مجدى زكريا
الحوار المتمدن-العدد: 3812 - 2012 / 8 / 7 - 13:19
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
دعوا الوقائع تتكلم : فى البحث عن الاجوبة, نحتاج ان ترشدنا مبادئ سليمة. فاذا لم نلتصق بأفضل البراهين , يمكن ان نضل بسهولة فى بحثنا عن الحقيقة العلمية والدينية. فعليا لا احد منا يمكنه ان يبدأ بتقييم كل المعرفة والافكار العلمية التى تملأ اليوم مكتبات شاسعة. من جهة اخرى, زود الكتاب المقدس مجموعة تعاليم روحية سهلة المنال يمكن ان نتأمل فيها. والكتاب المقدس مدعوم جيدا بوقائع معروفة.
لكن بالنسبة الى المعرفة بشكل عام, يلزم جهد حثيث للتمييز بين الواقع والتخمين, بين الحقيقة والخداع - فى العلم والدين على السواء. فكما نصح بولس, احد كتبة الكتاب المقدس, ينبغى ان نتجنب " متناقضات " مايدعى زورا " معرفة ". (تيمثاوس الاولى 6 عدد 20) وللتوفيق بين العلم والكتاب المقدس, ينبغى ان ندع الوقائع تتكلم, فنتجنب بذلك التحزر والتخمين. كما ينبغى ان نفحص كيف تدعم كل الوقائع بعضها بعضا وتتكامل.
مثلا, عندما نفهم ان الكتاب المقدس يستعمل كلمة يوم للدلالة على فترات مختلفة من الوقت, نرى ان رواية ايام الخلق الستة فى التكوين لا تتضارب بالضرورة مع الاستنتاج العلمى القائل ان عمر الارض هو حوالى اربعة ملايين سنة ونصف تقريبا. فوفقا للكتاب المقدس, كانت الارض موجودة فترة غير محددة قبل ان تبدأ ايام الخلق - التوضيح فى نهاية المقالة.
حتى لو صحح العلم بعض المعلومات وغير عمر الارض تبقى العبارات المذكورة فى الكتاب المقدس صحيحة. وعوض ان يناقض العلم الكتاب المقدس, يزودنا بخصوص هذه المسألة ومسائل اخرى كثيرة معلومات اضافية هائلة عن العالم المادى الحاضر والماضى على السواء.
يزودنا الكتاب المقدس بمعلومات عن الله ومقاصده لا يمكن استقاؤها من اى مصدر اخر. ولماذا ينبغى ان نثق به ؟ يدعونا الكتاب المقدس نفسه الى فحص دقته. تأملوا فى صحته التاريخية, نصائحه العملية, صدق كتبته, وامانته. وبالتحقق من دقة الكتاب المقدس التى تشمل العبارات ذات الطبيعة العلمية, كما تشمل ماهو مقنع اكثر ايضا, الاتمام التام لمئات النبوات على مر العصور حتى يومنا هذا, يمكن للمرء ان يؤمن ايمانا راسخا بانه كلمة الله. فالايمان بالكتاب المقدس ليس تصديقا اعمى, بل ثقة مثبتة بدقة عبارات الاسفار المقدسة.
فعلى الناس المنفتحين سواء كانوا من محبى العلم او الدين, الى الاشتراك فى بحث صادق عن الحقيقة فى كلا المجالين. علينا ان ننمى اهتماما سليما للعلم واكتشافاته المثبته. كما علينا ان ننمى ايمانا راسخا بان الحق الدينى يمكن ايجاده فقط فى الكتاب المقدس.
كما فى مجال العلم, لا شك ان التعاليم والممارسات الباطلة تسللت الى الدين, لذلك يوجد دين حقيقى ودين باطل. فكثيرين خاب املهم فى اديانهم بسبب رفضها التخلى عن عن التقليد والخرافة البشريين.
هل اتبع العلم مقاييس اخلاقية سامية ؟
لا عجب ان ينبذ علماء كثيرون الدين بسبب مقاومته التقدم العلمى, سجله المروع, بالاضافة الى ريائه ووحشيته. يشير البروفسور فى علم الاحياء المجهرية جون بوستغايت : " كانت اديان العالم . . . وراء اهوال المذابح البشرية, الحملات الصليبية, المذابح المنظمة, ومحاكم التفتيش. وفى عالم اليوم يصبح هذا الجانب الاحلك من الدين خطرا, لأن الدين بخلاف العلم ليس محايدا ".
وبمقارنة ذلك مع مايفترض ان يتسم به العلم من عقلانية, موضوعية, وانضباط يدعى بوستغايت ان " العلم اتبع مقاييس اخلاقية اسمى ".
فهل اتبع العلم حقا مقاييس اخلاقية اسمى ؟ الجواب هو كلا, يعترف بوستغايت نفسه ان " للمجتمعات العلمية حصتها من الغيرة, الطمع, التحامل, والحسد ". ويضيف ان " عددا من العلماء اظهروا ان بمقدورهم ارتكاب جريمة قتل باسم الابحاث, كما حدث فى المانيا النازية ومعسكرات الاعتقال اليابانية " وعندما عينت مجلة ناشونال جيوغرافيك مراسلا ليتحرى كيف وصلت معلومات خادعة تتعلق بالاحافير الى صفحاتها, تحدث المراسل عن قصة السرية المضللة والثقة فى غير محلها, التنافس الشرس بين اناس يصرون على ارائهم الخاصة, تعظيم الذات, الاعتقاد ان ما يتمنى هو حقيقة, الافتراضات الساذجة, الخطأ البشرى, العناد, التلاعب, اغتياب الاشخاص, الكذب, والفساد ".
ولا شك ان العلم هو الذى زود الجنس البشرى بأدوات الحرب المروعة, مثل الاسلحة البيولوجية, الغاز السام, الصواريخ, القنابل الذكية والقنابل النووية.
توضيح : ايام الخلق - كل يوم من 24 ساعة ؟
يدعى الاصوليين ان كل الخليقة المادية وجدت فى مجرد ستة ايام كل منها 24 ساعة. لكن بتأكيدهم هذا, يروجون تعليما غير مؤسس على الكتاب المقدس ادى الى ان يسخر كثيرون من الكتاب المقدس.
فهل يتألف اليوم فى الكتاب المقدس دائما من 24 ساعة حرفية ؟ بالطبع لا, ففى الكتاب المقدس يساوى اليوم فترة معينة من الوقت, وقد تعادل الف سنة او عدة الاف من السنين. وايام الخلق فى الكتاب المقدس لا تتعارض مع كون كل يوم يعادل الاف السنين. بالاضافة الى ذلك كانت الارض موجودة قبل بدء ايام الخلق.(تكوين 1 عدد 1) وهكذا نرى ان رواية الكتاب المقدس المتعلقة بهذه النقطة تنسجم مع العلم الصحيح. - بطرس الثانية 3 عدد 8.
يذكر الاختصاصى فى علم الاحياء الجزيئئ فرنسيس كولينز, معلقا على الادعاء ان طول اليوم الخلقى هو 24 ساعة فقط : " اساءت نظرية الخلق الى مفاهيم الايمان العميقة اكثر من اى امر اخر فى التاريخ العصرى ".
#مجدى_زكريا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟