرورية للبيئة المعرفية؟ اذن فلنا ان نتسائل الا يمكن اعتبار ظهور الليبرالية الديمقراطية كبداية لتكريس البيئة المعرفية؟ جوابي هو نعم. مع ان هناك اختلافات كثيرة ساّتي على توضيحها وتفسيرها في كتابات قادمة.
ثامنا: لماذا ينبغي التمسك بالاخلاق المعرفية؟ انن نظرية الجين الاناني لاتترك لنا خيارات كثيرة. فملذاتنا هي ادوات استغلال وستنتهي عندما نكون قد انجزنا مهمات الجينات او حتى اذا فشلنا في انجاز ذلك. ان هذا يعني انه لايمكننا ان نحقق اللذه الدائمة ولا الخلود. فماذا يكون اذن اكثر جدارة من العيش حياة تهدف الى ازدهار البيئة المعرفية التي ستخدمنا وتخدم كل من يستحقون خدمتنا.
التاريخ السياسي
ان ما ذكر اعلاه هو بناء فكري اقيم على اساس افتراض بان الانسان يتميز بالعيش في بيئة معرفية. اشرت هنا ضمنيا الى اختلاف مهم بين الافكار التي تتعامل مع الامور الطبيعية وانتاج الموارد الطبيعية عن الافكار التي تهدف الى تقييم وتقويم السلوك والمواقف، اي الافكار الاخلاقية. اقترحنا النظرية الاخلاقية المعيارية ومنها مررنا بتصورات حول افضل السبل لتنظيم اختبار الافكار الاخلاقية فيما اذا اريد تطبيق الاخلاقية المعرفية. وافترض بان المؤسسات التي يمكن توقعها تشبه الى حد كبير مؤسسات الليبرالية الديمقراطية. ولكن من الواضح بان التاريخ السياسي هو شئ مختلف تماما. السبب، حسب ما تمليه علينا هذه النظرية، هو عدم تبنى افتراضات هذه النظرية وعليه يمكننا التنبؤ بمسار التاريخ الحقيقي من خلال افتراض بان الاقدمين مروا خلال ظروف مماثلة ولكن وهم حاملين افكار مختلفة. هذاما سيكون موضوع القسم الثانى من هذا الموضوع.

شكرا للصديق على عيدان لقراءته وتنقيحه للمقالة




124 Rowe, C. (1991). Ethics in ancient Greece in (ed.) Singer, P. (1991) A Companion to Ethics. Blackwell.
Take any action allowed to be vicious: Willful murder، for instance. Examine it in all lights، and see if you can find that matter of fact، or real existence، which you call vice. In whichever way you take it، you find only certain passions، motives، volitions and thoughts. There isno other matter of fact in the case. The vice entirely escapes you، as long as you consider the object. You never can find it، till you turn your reflection into your own breast، and find a sentiment of disapprobation، which arises in you، towards this action. Here is a matter of fact، but it is the object of feeling، not of reason. It lies in yourself، not in the object. So that when you pronounce any action or character to be vicious، you mean nothing، but that from the constitution of your nature you have a feeling or sentiment of blame from the contemplation of it. (David Hume، A Treatise of Human Nature.



#شوان_نافع_خورشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاخلاق والحضارة


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - شوان نافع خورشيد - الاخلاق والحضارة