أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نافذ الشاعر - رواية ستائر العتمة (نقد)















المزيد.....

رواية ستائر العتمة (نقد)


نافذ الشاعر

الحوار المتمدن-العدد: 3812 - 2012 / 8 / 7 - 02:42
المحور: الادب والفن
    


رواية ستائر العتمة للكاتب وليد الهودلي هي رواية لمعاناة أحد الشباب التي تعرضوا للاعتقال بتهمة المشاركة في الانتفاضة، وهي تُحكي على لسان بطل الرواية عامر ما تعرض له في زنازين الاحتلال ومكاتب التحقيق، ولقد اختار الكاتب ستائر العتمة اسما لهذه التجربة وقد حاولت أن افهم مبرراته لاختيار هذا الاسم فلم أستطع!

وأول شيء يلفت النظر في هذه الرواية هي اضطراب الكاتب في أسلوب السرد حيث يتحول من ضمير المتكلم إلى ضمير الغائب، فتجده يسرد القصة على لسان عامر بضمير المخاطب ثم نجده يتحول من ضمير المخاطب إلى ضمير المتكلم، وبهذا تشعر بأن بين يديك سيرة ذاتية للكاتب وليس رواية أدبية، وأخطر شيء في هذا الأسلوب أن القراء غالبا ما يستقر في ضمائرهم أن القصة المروية إن هي إلا ترجمة ذاتية لمؤلفها وأنها وقعت بتفاصيلها، ويبدو أن الكاتب أدرك خطورة ذلك مما قد يعرضه للمساءلة لما ما جاء على لسانه من اعترافات خطيرة!. وهذا ما جعله يتحول من ضمير المتكلم (أنا فعلت) إلى ضمير الغائب (هو فعل)، كأنه بهذا ينفي التهمة عن نفسه ويلصقها بعامر..
ومن عيوب هذه الطريقة ، أقصد طريقة السيرة الذاتية، أن جميع الحوادث تسرد من خلال وجهة نظر البطل الذي يسرد القصة، ولا يستطيع أن يتعرض للمشاعر الداخلية للشخصيات الأخرى، وإنما يصورها من الخارج فقط، أما إحساسات الذاخرة بين الضلوع وحنايا الصدور فلا يتعرض لها.

وهذا الخطأ وقع فيه الكاتب عندما راح يشرح ما يدور في عقل رجال المخابرات الإسرائيلية الذين تولوا التحقيق معه وما يدور بينهم من أحاديث، فمثلا يقول ص71 :" لقد هالهم هذا الصمود. (وشلومو) في قرار نفسه يزداد إعجابا بهذا الرجل، ويفسر لنفسه سر هذا الصمود بأنه رجل يحمل فكرا، يحمل إيمانا، وصموده بنيان قوي، لا يقف على الهواء أو على أمواج البحر، وإنما على أساسات راسخة وأرض صلبة، وستكون هزيمتنا الساحقة عندما يكثر أمثال هؤلاء الذين يناضلون بهذا الإيمان الراسخ كالجبال، أنه يفهم جيدا مع من يتعامل، يعرف اليهود حق المعرفة يعرف أن مواثيقنا سرعان ما ننقضها قبل أن يجف حبرها" أ.هـ.
هذا الحوار لا يمكن أن يدور بين رجلين من رجال المخابرات الإسرائيلية بتلك الصراحة والمكاشفة، لأنهم يعتقدون أن ما يقومون به حق وصواب، لنظرتهم الاستعلائية إلى كل شعوب الأرض. وإذا كان لابد أن يكون هذا الحديث فالأفضل أن يكون حديث نفس وليس حديث يدور بين ضباط إسرائيليين في مكاتب التحقيق.

وتعتبر هذه الرواية بحق وثيقة هامة تكشف أساليب المخابرات وما يمارسونه من قمع وتعذيب بحق المعتقلين داخل السجون، وقد أجاد الكاتب في رسم وتوضيح هذه الأساليب بصورة بالغة الدقة والعمق، بحيث تكشف جل هذه الأساليب وتوضحها للمعتقلين الجدد الذين لم يسبق لهم تجربة الاعتقال وللذين لم يمروا بها. وبالتالي تكون عونا للمعتقلين لئلا يقعوا تحت تأثيرها وينخدعوا بها!
ويبدو أن الكاتب قام باستقراء وتتبع كل أساليب المحققين في السجون، ومن ثم أراد أن يكشفها ويرتبها في صورة منطقية ويجعلها تنصب على شخص واحد هو (عامر) بطل القصة، لأن تلك الأساليب لا تمارس على شخص واحد غالبا، بحيث يستنفد المحققون كل ما في جعبتهم من الوسائل التي تم استحداثها وتطويرها.. فلما كان ذلك كذلك لجأ الكاتب إلى حيلة بارعة؛ حيث قام باستقصاء ما تم ممارسته بحق عدد من المعتقلين، ثم رتبه في صورة منطقية وجعله يتم على شخص واحد اسمه "عامر" بطل الرواية.

والشيء الذي وقفت عنده طويلا ولم استطع أن أصل فيه إلى تحليل يريح النفس هي ظاهرة (العصافير) داخل السجون. والمقصود بمصطلح العصافير: العملاء الين يمثلون دور المعتقلين الشرفاء داخل السجون حتى يتمكنوا من خداع المعتقلين الجدد وأخذ اعترافاتهم. وتمثلت هذه الظاهرة في تلك الرواية في الشاب الذي زج به المحققون إلى زنزانة عامر. وأخذ الكاتب يشرح لنا كيف أتقن هذا العصفور تمثيل دور المجاهد الذي لم يخرج من التحقيق، وكيف بدت على وجهه أثار التعذيب الرهيب الذي حوله إلى كهل وهو لا زال في ريعان الشباب، بالإضافة إلى آثار التعذيب النفسية غير المرئية التي جعلته مهووسا موسوسا حذرا..
ثم ينتقل الكاتب من هذا النموذج الفردي المتقن للعصافير إلى نموذج الجماعي الأكثر اتقانا للعصافير، وكأنه دور في مسرحية أتقن كل واحد منهم دوره المنوط به بمنتهى الدقة والاحكام. وتمثل ذلك في تنظيم جماعي تم بواسطته خداع نبيل، وإبراهيم.. رفاق عامر في نفس القضية؟

وبعد، فهل بالغ الكاتب في ظاهرة العصافير تلك، وأعطى لها حجما أكبر من حجمها الحقيقي؟ أم أنه وصفها بموضوعية بعيدا عن المبالغات وإطلاق الأحكام والتعميمات؟!
لقد تمنيت أن يلقي الكاتب المزيد من الأضواء على هذه الظاهرة العجيبة ويغوص في تحليلها وتفكيك عناصرها. وهو من وجهة نظري جدير بذلك لمعايشته هذه التجربة ولدقة الملاحظة التي يتسم بها.
إن ظاهرة العصافير تلك، لم تلق التشريح والتوضيح والتحليل الكافي حتى الآن. وكل من يسمع عنهم يتوهمهم أسطورة من الأساطير تستعصي على الفهم والتوضيح، وأنها من الصعوبة بمكان بحيث نضعها في سياقها النفسي والموضوعي..
لقد تمنيت أن يجيب الكاتب على عدة أسئلة قد تثار لدى القارئ عن هؤلاء العصافير مثل: هل هؤلاء العصافير وطنيون شرفاء خانهم عزمهم وعزيمتهم فكسر الواقع إرادتهم فلم يتقبلوا تلك الهزيمة النفسية على مستوى وعيهم الباطن وشعورهم الداخلي، ومن ثم أقاموا لهم بطولات وهمية ليرضوا أنفسهم بها فعاشوا في هذا الوهم بما يشبه الفصام بين الواقع والوقائع؟..
أو هل هؤلاء العصافير ممثلون احترفوا التمثيل فحازوا فيه قصب السبق عن أي ممثل من الممثلين أو فنان من الفنانين. وهل تم اختيارهم جزافا ثم غسلت أدمغتهم ليعبوا هذا الدور الخطير؟. أو ربما هم في الأصل ذوو بنية نفسية تقوم على سيكولوجية النفاق ويتسم فكرها بالرياء منذ البداية قبل الانخراط في هذا العمل المزدوج؟؟ وهل هؤلاء العصافير سيغيرون من أساليبهم في المستقبل البعيد أو القريب ليكون اشد فعالية وأكبر خطرا؟. وهل هؤلاء العصافير لا يوجدون إلا في أقبية السجون والمعتقلات.. أم هم ربما موجدون خارج المعتقلات والسجون ويمثلون أدوارا خاصة خطيرة بعلمهم أو دون أن يعلمون، ولا يجرؤ أحد على التشكيك في نياتهم ومقاصدهم وإخلاصهم لقضايا دينهم وأمتهم!..
فالعصافير يقتصر دورهم الآن على سحب بعض الاعترافات من المعتقلين التي لا يجدي معهم أساليب التعذيب!.. فهل هذا الأسلوب سيتطور في المستقبل ليصبح تأثيرهم ينصب على غسل أدمغة المعتقلين وتشكيكهم في دينهم وزرع الشكوك التي يصعب إزالتها، كما فعلت الحركات الباطنية في بداية انتصار الإسلام، بحيث وجد مقاصد لدى المنظرين الأوائل التي ينتسبون إلى البيئات الدينية والحضارية المجاورة، فأخذوا يروجون لعقائد جديدة دخيلة لتحقيق نوع من الضياع الفكري النظري، بعد أن كان هناك عجز واضح في مواجهة الدين الجديد على مستوى الفتوح على الأرض، فتم الطعن فيه من الظهر في عقائده النظرية!.. أرجو أن تتم دراسة تجيب على هذه الأسئلة.



#نافذ_الشاعر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف نشأت القصة القصيرة
- انفجار (قصة قصيرة)
- إسقاط الشخصية على الآيات القرآنية
- فيلم (ما تيجي نرقص)
- مفهوم الشعر والسحر
- عصر الردة الطبية
- العمر الزمني والعمر البيولوجي
- قراءة في قصص الكاتبة حوا سكاس
- هل يترقى الإنسان روحيا مع الزمن؟
- في الأزهر
- ما كان خلف الطريق (نقد)
- الوراثة والاكتساب
- المرأة المصرية
- رشة عطر وقصص أخرى (نقد)
- انتهى عصر المعجزات
- الخرافة في الأديان
- يأجوج ومأجوج
- الإسراء والمعراج إشارات علمية ونبوءات مستقبلية
- ساعة بيولوجية تدق للصلاة
- الإنسان وحرية الإرادة


المزيد.....




- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نافذ الشاعر - رواية ستائر العتمة (نقد)