جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3817 - 2012 / 8 / 12 - 19:38
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هنالك فرق كبير بين الإنسان الذي تكون عنده أخلاق عالية في التسامح والحب وهو ضعيف الإرادة والقوة ولا يقدر على الناس وبين الذي يمتلك قوة التسامح وحب الناس وهو قادر عليهم, فمحمد كانت له أخلاق عالية حين كان رجلا ضعيفا تتخطفه الناسُ في شعاب مكة وكانت جل دعوته عبارة عن أخلاق مسيحية عالية ومن الملاحظ جيدا أن أسلوب القرآن وآياته المدنية تختلف عن آياته المكية فالآيات المكية تدعو للحب وللتسامح وعدم القتال كما جاء في الحديث:لا تتمنوا لقاء العدو فيضربون رقابكم وتضربون رقابهم, بينما آيات القرآن المدنية تدعو كلها للقتال وللحرب, وهذا الموضوع يحيلنا جميعنا إلى أن ننظر بالآيات التي أخذها محمد عن الإنجيل ورواها هو بأسلوبه الخاص وهي عبارة عن ترجمة حقيقية للإنجيل نفسه كما سنلاحظ ذلك بعد قليل حين يكون الرزق أولا بالتوكل وبعد ذلك يصبح تحت سن الرماح أو ظل الرمح,وبين الإسلام الذي كان في مكة ينتشر بالحكمة وبالمنطق وبالحوار وبين حروب الردة التي أجبرت العرب وغيرهم على الدخول في الإسلام بقوة السيف و
أغلب الأحاديث النبوية عن والوعظ والإرشاد مأخوذة من الإنجيل وهذا معناه أن الدين الإسلامي في أغلب حالاته هو نقل عن الإنجيل وروايته بأسلوب آخر مختلف عن الإنجيل حين كان الإسلام ضعيفا بدأ برجلٍ واحد ثم برجلين وامرأة ثم...إلخ,,ولا يختلف القرآن عن الإنجيل إلا في الآيات التي رواها القرآن في المدينة بعد أن قويت شوكة المسلمين وفيها التخلي عن التسامح واضحا حتى بعد فتح مكة قتل المسلمون رجالا تعلقوا بأستار الكعبة ولم تقبل منهم التوبة أما قبل ذلك فقد كانت أخلاق الإسلام كلها مطابقة لأخلاق المسيح بن مريم, وما يحزننا في الموضوع هو أن أخلاق القرآن وعدم توجيه المسلمين للقتال لم تكن صادرة عن قلب شجاع وإنما كانت صادرة عن ضعف أي أن الأخلاق الإسلامية كانت عالية بسبب ضعف المسلمين وليس بسبب قوتهم فحين اشتد عضد المسلمين تركوا ما كانوا يؤمنون به,حتى أن الدعوة المحمدية في بدايتها كانت مثل الإنجيل فلم يأمر القرآن المسلمين بالقتال وهذا بسبب وضعهم الضعيف في المجتمع إذ فرضت هذه الظروف على الضعفاء أن تكون أخلاقهم أخلاق التسامح بسبب ضعفهم وقلة عددهم وخصوصا حين كان بنو هاشم محاصرون في شِعب أبي طالب لم تنزل آية واحدة تحرض المسلمين على القتال ولكن حين قويت شوكة المسلمين أخذوا يغيرون على قوافل قريش بعد الهجرة وتم تشكيل العصابات لقطع الطريق على القوافل ونتج عن ذلك اصطدام المسلمين بقافلة فريش عند آبار بدر وكانت هذه أول معركة مع قريش وهذا يدل دلالة واضحة أن الرسالة الإسلامية قد انتقلت من الدعوة إلى حرب عصابات تقطع الطرق على غير المسلمين وأخذوا ينهبوا في القوافل التجارية عبر تشكيل عصابات لقطع الطرق, أما الإسلام في بدايته فإننا نقول عنه بأنه كان يشبه دعوة المسيح التي تدعو إلى التسامح الديني وتأملوا هذه أيضا من إنجيل متى:"واغفر لنا ذنوبنا كما نغفرُ نحن للمذنبين-متى-12-"وهذه هي أخلاق المسيح التي عرفناها عنه ولكنها في الإسلام لم تكن أخلاقا صادره عن أخلاق وطباع وسلوك شخصي وجماعي وإنما كانت عن مصدر ضعف لأن الدين الإسلامي لم يبقِ عليها ولو أبقى عليها مثلا لبقي أو لصار القرآن كله جملة وتفصيلا مثل آيات الإنجيل ولكن محمدا تخلى عنها وضرب بها عرض الحائط بعد أن شعر بقوته وعظمة الملتفين حوله, تماما كما وصفه أبو سفيان بن حرب بعد أن تزوج ابنته (أم حبيب-هند-)أو كما جاء أسمها في مصادر أخرى وهو(رملة) التي ترك زوجها الإسلام في الحبشة واتبع النصرانية ثم مات عنها وهو على دين النصرانية...إلخ, إذ قال عنه أبو سفيان: "يأبى هذا القُرشي أن تُجدع أنفه" ولكن هذا كان نظريا مقبولا لأن محمدا لم يكن بعد قد قويت شوكته لذلك كانت الدعوة الإسلامية كلها على نهج دعوة المسيح, وحين ننظر في الأحاديث النبوية عن الرزق وعن المنافقين الذين يتصدقون لكي تقول الناس عنهم بأنهم يتصدقون كلها مأخوذة من إنجيل متى وخصوصا مصطلح المنافقين فهذا المصطلح كان المسيح يسميه(المراءون), ولا يعترف أو لم يكن محمد يعترف بأنه يأخذ عن الإنجيل, حتى أن أغلب القرآن مأخوذ عن التوراة ومروي بأساليب مختلفة وهذا معناه أن الإسلام هو الذي يأخذ عن الإنجيل ومن ثم يقوم بتحوير آيات الإنجيل لكي تصبح ذات طابع جديد علما أن كل القرآن جملة وتفصيلا هو نقل بحذافيره عن الأناجيل الأربعة وعن التوراة, , وللتوضيح أكثر أنظروا إلى هذه الآية من إنجيل متى عن الرزق والتوكل على الله كيف صاغها محمد بعد ذلك بأسلوب مختلف حين كان ضعيف الإرادة ومسلوب الإرادة, طبعا الآيات كثيرة لا حصر لها ولكن هنا أردت الوقوف فقط عند هذه الآية من وعظ المسيح على الجبل وأيضا للمقارنة بينها وبين الحديث النبوي عن الرزق.
(انظروا إلى طيور السماء إنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلى مخازن وأبوكم السماوي يقوتها ألستم أنتم بالحري أفضل منها)
إنجيل متى"26"
انتهى الاقتباس ولننتقل إلى هذا الحديث النبوي الشريف:
عن أبي تميمٍ الجيشاني قال:سمعتُ عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزقُ الطير تغدو خماصا وتروح بطانا.
وبعد ذلك تخلى محمد عن هذا التوكل وجعل رزقه تحت رمحه وأصبحت دعوته تنتشر بحد السيف وليس بالإقناع وبالحجة المنطقية وبعد ذلك أيضاً هل يحق لنا بأن نقول وندعي بأن الإنجيل مزور؟ وبأن أخلاق الإسلام هي نفسها أخلاق المسيحية؟ طبعا كانت وجهة نظر النجاشي ملك الحبشة بأن الذي جاء به محمد والمسيح يصدر عن مشكاة واحدة, وهذا الكلام صحيح ولكن كان المسلمون ضعفاء جدا وتحلوا بسبب ضعفهم بأخلاق المسيح وهي أخلاق التسامح والتوكل على الآب الذي في السموات ومن بعد ذلك تخلوا عنها وانتقلوا إلى آيات أخلاق القتال حين شعر المسلمون بقوة عددهم وذلك بعد أن قويت شوكة المسلمين وبدأ محمد يحرضهم على القتال وهذا مثل الأحزاب في الدول العربية حين تكون ضعيفة تدعو للمشاركة مع الأحزاب الأخرى كما كان حزب البعث العراقي والسوري ولكن بعد الصعود إلى السلطة ترك جميعهم أو يترك جميعهم هذه الأخلاق ويتجهون إلى أخلاق القتال,وهذا الذي لم يأمر به المسيح نهائيا فإن المسيح كان في دعوته ثابتا سواء قويت شوكته أم ضعفت ولو أتيح للمسيح أن يعيش أكثر لبقي على تلك الأخلاق التي دعا إليها من البداية.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟