أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح كنجي - العجل ..














المزيد.....

العجل ..


صباح كنجي

الحوار المتمدن-العدد: 3816 - 2012 / 8 / 11 - 17:51
المحور: الادب والفن
    


العجل ..

كنت أسير بمعية سعيد الدوغاتي بجولة ليس لها هدف إلا قضاء بعض الوقت خارج منزلنا بشقة حي المعلمين بعد أن غادر عدد من الأنصار القامشلي وسوريا الى جهات متعددة .. سعيد لا يقتربُ من السكائر و الخمر بالتالي كانت مشاكله المالية اقل منا نحن المدخنين المعاقرين للخمر ، لكنه يحب اللحم والأكل الدسم ..
قبل أن يحل المساء اثناء اقترابنا من محل قصاب اقترح ان نشتري كيلوغرام من لحم خروف .. سألني : كم معك من نقود ؟ .. قلت : 50 ليرة فقط .. جيد ومعي ستون .. هتف فرحاً : بالضبط سعر كيلو لحم خروف .. عند القصاب او كما يسميه السوريون اللحام فوجئنا بارتفاع سعر الكيلو الى 130 ليرة .. توقفنا نفكر بين ان نأخذ نصف كيلو أم نغير رأينا !..
كأي صدمة تواجهني استخلفتها ، وقفت اضحك ساخراً مما حلّ بنا ، كان سعيد يتأمل وجبة لحم .. ها نحن عاجزون عن شراء كيلو منه .. قلت بسخرية : يحسبوها علينا مهجراً ويصفونا بالذين يعيشون في الخارج .. يا له من خارج! .. الافظع من هذا هل حقاً وصلت بنا الحال اثنان من البيشمركة لا يستطيعان شراء كيلو لحم! .. في الحال كعادتي في تجاوز الصعوبات حسمت الأمر لتحقيق امنيته قائلاً ..
ـ سعيد .. لن نشتري .. اقل من كيلو لحم لا يكفينا .. لنعد .. هات ما عندك من نقود سأشتري بها بطل عرق ميماس بسعر 55 ليرة مع علبة سكائر .. مع عهدٍ لك أن اجلب لك بدل هذا الكيلو من اللحم الذي لا نستطيع ان نوفر ثمنه الآن عجلا تتغذى به من الغد شهراً كاملا ..
اعتقد سعيد اني اسخر منه .. قال : انت تريد ان تشرب .. خذها .. لا تعدني بشيء تصور اني امزح معه ..
قبيل التاسعة ليلا .. تركتُ مؤقتاً كأس الخمر .. قلت لسعيد سوف اذهب لأجلب ثمن العجل .. سأعود بعد اقل من نصف ساعة ..
حملق بغضب .. نظراته عكست ردٍ تجاوز حدود السخرية من حديثي .. ودار وجهه عني كأني اهزأ به ..
بعد نصف ساعة عدت معي 5000 ليرة سورية وضعتها أمامه استفسر باستخفاف ما هذا .. لمن هذه النقود ؟ .. قلت : سأشتري لك عجلا بدل كيلو اللحم .. هذا ثمن العجل إستدنته من ابو امجد .. لم يصدق .. بقينا نسهر حتى فرغتُ من ما في القنينة .. عند الصباح نهضت لأستحم .. قبيل مغادرتي .. ناديته ان كان يرغب في النهوض ليأتي معي لشراء عجل .. اخذ يتأفف وينتقدني مدعياً اني ازعجه .. لا ادعه يشبع نوماً .. تركته بعد ان احكمت غلق الباب ..
توقفت عند سائق طرطيرة * .. اتفقت معه لأخذي لسوق الغنم والعودة ، حدد أجرته وطلب 75 ليرة .. حال وصولنا اطراف القامشلي على طريق تربة سبي وجدنا المئات من الناس يتجولون في ساحة شاسعة تجمع بين الباعة والمشترين .. توقفت عند رجل يقود عجلاً طلبَ ثمناً له 4500 ليرة .. لم اناقشه بعد ان حسبتها سيبقى معي 325 ليرة من المبلغ .. هذا يكفي لبقية الايام المتبقية من الشهر ..
عدت بالطرطيرة محملة بالعجل .. سعيد يغط في نوم عميق .. عند طرقي للباب نهض مستنكراً تواصل الازعاجات .. قلت له : هيا استلم العجل .. قال : أي عجل أي مسخرة ؟.. ألا يكفي انك تنصب علي من يوم أمس .. سحبته نحو الباب .. هيا انظر .. كانت الطرطيرة المتوقفة حاملة لعجل أصفر اللون .. قال : ما هذا لا اصدق !.. ماذا يحدث ؟.. قلت : وعدك .. العجل امامك .. ما زلت لا تصدق ، بعد ساعات ستأكل من لحمة وأنت لا تصدق .. من حقك ان لا تصدق.
ادخلنا العجل الى الشقة .. مررنا به من صالة الضيوف الى البالكون خلف المطبخ .. هناك تمت بقية فصول الحكاية مع العجل الذي وزع نصف لحمه على الانصار بمن فيهم ابو امجد وعائلته .. ضمنها بذلك نصف الثمن ، وأبقينا في ثلاجتنا كمية منه حارَ بها سعيد الذي لم يكن مصدقاً وعدي له ..
في نهاية الشهر حينما طالب ابو امجد ببقية المبلغ الذي المستدان منه .. قلت له : اقطع من مخصصات كل منا انا وسعيد مبلغ 350 ليرة لحين استكمال بقية المبلغ في الاشهر القادمة ..
في الشهر التالي مع مطلع آذار 1991 توجهنا انا وسعيد الى كردستان عبر معبر الفيشخابور في أول مجموعة انصار للدخول الى الوطن قبيل الانتفاضة .. حينها قرر المشرفون على القامشلي بالاتفاق مع ابو امجد اعفائنا من تسديد بقية المبلغ الذي في ذمتنا .. وبدأ فصل جديد رافقني فيه سعيد في حكايا اخرى اثناء وبعد الانتفاضة ..
ـــــــــــــــــــــــــــ
صباح كنجي
ـ الطرطيرة هيكل عربة نقل صغيرة يركب على الدراجة لتصبح وسيلة نقل شائعة في سوريا
ـ مقتطف من حكايا الأنصار و الجبل



#صباح_كنجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطريق الى نورم بيرك ..
- بدايات الفكر الماركسي بين الإيزيدية في العراق ..
- السَجين لازار ميخو ..
- نصيحة مدني للفريق بشار الأسد ..
- خلدون جاويد ابداع شاعر وغضب ثائر عنيد ..
- رسالة مفتوحة لسيمرسي ..
- صبري هاشم يطير بأجنحة القصيدة
- ثانية عن الفيلم الخاص داستانا ركافا ..
- مرة أخرى ملحمة أم كارثة ركاڤا!؟
- دعاء في زمن المحنة و التغيير..
- كارثة ركاڤا رواية ينقصها الوفاء
- يوم الدم والنجدة في ركاڤا..
- صهيل البرق..
- الأنتفاضة وحكاية الثلج الأسود..! (7)
- الانتفاضة وحكاية الثلج الأسود..! (6)
- الأنتفاضة وحكاية الثلج الأسود..! (5)
- الأنتفاضة وحكاية الثلج الأسود..! (4)
- الإنتفاضة وحكاية الثلج الأسود!..(3)
- الإنتفاضة وحكاية الثلج الاسود..! (2)
- الانتفاضة وحكاية الثلج الأسود..!! (1)


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح كنجي - العجل ..