أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - جواد كاظم غلوم - تجارب صحفية جريئة خلاّقة















المزيد.....

تجارب صحفية جريئة خلاّقة


جواد كاظم غلوم

الحوار المتمدن-العدد: 3813 - 2012 / 8 / 8 - 02:23
المحور: الصحافة والاعلام
    


1)
موت على صهوة جواد

أحزننا كثيرا الموت المفاجئ للصحفي الاميركي الجنسية /اللبناني الاصل "انتوني شديد" بنوبات شديدة من الربو في السادس عشر من شباط/2012 حينما كان ينوي الدخول الى سوريا من الاراضي التركيّة خلسةً ، وكان يمكن علاجه وشفاؤه في احدى المشافي لولا انه دخل الاراضي السورية متخفّيا لتغطية الاحتجاجات العارمة التي تعصف بالشارع السوري حيث استخدم الجياد في تسلله وتنقلاته كواسطة نقل بعيدا عن عيون الجيش السوري وشبيحة الأسد ، فهذا الصحفي البارع يعدّ من اكثر الصحفيين مهارة وتخصصا في الشأن العربي وشؤون الشرق الاوسط عموما اضافة الى فهمه العميق لما يجري في هذه البقاع ويمتلك جرأة ومغامرة قد لانراها في غيره وسط الأحداث الساخنة من خلال تتبعه لأوضاع الناس ورسمه صورا دقيقة عن معاناتهم وظروف عيشهم ، نراه يلتقي بهذا ويلاحق ذاك وينقل بصدق احاديث الناس دون أيّ تحريف مع تميزه بالدقة في كتابة تقاريره الصحفيّة
عاش في بلادنا ردحا من الزمن ، أحبّ ارض العراق وناسه حينما عيّن مديرا لمكتب العراق في صحيفة /الواشنطن بوست الذائعة الصيت وعاصر التغيير العاصف في 9/4/2003 لكنه لم يغادر بغداد وقتذاك رغم مخاطر البقاء وقدّم للعالم اجمع حكايات العراقيين وقصصهم المريرة المروّعة من فقر وتهجير وعنف لايطاق ابان الاحتلال الأميركي وكان وسط الاضطرابات التي عصفت ببلادنا ورغم ذلك كان يقول وهو في الولايات المتحدة :" مازلت أحنّ للعودة الى هذه البلاد والى اصدقائي العراقيين "
وقبل /2003 وبالتحديد في الضفة الغربية سنة/2002 وأثناء تغطيته للأحداث الساخنة في الأراضي الفلسطينية اصيب بالرصاص من قبل القوات الاسرائيلية ولكنه آثر البقاء رغم سخونة الوضع حتى يكمل مهمته
في ليبيا كان "انتوني شديد" وسط معمعة الحرب وتحت وابل القنابل التي كان الناتو يسقطها على الاراضي الليبية محدثة الخراب والدمار ولكنه بقي رغم المخاطر الهائلة الى ان وقع أسيرا من قبل قوات القذافي وظل في الأسر مدة من الزمن حتى تم إطلاق سراحه والمذهل ان هذا الصحفيّ العنيد يرفض ان يحتمي بالقوات الأميركية التي كانت متمركزة في العراق وفضّل ان يقوم بدوره دون مساعدتهم على العكس من بقية الصحفيين الذين استعانوا بالمحتل لحمايتهم وكانوا يرافقون المارينز ويحتمون بهم خلال جولاتهم لتغطية اخبارهم
اذكر مرة خلال احدى زياراتي المتكررة للنجف بعد عام /2003 رأيته يلتقط بعض الصور مع رفيقه المصوّر الصحفي وبجانبه حشد من الناس وراح يتكلم معهم بالعربية بطلاقة ، كان رابط الجأش مستخفاً بالاخطار التي قد تحيق به فجأة حيث تعلّم العربية منذ ان امتهن العمل الصحفي في جامعة ويسكنسن الاميركية وزادها إتقاناً حينما حصل على زمالة دراسية في الجامعة الاميركية في القاهرة ناهيك عن عقده صداقات واسعة مع الأوساط الصحفية العربية ومنها العراقية خلال وجوده في العراق فزاد إلمامه بلغتنا وتعلّق بها
حاز على عدة جوائز قيّمة ومتميزة عن عمله المثابر وبراعة تغطيته للاحداث الدولية وبالأخص في الوطن العربي والشرق الاوسط عموما إذ حصل على جائزة /البوليتزر مرتين كما حصل ايضا على جائزة /جورج بولك لمرتين متتاليتين ايضا وتم تكريمه سنة/2007 من قبل المعهد العربي الاميركي وتثمين جهوده الصحفية ومثابرته والثناء على تقاريره الدقيقة ومتابعته للأحداث ونقلها للملأ بكلّ امانة وصدق .ولديه عدة مؤلفات اهمها " ارث النبيّ " وكتابه" اقترب الليل" الذي تحدث فيه عن شعب العراق خلال الحرب الأميركية وسنوات الغزو. لكن اهم كتبه هو " بيت من حجر" وفيه يروي قصة أجداده الذين كانوا يعيشون في "مرجعيون " بجنوب لبنان والكتاب عبارة عن مذكرات عاشها شديد في جنوب لبنان قرابة العام ويسعى الى استعادة البيت القديم الخاص بأجداده والعودة الى الجذور وإعادة بناء البيت ومدّ جسور المحبة بين الشرق والغرب وقد كتبه بسرد رائع شيّق
عاش شديد في أتون الحرب واكتوى بنارها لكنه لم يمت في ساحات الوغى ، إلا ان نوبات الربو الحادّة قتلته وهو يمتطي صهوة حصانه كفارس للكلمة الحرّة حينما أراد أن يغطي الأحداث الدامية في سوريا ويرصد عنجهية العسكريتاريا وقسوة التعامل مع الشعوب المقهورة لكن الأجل المحتوم رصدهُ قبل ان يكمل مهامه .


2)مغامرات تقمّص الشخصيّة

كثيرا ما تلفت نظرنا تجارب بعض الصحفيين المغامرين حينما يتقمّصون شخصيات غير شخصياتهم ويظهرون كأبطال لقصص وحوادث فيها الكثير من الغرائبية بهدف الوصول الى الحقائق ، وقرأنا عن صحفيين تخفّوا وتقمّصوا شخصيات ملفتة للأنظار ومارسوا التسوّل والأعمال المضنية كعمال يعيشون في ظروف عمل صعبة ؛ لكن الصحفي الالماني الذائع الصيت (غونتر فالراف )كانت له مغامراته الصحفية المثيرة للإعجاب حقا ، فهو لايكلّ ولا يملّ عن التنكّر باية شخصية طالما توصله الى حقائق واسرار لم يصل اليها غيره .
فهذا الشيخ العجوز الذي قارب السبعين عاما تعرض مراراً الى ملابسات ومواقف لايحسد عليها ؛ فمرة يتنكر بصفة عامل في مصنع ويصف اشياء لاتصدق عن اعمال السخرة التي يعانيها العمال المهاجرون في بلده المانيا وغالبا ماتعرّض هذا الصحفي الى اصابات موجعة جرّاء مشاركته العمال في مواقع عملهم حتى انه احترقت يداه في احدى المرات حين تقمص شخصية عامل مخبز ليعرض المآسي والاصابات والحروق التي يعاني منها عمال المخابز في اجواء ساخنة قد لايحتملها الانسان في ظروف عمل قاسية جدا
كما عمل عدة اشهر عاملا لنقل الطرود البريدية الثقيلة ، وفي احدى مغامراته الصحفية تنكر كعامل تركي بائس في المانيا وادّى مختلف الاعمال المضنية التي لاتطاق ومن ضمنها التحوّل الى مايشبه " فأراً للاختبار " في احد مراكزالبحوث
لكن الحادث الاغرب في مغامرات "فالراف "حينما تقمص شخصية رجل افريقي صومالي باحث عن عمل واضطر الى صبغ بشرته باللون الاسود بمعونة عاملة مكياج جعلت شعره اشعث وكيف كان الناس يخافونه عندما يجلس الى جوارهم في حافلات النقل العامة ويتجنبون الاختلاط به في المرافق العامة
ومع ان فكرة تقمص شخصية رجل اسود ليست فكرة مبتكرة فقد سبقه بخمسين عاما رجل اميركي أبيض البشرة يدعى " جون هاوارد غريفين " حينما تنكر كزنجي ملوّن واخذ يتجول في انحاء الولايات المتحدة في الوقت الذي كانت النظرة العنصرية في اوج اشتدادها ويقال انه تناول اقراصا أدت الى اسوداد بشرته لعدة اسابيع كما ذكرها في كتابه الموسوم/ في جلد اسود . لكنه لم يعش طويلا فقد تسببت الاقراص التي تناولها سرطانا بجلده ومات على اثرها
ومنذ الثمانينات لمع نجم " فالراف " حينما نشر مغامراته على الملأ في كتابه المسمّى(الحضيض)حيث كشف معاناة الجالية التركية المقيمة في المانيا والتي يربو عددها عن مليونين ونصف نسمة من خلال شخصية احد فتيانها واسمه /علي وما لاقاه من عذابات جراء بحثه عن لقمة الخبز ونظرة الاشمئزاز له كونه دخيلا على البلاد بالرغم من انه يحمل الجنسية الالمانية مع اسرته
حقا لقد جعل / فالراف من التقمص والتنكّر فنا قائما بذاته ومثيرا للاعجاب فهو لايكتب في غرف مكيّفة كبقية زملائه انما يزج نفسه في اتون البؤس والمعاناة ويندمج مع الناس المهمشين والشرائح المظلومة وهذا مالاحظناه في كتبه حين دوّن تجاربه ومغامراته في مؤلفاته مثل /كبش الفداء والحضيض ورفقة الخاسرين
لم يخطيء من سمّى الصحافة مهنة المتاعب وحتى لو لم تغضب السلطة منها وتصالحت معها في شهر عسل قصير فان غضب المجتمع ومعاناة المسحوقين والمهمشين تشكّل متاعب اخرى لاتقلّ شأنا عن هموم ومتاعب نقل الحقيقة الى الرأي العام وتبصير الناس بما يقاسيه البعض من مرارة العيش والتعامل غير الحسن لكثير من الشرائح الاجتماعية المظلومة في مجتمعاتنا المتخلفة وحتى المتحضرة..



#جواد_كاظم_غلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لحْسُ الكوعِ...وأشياءٌ أخرى
- مصيدةُ الوطن وانفلاتُ المنفى ومابينهما
- مذكرات مثقف عراقي في سنوات الحصار/ الجزء السابع
- القوّة الناعمة ..سحرُها وتأثيرُها
- الزيارة الأخيرة لمقهى اللوكسمبورغ
- بشرى وترتعشُ الشفاهُ...
- سودانيّون في -أرض الموساد-
- سيجار هافانا
- عشاءٌ عراقيٌّ في القاهرة
- نزلتَ وحلاً وحللْتَ قحلاً
- مقاطع شعريّة برفقة صيغ التفضيل
- ثلاث قصائد
- مذكرات مثقف عراقي في سنوات الحصار/الجزء السادس
- من قصائد الفتوّة - بشرى-
- غورباتشوف وخيبة الأمل
- تركيا الصديقة الحميمة
- مذكرات مثقف عراقي في سنوات الحصار/الجزء الخامس
- لايكفُّ لساني عن وخزك
- هكذا أدرّبُ نفسي
- الإحتلال الديبلوماسي


المزيد.....




- مطاردة بسرعات عالية ورضيع بالسيارة.. شاهد مصير المشتبه به وك ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة اختارت الحرب ووضع ...
- الشرطة الأسترالية تعتقل 7 مراهقين متطرفين على صلة بطعن أسقف ...
- انتقادات لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريحات -مع ...
- انهيار سقف مدرسة جزائرية يخلف 6 ضحايا وتساؤلات حول الأسباب
- محملا بـ 60 كغ من الشاورما.. الرئيس الألماني يزور تركيا
- هل أججت نعمت شفيق رئيسة جامعة كولومبيا مظاهرات الجامعات في أ ...
- مصدر في حماس: السنوار ليس معزولًا في الأنفاق ويمارس عمله كقا ...
- الكشف عن تطوير سلاح جديد.. تعاون ألماني بريطاني في مجالي الأ ...
- ماذا وراء الاحتجاجات الطلابية ضد حرب غزة في جامعات أمريكية؟ ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - جواد كاظم غلوم - تجارب صحفية جريئة خلاّقة