أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد يوب - الوصف و الدلالة قراءة في كتابات الأديب إدريس الجرماطي















المزيد.....

الوصف و الدلالة قراءة في كتابات الأديب إدريس الجرماطي


محمد يوب

الحوار المتمدن-العدد: 3809 - 2012 / 8 / 4 - 23:01
المحور: الادب والفن
    


الوصف و الدلالة
قراءة في كتابات

عندما يريد القارئ المتتبع للإصدارات الجديدة قراءة عمل أدبي قراءة نقدية، يقف حائرا حول المنهج الذي يلائم هذا العمل أو ذاك، لأن طبيعة السرد القصصي/الروائي ومدى تأثيره على المتلقي هو الذي يفرض نفسه عليه،ويحثه على الوقوف مليا أمام الكلمات المفاتيح التي تغلب على هذا العمل والطابع العام الذي يغلب عليه،الشئ الذي يدفعه للاهتداء إلى الأدوات والآليات النقدية الممكنة التي تساعد على فك ألغاز وخفايا هذا النص القصصي/الروائي أو ذاك.
هذا ما عانيت منه في كتابات الأديب المغربي إدريس الجرماطي الذي ينوع في طريقة السرد بين القصة و الرواية،بين ضيق السرد القصصي ورحابة السرد الروائي وبين الضيق و الرحابة تتنوع أساليب البحث و التنقيب عن الأدبية التي تجعل من العمل الأدبي عملا أدبيا تميزه عن باقي الخطابات الأخرى.

فالأديب إدريس الجرماطي يجمع بين الكتابة القصصية و الكتابة الروائية من خلال أعماله الثلاثة (رقصة الجنازة *مجموعة قصصية) (رحلة في السراب*عمل خارج التصنيف يجمع بين القصة القصيرة و الرواية) (عيون الفجر الزرقاء *رواية).
ونحن كقراء نحتار في عملية الاختيار لأن كل عمل يمهدك للعمل الموالي لما يجمع بين هذه الأعمال الثلاثة من خيط ناظم/رابط يؤلف بينها سواء من حيث لغة الحكي أو من حيث الرؤية العامة التي تؤثر في الكاتب، و التي هي على العموم رؤية تهدف إلى خلق عالم منسجم مبني على القيم الأخلاقية و المثل العالية.
لكن وحدة الرؤية في هذه الكتابات الثلاث لا تعني الانسجام الممل، وإنما تعني التناغم المقلق المبني على الصراع و الجدل الذي تؤديه الشخصيات المتنوعة في فضاء الأعمال الأدبية بين الشخصيات العربية و الشخصيات الأجنبية.
وهذا الاختلاف في الرؤى وصداميتها يزداد صعوبة وتمردا على القارئ/الناقد لما تحمله من أوجه و رؤى متباعدة ومختلفة باختلاف وجهات نظر أصحابها،مما ينتج عنه صعوبة في اختيار آليات قراءتها،فيشعر القارئ وهو يقلب صفحاتها أن كل شخصية من شخصيات هذه الأعمال قد نفثت شيئا من روحها،وصبت فيها رؤيتها إلى العالم،انطلاقا من منظورها الخاص ومن زاوية قراءتها للعالم،لكن هذه الرؤى المتناقضة و المختلفة، لها نفس الهدف ونفس التوجه،وحينها يصبح الاختلاف و التناقض في الرؤى يخدم العمل الأدبي سواء أكان قصة أم رواية...

إنها رؤى ثاقبة إلى العالم،رؤى تتقاطع عموديا وأفقيا مع الطرح العام لكافة القراء و المثقفين الشغوفين بالسرد القصصي/الروائي ،وتعبر عن آلامهم و آمالهم بكل صدق وإحساس مرهف.و لهذه الطريقة في الكتابة أثر كبير في نفسية المتلقي/القارئ حيث إنه يصبح عنصرا مشاركا في عملية السرد القصصي،كما يصبح المتلقي هدفا عندما يستوعب المقصدية من العمل الأدبي ويتذوق دلالاته وحمولاته الفكرية،ومن تم يتحول إلى عنصر مشارك متورط في عملية السرد،وذلك من خلال قراءة ماوراء السطور،فلا تلبث عيناه تزيغان عن القراءة حتى يجد نفسه منغمسا في جوهرو أحداث هذه الأعمال الأدبية، فيتدخل في اقتراح مجموعة من الحلول الممكنة التي تعطي تفسيرا وتأويلا للأسئلة المطروحة،والإشكاليات التي تبقى معلقة وتحتاج إلى إجابات تقترب أو تبتعد من المشروع الفكري و المنهجي المخزون و الوعي الجمعي و الجماعي الذي يتقاسمه الأديب إدريس الجرماطي مع القراء/المتلقين.

صدق عبد الجبار النفري عندما قال كلما ضاقت العبارة اتسع المعنى،فالجمل القصصية في كتابات إدريس الجرماطي تبدو قصيرة لكنها في حقيقة الأمر تختزل العالم وتقدمه واضحا بين أيدي القراء . فالمتمعن في كتاباته الأدبية يشعر بدلالات متعددة تحملها وتحلق بفكر القارئ بعيدا وتفسح له مجال الخيال وهذا هو الهدف من السرد القصصي الضيق الذي يعتمد على بلاغة الاختصار وقصر الجملة القصصية، إن الهدف منها هو إتاحة المجال للخيال الفردي للتحليق عاليا.

فالكتابة القصصية في النهاية عند الجرماطي توحي للقارئ وكأنه يصور مشهدا من مشاهد القص الحركي الذي يتابع مجريات الأحداث ونفسيات الأبطال،فنرى بأن البطل/المولود في رواية عيون الفجر الزرقاء يتحرك في فضاء الرواية بحرية تامة، يوزع الأدوار على الشخصيات المساعدة مع العلم أن من يقوم بتوزيع هذه الأدوار هو السارد نفسه،لأن زاوية الرؤية عنده هنا تتلاءم وزاوية الرؤية عند الشخصية المحورية(المولود) ،.
وهنا تظهر براعة اللغة عندما تنزاح وتصبح لغة صائتة تواكب تحركات الأبطال. فهناك حركية تنهض على مجموعة من الأفعال التي تتحرك من الماضي لتدخل إلى الحاضر لكي تبقى خالدة وقابلة للقراءة في أي مكان وزمان.

وبالرغم من تشظي المواقف و الرؤى الفكرية و الأديولوجية في كتابات الجرماطي،وبالرغم من بعض الانزياحات السردية التي تميل أحيانا إلى السريالية(رحلة في السراب) فإن وحدة السرد ساهمت في توحيد كل زوايا الاختلاف،فكتاباته تلتقي مع الكتابة التقليدية في احترامها لمقومات العمل الروائي،وخاصة في إدراج عناصر السرد التقليدية التي تركز على الزمان و المكان و الشخصيات و الحوار…..فكان السارد يذكر الأمكنة بأسمائها والأحداث تسير بطريقة كرونولوجية تحترم سيرورة/صيرورة الزمان.
و الشخصيات بدورها تتحرك بحرية في الفضاء الزمكاني،حيث نرى فالنتين يتحرك في فضاء رحلة في السراب بحرية، كما أنها تنهض و تتحرك وفي نهوضها وتحركها تتشكل الأحداث،ويتطور السرد كما تتطور العقدة في اتجاه البحث عن الحل المناسب و المخرج المنطقي لتأزم الأحداث وتعقدها.
والمعروف أن زمن الرواية زمنان ،زمن الوقائع وزمن القص،لكن في كتابات الجرماطي نرى زمنا ثالثا،يجمع بين الزمنين ،و هو الزمن النفسي،الذي يزداد شدة وارتخاء حسب شدة وارتخاء الأحداث،وفي أثناء القراءة نشعر بنفسيات الأبطال وهم يديرون دفة السرد القصصي/الروائي ويرقون بها درجات عبر سيرور/صيرورة الزمان.

كما أن طبيعة السرد في هذه الأعمال الثلاثة تحول المرئي إلى اللغة،فاللغة تنهض وتتحرك لتدفع المتلقي ليتصور الفضاء الذي تتحرك فيه الأحداث فنرى السارد يصف شخصية فالنتين والمولود و الشيخ من زوايا وأبعاد مختلفة،يصف نفسياتها و الأصوات المحيطة التي تحرك هذه النفسيات.
كما أن البطل يرتقي إلى درجة التمثيل حيث إن السارد يصور هذه الشخصيات من خلال اللغة وكأنها شخصيات ممثلة acteurs تؤدي الأدوار المنوطة بها، فالشخصيات/الممثلة تتحرك وتتحرك معها عين القارئ ومخيلته،تتحرك عبر الزمان و المكان،مع العلم أن هذين العنصرين لا يظهران جليا عبر اللغة،بل يخلقهما القارئ عبر لغة من نوع آخر هي لغة التخييل التي تفرزها عملية الوصف.
محمد يوب
04/08/12



#محمد_يوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المضمر الخفي و المشترك الثقافي في القصة القصيرة جدا
- عتبات القصة القصيرة جدا
- فائض المعنى في المجموعة القصصية - سرير الدهشة- للأديب محمد أ ...
- جمالية السرد العجائبي في - موتى يقلقون المدينة - للقاص السور ...
- النص الأدبي: المعنى و المبنى
- التباينات الخطابية في رواية أمريكانلي للأديب صنع الله إبراهي ...
- شقائق النعمان
- القصة القصيرة جدا الفهم...الإفهام...الإقناع...الاقتناع
- السخرية السوداء في-وطن وسجائر... بالتقسيط-للقاص أحمد السقال
- تقويض بنية اللغة في “مرايا” للقاص سعيد رضواني
- الرمز في الشعر المغربي المعاصر
- حدود السرد وحدود السيناريو في -كائنات من غبار-للروائي هشام ب ...
- مستويات الرؤية إلى العالم في القصة المغربية المعاصرة
- من أجل رواية حداثية-ليلةإفريقية-لمصطفى لغتيري نموذجا
- قضية الموت أم موت القضية في -فتنة المساءات الباردة-للمختار ا ...
- بنية التقاطع السردي وتفاعلية النصوص دراسة في -وشم العشيرة- ل ...
- مستويات التلقي و التأويل في القصة المغربية المعاصرة
- الشخص و الشخصية في القصة المغربية المعاصرة - دراسة سميائية-
- البنية الفنية في القصة المغربية المعاصرة
- المنهج الثقافي -البحث عن الهوية المفقودة-


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد يوب - الوصف و الدلالة قراءة في كتابات الأديب إدريس الجرماطي